مالي بعد قرار المقاطعة .. ردود الفعل ومسارات الأحداث / ترجمة الفكر

العقيد عاصيمي غويتا نفذ انقلابا ثانيا في مالي مايو 2021، وأثار إدانة دولية واسعة (رويترز + الجزيرة الإنجليزية)

صرح القائد العسكري بمالي عاصيمي غويتا أن باماكو منفتحة على الحوار وذلك عقب  إقرار الأعضاء الخمسة عشر ضمن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإكواس) لعقوبات جديدة على مالي على خلفية تأجيل الانتخابات

وفي تصريح  تلفزيوني  للقائد العسكري غويتا أول أمس الإثنين  قال: " على الرغم من شعورنا بالأسف نتيجة هذه العقوبات التي تفتقر إلى الشرعية وغير القانونية و اللا إنسانية، فإن مالي ستظل منفتحة على الحوار مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا؛ وأضاف: "نشعر بالقلق تجاه تبعات هذه التدابير ولكني أؤكد لكم أننا نتخذ الإجراءات اللازمة لموِاجهة هذا التحدي".

السلطات العسكرية بمالي أعلنت عن استدعاء سفرائها في الدول الأعضاء  في الإكواس بعدإغلاق حدودها، ردا على العقوبات الأخيرة؛ وتعهدت باتخاذ كل من مايلزم من أجل الرد على العقوبات". التي قالت "إنها ستمس السكان المتضررين بشكل بالغ من الأزمة الأمنية و الصحية".

وكان قادة  مجموعة دول غرب إفريقية الاكواس، قد أقروا  الأحد غلق الحدود مع مالي، مع فرض حظر تجاري واقتصادي، يستثني حصرا المواد الأساسية، وذلك إثر قرار السلطات العسكرية المسيطرة في مالي البقاء في السلطة وتأجيل الانتخابات لخمس سنوات قادمة.

موقف أمريكي ملتبس

إلى ذلك، حث السفير الأمريكي Richard Mills باماكو على "العودة إلى المسار الديمقراطي في أسرع وقت"، لكنه لم يتخذ موقفا واضحا من العقوبات التي أعلنت عنها مجموعة الإكواس.

وكانت فرنسا بدورها – وهي القوة الاستعمارية التاريخية بمالي – ساندت قرارالعقوبات في اجتماع حول دول غرب إفريقيا عقده مجلس الأمن بالأمم المتحدة أول أمس الإثنين؛ وأعرب سفير فرنسا بالأمم المتحدة مساندة بلاده الكاملة لجهود مجموعة الإكواس.

كما ألغت الخطوط الجوية في كل من فرنسا و ساحل العاج رحلاتها إلى مالي، وتعطلت حركة الطيران  بين السنغال ومالي. وفق ما أفاد  مراسل وكالة رويترز، أثناء محاولته الدخول إلى الأراضي المالية.

وأعلن  النظام العسكري في غينيا المجاورة عن إبقائه على حدود مفتوحة مع الجارة مالي، موفرا بذلك منفذا بحريا  لهذا البلد غير الساحلي،

 وكان النظام العسكري في غينيا قد واجه عقوبات مماثلة، السنة الماضية، من الإكواس، بعد استيلائه على السلطة.

 

جولة أخرى من  العقوبات  

فرنسا والتي لديها آلاف الجنود في مالي، تدهورت علاقتها بمالي بعد استيلاء غويتا على السلطة أغسطس 2020، في انقلاب عسكري على الرئيس المنتخب إبراهيم ببكر كيتا.

وكانت العقوبات التي تم إقرارها سابقا عقب خلع الرئيس إبراهيم كيتا قدعلقت بعد تعهد قائد الانقلاب غويتا باقتصار الفترة الانتقالية على 18 شهرا تسيرها حكومة مدنية و تنتهي بانتخابات رئاسية وتشريعية في فبرير 2022؛ قبل أن يطيح انقلاب ثان بالحكومة المدنية المؤقتة، في مايو 2021 في تعطيل للجدول الزمني للمسار الانتقالي، مما أثار إدانة دولية واسعة.

وتأمل المجموعة الغرب إفريقية أن تشكل الحزمة الجديدة من العقوبات، بما فيها الحصار الاقتصادي و التجاري، ضغطا على السلطات العسكرية المالية، يدفها  لإعادة التفكير في قرارها الأخير بشأن تمديد الفترة الانتقالية، وتأجيل الانتخابات إلى شهر دجمبر/كانون الأول 202. وتشكل هذه الإجراءات العقابية عبئا مضاعفا على الاقتصاد في بلد من أشد البلدان فقرا، فقدكان الفقر أحد  أسباب التمرد و الاضطراب الأمني الذي تعيشه البلاد).

و أوضح  مراسل الجزيرة نيكولاس هاك أن " الذعر و الغضب" أصبح الشعور المسيطر على السكان في العاصمة المالية؛ و أضاف: " الناس هرعت إلى البنوك والأسواق ومحطات البنزين للحصول على المؤن وتخزينها، عقب إعلان الإيكواس عن العقوبات الأخيرة." وذكرت الناشطة إفلين زينب جاك أن مالي لن يكون بإمكانها الصمود أمام هذه العقوبات؛ و تضيف إفلين: "نحن بلد غير ساحلي ونعتمد على دول الجوار كمنافذ تجارية و اقتصادية؛ ليس لدينا منفذ بحري، ونحتاج إلى موانئ السنغال وساحل العاجل للحصول على حاجتنا من البضائع والسلع التموينية، و بالنسبة للتجار وقطاع الأعمال، تعتبر هذه العقوبات ضربة قاضية".

واقع أمني معقد

هذا وقد سعت السلطات المالية لإخماد التمرد الذي اندلعت شرارته عام 2012، قبل أن يتمدد هذا التمرد باتجاه النيجر وبوركينانا فاسو، وتصبح مساحات شاسعة من الأراضي المالية خارج سيطرة الحكومة، وقد احتجت الحكومة المالية و التي يقودها الجيش بأنه وفي ظل انعدام الأمن المستشري لا يمكن توفير الضمانات، لإجراء انتخابات سلمية في الوقت الحالي.

وقال الرئيس البركنابي روك كابور:" بقدر وعينا و إدراكنا لتعقيد الأوضاع التي تعيشها جمهورية مالي، فإننا نرى أن الحكومة المنتخبة ديمقراطيا هي وحدها القادرة على قيادة الإصلاح السياسي، و الاقتصادي الذي سيعيد مالي إلى الهدوء و الاستقرار".

من جهة أخرى و على الرغم من وجود قوات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، فقد أحرزت مجموعات مسلحة مرتبطة بداعش و القاعدة تقدما متزايدا في وسط البلاد.

من جهة أخرى يقول العقيد عبد الله ميغا الناطق الرسمي باسم الحكومة: " من الغريب أن تأتي هذه العقوبات والجيش المالي يحقق تقدما مذهلا في مكافحة الإرهاب، هذا أمر غير مسبوق"

في هذه الأثناء دعت روسيا إلى دعم الجهود العسكرية لاستعادة الأمن والاستقرار في مالي، وأفادت موسكو أنها "تفهم الصعوبات" التي تواجه تنطيم انتخابات في ظل اضطراب أمني قد يقوض نتائجها

سياسيون غربيون دانو ما وصفوه بنفوذ متنام لموسكو في مالي، وسط الحديث عن استعانة السلطات العسكرية في مالي بمرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية المثيرة للجدل؛

وكان القائد العسكري غويتا قد استولى على السلطة في مايو الماضي، في انقلاب هو الثاني من نوعه خلال عام ،واحد مما تسبب في عقوبات على مالي من مجموعة الإكواس.

 

 

 

                                        المصدر: الجزيرة الإنجليزية