حلقة إفتاء مع الشيخ محمد الحسن الددو

حلقة إفتاء مع العلامة الشيخ محمد الحسن الددو:

موقع الفكر: أهلا بكم في هذا اللقاء المبارك مع فضيلة شيخ الشيوخ وبقية أهل الفضل والرسوخ ،العلامة محمد الحسن الددو، ونرجو لكم الاستفادة من هذا الرجل العظيم الذي يزدحم الناس على بابه والمنهل العذب كثير الزحام، لن تكون هناك مقدمات لأن العلم لا يحتاج إلى تعريف، وسنبدأ بطرح الأسئلة مباشرة بإذن الله.

موقع الفكر: مجموعة تبرعوا بمبالغ نقدية لمساعدة المجتمع في مكافحة غلاء الأسعار وتركوها عند شخص يشتري لهم حاجياتهم ويبيعها للمجتمع فما هو حكم هذا المال من ناحية الزكاة؟

العلامة الشيخ الددو: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، أسأل الله العظيم أن يبارك في الإخوة والأخوات في شبكة المستقبل والمجموعات التابعة، لها والمتعاونة معها وأن يوفقهم لفعل الخيرات وترك المنكرات، وأن يتقبل منهم صالح العمل وأن يشفي مرضاهم أجمعين ومرضى المسلمين، وأن يحفظهم أجمعين بما يحفظ به عباده الصالحين وأن يصلح لهم الحال والمآل.

أما جوابا على سؤالكم فإذا كانوا قد تبرعوا بالمبالغ من أجل نجدة المجتمع وتخفيف الأسعار، ولا يريدون رجوعها لأنفسهم بعد ذلك فهي تبرع عام لا زكاة فيه، لأنه ملك للأسر والمجتمع الذي خصص له، فإذا خصصوها لأهل قرية أو أهل بلدة كانت لفقراء أهل ذلك البلد، بعد أن تؤدي المشروع الذي جمعت من أجله وليس فيها زكاة، أما إذا أرادوا فقط شراء البضائع وبيعها بثمن رخيص ليس فيه زيادة، وأرادوا بعد ذلك أن ترجع إليهم أموالهم فهي لهم وإذا كان نصيب كل فرد منهم يصل إلى نصاب، أو له نصاب من غيره يضمه إليه فإنه تجب زكاتها حينئذ لأنها أموال ملك لأفراد معينين، والله يكرمكم ويتقبل منكم.

موقع الفكر: تقويم نصاب العروض التجارية بالذهب أمر محسوم، أم أن تقويمها الآن بالفضة ما زال له وجه شرعي؟

العلامة الشيخ الددو: الذي أراه والله اعلم - وهو رأي جمهور الفقهاء والمفتين والاقتصاديين في العالم- أن الفضة لم تعد الآن ثمنا من الأثمان، فقد خرجت من السوق بالكلية وإنما أصبحت بعض المقتنيات والمبيعات فقط، لكن لم تعد ثمنا من الأثمان، والثمن مرتبط بالذهب والعملات التي تقوم به فلذلك تقويم الزكاة وغيرها إنما يكون بالذهب وينظر إلى أقل عيار من الذهب قيمة فهي التي تقوم بها العملات.

موقع الفكر: ما حكم من حبّس قطيعا من الماعز على فلان وولده ووهب له الذكر والمسنة من الماعز، ثم توفي المحبس عليه وترك ابنين وابنتين ثم متع الأخوا ن أختيهما بالغلة والهبة المستثناة ،ثم آل الحال لانتقال الأخوين وإحدى الأختين إلى الحضر بعد أن كانوا في البادية، فتم تقسيم الماعز بالسوية وما ذهبت به الحضرية اضطرت لبيعه واستبداله ببقرات، وظل الحال هكذا إلى أن اضطرت أيضا لبيع البقرات خوفا عليها من تلف بات وشيكا، فبأي وجه يظل الحبس والمنفعة المقصودة قائمين وهل يمكن الانتفاع به بطريقة أخرى؟

العلامة الشيخ الددو: بالنسبة لحبس الحيوان في زماننا هذا بعد حصول الجفاف والمشكلات، وقلة اليد العاملة التي ترعاه وكثرة ضياعه وأمراضه أرى أن الأفضل أن يباع ويجعل في عقار وينتفع به، فإذا كانت المرأة قادرة على بيع البقر وشراء غرفة أو أرض وجعلها وقفا واستغلتها، سواء كان ذلك بالسكن أو الإيجار فذلك وإلا فلتحاول أن تجعل أثمان البقرات مع وقف آخر وتكمل عليه، ويمكن أن يجمع الوقف من الأسرة أو العائلة أو غيرها حتى يكمل ذلك ثمن محل تجاري أو محل سكني أو قطعة أرضية، وحيئنذ يكون ذلك العقار وقفا معقبا، وتنازل الأخوين لا يقتضي تنازل أعقابهما وذريتهما بل ذريتهما تدخل في الوقف لأنه موقوف عليهم.

 

موقع الفكر: هل يمكن للمرأة أن تنجب من زوجها الذي فارقها قبل سبع سنين، وهي طبعا لم تتزوج بعده،فهل سبق وأن حدث هذا وما موقف الشرع منه؟

العلامة الشيخ الددو: إذا فارق الرجل المرأة سواء كانت فرقة بالموت أو بالطلاق أو بالفسخ وغير ذلك، وانتهت عدتها ثم بعد ذلك ادعت الحمل، فإن كان ذلك الادعاء في أربع سنوات -وقيل لخمس سنوات- فإن الحمل ينسب للرجل، إلا إذا كان حيا وقام بنفيه بلعان، أما ما فوق ذلك فلا ينسب الحمل للرجل ولا يعتبر نسبه صحيحا، وقد لا تكون المرأة زانية إذا كانت صالحة لكن قد تستغفل أو توطؤ وهي نائمة، أو يتم تخديرها أو غير ذلك من الأمور التي يقع بها الحمل، وقد رأى الزهري -وهو شيخ مالك وأحد أئمة التابعين،من صغارهم- أن أكثر أمد الحمل سبع سنوات ولم يرد في النص عموما شيء صريح، لا في القرآن، ولا في السنة يحدد أقصى أمد الحمل، وإنما جاء في القرآن قوله تعالى: (الله يعلم ما تحمل كل أثنى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار)، لكن مذهب الجمهور والمذاهب الأربعة تقريبا أن أقصى أمد الحمل على حسب المشهور بين النساء.....، ولذلك قال أبو حنيفة إن أقصى أمد الحمل لا يتجاوز سنتين، وقال مالك والشافعي وأحمد إنه قد يصل إلى أربع أو خمس سنوات وهذا الخلاف قائم بين أربع وخمس كما قال خليل رحمه الله، وذهب الزهري كما ذكرنا إلى سبع سنوات وذهب الضحاك إلى عشر سنوات، وعموما المرجع في هذا يرجع إلى ما يحصل به العلم للقاضي فقد يحصل له العلم عن طريق الطب أو التجربة أو الأخذ بالمذاهب مما هو معروف ومألوف لأقصى أمد الحمل وقد ذكر في التاريخ بعض القصص التي تدل على مثل هذا فيقال إن الضحاك ولد وقد تتام نبات أسنانه، وهذا هو سبب تلقيبه بالضحاك، ويقال أيضا إن ولدا آخر لما ولدته أمه مرت حوله شاة فطردها بقوله لها "كش" ،ومن أراد التوسع في هذه المسألة فليرجع إلى تفسير القرطبي في سورة الرعد عند قول الله تعالى ( الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الارحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار).

 

موقع الفكر: يعمد بعض النساء إلى استخدام أدوات منع الحمل في جزء من أجزاء الجسم لسنوات، وقد يسبب ذلك ارتفاع الحيض طيلة الفترة، فهل هذا النوع من منع الحمل جائز، خاصة لمن يشق عليها الحمل؟ وهل يجوز للزوج أن يطلقها في هذا الطهر الذي مسها فيه؟ وإذا وقع الطلاق فكيف تعتد هذه المرأة؟ 

العلامة الشيخ الددو: الأصل عدم الامتناع عن الحمل فهو نعمة من نعم الله، والولد نعمة وامتداد في عمر أبويه وزيادة في حسناتهما، وهو نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى حرمها كثير من الناس ولذلك قال الله تعالى: (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير)، ولكن إذا كان الحمل مضرا بالمرأة ضررا عظيما لدرجة الخوف من هلاكها بسببه، فحينئذ لها أن تمتنع عنه والأصل في الامتناع عنه أن يكون بالاتفاق بين الزوجين، وأفضل وسائل منع الحمل هي عدم حصول الاتصال الجنسي في فترة نزول البويضة فالرحم له عنقان، وكل واحد منهما ينتج في كل شهر بويضة وتنزل هذه البويضة إلى مكان التلقيح، ويتم تلقيحها بإذن الله إذا وافق ذلك وقت نزولها، وإذا لم يوافق استحالت هذه البويضة إلى حيضة وهي الحيض الذي هو عبارة عن تحول البويضة إلى دم، ومن الوسائل كذلك الامتناع عن الوقاع في اليوم الرابع عشر والخامس عشر من بداية الدورة، إذا كانت دورة المرأة منتظمة فليست العبرة بنهايتها وإنما ببدايتها فإذا عرف الرجل أن دورة المرأة بدأت في اليوم الفلاني، فليعد ذلك اليوم وليعد بعده ١٣ عشر يوما ويمتنع عن الوقاع في اليوم الرابع عشر والخامس عشر، وهما اليومان اللذان يكون فيهما التلقيح والإباضة، فإذا تجاوزت مدة الإباضة بإذن الله لا يقع الحمل، ويمكن أيضا أن يقع العزل ففي حديث جابر ( كنا نعزل والقرآن ينزل)، وأما الوسائل الأخرى فمنها ما هو محرم ككشف العورة أو ربط عنق الرحم فهذا ممنوع إلا إذا كان الزوج طبيبا أخصائيا وهو الذي يباشر ذلك، أما استعمال الحبوب فهو مضر يترتب عليه الكثير من الأضرار الطبية، وأما وضع اللصقة التي هي عبارة عن الهرمونات وتبديلها فهذه أيضا تحتاج إلى مداومة واستمرار، ومثل ذلك استعمال الواقي الذكري فإنه كثيرا ما يقع منه تسرب وقد يؤدي أيضا إلى بعض الحساسية، أما ما يجعل في الذراع مثلا فهذا أقلها ضررا وإن كان فيه بعض الأضرار لأنه قد يؤدي إلى استحاضة عند بعض النساء، وقد يؤدي كذلك إلى زيادة الهرمونات وزيادة الوزن، وبعض التعب وبالأخص لمن كانت لديها نشاط في الغدد وإذا وضعته المرأة بإذن زوجها لسبب فإن انقطع عنها الحيض بالكلية فطلقت وهي في ذلك الطهر الذي جامعها فيه زوجها، ولكن المعلوم أنها لا تحمل لأن الحيض قد انقطع فإنها إذا استطاعت نزع هذا "الكود" عند الطبيب فلتفعل ذلك وحينئذ تنتظم دورتها عادة فتعتد بالأقراء ما دامت في سنها، وإذا صعب نزعه أو كانت في مكان لا يوجد فيه طبيب يستطيع نزعه أو صعب عليها ذلك أو أدى إلى مشقة فإنها تكون بمثابة المرتابة، وتجلس وتتربص تسعة أشهر ثم تعتد بثلاثة أشهر وتكمل السنة.

 

موقع الفكر: سوق خيري يتبع لجمعية خيرية يقوم على مبدأ جمع التبرعات، من مواد عينية مستعملة وبيعها ليستفيد منها الفقراء، فهل يجوز للقائمين عليه جلب بضاعة وعرضها بتلك السوق، وبيعها فيه بحسابهم الخاص علما بأن السوق مرخص من طرف وزارة الداخلية على أنها تنشط في المجال الاجتماعي وهي معفية من الضرائب؟

 

العلامة الشيخ الددو: إذا علم أن السوق خيرية وما يباع فيها لا يقصد به الربح الدنيوي، وإنما يقصد به الربح الأخروي ومساعدة المحتاجين فلا يجوز للتجار أن يستغلوا ذلك لبيع وعرض تجاراتهم ، لما في ذلك من الانتهازية والاستغلال إلا إذا كانوا سيهدونها أو يجعلون جزء من ثمنها أو يجعلونها كاملة للعمل الخيري.

 

موقع الفكر: رجل مدين وعنده عيال من امرأة سبق وأن طلقها فهل يقدم نفقة العيال أم قضاء الدين الحال؟

العلامة الددو: بالنسبة للنفقة على العيال هي من فرائض الأعيان على الانسان، وتجب عليه ولو بذمته فإذا كان يجد ما يقضي به دينه ويستطيع أن يتحمل دينا جديدا لنفقة العيال وجب عليه ذلك، وإن كان صاحب الدين يستطيع أن يصبر عليه ويمهله فنفقة العيال متعينة عليه حينئذ.

 

موقع الفكر: يرى بعض المعاصرين أن علة وجوب الزكاة الغنى، ألا ترون أن الغنى لا يصلح للتعليل، لكونه غير منضبط، ولأن التعليل به منقوص من عدم وجوب الزكاة على مالك الخير والعقار وغير ذلك من الأموال التي لا تجب فيها الزكاة؟.

العلامة الشيخ الددو: بالنسبة للعلة يشترط فيها أن تكون وصفا ظاهرا منضبطا والغناء ليس وصفا ظاهرا منضبطا ولذلك يقول الله تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) فجعل علة الزكاة هي المال وبين النبي صلى الله عليه وسلم ما استثني من ذلك لأن الأصل وجوب الزكاة في جميع الأموال لكن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى من ذلك ما دون النصاب وما كان للقنية خالصا فقال (ليس على المرء في داره ولا عبده ولا فرسه صدقة) أما ما كان للتجارة أو كانت الزكاة في عينه كالنقدين والحبوب والثمار والحيوان، فمثل هذه تجب الزكاة في عينها كما نص على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينه، وما سوى هذه الأمور لا يدخل في هذا النطاق، وبالنسبة للغنى ليس شرطا لأن الفقير الذي يملك خمسا من الإبل وحال عليه الحول وهي لا تكفيه قطعا لعامه تجب عليه زكاتها وهو فقير ويجوز له أخذ الزكاة وكذلك المدين وغيره.

 

موقع الفكر: يلاحظ في بعض المصارف الاسلامية والوطنية أن بيع المرابحة للآمر بالشراء يحدث على النحو التالي:

أن يأتي العميل إلى وكيل الزبناء فيقول له أريد سلفة فكم يمكن أن تسلفوني كحد أقصى، فيقول له الوكيل كم راتبك ويضيف الوكيل يمكن أن أسلفك ما قيمته كذا من البطاقات أو كذا ،وسنقتطع منك مبلغا شهريا طيلة الفترة كذا فإذا وافق العميل ربما أرسله الوكيل إلى تاجر وربما اتصل بالتاجر يأتي بتلك القيمة، ثم يدفعها الوكيل إلى العميل الذي يبيعها في الغالب للتاجر بثمن أقل من ثمن الشراء فما تعليقكم على هذه الصورة؟

 

العلامة الشيخ الددو: هذه الصورة المسؤول عنها هي من مرابحة للآمر بالشراء وهي جائزة لأن البنك اشترى البضاعة بعقد مستقل من التاجر، ثم باعها بعقد جديد وهو عقد التقسيط للآمر بالشراء أو لطالب الشراء، وهذا عقد صحيح لكن يخاف فيه فقط من عدة أمور وهي الضوابط المعروفة ومنها أولا أنه لا يجوز أن يكون العقد صوريا بحيث يكون مجرد تحايل على السلف، أو القرض كما ذكر في السؤال من قوله "أريد سلفة" فهذا ليس بسلفة وإنما هو شراء،ولا يحل أن يكون سلفة لأن السلفة معناها القرض والقرض لا يحل فيه الانتفاع، بزيادة أيا كانت فكل قرض جر نفعا فهو ربا، فإذا كان العقد عقد مرابحة وكان طالب المرابحة معروف الراتب لدى البنك وراتبه يدخل حساب البنك شهريا فإن البنك سيشتري له البضاعة ويبيعها له بهذا الثمن، مقسطا ويقتطع الأقساط من راتبه المحدد حتى تنتهي بالمدة المتفق عليها فلاحرج في هذا، أما بيعه هو للبضاعة فقد أصبحت ملكه يبيعها لمن يشاء بالثمن الذي يشاء، سواء بالثمن نفسه أو بثمن أكثر أو أقل للشخص نفسه الذي اشتريت منه أو لغيره، فلا حرج في ذلك لأنه هو استلم بضاعته وهو حر في التصرف فيها ،يبيعها لمن شاء وإن شاء قسطها وإن شاء باعها جملة فهو المسؤول عن ذلك.

 

موقع الفكر: رجل مات أبوه وعليه ديون كبيرة فتحملها عنه، ووعد الدائنين بقضائها هل يعتبر من الغارمين الذين تدفع لهم الزكاة ولماذا فرقت آية التوبة بين المصارف الأربعة الأول ،فجرتها باللام وبين المصارف الأربعة الأخرى وجرتها بحرف الباء؟

العلامة الشيخ الددو: إذا كان الرجل تحمل دين أبيه ولا يجد ما يسدد به من ماله ولا من تركة أبيه فإنه من الغارمين حينئذ، و يحل له أخذ الزكاة وقضاء الدين بها ،لأن من مصاريف الزكاة نصيب الغارمين وهم الذين تحملوا ديونا في غير سرف. وهذا الشخص منهم لذلك يحل له أخذ الزكاة وطلبها ويقضي بها هذه الديون التي على والده، أما السؤال عن الأسلوب الوارد في الآية التي وردت في سورة التوبة، وهي قوله تعالى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل..) فقد ذكر السائل أن المصاريف الأربعة الأول التي جرت باللام وأن الاربعة الأخرى جرت بالفاء، فهذا غير صحيح فالذي جر باللام هو قوله ( إنما الصدقات للفقراء ) وعطف عليهم المساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وهؤلاء كلهم جهات وأشخاص يملكون وتكون الزكاة لهم، أما قوله (وفي الرقاب) فالمملوكون عندما يعتقون من الزكاة لا يأخذون شيئا من الزكاة ولا يملكونها فليست لهم ،لأن اللام للملك وهم لا يملكون الزكاة حينئذ وإنما ملكها أسيادهم الذين كانوا يملكونهم فاشتروا منهم وأعتقوا، وأما الغارمين فيمكن أن تكون معطوفة على المجرور باللام وهذا هو الأولى لأن الغارمين يأخذونها وإذا قدرنا أنها معطوفة على المجرور ب "في" فالمقصود بذلك أن الغارمين أيضا لا ينتفعون بها، بل يدفعونها للدائنين وليست ملكا لهم كالفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم، كذلك في سبيل الله مجرورة ب "في" لأنه أوسع المصاريف وهو يشمل الجهاد والدعوة وكلما فيه إعلاء لكلمة الله، و أما ابن السبيل فهي معطوفة على المجرور باللام في قوله (للفقراء والمساكين وابن السبيل) والعطف إذا قدر عطفه على الأقرب وهو المجرور ب "في" فهو جهة تملك وتحوز والأولى أن يكون معطوفا على المجرور باللام.

 

موقع الفكر: ما حكم رضيع فطمته أمه في سنته الأولى ومكثت فترة تطعمه، وبعد ذلك وجدت مرضعة وطلبت منها أن ترضعه وقد لوحظ انتفاع بدنه بذلك فهل يحصل التحريم بهذا؟

العلامة الشيخ الددو: نعم كل رضاع تم في الحولين فهو ناشر للحرمة، لأن القرآن يقول (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) وقال أيضا (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال كذلك (وفصاله في عامين) فما كان في داخل الحولين فهو ناشر للحرمة؛ لأن الصبي ينتفع بها عادة ،ولو كان فطم واستغنى بالأكل لكن ما زال في الحولين وهما أمد الإرضاع المنصوص عليه في القرآن.

 

موقع الفكر: رجلان قتلا رجلا خطأ بسيارتيهما ولم يعلم المتسبب منهما من المباشر، فجلعت الدية على عاقلتيهما بالتناصف، فكيف يكون صومهما لشهرين متتابعين، وهل يصح أن يتجزأ الصوم في هذه الصورة؟

 

العلامة الشيخ الددو: إنما تتجزأ الدية ولا تتجزأ الكفارة، فالدية على عاقلتي الرجلين، وأما الكفارة فعلى كل واحد منهما كفارته، لأن كل واحد منهما من المحتمل أن يكون أزهق نفسا وحينئذ يكفر بالكفارة المنصوصة، إما بعتق رقبة مؤمنة إن وجدها وإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين كما نص القرآن على ذلك في سورة النساء.

 

موقع الفكر: هل يجوز لمؤسسات الزكاة العاملة عليها أن تقرض منها قرضا حسنا لمن يُعلم من حاله أنه سيرد، ما اقترض قياسا على الغارمين الذين تدفع لهم الزكاة واستعاضة لبعض المقترضين بهذا القرض عن القروض الربوية ؟

العلامة الشيخ الددو: بالنسبة للمؤسسات العاملة على جمع الزكاة وتوزيعها على الفقراء لا يجوز لها التصرف في أنصباء الآخرين، كالفقراء والمساكين وأبناء السبيل والغارمين وفي سبيل الله ونحو ذلك، ولكن يجوز لها التصرف في سهمها هي، فإذا أخذت مالا من الزكاة على أقلية تملكه لأنها مصرف -وهو مصرف العاملين عليها- فلها أن تقرضه لمن شاء ت من  القائمين عليها، وأن تستثمره وأن تقيم به المشاريع التي لا تقام من الزكاة كبناء المساجد وتعبيد الطرق وإقامة الجسور والسقيا وغير ذلك، فهذه ليست من مصارف الزكاة ولكن في المؤسسات التي هي من العاملين عليها إذا نوت تملك الزكاة فلها أن تقيم بها هذه المشاريع ولا حرج في ذلك لأنها لم تعد زكاة وإنما أصبحت ملكا داخل في صندوق المؤسسة.

 

موقع الفكر: ما حكم رجل تعامل مع تاجر معاملة "سلم" فأعطاه مبلغا ليسدد له عددا من بطاقات موريتل في تاريخ معين، ولما حل الأجل قال "المسلم" للتاجر أنا أريد شراء سيارة والمبلغ يكفي لشراء سيارة من نوع كذا فاشترها لي؟

العلامة الشيخ الددو: إذا دفع الانسان رأس مال السلم إلى المسلم إليه في بضاعة محددة معلومة تتوافر فيها شروط السلم السبعة، فتم العقد وحان الأجل فأراد المسلم إليه أن يؤدي البضاعة إلى المسلم إليه فطلب إبدالها ببضاعة أخرى ينظر إلى تلك البضاعة، فإن لم يكن بينهما ربا أو تفاوتا في الثمن فلا حرج في ذلك، وإن كان العكس فلا يحل ذلك، فلذك جعل السيارة بدل البطاقات لا حرج فيه لأن ثمن السيارة معلوم وكذلك ثمن البطاقات وليس بينهما ربا.

 

موقع الفكر: ما موقفكم من الخلاف القديم حول موضوع دفع الزكاة للحكام بين من يرى وجوب دفع الزكاة للحاكم ولو لم يكن الحاكم صالحا لأنه محل للاجتهاد واجتهاده نافذ، قال ابن رشد "الأصح أنما يأخذه الولاة من الصدقة يجزئ وإن لم يضعوها موضعها لأن دفعها إليهم واجب لما في منعها إذا طلبوها من الخروج عليهم المؤدي إلى الهرج والفساد فلذا وجب أن تدفع إليهم ويجزئ" وفي المقابل قال في التوضيح " إن كان الإمام يصرفها في غير مصرفها لم يجزئ دفعها إليه لأنه من التعاون على الاثم" وقال اللخمي "إذا كان الإمام غير عدل ومكنه صاحب الزكاة منها مع القدرة على إخفائها لا تجزئ ووجب دفعها من جديد" فما الموقف الشرعي الصحيح من دفع الزكاة إلى الدولة في حالات عدم اليقين من جهة الإشراف والحال أن الدولة لها قانون يعاقب من لم يدفعها؟

 

العلامة الشيخ الددو: بالنسبة لهذه الأقوال من أقوال أهل العلم ليس بينها تعارض، وليست خلافا فإن الأئمة إذا كانوا أئمة عدل وحق وأرسلوا الجباة لجمع الزكاة فحينئذ لا يحل منعهم منها ،وتجزئ حينئذ حتى لو قدر أنهم صرفوها في غير مصرفها، أما إذا لم يكونوا أئمة حق ولا أئمة عدل، وعلم أنهم سيصرفونها في غير مصرفها ولم يطلبوها فلا يحل دفعها لهم بالإجماع وإن طلبوها فينظر إلى ما يترتب على منعهم، فإن استطاع إخفاءها أو كتمانها أو نقصها فلا حرج وما يدفعه إليهم سيكون ضريبة، ولا تجزئ في الزكاة عند طائفة، وقد قال ابن رشد بإجزائها، وما سوى ذلك لابد أن يتولى هو إخراجه بنفسه، والواقع اليوم في زماننا هذا أن الزكاة لا تدفع إلى الحكام لأنها ستدخل في ميزانية الدولة وتلك من المعلوم أن الكثير منها ينفق في غير مصارف الزكاة وفيها كثير مما يصرف في المحرمات، وذلك يدخل في نطاق التعاون على الإثم والعدوان كما نص عليه عدد من الأئمة ومنهم ما ذكرتم عن خليل في التوضيح وكذلك في كلام صاحب التبصرة فلا يحل حينئذ التعاون على الإثم والعدوان وهناك فرق بين المسألة التي صرح بها ابن رشد وهي إذا طلبها الوالي وخيف إذا منع من أنه سيقاتلك عليها، وبين أن تأتي أنت طائعا وتدفعها إليه فهناك فرق بين الأمرين كبير وهو واضح.

 

موقع الفكر: من فقد وشهدت بينة بموته فبيع ماله وتزوجت امرأته، ثم بعد فترة قدم حيا فهل ترد إليه امرأته وماله وهل من شهدوا بموته لهم وجه يعذرون به؟

 

العلامة الشيخ الددو: إذا فقد الإنسان في وقت حرب أو وقت وباء منتشر، ولم يوجد له خبر ورفع أمره إلى القاضي وتلوم له وطلب الوصول إليه ولم يستطع، وانتهت المدة التي حددها القاضي في التلوم، وحكم بموته إما بانتهاء المدة أو بشهادة شهود بموته -حتى ولو كانوا شهود زور- فطلق القاضي امرأته سواء تزوجت غيره أم لا وقسم تركته بين ورثته،ثم قدر أنه حي ورجع فإذا كان ذلك مستندا إلى حكم قاض فإن المرأة قد فاتت عليه وكذلك المال الذي بيع أو تصرف فيه، وحكم القاضي ينفذ في مثل هذا ولا يتعقب، فإذا كان الأمر بشهادة من تبين أنهم تعمدوا الكذب وشهدوا شهادة الزور فهم ضامنون لكل ما تلف على ذلك الرجل، وإذا اجتهد القاضي فتلوم وتبين أن تلومه في غير محله أو أنه نقص عن المدة المطلوبة وجاء الرجل، فإن المرأة ترد عليه ولا خلاف في ردها ما دامت في العدة وإنما الخلاف في ردها بعد انتهاء العدة وكذلك يرد إليه ماله إن كان موجودا بأعيانه أو أثمانه إن كان بيد الورثة، وحينئذ إذا كانت المرأة تزوجت في مدة يسيرة وجاء زوجها تكون كذات الوليين، ويكون الأول أولى بها من الثاني، لكن لابد من استبرائها من ماء الثاني مع ثبوت نسب أولادها منه، إلا أنها تستبرأ وتعود إلى الأول إن لم يرض بإثبات الطلاق وزواج الثاني، هذا الذي ذكرناه في حكم القاضي أما إذا كان ذلك بمجرد اجتهاد وتصرف من المرأة فاعتدت حين شهد شهود بموت زوجها وتبين أنه غير ميت وجاء فإنها ترد عليه ولو بعد زمن طويل.

 

 

موقع الفكر: بعض البنوك تقترح على طالب المرابحة أن يوقع شكلية عندها  بمقتضاها يكون قد وكل مكتبا معتمدا  لديهم على قرض البضاعة وبيعها نيابة عنه، ليقبض هو المبلغ نقدا مع العلم أنه لا يعرف شيئا عن المكتب ولا عن وجوده أصلا فهل هذا القدر من التوكيل كاف لجعل العملية عملية شراء حقيقية، أم أن هذا مجرد حيلة للتحايل على القرض الممنوع بسلف الزيادة؟

العلامة الشيخ الددو: هذه الصورة في المرابحة غير جائزة لأنها عبارة عن قرض صوري لمرابحة صورية وهي بمثابة قرض بربا ولا يحل الإقدام على ذلك، بل لابد أن يكون البيع حقيقيا في البيعتين ولابد من شراء البنك للبضاعة ووجودها وإن كانت طعاما لابد من أخذها ونقلها، وإن كانت غير طعام فيكفي وجودها ثم بعد ذلك تباع بيعا آخر للزبون وهو يأخذها ثم بعد ذلك يتصرف فيها كيف شاء.

 

موقع الفكر: ما الذي يجوز من بيع ما ليس عندك وهل وجود البضاعة المطلوبة بوفرة في السوق يجيز للشخص بيعها، أم أنه لابد من دخولها في ملكه وضمانه وحيازته لها ولو حكما؟

العلامة الشيخ الددو: المقصود ببيع ما ليس عندك فيه حديثان ففي حديث حكيم ابن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله له "يا حكيم لا تبع ما ليس عندك" ،والحديث الثاني هو حديث عمر بن شعيب عن أبيه عن جده النبي صلى الله عليه وسلم نهى "عن ربح ما لم يضمن وعن بيعتين في بيعة وعن بيع ما ليس عندك"،وهو أن يبيع الإنسان المقومات غير المثلية التي ليست في ملكه فالمعينات لا تقبلها الذمم، والمقومات كذلك التي هي غير مثلية لا يستطيع الإنسان أن يبيعها وهي ليست في ملكيته حتى لو ظن أنه سيصل إليها لأن ذلك من الغرر البين الكبير، ولا تدخل في ذلك البضائع ذات الوفرة الكبيرة في السوق والمنتشرة، أو المثليات الموجودة كالصناعات التي هي من صناعة مصنع واحد ونحو ذلك فمثل هذا النوع من المثليات متوفر عند ذي الحضور والقرب وليس معناه الملك بالضرورة كما قال المختار ولد بونا رحمه الله:

وعند ذي الحضور والقرب..

كما كان في السوق وكان موجودا ومقطوعا بوجوده فإنه يجوز للإنسان حينئذ أن يبيعه على هذا الوجه، وكذلك ما عرف أنه عند فلان، وعنده منه شيء كثير لا يتوقع أن يبيعه في هذه اللحظات، ويعرف سعره لديه فيجوز أن يبيعه على هذه الثقة.

 

موقع الفكر: ما هو رأي شيخنا في الرأي الفقهي المنسوب لابن تيمية في قوله: "إن التائب من كبيرة الربا لا يلزمه التخلص من المال الذي وصل إليه أو اكتسبه عن طريق الربا" ؟

العلامة الشيخ الددو: ليس هذا رأيا فقهيا فالله سبحانه وتعالى يقول "فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون" فإن ذنب الربا مشترك بين الطرفين وهما آكل الربا وموكله، فأما آكل الربا فتوبته لابد فيها من رد ما أخذ من الزيادة وعند الحنفية أن الربا هو الزيادة فقط وأن رأس المال باق، فيكون العقد صحيحا ما عدا تلك الزيادة فالعقد في مقابلها باطل وعند الجمهور أن الربا هو العقد بذاته لأن الله جعله مقابلا للبيع في قوله "وأحل الله البيع وحرم الربا" فالبيع عقد والربا عقد كذلك، ومن هذا المنطلق فآكل الربا لابد أن يتوب ويرجع عن رباه ويخرج منه ويرده إلى أصحابه إن عرفهم فإن لم يعرفهم  يرده إلى بيت المال، ومثل ذلك إذا تطاول الزمان ولم تعد الحيازة ممكنة في هذه الفترة -كفترة الحيازة وهي عشر أو خمس عشر سنة-  فإنه يرد تلك الزيادة إلى بيت المال وكذلك أرباحها لأنها ليست ملكا له، وإنما يملك رأس ماله وربح رأس ماله لقوله تعالى "لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون" أما موكل الربا فتوبته فقط بالندم والنية أن لا يعود لأنه لم يأخذ زيادة وإنما دفع أكثر مما أخذ.

 

موقع الفكر: يروى عن ابن عبد البر الإجماع أن الصلاة عن الميت لا تجوز مع أن الخلاف في الأمر قائم وقد قال لمرابط محمدسالم في نظم العمدة:

وأي قربة لميت مسلم* تهدى تصل كما لأحمد نمي

فهل يمكن أن نعتبر أن هذا القول قد فات على ابن عبد البر أم أن ذلك من إجماعات ابن عبدالبر التي توصف بعدم الدقة فما هو الراجح في الأمر بالنسبة لكم؟

 

العلامة الشيخ الددو: بالنسبة لإجماعات ابن عبدالبر فقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا يقصد بها الإجماع بمعناه الأصولي وإنما يقصد بها الراجح أو المشهور أو المأخوذ به في المذهب المالكي أو مذهب أهل المدينة مثلا وما روى ابن عبد البر الإجماع عليه من أن الصلاة عن الميت لا تجوز فإن المقصود به أن تقضى عنه فرائضه التي فاتت عليه في مرضه مثلا كمن مرض في مدة معينة لم يكن يصلي فيها فإنه لا خلاف أنه لا يجب قضاء تلك الصلاة عنه وهذا محل إجماع فعلا، أما ما يتعلق بإلحاق ثواب النوافل للميت فتلك مسألة أخرى وهي التي تجوز عند الشافعية والحنابلة أما المالكية والحنفية فلا تجوز عندهم وهذا هو الأصل لأن الله قال في محكم كتابه ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى  وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى  أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى  وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى  وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى﴾.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة في صحيح المسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث" فما كان من عمل الأولاد يدخل في ميزان حسنات الآباء والأمهات إن نووا بالزواج قصد الولد الصالح فالنية لابد منها في ذلك لأن النبي صلى الله وعليه وسلم قال "إنما الأعمال بالنيات" ولذلك يقول الشيخ حبيب بن الزايد التندغي رحمه الله:

وجود الابن نعمة عظيمة*من ربنا ليس لها من قيمة

إذ ما من الطاعات الابن يعمل* لوالديه أجره قد يحصل

من غير أن ينقص أجر الابن ذا* إذ هو من كسبهما فحبذا

وهكذا أولاد الاولاد إلى*أن ينتهوا فطالعن المدخلا

أما غير الأبناء وأبنائهم فيكون هذا محل خلاف، ومثل ذلك الحج عن الميت والعمرة عنه عند المالكية والحنفية إنما يحصل له ثواب الدعاء والنفقة فقط، وعند الشافعية والحنابلة يحصل له أجر الحج وقد قال خليل رحمه: "ولا يسقط حج والحج عنه وله أجر الدعاء والنفقة"، فهذه المسألة فيها تحرير لمحل النزاع وهو أن الدعاء والصدقة لا خلاف في وصولهما إلى الميت ممن صدر، سواء كان قريبا أو بعيدا وأن ما سواهما من القربات فيه خلاف، وقد نظم ذلك أحد مشاييخنا حين قال:

أجر الطعام والدعا إن بذلا* للميت لا خلاف في أن يصلا

وما سوى ذلك كله داخل في نطاق هذا الخلاف.

 

موقع الفكر: سيدة تقول "تزوج معي رجل مقيم في إفريقيا فحدث العقد وهو في الخارج ولم يأت إلى موريتانيا وطلقني من هناك دون أن نلتقي فهل علي من عدة أعتدها"؟

العلامة الشيخ الددو: بالنسبة للمطلقة التي لم يدخل بها زوجها فلا عدة عليها إلا من وفاة زوجها فإذا توفي زوجها تعتد من أربعة أشهر وعشر ليال وإذا طلقها فإنه لا عدة عليها لأن الله تعالى قال في سورة الأحزاب ﴿ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ  عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً ﴾. وقال أيضا في سورة البقرة: ﴿لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُۥ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدَرُهُۥ مَتَٰعًۢا بِٱلْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ﴾.

 

موقع الفكر: الخلاف القديم بين الفقهاء حول حكم الماء الذي تقع فيه النجاسة ثم تزول عنه دون زيادة مائية.

يقول محمد مولود بن أحمد فال: "وفيه إن زال التغير بلا... زيد بمطلق خلاف نقلا"

  فما هو المترجح لديكم في هذا الموضوع وما هو حكم مياه المجاري التي تتم تصفيتها باتباع طرق فيزيائية، وليس عن طريق زيادة الماء فما هو الحكم في استخدامها؟

العلامة الشيخ الددو: بالنسبة للماء إذا وقعت فيه نجاسة فالبحث فيه يطول لأنه إما أن يكون كثيرا وإما أن يكون قليلا وإما أن تغيره النجاسة أو لا تغيره، فإن لم تغيره النجاسة وكان كثيرا فلا خلاف في أنها لا تضره وإن كان قليلا ولم تغيره ففيه خلاف، وحد القلة والكثرة مختلف فيه فعند المالكية أنه كآنية وضوء أو غسل كما قال خليل رحمه الله، وعند الشافعية والحنابلة أنه قدر القلتين فصاعدا لحديث القلتين وهو حديث ضعيف، وعند الحنفية ثلاثة أقوال، القول الأول أنه الماء الذي إذا حرك طرفه لم يتحرك طرفه الآخر والقول الثاني إنه إذا شرب منه إنسان ولم يتوقع أن يكون شرب نجسا والقول الثالث إنه عشرة في عشرة في عشرة أي ما دون عشرة في عشرة في عشرة، أي أن تكون البركة في أقل من عشرة أذرع طولا في عشرة أذرع عمقا في عشرة أذرع عرضا، وقد الشوكاني رحمه: "هذه الأقوال كلها ليس عليها أثارة من علم" أما إذا تغير الماء من نجس، أي تغير لونه أوطعمه أوريحه فإن ذلك مؤثر فيه فإذا زال تغير النجس لا بكثرة مطلقا، لا بزيادة ماء فقد استحسن كثير من المالكية أنه يرجع طهورا، ورجح ابن يونس عدم الطهورية لذلك قال خليل رحمه الله "فاستحسن الطهورية وعدمها أرجح" ويدخل هذا في المياه المتغيرة بالنجس أما ما كان خليطا من الأنجاس كما يجتمع في المجاري ففيه ما هو نجس أصلي وما هو متنجس من المياه التي استعملت في الطهارة أو نحو ذلك، فهذا لا يطهر لأن النجس لا يطهر، فالبول حتى لو زال عنه اللون والريح والطعم لا يكون ماء أبدا صالحا للطهر، أما الماء فيبقى فيه هذا الخلاف والاحتياط ألا يستعمل في العبادات كطهارة الحدث و الخبث، وإنما يستعمل في العادات كسقي الزرع ونحو ذلك وحينئذ لا ينجسه لأنه بمثابة السماد والسماد حتى لو كان نجسا فإن الزرع لا يتأثر به، وقد ثبت ذلك عن سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه وأخذ به كثير من أهل العلم.

عموما هذه المسألة فيها خلاف طويل فيما يتعلق بتأثر الشيء وانقلابه وهو يرجع إلى القاعدة المعروفة التي نظمها الزقاق في قوله:

وهل يؤثر انقلاب كعرق*ولين بول وتفصيل أحق

ففي الأمر ثلاثة أقوال، القول الأول إن ما استحال حكمه حكم مادة جديدة وليس حكم المادة القديمة، والقول الثاني أنه يبقى على الحكم الأصلي والقول الثالث أنه يفرق فيه بين ما استحال إلى صلاح فيكون طاهرا وما استحال إلى فساد فيكون نجسا، ونظير هذا الخمر إذا تحجرت أو خللت وكذلك ما عولج بالكيمياء حتى أصبح مادة مستقلة مثل بعض الدهون ونحو ذلك .

 

موقع الفكر: ما هو موقفكم من الخطأ الذي يقع في تقدير المنتجات الزراعية؟

فمثلا في مزرعة للتمر تبين بعد إخراج الزكاة بناء على تقدير وتحكيم أحد الخبراء أن الخطأ وقع في التقدير وأن الكمية أكبر مما قدرها الخبراء وبالتالي فإن الزكاة أكثر مما دفع بناء على التقدير السابق، لكن صاحب المزرعة رفض أداء الزكاة متعللا ببعض الآراء الفقهية لعياض وابن رشد من أن زكاة الكمية الزائدة مستحبة وليست واجبة فما ردكم على ذلك؟

 

العلامة الشيخ الددو: الراجح أنه إذا أخطأ الخارص أن الزكاة واجبة فيما زاد على ذلك لأن الذمة عمرت بمحقق فلا تبرأ إلا به وقد أوجب الله عليه الزكاة في ثمره فإذا أخطأ الخارص في خرصه أو تبين أنه أخطأ في الزيادة فقد أخرج هو الزكاة وليس له أن ينتزعها من الفقراء أو من المصارف، وإذا أخطأ الخارص بالزيادة فإن الراجح وجوب إخراج الزكاة عما بقي وقد حمل بعض المالكية ذلك على ما إذا أخطأ الخارص في النقص فبما أنه لا يسترجع الزكاة من المصارف لا تجب عليه الزكاة كذلك فيما بقي ولكن نظرا لمراعاة الخلاف يتولد القول بالندب وهذه قاعدة المالكية وهي مراعاة الخلاف ومراعاة دليل المخالف ولكن الراجح في ذلك هو وجوب إخراج الزكاة عما زاد عن الخرص.

موقع الفكر: هل الراتب يعتبر نماء فيكون أحد هذه الثلاثة "ربح، غلة، فائدة" أم لا؟

 

العلامة الشيخ  الددو: لا يعتبر الراتب نماء وإنما هو فائدة، فراتب كل شهر فائدة يدخل فيها كل ما يدخل في ضم الفوائد أو استئناف النصاب بها.

موقع الفكر: هل يصح الاقتداء بالإمام عبر القنوات التلفزيونية والإذاعية في صلاة الجمعة وصلاة الفريضة في وقتنا الحاضر؟

العلامة الشيخ الددو: إذا كان البث قريبا لا يتفاوت فيه التوقيت ولا تتفاوت فيه الأركان كما إذا كان الإمام معك في نفس المدينة وكان البث مباشرا فلا حرج في ذلك وبالأخص إذا كانت المساجد معطلة كما هو الحال في فترة جائحة كورونا، أما ما سوى ذلك فالاحتياط الأصل، وهو أن يقتدي الإنسان بالإمام مباشرة والصوت المبثوث في الإذاعة والتلفزيون ليس هو صوت الإمام، كما أن الصوت المسموع بمكبر الصوت خارج المسجد أيضا ليس هو صوت الإمام وإنما نقل الجهاز صوت الإمام فقط.

 

موقع الفكر: هل تواتر القراءات السبع المقررة عن أهل الفن حاصل في كل حرف من حروفها أم التواتر حاصل للقراءة إجمالا دون النظر لآحاد الحروف والطرق والوجوب؟

العلامة الشيخ الددو: بالنسبة لتواتر القراءات السبع لا خلاف في أنها متواترة لكن الخلاف في جزئيات ذلك التواتر وقد نظم ذلك السيوطي رحمه الله فقال:

والسبع قطعا للتواتر انتمى...

وقيل إلا هيئة الأداء*وقيل خلف اللفظ للقراء

ولذلك ما اختلف فيه بين القراءات السبع وما انفرد به قارئ أو راو فيه خلاف هل يدخل في نطاق التواتر أم لا، ولكن الراجح تواتره ومثل ذلك أيضا هيئة الأداء فهي كلها مما اختلف فيه هل هو متواتر أم لا، ولا شك أن حصول الخلاف الكبير في هيئة الأداء بين المدارس وبين المشارقة والمغاربة، وفي هيئة نطق بعض الحروف وقدر المد والغنة، لاشك أنه مما لا يدخل في نطاق التواتر لكن يكون الأصل هو المتواتر ،وما دون ذلك من الإتقان والزيادة ليس داخلا في نطاق التواتر.

 

موقع الفكر: امرأة عزم زوجها على التعدد وهي لا ترضى بذلك انطلاقا من شرط "لا سابقة ولا لاحقة". وهو يقول لها لن أتراجع عن عزيمتي ولن أطلقك إلا إذا طلبت مني ذلك أمك ووكيلك، ولكنه عاود المحاولة مرة أخرى بإعطائها بعض المال مقابل ذلك ورفضت أن تقبل منه شيئا سوى الطلاق ورد عليها سأعطيك الخيار ولن أسمح لك حيث اعتبر أنها "كالعه راصها"، فما حكم تلك السيدة وبم تنصحونها وهل تأخذ الطلاق في ذلك الوقت؟

العلامة الشيخ الددو: لا يحل للمرأة أن تمنع زوجها أو تنشز بمجرد أنه تزوج عليها إذا كان قادرا على أداء حقوقها المادية والبدنية، فإن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الحق للرجل وقد نص على ذلك في كتابه المحكم المتواتر ومن أنكر ذلك فقد كفر كفرا أكبر مخرجا من الملة، ومن زعم أنه مناف للمروءة أو فيه ضرر فقد اتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واتهامه كفر وكذلك اتهام أصحابه والأمة جميعا، وهذه الشروط التي يجعلها الناس في العقود هي مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :"ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله فكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مئة شرط، كتاب الله أصدق وشرط الله أوثق والولاء لمن أعتق"،وكذلك صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :"المسلمون عند شروطهم -أو على شروطهم- إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا"، وهذه الشروط حرمت حلالا فهي باطلة لا اعتبار لها وقد عقد مالك رحمه الله في الموطأ بابا سماه:"باب ما لا يجوز من الشروط في النكاح"،وذكر فيه عن سعيد ابن المسيب أن المرأة إذا شرطت على زوجها ألا يخرجها من دارها أو بلدها، قال سعيد "يخرجها إن شاء" وقال مالك "الأمر المتفق عليه عندنا أن المرأة إذا شرطت على زوجها وإن كان ذلك عند عقدة النكاح فإن ذلك ليس معتبرا إلا إذا كان هو حلف على ذلك بيمين فحينئذ يلزمه ما حلف به، والمرأة التي تؤمن بالله واليوم الآخر تتقيد بالشرع وتعلم أن القدوة والأسوة هو محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار الذين قال الله فيهم "فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا"، وأن مجرد عادات المجتمعات في غير ذلك مجرد الحمية الناشئة عن مجرد عادة في المجتمع، فذلك لا خير فيه ولو كان فيه خير لسبقنا إليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخلفاؤه الراشدون المهديون وأهل بدر وأهل بيعة الرضوان، وسلف الأمة الصالح فلذلك لا اعتبار لهذا ولا يجوز لها أن تطلب منه الطلاق وليس هذا ضررا شرعيا إذا كان قادرا على ذلك ،إلا إذا علمت أنه غير قادر على ذلك بدنيا أو ماديا فحينئذ لا يحل له هو الإقدام على ذلك، ويكون عاصيا إذا فعل ولها حينئذ أن تسأله الطلاق لأن ذلك فيه إدخال ضرر عليها.

 

موقع الفكر: هل يجوز الاقتراض من البنوك لموظف يريد التجارة وتوسيع الحال علما بأن البنك يعطيه بضاعة ويأخذ منه أقساطا من الراتب لعدة سنوات؟

العلامة الشيخ الددو: الاقتراض من البنوك لا يكون مباحا أبدا لأن الاقتراض معناه السلف والسلف إذا كان بزيادة فهو ربا لكن يجوز المعاملة مع البنوك بصفقة شرعية ليست اقتراضا وإنما هي مرابحة أو مرابحة للآمر بالشراء أو استصناع أو سلم،أو غير ذلك من العقود الجائزة، وهذا أمر جائز سواء أراد به التجارة أو أراد به شراء سيارة أو بيتا أو بناء أو غير ذلك من المشاريع، ويقضيه أقساطا كما هي عادة البنوك في تقسيط مثل هذه الديون.

 

موقع الفكر: في زكاة حلي المرأة خلاف هل يزكى أم لا؟ أي القولين أصح؟ وإذا كان فيه زكاة فكيف ذلك؟

وهل يأثم الزوج إذا لم تزك الزوجة حليها وهو من اشتراه لها؟

العلامة الشيخ الددو: الحلي الذي تلسبه المرأة ولو يوما واحدا في السنة لا يجب عليها زكاته في الراجح أما الحلي غير الملبوس الذي يدخر لعاقبة الدهر أو هو مكسور ولم يعد مستعملا، فهذا مال يزكى وزكاته لا يلزم أن تكون من عينه بل إذا كانت لديها قلادة تصل إلى عشرين دينارا من الذهب فإنها تخرج عنها المبلغ المخرج وهو اثنان ونصف في المئة، تخرجه من الذهب أو من النقود ولا يلزم أن يكون من نفس القلادة، ولا يأثم الزوج إذا لم تزك الزوجة فإذا أمرها بذلك وهو قادر عليها بل يخرج هو الزكاة وحينئذ تسقط عنها المطالبة الدنيوية ويبقى أنها إذا امتنعت هي عن الزكاة فيما تجب الزكاة فيه وأخرج زوجها عنها الزكاة فيبقى الإثم عليها هي، ومن أخذت منه الزكاة بالإكراه تسقط عنه في خطاب الدنيا لكن لا تسقط عنه في خطاب الآخرة.

 

موقع الفكر: سيدة لديها مصحف وتأخذ قلما لتخط به على بعض المواضيع والأمور المتشابهة فهل هذا يجوز مع العلم أنها قامت بذلك من أجل الاستفادة والبحث؟

العلامة الشيخ الددو: إذا كان الإنسان يقرأ في المصحف ويشير إشارات في الهوامش بقلم الرصاص مثلا على بعض الآيات أو بعض المتشابهات فلا حرج في هذا إذا كان هو يملك المصحف لأن هذا من الانتفاع به والاستفادة منه، لكن إذا لم يكن المصحف مملوكا له كإن كان لغيره أو كان وقفا لا يجوز له فعل ذلك.

 

موقع الفكر: ما هي ضوابط السكن وطلب العمل في دول النصارى؟

العلامة الشيخ الددو: الهجرة إلى بلاد الكفر لطلب الرزق إذا كان الإنسان يأمن على نفسه ودينه وأخلاقه وأهله وأولاده، ويجد معشرا من المسلمين يصلي معهم وإذا مات جهزوه وصلوا عليه فلا حرج في ذلك، لأن الدار حينئذ ليست دار كفر متمحضة لوجود المسلمين فيها، وقد قال الماوردي من الشافعية "إنه حينئذ قد أصبحت الدار دار إسلام بمجرد أن يأمن الإنسان على نفسه أو يستطيع إظهار شعائر دينه"، ونقل عنه ذلك الحافظ ابن حجر مستحسنا له ولكن لا يجعلها ذلك دار إسلام وإنما بحسب أكثرية السكان تعتبر الدار، أما إذا كان الإنسان سيهاجر إلى بلد لا يأمن فيه على نفسه ولا على دينه كالمرأة التي تهاجر مثلا إلى فرنسا ويفرض عليها كشف الحجاب وكشف رأسها وكذلك الأولاد الصغار الذين إذا سافروا إلى الغرب يكون ذلك مدعاة لفساد دينهم وضياعهم لأنه إذا أدبهم الأب أو الأم فستأخذهم الدولة بالغصب وتقوم بتربيتهم تربية أخرى، فحينئذ لا يذهب الأولاد الصغار ولا النساء إلى تلك البلاد وإنما يذهب الرجل الذي يأمن على نفسه وماله وإقامة دينه وأخلاقه وشعائره فيبقى مدة ليست طويلة وينازل فيها المسلمين ويزور المراكز الاسلامية ويصلي فيها الجمعة والجماعات، أما النهي عن البقاء بين المشركين الذي جاء في الحديث "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين حتى لاتَرا آى نَارَاهُمَا" الخ. فالمقصود به إذا أسلم الانسان وبقي مع الكفار الذين أسلم بينهم، وليس المقصود بذلك إذا كان الانسان أصلا مسلما وقد تعلم أحكامه وعرف فرائضه ثم يذهب لطلب الرزق أو للدراسة أو العلاج أو غير ذلك.

 

موقع الفكر: سائل يسأل عن حكم رمي النقود أثناء المناسبات الاجتماعية على الفنانين الذين لا يستخدمون المزمار؟

العلامة الشيخ الددو: لم أعرف المقصود بالضبط لكن إذا كان المقصود إعطاء مال أو نثره ليتنازعه الناس أو ليأخذه الذين يقيمون هذا اللعب، فهذا في الغالب من إضاعة المال، أما إذا أعطى ذلك المال لأشخاص منشدين لينشدوا ويقومون بلعب جائز ليس فيه محظور شرعا فيعطيهم المال دون نثر ولا رمي، فذلك لا شيء فيه أما إذا كان اللعب محرما بما فيه من كشف العورات او الاختلاط المذموم أو ما كان بالموسيقى أو غير ذلك فلا يجوز حضوره ولا سماعه ولا أخذ أجرة عليه.

 

موقع الفكر: نشكركم على هذه الحلقة المتميزة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.