أكاديمي يدعو المؤرخين المغاربيين إلى إعادة كتابة التاريخ المشترك

:قضايا تاريخية عديدة لا تزال تشوش على صفاء الذاكرة الجماعية بين المغرب والجزائر”، تزيدها “الحملات الإعلامية تشويشا”، وفق الأكاديمي محمد أمطاط.

جاء هذا في مشاركته بندوة “تاريخ المغرب، حصيلة وآفاق”، التي نظمها المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، بمقر أكاديمية المملكة المغربية.

وبعد تعديده مجموعة من التأثيرات السياسة في قراءة أحداث تاريخية مشتركة بين الجارين، أبرز أمطاط الحاجة إلى “وجوب خلق تواصل دائم بين الباحثين والمؤرخين (المغاربيين) لإعادة كتابة تاريخ مغاربي مشترك، بعيدا عن التأويلات القطرية، المجانبة للعلمية، والتنسيق لتوحيد المناهج التعليمية خاصة فيما يخص التاريخ”، مضيفا: “لنا في تجربة المقرر الألماني الفرنسي نموذج يستحق الاقتداء”.

وتطرق مؤلف كتاب “الجزائريون في المغرب” إلى ما طال “الذاكرة المشتركة المغربية الجزائرية، وخاصة النضال المغاربي ضد الاستعمار في القرن العشرين”، من تأويلات بحثية “غير علمية، ودون استناد على مصادر وأرشيفات ووثائق”، سواء فيما يتعلق باستقلال تونس أو استقلال المغرب.

وواصل المتدخل: “من القضايا المتعرضة لتأويلات مغرضة علاقة المغرب بمقاومة الأمير عبد القادر”، حيث تتناسى “مساندته باعتباره قائدا”، ويسكت “صفوة من الباحثين والمقاومين بالجزائر عن بيعته للسلطان المغربي”، قبل أن يزيد: “في الواقع المغرب لم يتخل عن الأمير؛ بل إن زمن المقاومة المسلحة لفرنسا قد ولى، لمجاورتها المغرب، وللمعاهدات التي وقعها (…) وبعدما انتهى دور الأمير كمجاهد عندما لم يستطع منع دخول الجزائر (…)”، لكن القراءات البحثية ظلت “متأثرة بالمواقف السياسية للحكم”.

وحول ما خلصت إليه أبحاث جزائرية عن “استبعاد الحركة الوطنية للكفاح المسلح”، نبه الأكاديمي إلى أنه لا يجري التفريق بين “ظرفية لم تكن فيها الشروط ناضجة للانتقال من الكفاح السياسي الشعبي إلى المسلح”، وبين أخرى “نضجت معها الشروط مع نفي السلطان، حيث لم تتوان الحركة الوطنية عن التصعيد الوطني، بما في ذلك الكفاح المسلح”، واستشهد في هذا الإطار بنداء القاهرة لعلال الفاسي.

وعن “باخرة دينا” التي “تجسد تضامن المقاومات المغربية الجزائرية”، والتي “حملت السلاح من مصر إلى الناظور” بعدما كانت في ملكية زوجة الملك حسين السابقة، سلط الباحث الضوء على “تضارب فيمن قام بالمبادرة هل علال الفاسي أو أحمد بن بلة؟”، وزاد: “هذه موضوعات تاريخية تحتاج إلى بذل جهد أكاديمي وبحثي، لتحريرها من التحكم السياسي”.

وواصل المتدخل متطرقا لـ”أطروحة أن المغرب وتونس واستقلالهما قد أضر بحرب التحرير الجزائرية”، ليقول: “لا تزال الطروحات الجزائرية تبخس من الاستقلال بالمغرب وتونس، وتبخس الدعم المغربي للثورة الجزائرية مقابل الاهتمام بمصر جمال عبد الناصر؛ في حين أن مدن وجدة والناظور وفكيك… كانت جبهة خلفية لها”، وأضاف: “البحث التاريخي حول هذا الفصل من التاريخ المشترك لم يتحرر بعد من سطوة الإيديولوجي والصراع السياسي بين البلدين”.

وعن موضوع “قرصنة طائرة مغربية فيها خمسة من أشهر قادة الثورة الجزائرية، كانوا بصدد مناقشة حل سياسي للقضية الجزائرية”، سجل الأكاديمي أن “شهادات الوطنيين الجزائريين متناقضة، لكن الكتابات الجامعية الجزائرية متفقة على تحميل المسؤولية لولي العهد مولاي الحسن، دون تقديم دلائل”.

واسترسل أمطاط شارحا: “الحسين أيت أحمد ذكر أنه صاحب اقتراح ركوب طائرتين، بدل واحدة، بعدما أقنع ولي العهد بالتخوف من رد فعل السلطات الاستعمارية الذي قد يهدد الملك؛ بينما أحمد بن بلة يرجع الأمر إلى السلطات المغربية، لكن كل الأبحاث الجزائرية تسير في اتجاه التوظيف السياسي والإعلامي لاختطاف الطائرة دون تقديم أدلة أو شهادات”، علما أن “شهادة الصحافي حسنين هيكل قد زادت المشكل عندما قال إن للملك الحسن الثاني يدا في ما حدث”.

 

المصدر : جريدة هسبريس الإلكترونية