غانا و صندوق النقد الدولي/ Walid Mssallem

كانت غانا دولة تُعد الأكبر في إنتاج الذهب في غرب إفريقيا..الإحصاءات تُشير إلي 70 طن بنهاية 2003.الإضرابات اجتاحت نهاية حكم فترة الملازم طيار جيري رولينجز..غانا تلجأ للصندوق..والأخير يربط تدفق القروض بالخصخصة..حقول الذهب تحديدًا..تدفق 2 مليار دولار كاستثمارات موّلت بالأساس سيطرة الشركات الأجنبية أنجلو أميركان..... Gold Fields.... bhb minerals.... GINKOR .. golden star resources.... علي الشركات الوطنية الإثنا عشر المُسيطرة علي التعدين..ولأن غانا تسعي لإسترضاء الإستثمار الأجنبي فقد استجابت أيضًا لطلبات الصندوق بتغيير البيئة الإقتصادية الكلية..ليس فقط عبر تخفيض قيمة العملة وتقليص الإنفاق الحكومي بل وإصلاح الإطار التنظيمي للدولة! صدر قانون المعادن والتعدين الذي خفّف القيود علي تحويل الأرباح إلي الخارج بينما انخفضت الضرائب المفروضة علي الشركات من 55% إلي 35%..الحاصل ...هذه الشركات لم تُوظف سوي 20 ألف عامل..بدوره طرد الجهاز الحكومي 50% من قوة العمل الذين لجأوا إلي الإقتصاد غير الرسمي..غانا التي توفرت علي 8,5 مليون هكتار من الغابات وجدت نفسها بمليوني هيكتار فقط.. نتيجة التوسع في منح الإمتيازات لشركات التنقيب الأجنبية..مثلًا منطقة تُدعي ‘‘تاركوا‘‘ فقدت 70% من مساحتها لصالح التنقيب السطحي..جفّت الأنهار وجُردت الطبيعة من إتزانها البيئي..وفي غضون 8 سنوات كانت 14 جماعة عرقية مُكونة من 30 ألف مواطن قد حزمت أمتعتها وغادرت..الأضرار لا تتوقف.....تنقيب شركة Gold Fields يؤدي لتسرب السيانيد في نهري أسرمان وهومي..معاناة السكان تبدأ من الطفح الجلدي.. العمي النهري.. السل..التهاب الملتحمة.. والتهاب الجلد ولا تنتهي عند نفوق الأسماك..وفي المنتصف معاناة الفئات التي لا تستطيع تدبير معاشاها بين معدلات عنف مخدرات ودعارة..كلها آثار تتضاءل بالطبع أمام عوائد الإستثمار..تدفقّت الفوائض المالية وشُيدت مدارس وأُقيمت مشافي؟..بالفعل تدفق الإستثمار..باتت المعادن تُشكل 45% من صادرات غانا بعد أن كانت تُمثل فقط نسبة الخُمس..لكن شيء ما في معيشة السكان لم يتغير..تلك المعادن لا تُسهم بأكثر من 2% من الناتج القومي..إذ لا يبقي سوي 10% فقط من قيمة الذهب في غانا..وإذ يُقدر البنك المركزي أن 71% من عائدات صادرات غانا من الذهب مُودع في بنوك الخارج..كينيث كاوندا رئيس زامبيا السابق صكّ عبارة لطيفة..‘‘لعنة أن نُولد وملعقة نحاس في أفواهنا‘‘ كان يُشير بذلك لتكالب الشركات الأجنبية علي نهب ثروات بلاده من النحاس..غانا وُلدت وفي فمها ملعقة ذهب..وتلك لعنتها.

قصة غانا موجودة في كتاب ‘‘القرن العشرون الطويل: الإستعمار الإقتصادي الأميركي لدول العالم الثالث‘‘ لـ جومو كوامي سوندرام