شرّف الله تعالى اللسان العربيّ بأن جعله لسان القرآن الكريم

بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، كتب الشيخ سيدي محمد بن أيده: شرّف الله تعالى اللسان العربيّ بأن جعله لسان القرآن الكريم، أفصحِ كُتُبه لسانا، وأبلغها بيانا، وأشدِّها إتقانا، وقد ذكر الله ذلك في مواضع عديدة من كتابه الكريم، فقال تعالى: "نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين"، وقال: "إنا أنزلنه قرءنا عربيا لعلكم تعقلون" وقال: "كتب فصلت ءايته قرءانا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا" وقال: "قرءانا عربيا غير ذي عوج" وقال: "وكذلك أنزلنه قرءانا عرببا"..
وشرّفه كذلك بأن جعله لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فكان كلامه بلسان عربي مبين، ورُويت سنته ودُوّنت كما نُطقت من أول يوم باللسان العربي..
ويهذا اللسان أُلِّفت مؤلَّفاتُ علوم القرآن، وعلوم السنة، وعلوم الفقه، وعلوم الأصول، وسائر العلوم اللغوية والشرعية في الشريعة الإسلامية، وانتقلت اللغة العربية بذلك من لسان قوم إلى لغة أمة تَتَعبّد اللهَ بتعلُّمِها وتعليمها، ومن أجل ذلك خُدمت اللغة العربية في الحضارة الإسلامية بما لم تُخدم به لغة من لغات الأمم، وكان لأهل هذه البلاد نصيبُهُم من تلك الخدمة، فحفظوا أشعار اللغة العربية وقواميسها، وتفقهوا في نحوها وصرفها وبيانها، وألّفوا فيها المؤلفات، ونظموا الألفيات، ووضعوا الحواشيَ والطُّرر، وأنشدوا وأنشأوا من أدبها وشعرها ما رَقَّ وراق، فاستقامت بذلك ألسنتهم، وحسنت قرائحهم، وانتشر صيتُهم، وعلا ذكرهم، وارتفع قدرهم، وكان خطيبهم في النادي أحسن الخطباء حديثا، وأقومهم قيلا، وأفصحهم كلاما..
ثم تَصرّم ذاك العهد وازورّ ظلُّه، وذهب أهله، وخَلَف من بعدهم خَلْف أضاعوا تلك الفصاحة حين شَرَوْها بثمن بخس دراهم معدودة من الفرنسية وكانوا فيها من الزاهدين، فاستبدلوا الأدنى بالذي هو خير، فانتشر اللحن في الألسن، وفسدت القرائح، وذهبت الفصاحة، وغابت الخُطب البليغة، والكلمات الجميلة، وروائع البيان والبنان، وحلّت محلّ ذلك جُمل ركيكة، تعتمّ في الغالب وتدّرع من أنواع اللحن، ولم يسلم من اللحن الخطيب إذا خطب، والواعظ إذا وعظ، والداعية إذا دعا، والمعلم إذا علّم، وعلى ما قيل ما لم يقل من ذاك فليقس...
ألم يأن للذين آوَوْا ونصروا اللغة الفرنسية أن يَصحوا من سكرتهم، ويستيقظوا من نومتهم، وينتبهوا من غفلتهم، ويعودوا إلى ما كان عليه آباؤهم وجدودهم، فيُنزلوا اللغة العربية منزلتها، ويرفعوا مكانتها، وذلك بجَعْلِ كلمتها هي العليا في التعليم والإدارة والمراسلات..؟؟
رحم الله العلامة المؤرخ المختار بن حامد، وسلام عليه يوم قال:
عليك بالنحو ألا فاحْوهِ ** والفقهَ فاحوه على نحوهِ
واللغةَ انحُ نحوها إنها ** من خير ما يُنحى إلى نحوه
والمنطقَ احوه ففي سكره ** جاهله يا صاح لا صحوه
واحوِ عروض الشعر تغنم به ** واحو البديع والبيانَ احوه
واعمل بما علمته لا يكن ** علمك كالعدم أو نحوه..