الحسن لبات لموقع الفكر: استدعاء وزراء المجالات الخدمية والتعليمات الصارمة التي وجهت لهم كلها يوحي بأن "المنضة" لم تبدأقبل الآن

في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منه إلى إطلاع المتابعين الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد الإعلاميين الموريتانيين، نتابع معه اليوم لنستجلي من خلاله ما وراء الخبر... في لقاء شامل حول واقع وآفاق البلاد سياسيا واقتصاديا،  ومواقفه من المشهد السياسي اليوم، حيث نحاوره حول ما أنجز الرئيس ولد الغزواني، وما ينتظر منه ضيفنا أن ينجزه ،، إضافة إلى الحديث عن  أبرز  أقطاب ومؤسسات الاقتصاد الوطني، وما ينظر أن يحققه بلدنا مع بداية استخراج الغاز.. نحاور ضيفنا لنستجلي من خلاله رؤيته حول هذه المشاريع خاصة ما تقوم به المندوبية العامة للتضامن الوطني و مكافحة الإقصاء "تآزر"من برامج ومشاريع..

إلى غير ذلك من المواضيع التي تناولها هذا اللقاء مع  الإعلامي محمد الحسن بن محمد المامي ابات، فإلى نص المقابلة:

 

 

موقع الفكر: من هو محمد الحسن بن محمد المامي، الإنسان والمدون والصحفي؟

 

 الحسن لبات: في البداية أشكر موقع الفكر الرائد على هذه الدعوة الكريمة، أنا مواطن موريتاني أمارس مهنة الإعلام من زاوية قد تكون غير تقليدية وهي زاوية الاتصال.

 

موقع الفكر: ما هي المواضيع التي تفضلون الكتابة عنها وهل تتذكرون أول تدوينة لكم؟

 الحسن لبات:  تدويني عبر الفيسبوك مجرد حلقة من الكتابة، فأنا بدأت الكتابة منذ فترتي في الاعدادية وكنت أكتب في مواقع موريتانية وأكتب أساسا باللغة الفرنسية وأغلب ما كنت أكتبه في موقع "اكريدم". وحين جاء فيسبوك تابعت الكتابة بالفرنسية، لكنني لاحظت في مرحلة ما أن ما أكتبه لا يجد من يقرأه نتيجة التراجع الملحوظ للافرانكفونية في موريتانيا، فاضطررت للكتابة بالعربية، إذ أني لاحظت أن الفرق بين التفاعل بين ما يكتب بالفرنسية وما يكتب بالعربية من واحد في العشرة، فالمقال الفرنسي يقرأه 1000 أشخص وإذا كان عربيا قرأته 10000 شخص.

 

موقع الفكر: ما هي الخطوط الحمراء التي ترونها فوق النقاش؟

 الحسن لبات:  باستثناء القضايا الدينية ليست لدي أي خطوط حمراء وأعتبر إلى حد ما أن الجيش الوطني ينبغي أن يكون خطا أصفر فهو ليس ملكا للرؤساء، ويأتي كل رئيس ويذهب ويبقى الجيش من بعده، فهو للوطن والمواطنين، وأنا لا أحب أن أخوض في مسائله، أما الخطوط الحمراء بالنسبة لي فهي المقدسات فقط.

 

موقع الفكر: في مسيرتكم التدوينية هل تؤمنون بالمجاملة؟  هل تجاملون في بعض ما تكتبون وتناقشون؟

 الحسن لبات: من الصعب علي أن أحكم على نفسي، لكنني دائما أحاول أن لا أجامل وكلما اقترب الشخص مني كلما ازددت قناعة بعدم مجاملته.

 

موقع الفكر: ما رأيكم في التواصل الاجتماعي: أداة للتوعية والإنجاز أم تضييع للوقت في أمور نظرية افتراضية؟

 الحسن لبات: هي مجرد زاوية من زوايا الانترنت التي ظهرت هنا منذ التسعينات ولم يتفق الناس على إيجابيتها أو سلبيتها، وأنا أعتبر أن العالم الافتراضي إيجابي، لأنه سمح للكثير ممن لم يكن لهم الحق في الكلام أن يكون لهم وجود في الساحة السياسية والإعلامية.

 

موقع الفكر: الصحفي ينبغي أن يكون أقرب إلى: المواطن، الحكومة، المعارضة؟!

 الحسن لبات: ينبغي أن يحاول قدر الإمكان أن يكون أقرب إلى المواطن لأنه يستمد قوته ووجوده من من يقرأون له، وأغلب القراء هم المواطنون وليس الحكومة أو المعارضة، لذلك دائما نلاحظ أن هناك أشخاصا كان لديهم جانب إيجابي؛ يتابعهم الناس على أساسه، مثل الاهتمام بمشاكل المواطن، وحين يتم تعيين أحدهم ينتهي من الكلام عن الكثير من القضايا، وبذلك يصبح ليس لديه أي متابع، فالمواطن في النهاية هو الأصل، وأكثر أهمية من الحكومة والمعارضة، وإذا لم يكن لدى هؤلاء اهتمام بالمواطن فهذا ينقص من أهميتهم هم أنفسهم .

 

موقع الفكر: ما مدى ثقتكم في الفيس بوك كمصدر للأخبار.؟

 الحسن لبات: فيسبوك في حد ذاته مجرد وسيلة، ويكتسب أهميته من خلال الشخص الذي يكتب فيه، وهناك بعض المدونين لديهم مصداقية وفيهم العكس، فهناك بعض الصحفيين والمدونين المحترمين، لن يتنازلوا عن مصداقيتهم مقابل الحصول على السبق وهؤلاء هم أهل التأني وأنا أثق فيما يكتبون.

 

موقع الفكر: كنتم ضمن إدارة حفل إعلان ترشح الرئيس ولد الغزواني؟

 الحسن لبات: فعلا أنا من قدمت ذلك الحفل وكان معي الكثير من الناس خلف الكواليس والناس في العادة لا ترى إلا من هو أمام الكاميرا.

 

موقع الفكر: ما هو تقويمكم لسنتين ونصف من حكم الرئيس محمد الشيخ الغزواني؟

 الحسن لبات: القرارات المصيرية والمهمة التي اتخذت هذا الأسبوع ومن ضمنها جعل المفتشية العامة للدولة تابعة للرئاسة كما كانت في سنة ٢٠٠٦، وتعيين مدير جديد لها، وتمكينه من صلاحياته، بالإضافة لحزمة القرارات التي اتخذت اليوم في خطاب الرئيس أمام الشباب، وكذلك استدعاء الرئيس لوزراء المجالات الخدمية والتعليمات الجديدة والصارمة التي وجهت لهم، كل هذا بالنسبة لي شخصيا كان يوحي بأن "المنضة" وكأنها لم تبدأ إلا الآن فكان ينبغي لتلك القرارات أن تتخذ منذ البداية وليس بعد سنتين من الحكم الحالي، لكن في النهاية ينبغي أن نوسع الباع ونستحضر أن العامين الماضين شهدا تحديا كبيرا بسبب الوضعية الوبائية التي تأثرت واختفت بسببها منظومات دولية ونحن ولله الحمد استطعنا أن نقاوم الجائحة التي ربما كانت سببا ومبررا في تأجيل كل تلك الأمور كمحاربة البطالة وغير ذلك.

 

موقع الفكر: لا شك أن ولد الغزواني قد نجح في تهدئة الأوضاع السياسية، لكن هل هناك إنجاز واحد كبير تم خلال ما سلف من المأمورية؟

 الحسن لبات: أول إنجاز يمكن أن نعتبره حقا هو إنجاز الاستقرار والانفتاح السياسي، لأنني أنا شخصيا أعرف الكثير من الشباب الذين يمتلكون شركات ولم يكن بإمكان أي منهم أن يتخذ موقفا سياسيا معينا، لأنه يخاف من الضرائب وإغلاق مشروعه، ولم يعد هذا الخوف موجودا وهذا إنجاز مهم، بالإضافة لوجود نوع من خفة الضغط في العلاقة بين المعارضة والحكومة وهذا مهم في حد ذاته، مسألة الإنجازات قد يكون الناس متعطشين لها بالفعل، لكن لابد لها من تربة وأساس، وأعتقد أن الأساس كان الاستقرار السياسي بالدرجة الأولى وهو ما توصلنا إليه.

 

موقع الفكر: ماذا تتوقعون من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن يفعله من الإصلاحات فيما تبقى من المأمورية؟

 الحسن لبات: هناك فرق بين التوقعات والأماني وأنا أتمنى منذ بداية المأمورية، (وأرجوا أن لا يخيب أملي) أن تكون هناك عملية ليست مجرد مسح الطاولة وإنما قلب الطاولة، وفي كل مرة يخيل إلي أن وقتها قد حان وأجد العكس، وهذه المؤشرات التي شاهدنا في الأسبوع الماضي أعطتني الأمل من جديد، هذا فيما يخص الأمنيات، أما فيما يخص التوقعات فرئيس الجمهورية من الصعب قراءة ما ينوي فعله، لأن جميع الاحتمالات مفتوحة ومن يريد أن يغير الحكومة ليس عليه أن يستدعيها ويعطيها تعليمات جديدة، كما فعل مؤخرا مع بعض الوزراء فليس من المستساغ أن تستدعي وزراء وتعطيهم تعليمات جديدة ثم تغيرهم في ظرف أسبوع أو اثنين، وفي نفس الوقت يوجد الكثير من المسؤولين عن بعض القطاعات الحكومية قد أثبتوا عدم جدارتهم للثقة التي تم منحهم إياها وأعتقد أن مثل هذه الأمور لا ينبغي أن يكون فيه مجاملات، فمن عجز عن أداء ما أسند إليه ينبغي أن يستبدل بشخص آخر، وإن كنت تريد أمثلة على ذلك فخذ مثلا قطاع تآزر، هذا القطاع بني عليه الكثير من الآمال في فترة الحملة ولعلك تذكر ميزانية ٤٠ مليار أوقية قديمة سنويا التي حددت لها وهذا يعادل ٢٠٠ مليار أوقية قديمة خلال مأمورية واحدة، ومع ذلك لم نكن نتوقع أن مهمتها ستنحصر في بناء بعض المدارس أو توزيع ٢٠ ألف أوقية هنا وهناك، مثل هذه الأمور يمكن لأي وزارة أو أي قطاع أن يقوم به ولعلك شاهدت الرئيس اليوم حين أعلن تخصيص مبلغ ٣٤ مليار لدعم الشباب وتوفير منحة للخريجين طيلة ٦ أشهر بمعدل ٢٠ألف أوقية قديمة لخريجي الجامعات و١٥ ألفا لخريجي المعاهد، مثل هذه المشاريع لا تحتاج إلى مؤسسة بحجم تآزر التي كنا نظن ونأمل أنها ستكون أكبر من هذا، وكذلك بعض القطاعات مثلها، وهذا لا ينافي أن تكون هناك قطاعات قد أثبتت نجاعتها فمثلا القطاعات التي أرى أنها قطاعات رائدة منها قطاع الدفاع لأنه إذا كانت لديك دولة أغلب الدول المجاورة لها تعيش مشاكل داخلية كالتوتر بين المغرب والجزائر والمشاكل التي تعاني منها مالي، وحتى مشاكل الهجرة الشرعية التي نعاني منها من جانب المحيط الأطلسي ومع ذلك نجح قطاع الدفاع في الحفاظ على هيبة الدولة، ولم نواجه، ولله الحمد أي توتر أمني ولا تهديد إرهابي.

 

موقع الفكر: هل تعتبرون شركة "سنيم " من القطاعات الفاشلة؟

 الحسن لبات: شركة سنيم ليست فاشلة لكنها ليست رائدة، وقد عاشت سنوات عدة من المشاكل العويصة، وتمت معاملتها كبقرة حلوب وتم إقحامها في مشاريع لا علاقة لها بها وليست من رسالتها، والآن تم تعيين مدير جديد لها وتمت إعادة هيكلتها وحسب ما أسمع عنها من بعض موظفيها أنها تسير على الطريق الصحيح دون محاباة أو مجاملة وأعتقد أن الوقت ما زال مبكرا للحكم عليها.

 

موقع الفكر: سنيم لديها أزمات وتحديات حقيقية، مثل انعدام مصادر المياه وارتفاع تكلفة الطاقة.

 الحسن لبات: لست خبيرا بالموضوع لكنني أعرف أنها طالما كانت بؤرة توتر لجميع الحكومات منذ ١٩٦٦م. حتى اليوم، وفعلا قد تكون محتاجة لاستراتيجيات كبرى لتغيير طريقتها في الإنتاج لأنها كما قلتم لم يسبق لها أن تغيرت كثيرا، فهي دائما في حدود ١٠-١٢ طن للسنة، لكن مثل هذه الأمور تحتاج إعادة هيكلة بشكل أوسع وهو الأمر الذي لم يتم.

 

موقع الفكر: ماذا عن العطش وأزمات المياه في أرجاء البلد؟

 الحسن لبات: أزمة العطش واردة لكنني لا أحب أن أضرب المثال  فيها بعواصم الولايات، لأني كلما أتيت إحداها أجد الماء فيها، إذا كنت تبحث عن أزمة العطش الحقيقة فقم بزيارة للمناطق النائية على طريق الأمل والطرق الرسمية فإذا نظرت إلى الحوض الشرقي مثلا تجد أن هناك بعض القرى تعاني من العطش ومع ذلك بالقرب منها بحيرات، والسبب في ذلك أن التقنيات التي تستخدم الآن لاستخراج الماء لا ينتج عنها إلا المياه السطحية، حيث يستخرجون المياه من عمق  60 إلى 70مترا، في حين أن من أراد استخراج المياه لا بد أن يغوص إلى 700 متر في العمق، وبحسب المسؤولين في وزارة المياه فإنهم عاكفون على مشاريع من هذا القبيل وقد استقدموا لها آليات من المانيا وينتظر أن تؤتي أكلها في شهر فبراير أو مارس من العام المقبل.

 

موقع الفكر: كيف تقومون أداء شركات الاتصال؟ وما ذا عن فعالية سلطة التنظيم الرقابية؟

 الحسن لبات: أعتقد أن سلطة التنظيم وشركات الاتصال لا يقومون بواجباتهم على الوجه الأكمل، وأعتقد أن العلاقة بين السلطة والشركات ليست جيدة فأحيانا تجد من كان يعمل مثلا في موريتل، وينتقل من العمل فيها إلى العمل في سلطة التنظيم ويحتفظ بعلاقاته، كذلك سياسة التغريم التي أعدت منذ سنوات قد أثبتت عدم نجاعتها.

 

موقع الفكر: ما الحل الأمثل في مثل هذه الحالات؟

 الحسن لبات: أعتقد أننا لا يجب أن يظل اعتمادنا في هذا القطاع على الشركات الأجنبية، لماذا نعتمد على شركة تونسية برأس مال قطري كشركة ماتل أو شركة مغربية كموريتل، لماذا لا تكون لدينا شركة وطنية موريتانية تهتم بمصلحة المواطن المستهلك؟

الشرائك التي لدينا هي شرائك تعمل على مصالحها الضيقة وهذا حقها ربما. 

موقع الفكر: هل تتفق مع من يقولون بخطورة هذه الشركات على أمن البلد وسيادته؟

 الحسن لبات: بالطبع ليس هناك شيء أخطر من أن تكون الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية، تستخدم وسائل تواصل يمكن التجسس عليها من خلال شركات أجنبية، وينبغي ألا يكون الهدف من إنشاء شركة وطنية للاتصالات هو جمع المال فقط، وإنما من أجل تأمين مكالماتنا بالإضافة لإعطاء الفرصة لرجال أعمال الوطن من أجل الاستفادة من هذا الحقل.

 

موقع الفكر: لماذا تختزل محاسبة العشرية في شخص واحد؟

 الحسن لبات: لا، لم يختزل في شخص واحد فهم في الوقت الحالي ١٣ شخصا أمام العدالة، وفعلا قد يكون من الناحية الإعلامية تتجه الأنظار إلى شخص واحد قيد الاعتقال، وربما السبب في ذلك أن الآخرين لم يخالفوا القوانين التي أمرتهم بها العدالة، وهناك أصوات تقول إن الملف قد تم تسييسه، وأنا شخصيا أعتبر أننا حتى نقطع حبل الاتهامات ينبغي أن نترك الملف يأخذ مجراه الطبيعي، ويتم تعجيل المحاكمة لأنه كلما تأخر ذلك أتيحت للناس فرصة القول بعدم أخذ الأمر بشكل جدي.

موقع الفكر: كيف نتوقع محاسبة الفاسدين والرئيس غزوان، صرح لبعض وسائل الإعلام بما يُفهِم التشكيك في بعض تقارير محكمة الحسابات؟

 الحسن لبات: في النهاية قال ما هو أشد من ذلك وهو أن التقرير نشر بسبب ضغط من الممولين أو المانحين، وأنا ممن يعتبرون أن الأمور لا تقاس إلا بمعيار واحد، فتقرير محكمة الحسابات إما أن ننشره أو لا ننشره، فمن الناحية الدستورية من اللازم نشره، وقد نشر في المرة الأولى ولا أفهم كيف لا يتم نشره إلا مرة واحدة منذ بداية المأمورية.

 

موقع الفكر: لم الإبقاء على الرخصة الممنوحة لشركة "بولي هوندونغ"؟

 الحسن لبات: تلك الشركة قضيتها معقدة لأن الاتفاقية التي عقدت معها مرت بالبرلمان ومجلس الشيوخ قبل إلغائه، وبالتالي أصبحت تعتبر عقدا بين دولتنا والصين، وهي شركة تابعة للحزب الشيوعي الصيني ولديها جناح عسكري، ومن الصعب التخلص منها ومراجعة صفقتها، خصوصا أن اتفاقيتها مرت بالبرلمان ومجلس الشيوخ، وتمت المصادقة عليها، سبق وأن تواصلت معهم وقمت بزيارة اطلاع لها وركبت معهم داخل إحدى الزوارق، وحسبما قالو لي إنه كان هدفهم من تلك الزوارق أن تكون هي التي يصيد بها الموريتانيون، لكنهم لم يجدوا حسبما قالوا تجاوبا من الصيادين الموريتانيين، والكميات التي حصلوا عليها لم تكن بالمستوى المطلوب.

 

موقع الفكر: الرئيس بين الاستسلام للحملات الإعلامية، وبين الاستعانة ببعض رجال العشرية الفاعلين مثل ولد اجاي، فأي الخيارين أمثل من وجهة نظركم؟

 الحسن لبات: المختار ولد اجاي لا شك أن الأشهر الثلاثة التي قضاها في "سنيم" تركت أثرا إيجابيا حسبما أخبرني به بعض الأطر العاملين في الشركة، لكنه في نفس الوقت يواجه مشكلة وهي أنه من الشخصيات السياسية التي ترتبط في أذهان الناس بحقبة معينة من تاريخ موريتانيا من الصعب أن تنسى، وبالتالي راح ضحية حملات التشويه التي يواجهها من طرف الإعلام، فأنا شخصيا أرى أن أطر موريتانيا ليسوا مقتصرين على شخصين أحدهما صاحب كفاءة لكنه ليس نزيها والآخر نزيه لكن لا تجربة ولا خبرة لديه، بل يوجد البعض -خصوصا في المجهر- ممن لديهم التجربة والكفاءة والنزاهة لكن لم تتح لهم الفرصة، ويمكن أن تشكل من هؤلاء حكومة تكنوقراط بإمكانها أن تخرج البلاد مما هي فيه.

 

موقع الفكر: ما موقفكم من حرق المراحل وتعيين بعض الشباب على رأس بعض الوزارات؟

 الحسن لبات: أنا شخصيا أعتبر أن تعيين صغار السن لا يخدمهم هم أنفسهم، لأني أعرف الكثير من الوزراء السابقين لم يبلغوا ٤٠ سنة ولم يعد بإمكانهم ممارسة كل الوظائف لأن من أدبيات الوظيفة أن من أصبح وزيرا لا يمكنه أن يعمل في وظيفة دون ذلك كرئاسة مصلحة أو غير ذلك، وهناك مسألة دائما تقوم بها الحكومات وهي أنهم يأخذون مثلا أشخاصا كانوا أطرا في منظمات أجنبية ويقومون بتعيينهم وزراء، فحين تفعل ذلك تكون قد عطلت دورا دبلوماسيا مهما كان يقوم به هذا الاطار في تلك المنظمة التي لن تجعل مكانه ربما موريتانيا آخر، وبالتالي ينبغي أن يكون التعيين من الداخل ونحافظ على أطرنا في المنظمات الدولية.

 

 

موقع الفكر: ماذا تتوقع من إصلاح في الخلل الكبير الذي يشهده قطاع الصيد، وفي الأساس تدمير الثروة السمكية من الأجانب،  من صينيين وسنغاليين..؟

 الحسن لبات: قطاع الصيد لست خبيرا بتفاصيله، لكن كلما أعرفه هو أن الموريتانيين لا يحبون العمل فيه وما دمنا عازفين عن العمل فيه، وشبابنا يكرهون ذلك فإن الاستفادة من السمك التقليدي ستقتصر على الأجانب، خصوصا السينغاليين فقد كان لديهم ٥٠٠ ترخيص فقط والآن وصلوا ٣٠٠٠ ترخيص، وحسب الإحصائيات غير الرسمية فإن هناك قرابة ١٠ آلاف على الأقل وأصبح لديهم فائض من السمك الموريتاني، لدرجة أنهم أصبحوا يتاجرون به في آبيدجان وهذا ليس في صالح موريتانيا أن يكون الشباب السنغالي مقبلا على العمل في هذا المجال، وشبابنا نحن ينفر منه، هذا فيما يتعلق بالسمك التقليدي، أما فيما يتعلق بالسمك الصناعي فليس هناك دولة يمكنها أن تجري مع دولة أخرى صفقة مفادها، أعطونا مبلغ كذا ونترك لكم البحر فهذا لا معنى له، في الوقت الذي نشاهد فيه دولة المغرب وهي تتخذ قرارا بمنع الصيد الأجنبي في بحرها طيلة ١٠ سنوات حتى تتجدد ثروتهم السمكية، فينبغي أن ندرس تضحية من هذا النوع حتى تتجدد ثروتنا السمكية التي لم نعد نستفيد منها.

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لأداء شركة معادن موريتانيا؟

 الحسن لبات: ليس لدي تقويم لتلك الشركة، لكن ما أعرفه هو أن التنقيب عن الذهب استقطب الكثير من الشباب يصل ١٥٠ ألف فرصة عمل، ولابد أن تساعد الدولة أهل هذا المجال لأنهم لا يمكن أن يكونوا يضحون مثل تلك التضحية ولا يجدون ماء للشرب ولا مستشفيات للدواء، أرى أن الدولة ينبغي أن تضرب بيد من حديد على الشرائك العملاقة التي تمتلك صلاحيات أكثر من اللازم.

 

موقع الفكر: ماذا عن استخدام بعض المواد المحرمة دوليا؟

 الحسن لبات: هم في النهاية بشر يريدون الاستثمار ولم يجدوا طريقة غير هذه، فلماذا لا توفر لهم شركة المعادن آليات لتصفية ذهبهم وتقوم بتكوينهم حول ذلك فهم يبحثون عن طريقة للربح، وإذا وجدوا طريقة غير مضرة للبيئة فهم في حاجة إليها، ومادة الزئبق لا تنزل عليهم من السماء وإنما يشترونها من الأسواق حيث يبيعه التجار وإذا كانوا يصرون على أن هذه المواد مضرة بالبيئة فلماذا لا يقوموا بتحريمها مع توفير بديل لها.

 

موقع الفكر: ما ردكم حين يطلب منكم الرئيس أن تقترحوا عليه خطة عمل مشاريع كبرى يحتاجها هذا البلد؟

 الحسن لبات: أعتقد أن رئيس الجمهورية في الوقت الحالي لا يحتاج إلى الآراء، فقد وجد الوقت الكافي لتشخيص المشاكل وبلورة حلول لها، الذي يحتاجه الرئيس الآن وقبل كل شيء هو الإرادة أولا، وثانيا الطاقم الذي يساعده في طرح الحلول ولا شك أن الرئيس لديه الإرادة الصلبة، لكن الطاقم الحالي الذي عنده ليس أهلا لتحقيق ما وعد به في خطاب فاتح مارس.

 

 

موقع الفكر: يحسب للرئيس السابق ولد عبد العزيز اجراء لقاءات دورية مع الصحفيين المحليين، في حين أن الرئيس الحالي أغلب مقابلاته مع وسائل إعلام أجنبية، فما تفسيركم لذلك؟

 الحسن لبات: سأقول لك ما قاله هو نفسه حين طرح عليه هذا السؤال، أنا كنت ضمن الحاضرين للقاء أجراه مع بعض الصحفيين يبلغون قرابة مئة شخص وكلهم وجد الفرصة لطرح الأسئلة، وبعد ذلك تم إجراء مؤتمر صحفي سمح ل 6 صحفيين فقط بطرح الأسئلة فيه، لكن اللقاء المفتوح لقرابة مئة صحفي لم يقع فيه أي بث مباشر، رغم أن كل صحفي كان لديه هاتفه ويصور المادة التي ستتعرض للإنتاج من أجل نشرها لاحقا، وهذا هو السبب الذي جعل المتلقي يعتقد بأن الرئيس لا يرغب في إجراء مقابلة مباشرة مع الصحافة، لكنني لا أعتقد أن الرئيس أعطى تعليمات حول الموضوع، عموما بعد مرور سنتين على المأمورية يمكن القول فعلا إن مقابلات الرئيس مع الصحافة المحلية تكاد تكون شبه معدومة، في الوقت الذي يقابل فيه وسائل إعلام أجنبية كل  ٣ أو٤ أشهر ولاحظنا في السنة الأخيرة أنه أجرى مقابلات كثيرة مع وسائل إعلام فرنسية، وأنا شخصيا وبكل صراحة لا أجد معنى لأن يكون الرئيس يعطي أهمية للصحافة الأجنبية بهذه الدرجة على حساب الصحافة المحلية، وأعتقد أن علاج هذا أن يجري مقابلة أو اثنتين مع وسائل إعلام محلية، وما زال لديه الوقت لذلك.

 

موقع الفكر: البعض يرى أن مساحة الحريات قد ضاقت في عهد الرئيس الحالي؟

 الحسن لبات: نعم أوافق على ذلك ولا يمكن إنكاره، ينبغي أن ننظر بموضوعية للرئيسين الحالي والسابق ففي فترة ولد عبدالعزيز لا تنسوا أنه قدم تمت مضايقة الكثير من الصحافة و المدونين واعتقل بعضهم لمدة ٣ سنوات، أما الرئيس الحالي فلأننا نؤمل فيه الكثير من الخير لا نقبل أن يكون في المعتقل سجين رأي واحد، لكن من المؤكد أن هناك تشددا تجاه من يتعاطون الإعلام، وهذا حسب رأيي ليس من مصلحة رئيس الجمهورية، فمن الأحسن له وللطاقم المحيط به أن يترفعوا قليلا وأن لا ينصبوا أنفسهم لتوقيف كل من تكلم أو تضايق، فمن يفعل ذلك لن يجني من تصرفاته إلا إعطاء مناوئيه قيمة لا يستحقونها وجعلهم أبطالا قوميين بتوقيفهم.

 

موقع الفكر: هل تعتقدون أن هناك أزمة أخلاقية حينما يهاجم بعض أطراف السلطة الحالية النظام السابق ويمجدون النظام الحالي؟

 الحسن لبات:  تلك فضيحة بالنسبة لي وهذا من الأمور التي ترسخ في ذهن المتلقي سواء كان مواطنا بسيطا أو نخبويا، أن السياسة مهنة وسخة وصاحبها يدافع عن مصالحه فقط، وفعلا هناك أعضاء في الحكومة الحالية وشخصيات في الحزب الحاكم مرموقة كانوا بالأمس القريب يسبحون بحمد الرئيس السابق ولد عبدالعزيز، وحين ترك السلطة بدأوا يشتمونه ودائما ما أسأل نفسي عن أمثال هؤلاء كيف ترتاح ضمائرهم إذا بقي أحدهم مع نفسه، وطالما قلت لنفسي إن الرئيس الحالي ربما لديه من الحنكة والعقل ما يدرك أن أمثال هؤلاء ليسوا أهلا للثقة، وبإمكانهم أن يعاملوه نفس المعاملة في حال مغادرته للسلطة.

 

موقع الفكر: ما تعليقكم حول ما يثار من عدم شفافية النظام، واستشراء الفساد في مفاصله؟

 الحسن لبات: ليست لدي فكرة عن الموضوع وأعتقد أن من لديه أدلة حوله فليتقدم بها للسلطات المختصة، وستتخذ فيها القرارات المناسبة لها.

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لمهرجان وادان، وخاصة تغاضي النظام عن الحشد القبلي؟

 الحسن لبات:  أنا كنت من الحاضرين لمهرجان وادان، ولاحظت من خلال خطاب رئيس الجمهورية أنه قد حذر من الكثير من تلك المسلكيات، لكن في الوقت ذاته أمامه لافتات تمجد بعض القبائل وهذا من الأمور التي ألاحظها على من يوالون الرئيس ويسمعون خطاباته ورغباته ويخالفون ما فيها.

 

موقع الفكر: ما رأيكم في قانون الرموز؟

 الحسن لبات: حسب رأيي أن قانون الرموز ليس في مصلحة رئيس الجمهورية، فإذا كان هناك من يظنون أنهم سيدافعون به عن الرئيس من خلال جعله ضمن الرموز، كالدين والوطن والنشيد فهذا ليس من الضروري، لأن الرئيس ستنتهي ولايته في يوم من الأيام، وتلك الرموز باقية ونرجو أن تظل كذلك، وأعتقد أن الأشخاص الذين يودون جعل الرئيس في مرتبة المقدسات كذبوا عليه؛ لأن المقدسات باقية ونرجو أن تظل كذلك بخلاف الرئيس الذي سيذهب بعد مأموريتين على الأكثر، فمن يحالون رفع مرتبة رئيس الجمهورية بجعله من المقدسات من المؤكد أنهم لم يسدوا له خدمة بذلك.

 

موقع الفكر: ما حدود استخدامكم لخاصية الحظر على الفيسبوك؟

 الحسن لبات: لست من أهل الحظر لكنني أجد حرجا في أن أكتب منشورا عن شخص معين، ويأتي من يسبه في التعاليق وأمثل ذلك بشخص لديه ضيف في منزله، ويأتيه شخص آخر ليسبه أمامه، ففي تلك الحالة أفضل أن يكون من يقع عليه السب أنا وليس ضيفي.

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم؟

 الحسن لبات: من يرغب في إصلاح التعليم لابد أن يساوي فيه بين الجميع، ولا يمكن أن يكون المجال مفتوحا لدول وسفارات أجنبية من أجل فتح مدارس متنوعة، ومع ذلك لا يمكن أن يدرس فيها إلا أبناء الطبقة البرجوازية، وفي نفس الوقت لديك المدرسة الجمهورية ولا يدرس فيها الا أبناء الفقراء والكادحين، فهذا ليس من المدرسة الجمهورية في شيء، فينبغي كخطوة أولى نحو إصلاح التعليم أن تضبط مسألة المدارس الخصوصية وإلا لن يتساوى أبناء الوطن في التعليم.

 

موقع الفكر: سؤال توقعتموه ولم يرد؟

 الحسن لبات: طرحتم ما شاء الله الكثير من الأسئلة التي لم أكن أتوقعها نهائيا، فهناك الكثير من سبر الأغوار لم أكن على جاهزية له.

 

موقع الفكر: هل انتهى الحوار الذي تحدثت عنه الدولة، وبعض الجهات الحزبية؟

 الحسن لبات: الحوار يبدو أنه تعثر في البداية، لكنني أظن أنه ما زال سينظم إن شاء الله، وأعتقد أن رئيس الجمهورية نفسه ليس لديه حماس له، لأنه قال عدة مرات - وهذه وجهة نظر شخصية له- إنه لا يرى فائدة كبرى للحوار، وربما سبب ذلك أن مكتبه مفتوح لمختلف الطيف السياسي وبالتالي بالنسبة له المأمورية كلها مأمورية حوار، لكن السياسيين بطبيعتهم يحبون أن يتم حوار شامل، وتتبناه رئاسة الجمهورية وطلبوا من الرئيس ذلك بإلحاح ووافق لهم على ذلك لكن لم يحدد للأمر سقفا زمنيا.

 

موقع الفكر: هل تتوقعون استمرار المجالس الجهوية، خاصة أنها منزوعة الصلاحيات والميزانيات، أم العدول عنها لمجلس الشيوخ؟

 

 الحسن لبات:  لا أتوقع سوى استمرار المجالس الجهوية مع أن صلاحياتها محدودة وكذلك ميزانيتها.

 

موقع الفكر: ما رأيكم في النشيد والعلم الوطنيين؟

 الحسن لبات: أنا من المتعلقين بشدة بالعلم القديم وأحب مضمون النشيد القديم، لأن لديه بعدا تاريخيا حيث كتبه باب ولد الشيخ سيديا وفيه بركة، لكن النشيد الجديد أرى أنه أكثر حماسة من الأول وحبذا لو كان هناك حل بموجبه " ما إموت لعجل ولا تيبس التاديت".

 

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

 الحسن لبات: أشكركم كما قلت لكم في البداية، فمن يهتم في هذا العصر بأمور الفكر أنا شخصيا أشجعه وأشد على يديه، ومهم عندي نجاحكم فكل ما من شأنه نجاح هذا الموقع فأنا مستعد له.