أنا الأرض... في يوم الأرض / أحمد أبو المعالي

 أنا الأرض 
والأرض أنت
خديجة لاتعلقي الباب
لاتدخلي في الغياب
لم تكن خديجة في نص الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش هذا مجرد رمز خيالي للمرأة الفلسطينية الصامدة، بل هي إحالة من الشاعر إلى اسم خديجة قاسم الفتاة الفلسطينية التي خرجت يوم 30 مارس  سنة 1976 لتنادي أخاها خالدا ذا الثماني سنوات بعد أن دوى صوت الرصاص الحي  في القرية الهادئة، غير أن هلع الطفلة البريئة من الجنود المحتلين المدججين بالسلاح جعلها تدير الظهرعائدة إلى بيت ذويها علها تأمن من بطش أولئك الغزاة المحتلين، لكن رصاصة غدر من جندي اغتصب الأرض وعاث فيها فسادا أصابت ظهرها، لتصعد روحها الطاهرة إلى بارئها مع شهداء آخرين رحمهم الله تعالى  ضحوا بأرواحهم في هذه الملحمة الخالدة التي أصبحت ذكرى هامة يجددها الفلسطينيون كل سنة، ويحيونها بمختلف الأنشطة والفعاليات تحت وسم "يوم الأرض" وفاء للعهد.
كان القرار الصهيوني بمصادة الأراضي الفلسطينية جزءا من حملة تهويد الأرض التي جعلوها محور الاحتلال، وفي هذا السياق قررت سلطات الاحتلال مصادرة آلاف الدونمات  في منطقة الخليل لتحولها إلى منطقة عسكرية ومستوطنات صهيونية بعد تهجير أهلها منها قسرا. 
لم يستسلم الفلسطينيون لذلك القرار الجائر الذي يصادر حقهم في تملك واستغلال الأراضي التي ورثوها عن الأجداد، ولم يمنعهم بطش الجنود الصهاينة، ولا ترهيبهم وترويعهم للمدنيين من رفض ذلك القرار، وإعلان هبة موحدة شكلت أكبر مواجهة مع العدو الصهيوني منذ نكبة  1948 الأليمة.
يشكل تخليد يوم الأرض نموذجا حيا على تشبث الشعب الفلسطيني بأرضه وتعلقه بها، وعدم استعداده للتنازل عن شبر منها مهما طال الزمن، وتوالت الإحن، وتنوعت المحن، ومهما كانت المغريات لتركها ونسيانها..فهيهات هيهات. 
فرغم مرور عقود من الزمن على هذه الحادثة التي أعلن فيها الفلسطينون إضرابا عاما واحتجاجا على الظلم الذي مارسه الاحتلا،ل مازالت الذكرى مصدر إلهام للأجيال تعيد سيرة المقاومة ورفض الخنوع والاستسلام للمحتل رغم ما يعانيه الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال من التقتيل والتشريد والتعذيب. 
إن الفلسطينيين وهم يخلدون هذا اليوم أينما حطت بهم الرحال، وحيثنما شط بهم المزار، يجدوون العهد للأرض، ويعلنونها مدوية لاشية فيها أن أرض فلسطين للفلسطيين مهما تكالب الأعداء، ومهما خذل وطبع بعض الأصدقاء، فلم يزيدهم ذلك إلا شغفا بأرض عشقوا زينونها وآمنوا أنها أرض بارك الله فيها وحولها. 
واهم من يظن أن الشتات سيجعل المغتربين يتخلون عن حق العودة أو الاعتراف بالعدو الصهيوني، شأنهم في ذلك شأن المرابطين في الأراضي الفلسطينية وهو ما تجلى من خلال فشل صفقة القرن وعدم استعداد الفلسطينيين للسير في فلك تقاسم الأرض مع العدو.
سيظل الفلسطيون يجددون المواثيق والعهود للأقصى ولبيت المقدس، ولكل شبر من الأرض التي بارك الله حولها حتى يحتلفوا بمغادرة آخر مستوطن تلك الأرض الطاهرة غير مأسوف عليه
القدس تأنف أن تدار موائدا.. بالليل ثم تعلب الأطباق
والقدس لاترنو إلى متقاعس... وجل فلادخن بها ونفاق
القدس ناشئة الرؤى بشعورنا..ومع الدموع تمجها ألأحداق
القدس فجر صادق ومآذن..   ورسالة وخليفة وبراق