رئيس المجلس الجهوي للحوض الغربي لموقع الفكر: وظيفة الجهات تخفيف الأعباء عن الحكومة حتى تتفرغ للتخطيط والتوجيه

قال رئيس المجلس الجهوي لجهة الحوض الغربي ختار الشيخ أحمد إن الهدف من إنشاء المجالس الجهوية هو تخفيف الأعباء عن عن الدولة حتى تتفرغ للتصميم (التخطيط) والتغيير لسياسة البلد، على أن تتولى هذه المجموعات المحلية ذات المجال الواسع مقارنة بالبلديات التنمية الجهوية الشاملة فهذا هو مضمون المادة الأولى من القانون، والتي تنص على أن دور الجهة هو تطوير التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرقمية  والاقتصادية في الولاية.

ووصف ولد الشيخ أحمد المجالس الجهوية مقارنة مع البلديات بأنها مرحلة أعلا من البلديات، حيث من الضروري وجود هذه المستويات من اللامركزية كما توجد لدينا مستويات متدرجة في التعليم ابتدائية وثانوية وعالية..

ورأى ولد الشيخ أحمد في مقابلته هذه مع موقع الفكر ألا تعارض بين المجالس الجهوية ومجلس الشيوخ؛ ذلك أن الجهات تعتبر وظيفتها تنفيذية في حين أن مجلس الشيوخ جهة تشريعية، فلكل منهما مساره المختلف.

وهكذا تحدث رئيس المجلس الجهوي للحوض الغربي في هذا المقابلة الموسعة عما أنجزه خلال ما سلف من مأموريته في رئاسة المجلس الجهوي، حيث رمم عديد المدارس الثانوية والإعدادية ،وقام ببعض من فك العزلة عن بعض المناطق.. الخ.

إلى غير ذلك من الموايع التي تطالعونها في هذا الحوار مع رئيس المجلس الجهوي للحوض الغربي ختار الشيخ أحمد فإلى المقابلة:

 

 

موقع الفكر: في البداية نود منكم تعريف المشاهد بشخصكم الكريم؟

ختار الشيخ أحمد: شكرا جزيلا! بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين اسمي ختار ولد الشيخ احمد.

المهنة الأخيرة إداري مدني موظف من موظفي وزارة الداخلية تقاعدت منذ قرابة خمس عشرة سنة؛ عملت سابقا جيولوجيا بشركة سنيم (SNIM) فترة من الزمن ثم التحقت بالمدرسة الوطنية للإدارة وتخرجت منها إداريا مدنيا وبدأت العمل الإداري واليا مساعدا بولاية آدرار ثم كيفه، كما عملت حاكما بمقاطعة بار كيوَل بآفطوط لسبعة أو ثمانية أشهر بعدها عملت بديوان وزارة الداخلية، حيث مررت بأغلب الإدارات التابعة له، وكان لي شرف الإشراف على بداية اللامركزية و ما رافقها من تقطيع إداري و إنشاء للبلديات و تنظيم انتخاباتها، فقد عايشت ميلاد اللامركزية في موريتانيا وحضرت إنشاء هذا الجيل من البلديات، كما عايشت حيثيات فشل أو إفشال التجربة البلدية، و المسار الذي سارت فيه الأمور حتى تم إفشال هذا الجزء من اللامركزية  المتعلق بالبلديات في تلك المرحلة،  وأعرف الأسباب التي أدت لذلك و المطبات التي واجهتها التجربة البلدية، ثم إنني حظيت بعد ذلك بانتخابي عمدة برهة من الزمن ببلدية ريفية نائية وهو ما مكنني من الاطلاع على الجانب الآخر من الصورة حيث اطلعت عليها من زاوية المنتخب المعايش للمشاكل اليومية للمواطن، و ليس من زاوية المشرف أو الإداري الحكومي؛ وبالتالي فمجال اللامركزية هو اختصاصي طوال فترة عملي في وزارة الداخلية، وبعد وزارة الداخلية، التحقت بالجمعية الوطنية في أول، مأمورية لها سنة 1992م. وكنت رئيس لجنة الداخلية و الدفاع والعدل ثم خرجت من الجمعية الوطنية إلى الحكومة حيث كلفت آنذاك بملف إصلاح الحالة المدنية فأنشأت كتابة الدولة للحالة المدنية وقضيت بها أربع سنوات، وبعد فترة قضيتها خارج العمل الحكومي عينت واليا لولاية لبراكنة، وقبل ذلك عينت واليا بولاية إينشيري عقب فترة عملي بديوان وزارة الداخلية.

وبعد ذلك عينت مديرا لشركة سوكوجيم لمدة سنتين ومنها تقاعدت سنة 2005م.

وبعد ذلك بدأت العمل البلدي، حيث انتخبت عمدة لبلدية لحريجات الريفية، وشغلت منصب عمدة هذه البلدية مدة اثنتي عشرة سنة، حتى انتحبت رئيسا للمجلس الجهوي لولاية الحوض الغربي.

موقع الفكر: هل صحيح أنكم في المجالس الجهوية لم تتسلموا الميزانيات ولا الصلاحيات حتى اللحظة؟

ختار الشيخ أحمد: هذا صحيح بالنسبة للصلاحيات، أما الميزانيات فقد استلمنا منها شيئا لكنه دون المأمول، ولا يبلغ ما كنا نتصور أنه كفيل بتمكيننا من النهوض بالمهام التنموية ذات الاختصاص؛ لكن الإشكالية ليست إشكالية ميزانيات و لا صلاحيات، الإشكالية هي فهم لماذا المجاس الجهوية، ولماذا اللامركزية.

وهذا المفهوم، مالم يستوعبه الجميع و يصبح هدفا لدى الجميع إدارة و مواطنين، فلن يكون للميزانيات ولا للصلاحيات أية نتيجة أو مردودية، وذلك لغياب الهدف المنشود. على الحكومة الموريتانية و المواطن و علينا كمنتخبين أن ندرك المقصود بمفهوم اللامركزية، فاللامركزية لديها غرضان أساسيان مالم يتغلغلا في ثقافة المواطن و الإدارة سيظل هناك نقص كبير و اختلال.

الهدف الأول هو تمكين المواطن من المشاركة في الرقابة على تسيير البلد في مختلف مراحل الإدارة تصميما و تنفيذا و تفتيشا، (le contrôle de citoyen) و الطريقة المناسبة لهذا التمكين هو انتخاب مجالس جهوية تعمل معها الإدارة وتشركها في الرأي حيث تكون هذه المجالس أدرى بمصالح الجهة و أقدر على تحقيقها حيث أن أعضاء هذه المجالس ينتمون للجهة ويحرصون على مصالحها و تنميتها.

الدور الثاني لهذه الجهات هو التأثير لصالح التوزيع العادل لميزانيات الاستثمار الحكومي بين الجهات، ذلك أنكم تلاحظون –مثلا- من خلال متابعة الإعلام العمومي تركز المشاريع و الاستثمارات الحكومية  التنموية في جهتين أو ثلاث في حين أن سائر جهات الوطن الأخرى تبقى محرومة ومقصية في الغالب..

فوظيفة الجهات هو أن تؤثر على العمل الحكومي حتى توزع ميزانيات الاستثمار وبرامج الحكومة على مختلف الجهات حسب السكان والمجال  والحاجة لتتحقق العدالة في توزيع خيرات البلد و يكون النمو شاملا لجميع جهات الوطن ويشمل كافة المواطنين. فإذا ظل العائد الاستثماري و \العمل الحكومي بمختلف برامجه وموارده محصورا في منطقة واحدة فستنمو هذ المنطقة لكن بقية البلد ستبقى دون نمو.

ورجوعا إلى سؤالكم أخشى أن المسار المتخذ الآن مع المجالس الجهوية هو نفسه الذي تم اتخاذه مع البلديات من أجل إفشالها، فإلى حد الآن لاتزال هذه قناعتي لأني كنت شاهدا على مختلف مراحل المسار الذي تم من خلاله إفشال البلديات حيث أنه اليوم وبعد ثلاثين سنة من التجربة البلدية الجميع يدرك أن البلديات ليس لها دور ولا إمكانيات ولا صلاحيات للقيام بأي شيء فليس للبلديات أي دور أكثر من عنصر ديكوري للعمل الإداري حيث يطلب حضور العمدة ليكون جزء من الصورة الإعلامية لقرارات وبرامج حكومية جاهزة لا أكثر.

 هذه قناعتي..

موقع الفكر: ما دام أن البلديات فشلت أو جرى إفشالها، لماذا نتوجه إلى مستوى أعلى ضمن سلم اللامركزية وهو المجالس الجهوية؟

ختار الشيخ احمد: هذا سؤال مهم ومن الجيد أنك طرحته وهو من الأسئلة التي يتداولها الرأي العام ويطرحه كثير من الناس، وهذا يوحي بأن كثيرا من مثقفي ونخب البلد التي تطرح هذا السؤال لم يكلفوا أنفسهم عناء معرفة اللامركزية و الاطلاع عليها و القراءة عنها؛ هذا السؤال يشبه تماما أن تقول أنه مادام تعليمنا الأساسي فاشل و ومترد فلماذا نستمر في فتح الجامعات و نبقي عليها تعمل.

الدور مختلف البلدية لديها أدوار ليست أدوار الجهة؛ أدوار الجهة اليوم تمارسها الحكومة وليس البلدية و المراد اليوم هو أن تخفف الجهات العبء عن الحكومة إن قبلت ذلك حتى تتفرغ للتصميم (التخطيط) والتوجيه والتغيير لسياسة البلد وتتولى هذه المجموعة المحلية ذات المجال الواسع مقارنة مع البلدية حيث يمكن للجهة أن تنجز في هذا المجال ما لا يمكن للبلدية أن تنجزه،  نتيجة ضيق المجال الحضري لهذه الأخيرة والذي يعيق تحقيق الخطط التنموية الناجحة علاوة على عدم قدرة البلدية على رصد الموارد الكافية لتنفيذ هذه الخطط على نحو يحقق تنمية جهوية شاملة وهو الدور الذي ينتظر أن يضطلع به المجلس الجهوي وهذا هو مضمون المادة الأولى من القانون والتي تنص على أن دور الجهة هو تطوير التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرقمية  والاقتصادية في الولاية. أما دور البلدية فهو دور خدماتي محض، لديها 14 أو 15 مجالا للتدخل نص عليها القانون، فالبلدية تتدخل في التعليم الأساسي في تنظيم الأسواق  النظافة والجهة لا تتدخل في هذا المجال. بمعنى أنه إن لم توجد الجهة (المجلس الجهوي) فلن يكون هناك تخطيط و توجيه لتنمية المنطقة فهذا دور الجهة وليس دور البلدية ولا صلاحياتها؛ وإذا وجدت الجهة ولم توجد البلدية فلن تكون هناك خدمات قاعدية فنحن إذا نحتاج إلى التعليم الابتدائي و التعليم الثانوي و التعليم العالي ولا يعني ضعف أو تدهور أحد هذه المراحل أن نلغي المراحل الأخرى.

موقع الفكر: ما هو الأولى في رأيكم إعادة مجلس الشيوخ أم التسريع بوتيرة تفعيل المجالس الجهوية؟

ختار الشيخ احمد:  نحن مشكلتنا الكبرى أن الطبقة السياسية التي تحكم البلد وتسيره بما فيها أنتم الاعلاميين حيث تسيرون الرأي العام، ليست لديها ثقافة ولا تكوين حول  الدولة وعملها، أغلب المسؤولين اليوم في موريتانيا كانوا خبراء في اختصاص معين ثم تم استدعاؤهم وتعيينهم مديرين أو وزراء  أو مستشارين  دون أن يتلقوا أي تكوين في مجال عمل الدولة وفي المدارس التي تكون الفرد وتكسبه ثقافة الدولة.

فماهي علاقة مجلس الشيوخ بالمجالس الجهوية؟ ليست بينهما أي علاقة.

موقع الفكر: لكن في الذاكرة المحلية هناك ارتباط بينهما حيث تم إلغاء مجلس الشيوخ وإنشاء المجالس الجهوية؟

ختار الشيخ احمد: أنا أفهم الربط، نعم حدث ربط سياسي بين حل مجلس الشيوخ وأنشاء مجالس جهوية وتم توظيف ذلك حتى يفهم أن المجالس الجهوية ستلعب أدوارا أهم من التي يلعبها مجلس الشيوخ. لن أتناول الغرض السياسي من هذا الربط حديثي حول الناحية القانونية المحضة وتوزيع مهام وصلاحيات الدولة؛ المجالس الجهوية جزء من السلطة التنفيذية، ومجلس الشيوخ جزء من السلطة التشريعية. مجلس الشيوخ كان له دور لم يكن يمارسه وقد يربطه بالمجالس الجهوية وهو أنه يمثل المجموعات المحلية في البرلمان حيث أنه يتم انتخابه من طرف البلديات والمجالس المحلية وأن عليه مهمة تعزيز اللامركزية و الدفاع عنها وترسيخها هذا الدور حسب رأيي لم يقم به مجلس الشيوخ ولم يكن يوليه أي اهتمام الخلاصة أن مجلس الشيوخ و المجالس الجهوية مؤسستان غير متعارضتان و لا تلعب إحداهما دور الأخرى، حتى نعقد مقارنة أولوية أو أفضلية بينهما، فقد تطرق لهما الدستور وحدد أدوارهما التقليدية في كل الدول،. فبعض الدول برلمانها يكون من غرفتين وإيجابيات ذلك واضحة وبعضها يقتصر على غرفة واحد لسهولة وسلاسة التعامل معها؛ هذا ما لدي في هذا الصدد، فليست هناك علاقة بين مجلس الشيوخ والجالس الجهوية .

موقع الفكر: ماذا قدمتم، خلال ثلاث سنوات من العمل الجهوي؟

ختار الشيخ احمد: سأجيبكم لكني أعتقد أن السؤال الذي ينبغي أن يطرح أولا هو ما الذي قامت  به الحكومة من خلال المجالس الجهوية؛ لأن المجالس صممت أصلا من أجل  أن تمدها الحكومة بالصلاحيات  وتوفر لها من ميزانية الدولة  ما يمكنها من القيام بمهمتها في التنمية المحلية، كثير من الصلاحيات التي تحتفظ بها الحكومة اليوم هي صلاحيات لم يعد من المناسب أن تمارسها؛ لأن أي حكومة أو إدارة تمارس اليوم صلاحيات نص القانون على أنها من صلاحيات المجالس الجهوية فهي تمارس صلاحيات غير صلاحياتها. هذه الصلاحيات هي صلاحيات ذاتية للجهات بنص القانون وعلى الحكومة أن تراجع القانون وتتخلى عن الصلاحيات التي أوكلها القانون لجهات أخرى. و نضرب لهذا مثلا حتى تتضح الصورة الحكومة كانت تنظم الانتخابات وتتولي الاشراف المباشر عليها، وكان هذا من صلاحيات الحكومة؛ اليوم أصبحت هناك لجنة مستقلة للانتخابات هي المسؤولة، فكفت الحكومة تنظيم الانتخابات لأن القانون نص على أن تنظيم الانتخابات لم يعد من صلاحياتها. وبالتالي فالصلاحيات التي نص قانون عضوي على انتقالها إلى المجال الجهوي يجب على الحكومة أو الإدارة أن تحترم القانون وأن تتركها للجهة ذات الصلاحية والاختصاص صلاحيتها واختصاصها. هناك ما يسمى بالصلاحيات المحالة، فالصلاحيات التي تمتلكها الحكومة يمكن أن تقرر إحالة جزء منها للمجالس الجهوية أو البلديات إن رأت أن تسييرها محليا أو جهويا أفضل.

وهنا أود أن أتحدث عن خطأ و التباس وهو أن الإدارة أو الحكومة تقول نحن نريد أن نقرب الخدمات من المواطنين ونعتمد اللامركزية فتقوم بإنشاء إدارات ومصالح تابعة لها في المناطق المستهدفة، هذا ليس هو اللامركزية؛ اللامركزية ليست إنشاء إدارات ومصالح حكومية في الداخل و مدها بالوسائل، لأن هذا كله ضمن الجهاز الحكومي؛  اللامركزية هي تخلي الدولة عن جزء من صلاحياتها لصالح مجال منتخب شعبيا أي لصالح المواطن، هذا هو اللامركزية أما إعطاء صلاحيات لمصالح أو إدارات  جهوية فهذا ليس هو اللامركزية.

المجالس الجهوية حتى  اليوم  عكفت على مرحلة الميلاد، ونقول إنه بفضل  المجهود والعناية التي أعطاها فخامة رئيس الجمهورية وهذه العناية لم نلمسها إلا من رئيس الجمهورية، فلم نلمسها عند الحكومة ولا عند الإدارة المحلية ولا عند الادارة المركزية ولا عند البرلمان ولا حتى المواطن عند الاحزاب السياسية و التي ينتظر منها تكون حريصة على أن تحصل المجالس الجهوية على الصلاحيات و الإمكانيات حتى تنشأ تنمية محلية فعلية، فهذا دور منتظر من السياسيين والاحزاب السياسية، لكن هذا ليس مهما بالنسبة لهم؛ ما يهمهم هو معنى أو قيمة يحصلون هم كرؤساء أحزاب أو قيادات أحزاب أو تعامل معهم أو عناية بهم هذا ما يعتبرونه مهما ومفيدا؛ أما أن تهتم الدولة بالتنمية المحلية أو بالمنتخبين المحليين فهذا لا يهمهم.

إذن هذه العناية التي يوليها فخامة رئيس الجمهورية للمجالس الجهوية كانت نتيجتها أن المقرات أصبحت على وشك الاكتمال، و أن المجالس الجهوية طيلة السنوات الماضية حصلت على اعتمادات مالية للتسيير وفي السنة الأخيرة 2021 حصلوا على اعتمادات للاستثمار صحيح أنها اعتمادات محدودة جدا لكنها حصلت و نعتبر أنها إن شاء الله  ستكون بداية.

ونحن في المجلس الجهوي لولاية الحوض الغربي قررنا إعطاء الأولية في ميزانية الاستثمار لصالح  ترميم وإصلاح مباني  التعليم الثانوي، وقد لاحظنا أنه مما يربو على خمس عشرة سنة لم تتم أي صيانة أو تعديل أو توسعة لهذه المباني؛ واليوم في الوقت الذي أتحدث فيه معكم الآن لم تبق مؤسسة للتعليم الثانوي على مستوى ولاية الحوض الغربي إلا استفادت من هذه الأشغال ما بين  ترميم وصيانة.

موقع الفكر: كم عدد هذه المؤسسات؟

ختار الشيخ احمد: تقريبا هي في حدود اثنتي عشرة مؤسسة إعدادية وثانوية، تم ترميمها وتوسعتها وإصلاح الأضرار التي تعاني منها والعمل على وشك الانتهاء نتوقع أن يكتمل خلال أسبوع. ولم يتطلب هذا العمل  كثير وقت  ولا كبير تكلفة.

موقع الفكر: كم كانت كلفته؟

ختار الشيخ احمد: كلف تقريبا مائة مليون، وصفقاته أعطيت لمقاولين محليين ونفذوا الأشغال في الوقت المناسب. بالنسبة لثانوية لعيون وإبان شروعنا في أعمال صيانتها وترميمها، أجريت اتصالات مع وزير التهذيب الوطني و أشعرته بالأمر فأخبرني بأنها كانت ضمن خطتهم من خلال تكليف وزارة الاسكان بأعمال الترميم لكن في حال قررتم في المجلس الجهوي القيام بهذه المهمة فسيكون ذلك أفضل و أسرع، شرعنا في العمل وأرسل إلينا السيد الوزير مهندسا فحضر وأشرف معنا -جزاه الله خيرا- على الأشغال؛ وبعد اكتمال العمل، جاءتنا بعثة من وزارة الإسكان لاتزال في مرحلة الدراسة الأولية  للموضوع.

موقع الفكر: هذه البعثة لم تكن على علم باكتمال العمل؟

ختار الشيخ احمد: لم تكن على علم بالأمر لأن لديها صلاحيات أكثر من اللازم، فالوزارة أي وزارة الاسكان مكلفة وأجهزتها مكلفة ببناء و تشييد جميع مباني الدولة على مستوى التراب الوطني بينما كان المفروض أن تقتصر صلاحياتها على تحديد السياسة العامة للقطاع فالوزارة في نفس الوقت تعمل كوكالة تنفيذ مشغولة بالمتابعة و الرقابة والصفقات فهذا هو ما يعطل عمل الحكومة دائما؛ ذلك أن الوزارات تحولت من وزارات تهتم بالسياسات العامة و الاستراتيجيات إلى وكالات تنفيذ.

أنت تشاهد اليوم في التلفزيون وزيرا يشرف على فتح حنفية عامة أو قسم سيتم تدشينه أو يضع حجره الأساس هذا ليس دور الوزارات ولا دور الحكومة لكن الإدارات المحيطة بالوزير لا تريد له أن يتخلص أو يتخلى عن  هذه المهام و الأدوار الجزئية لأنها عاجزة عن المشاركة في التخطيط ووضع الاستراتيجيات وتصميم السياسات العامة وبالتالي تريد أن تحتفظ بهذا العمل التنفيذي اليومي

 

موقع الفكر: ما لمجال الثاني الذي اشتغلتم عليه بعد التعليم؟

ختار الشيخ احمد: المجال الثاني هو لمياه

الفكر: هل وصلكم مشروع آفطوط؟

ختار الشيخ احمد: نعم وصل اليوم، الماء ولم يبدأ توزيعه لأن الشبكة لاتزال غير جاهزة تماما لكن قريبا ستنتهي أعمال تجهيز الشبكة ويبدأ توزيع المياه. إذا، نظرا لوضعية هذه السنة الرعوية، قرر المجلس الجهوي أن يهتم بالمنمين، وأن يقوم ُبتجهيز آبار رعوية، في الأماكن التي فيها مراعي (آبار سطحية) وأن يدعمها بمضخات، وكذلك جهزنا آبارا ارتوازية بئر في "كوبني" وأخرى في "كوكي الزمال"، عمق الواحد منهما 60 مترا، وقد أصبحا جاهزين، وقد كان الماء عذبا، وبالمناسبة كنت أحب أن أنوه إلى أن "كوكي الزمال" التي تم حفر البئر الارتوازي فيها، هي بوابتنا على غرب إفريقيا، ومنها ينطلق طريق معبد إلى مالي و ساحل العاج وبوركينا فاسو وبنين وتشاد... وقبل أسبوعين أو ثلاثة لم يكن في هذه المنطقة ماء ولا كهرباء.

فالمواطنون أو الأجانب الذين يريدون الدخول إلى الأراضي الموريتانية ينتظرون أن يشغل لهم مولد الكهرباء، حتى تستخرج لهم التأشيرة، وعلى الجانب الآخر في "مالي" كل المرافق مجهزة على أفضل وجه لاستقبال الناس، ونحن في "كوكي" لا ماء ولا كهرباء.

موقع الفكر: هل ولاية الحوض الغربي تشملها تغطية الكهرباء؟

ختار الشيخ احمد: لا؛ أبدا، غير مغطى بالكهرباء، العاصمة بها كهرباء، وكذلك "كوبني" و"الطينطان" و"تامشكط" ، ورغم أن "كوكي" يبعد  18 كلم. فقط عن "كوبني"، إلا أنها بلا كهرباء، وكان من الممكن أن يُمدوها بالكهرباء من مدينة "كوبني"، ولكن لا يجود أي اهتمام من أي كان.

موقع الفكر: هل من إنجازات أخرى؟

ختار الشيخ أحمد: نعم، النقطة الثالثة التي تدخلنا فيها هذا العام؛ هي فك العزلة عن بعض القرى التي يتعذر الوصول إليها في موسم الأمطار بسبب السيول، ولا أذكر عدد القرى المستفيدة من فك العزلة، مرة يكون الطريق مقطوعا عن منطقة كاملة، ونقوم بإصلاحه حتى تستطيع السيارات المرور بسرعة، وقد قمنا بإصلاح ثلاثة طرق، والبرنامج فيه إصلاح طريق آخر كبير، لكن دراستها لم تنته بعد.

موقع الفكر: هل أصبحت وزارة الإسكان تقوم بعمل سوكوجيم؟.

ختار الشيخ أحمد: لست مطلعا كثيرا على العمل الحكومي، ولا أعرف من يقوم بعملها، وفي الفترة التي كنت فيها مديرا لشركة سوكوجيم كانت توجد وزارة للإسكان وكانت تقوم بعملها مركزيا، لكن سوكجيم كانت تقموم بعملها في نفس الوقت، وهذا تقليد في الإدارة الموريتانية اعتيد عليه بهذه الصفة.

موقع الفكر: الأحياء التي تتبع في الأصل للدولة كسوكوجيم، ومدينة 3 ومدينةR، هل مازالت ملكا لها؟ أم أنها أصبحت ملكا لخصوصيين؟

ختار الشيخ أحمد: لا أدري هل تم بيعها، أم تخلت عنها الدولة، وآخر عهدي بها، وحسب ما لدي من معلومات أنها كانوا ملكا للدولة، وتم إنشاؤها برنامجا للموظفين، يسكنها الموظفون البسطاء مثل البوابين والسكرتاريين...الخ.

موقع الفكر: ما هي مهام سوكوجيم؟

ختار الشيخ أحمد: سوكوجيم تغير اسمها إلى اسم آخر، ومهمة سوكوجيم في الأصل هي مساعدة العامل في الحصول على سكن، حيث تمنحها الدولة القطع الأرضية، وتستصلحها، وتهيؤها، ويوجد لديهم تصميم لشكل من المباني اقتصادي، توضع له دراسة وما يتعلق به، ولديها حسابات للموظفين، من أراد فتح حساب لديها يقوم بفتحه، ويدخر فيه، وعلى حسب مدخرات الموظفين، تعرض عليهم سوكوجيم المباني التي أنهت بناءها، فإن شاء أخذ واحدا من تلك المباني، وتقتطع سوكجيم ثمنه من حسابه المدخر لديها وما بقي عليه من ثمنها يقوم بدفعه إليها على أقساط على فترة من الزمن، وتمثل هذه العملية تسهيلا للموظفين والمواطنين يمكنهم من الحصول على السكن.

 

 

موقع الفكر: ما أسباب فشل المجالس المحلية؟

ختار الشيخ أحمد: الرئيس ختار الشيخ أحمد: السبب وراء فشل المجالس المحلية كما قلت لك هو أن الصلاحيات مرتبطة بوجود الوسائل التي تمارس بها هذه الصلاحيات، فإذا لم تكن الوسائل موجودة فلا جدوى حينئذ من إسناد الصلاحيات. فالسبب الرئيسي إذا هو انعدام الوسائل التي يتم بها تنفيذ الصلاحيات والحكومات لم تقبل التخلي عن هذه الموارد العمومية الموجودة أو البعض منها لصالح هيئات اللامركزية من أجل القيام بهامها، وهذه المجموعات المحلية إذا لم تجد الوسائل فلن تستطيع العمل ومصيرها إلى الفشل.

 

موقع الفكر: سبق وأن توليتم إدارة الحالة المدنية، فما ردكم على الانتقادات الموجهة إلى إحصاء 1998 وأنه لم يكن شاملا؟

 ختار الشيخ أحمد: بعض هذه الانتقادات عار عن الصحة، ذلك أن من لم يشملهم الإحصاء إما أنهم لم يريدوا المشاركة في الإحصاء آنذاك، أو سجلوا في الإحصاء وأرادوا التحايل على البيانات فيما بعد فعمدوا إلى التشكيك من أجل تحقيق مآربهم، لكن الأكيد أن شروط الإحصاء تم توفيرها للناس وتم اتخاذ جميع الإجراءات ليكون إحصاءً شمالا.

 

الفكر: ما الذي يميز إحصاء 1998 عن غيره؟

ختار الشيخ أحمد: كان إحصاءً طبيعيا، وكان الغرض منه هو إنشاء حالة مدنية، وهو الذي وضع الأسس للحالة المدنية الموجودة حاليا، وكانت تلك الإرادة حاضرة عندنا خلال العمل عليه، فحين دعاني الرئيس الأسبق معاوية بن سيد أحمد الطايع عبر لي أنه خلال خطاب التنصيب الرئاسي لم يلتزم للشعب الموريتاني إلا بالتزام واحد، وهو إصلاح الحالة المدنية، وأنه يود أن أتولى إدارة هذا الملف لما سمعه عني من كوني متخصصا في مجال الإحصاء، فقبلت ما تم تكليفي به.

 

الفكر: هل كان الرئيس الأسبق معاوية يتدخل في عملكم لجنة مكلفة بالإحصاء؟

 ختار الشيخ أحمد: أولا أود أن أقول لك إن التداخل بين الصلاحيات ظل على مستوى الوزارات والإدارات والمصالح وغيرها ولم يبلغ مستوى الرئاسة إذ ذاك، فرئيس الجمهورية لديه كل الصلاحيات فهو الوحيد الذي انتخبه الشعب الموريتاني، ولذلك فما من وزير أو مدير أو والِ أعطيت له صلاحيات إلا بأمر من رئيس الجمهورية، وعلى ذلك الأساس إذا تدخل الرئيس في أي صلاحيات فله كامل الحق إذ هي في الأصل صلاحياته هو. فالصلاحيات إذا تم منحها لشخص فلا يمنع ذلك من تدخل مانح هذه الصلاحيات الأصلي، وبالرجوع إلى سؤالكم فالرئيس معاوية كان مستقيما في ذلك، وكان لا يتدخل لأحد فيما أسند إليه من مهام.

 

موقع الفكر: لما أقالكم الرئيس الأسبق معاوية ؟

الرئيس ختار الشيخ أحمد: لا أدري، ربما عليك توجيه السؤال إليه هو.

 

موقع الفكر: كم كانت المدة التي قضيتم في إدارة الإحصاء؟

ختار الشيخ أحمد: أمضيت أربع سنوات، فقد بدأت فيها من شهر يناير سنة 1993 ومكثت بها إلى نهاية سنة 1996 أو 1997.

 

الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم في موريتانيا؟

الرئيس ختار الشيخ أحمد: بخصوص التعليم، عندي كلمة في هذا الموضوع يمكنك بعدها أن تستخلص موقفي منه.

لم أحضر للأيام التشاورية التي أقيمت في الجهات وغيرها حول التعليم، ولذلك أسبابه ودواعيه، فأنا غير مقتنع بها أصلا، إذ لا أفهم أن تجلس جهة ما وتعترف بأن تعليمها فاشل ثم تستدعى العناصر التي كانت سببا في هذا الفشل لتكون جزء من إصلاحه، فإدخال المعلمين والأساتذة في التفكير لحل مشكل التعليم هو خطأ بالنسبة لي. والموظف بطبيعته يريد أن يتقاضى أكبر راتبٍ مقابل أقل عمل يمكن أن يقوم به.

ثانيا، يتهجمون على إصلاح 1999  ويرونه سببا في فشل التعليم، وهم لم يُحيطوا بأهداف هذا الإصلاح - والتي نجحت وحصل المنشود منها- فكل إصلاح له أهدافه المبتغاة منه والتي على أساسها يتم تقويمه.

ثالثا، التعليم في موريتانيا لن يتقدم ما دام لا يُقدم من أجل تطوير المعرفة، فقد أخذ مسلكا آخر يتمثل في الجدل حول اللغة التي هي وسيلة للمعرفة فقط وابتعد عن المعرفة نفسها، فلول أخذنا بهذا المبدأ واعتبرنا أن الأساس هو ما يقدم من معارف لكان ذلك أسلم، فالتدريس باللغة العربية أو بالفرنسية أو بهما معا، يبقى أمرا ثانويا أمام التعليم نفسه.

 

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لسنتين ونصف من حكم الرئيس غزواني؟

ختار الشيخ أحمد: خلال هاتين السنتين تم تحقيق إنجازين أساسين، أولهما يتمثل في تسيير جائحة كورونا بالطريقة التي تمت، وكان إنجازا باهرا دون شك.

الإنجاز الثاني يتمثل في وجود هذه الوضعية التصالحية، فلا يوجد اليوم من يعتبر نفسه مهمشا أو مقصيا، وهذا مكسب كبير هو الآخر.

فهناك طريقة لديكم لقياس الأمور، هي بالنسبة لي ثانوية جدا، بل وأرى أنها هي مكمن الخطأ لدى الحكومة والإدارة، وهي أنهم أفرغوا برنامج الرئيس من معناه الأساسي وقزموه إلى أن صار يُعرض على شكل مشاريع صغيرة كبناءِ مدرسة هنا أو مضخة ماء أو اثنتين هناك وغيرها، فليس هذا أساس برنامج الرئيس قطعا، فقد أزاحوا الفلسفة التي بني عليها البرنامج والتي هي أساسه، والتي تتمثل في العدالة الاجتماعية والنهوض بالطبقات الهشة والتوزيع العادل للمصادر بالبلد، والعدالة في التقسيم بين الناس وبين جميع الجهات، فهذه هي الفلسفة العامة لبرنامج الرئيس، وكلٌ يقوِمُ عمله في وزارته أو في مؤسسته على أساس ما أنجز وما بقي له مما كان مقررا، فهذا التوجه ليس هو الأسلم بالنسبة لي ولا يمثل الأساس في برنامج الرئيس.

بقي لي أن أذكر فقط بأن البرنامج الانتخابي لأي رئيس ليس بالضرورة عقدا كما يحب بعض الناس أن يصوره، بينما هو برنامج اقترحه رئيس على شعبٍ فصوت عليه الأخير بالقبول فقط، قد ينجزه كما هو وقد ينجز أكثر وقد تعترض طريقه أمور أخرى أهم من محتواه الأصلي، فمكافحة جائية كورونا مثلا لم تكن في برنامج الرئيس، ثانيا تقويم البرامج الانتخابية يكون بطريقة نسبية فيقال مثلا إنه تم تطبيقه بنسبة خمسين أو ستين بالمائة ونحوها.

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لأداء مندوبية تآزر؟

 ختار الشيخ أحمد: لا معلومات عندي حولها، ولا أحب الخوض فيما لا علم لي به ولم أشرَك فيها، ونحن كجهات لم يتم إعطاؤنا الفرصة للتنسيق معها أو العمل، وبالمناسبة فالحكومة عمدت إلى تغييبنا عن المشاركة في تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية ولا نتحمل أية مسؤولية في التقصير في تنفيذ هذا البرنامج، وقد حاولنا- اعتمادا على ما نص عليه القانون من صلاحياتنا- أن نكون نحن من ينفذه وتم منعنا من ذلك فأفسحنا الطريق للحكومة لتفعل ما تراه مناسبا.

 

الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

ختار الشيخ أحمد: أرجو التوفيق والنجاح لجميع الموريتانيين، وأود تذكير الإدارة – التي قلت في بداية حديثي أن غالبيتها ليس من صلب موظفي الدولة – أن تسيير الدولة يختلف عن تسيير المؤسسات العمومية أو الخصوصية، وأن لا يحاولوا أن يديروها كما تُدارُ المؤسسات العمومية فذلك خطأ، فللدولة مفاهيمها وأولوياتها الخاصة ولها أيضا اختياراتها التي ينبغي أن تسير عليها ومحورها الأساسي هو المواطن والرأي العام، وعلى ذلك فينبغي البحث عما يشغل الرأي العام وأن يركز عليه سواء كان الأمن أو الصحة أو ارتفاع الأسعار، المهم أن تهتم بما هو مهم عند الرأي العام، وليس الأمر فقط هو أن هناك ميزانية تُسَيرُ مقابل مجالات محددة للصرف دون مراعاة اهتمامات المواطن والرأي العام.