المؤرخ والأيب الشيخ أحمدو  في مقابلة مع موقع الفكر عن محطات من تاريخ مدينة نواكشوط

قال النائب والمؤرخ الشيخ أحمد و إن مدينة نواكشوط لم تنشأ من فراغ، وإنما نمت وترعرعت مع توسع قرية لكصر الريفية والتي كانت قرية شبه متكاملة إبان عهود الاستقلال.

وأوضح النائب في حوار خاص مع موقع الفكر أن نواكشوط طمست معالمها القديمة، وشوهت مسميات أحيائها بما في ذلك واد أعواو الذي حول إلى واد الناقة، وانتهت عملية التبدل والتغيير في مسميات الأحياء إلى تسميات شعبية لا تحمل أي دلالات، ولا توحي بأي مدلول ثقافي أو تاريخي، وكان الأولى أن تعاد تسميات أحياء المدينة بأسماء شخصيات وطنية أو تاريخية...

وكشف النائب والمؤرخ في بحثه الانتربولوجي الأثري في تاريخ نواكشوط أن قرى عديدة كانت في المنطقة تم إجلاؤها وتفكيكها، وقطعت أوصالها كقرية طرفاية منصور وبيله وغيرها من قرى السكان الأصليين للمنطقة..

وفيما يلي نص المقابلة:

موقع الفكر: بداية لوتكرمتم بتعريف المشاهد بشخصكم الكريم  من حيث الاسم وتاريخ الميلاد؟
 الشيخ أحمدو : بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله  مرحبا بكم، وأشكر موقع الفكر 
الاسم الشيخ ولد أحمدو،  مولود1961 في  مقاطعة بيلا  الريفية اي مقاطعة واد الناقة حاليا، حاصل على بكلوريا آداب عصرية،  والمتريز في التاريخ والجغرافيا،  ومتريز أخرى في القانون، وماستر في الشريعة والقانون .

 نائبا في البرلماني الموريتاني  في الفترة من 1994 إلى 2001 عن مقاطعة الرياض 
وبعد ذلك لم أشغل أي وظيفة إدارية  لكنني كنت رئيسا لعدة هيئات من المجتمع المدني. 
كالاتحادية العامة لعمال التعليم وهي النقابة الوحيدة التي كانت عضوا في اتحاد المعلمين العرب .

 وهي منظمة قومية أنشأت سنة 1958م. قريبة من الجامعة العربية  
كما أنني أشغل الآن منصب  نائب رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين. 
  وأمين عام مساعد لاتحاد المعلمين العرب، وأنشط في عدة هيئات من المجتمع المدني

موقع الفكر: نود منكم تعريف المشاهد والقارئ بتاريخ بئر نواكشوط؟
الشيخ أحمدو :  نواكشوط عبارة عن بئر غير عميق في منطقة تيارت الحسيان التي توجد فيها الآن مقاطعة لكصر وأيضا مقاطعة تيارت  

و بئر نواكشوط عبارة عن مجرى من مجاري آفطوط الساحلي الذي كان يصب في نهر السينغال في سنوات الفيضان .
فيمتلئ بمياه الفيضان  فتحفر أبار غير عميقة تسمى الأحساء أو الحسيان  بالحسانية.

وهذه الأبار غير العميقة تبقى عذبة طيلة السنة و تمتاز أيضا هذه المنطقة بغطاء رعوي نباتي مماجعلها مكان استراحة والتقاء طرق قوافل التجار ة عبر الصحراء  المنطلقة من شمال افريقيا إلى المغرب العربي حاليا حتى مصب النهر فتأتي هذه القوافل  ببضائع الشمال وتبيعها في الجنوب وتذهب إلى الشمال ببضائع الجنوب ويمر بهذه المنطقة  أيضا طريق التجارة عبر الصحراء المحاذي للمحيط الأطلسي المتجه إلى منطقة سينلوي حاليا وتلتقي منطقة نواكشوط بنفس الطريق قادما من منطقة آدرار  مرورا بوادان ثم منطقة أطار حاليا فسهل آمساكه ثم اينشيري ثم منطقة نواكشوط التي تمثل استراحة لهذه القوافل لأنها تجدفيها  الماء والمرعى بالإضافة إلى أن مدينة نواكشوط تقع على شاطئ المحيط الأطلسي 

وقد كان فيما سبق وربما لا يزال هذا الشاطئ مكتظا بقرى الصيد من منطقة لكويشيشي  الواقعة 110 كلم جنوب نواكشوط  غرب مدينة تكند الجديدة حتى جنوب المغرب.

إذا، هذا الشاطئ يكتظ بقرى الصيد وهذه القرى تمثل محطات تبادل تقوم بها هذه القوافل القادمة من الشمال والجنوب فهي تتوقف فيها للاستراحة وتتزود منها بالماء أحيانا وتستريح فيها الدواب ثم تبيع  القوافل فيها بعض البضائع وتشتري منها بعض البضائع .

إذا،  كانت منطقة نواكشوط  تكتظ بالكثير من قرى الصيد مثل قرية طرفاية منصور  واجريدة وآبيزير  ولمتات ولعظم ثم جلوة إلى  آخره،  وتتواصل هذه القرى جنوبا إلى  لكويشيشي وشمالا إلى المغرب . 

 إذا،  منطقة نواكشوط منطقة توجد بها قرى مستقرة دائمة على الشاطئ كما توجد فيها أحياء بدوية من السكان يمكن ان يطلق عليهم حسب التعبير الجغرافي أنصاف مستقرين لأنهم قد لايرحلون الا مدة شهر عندما يكثر الباعوض وإذاكانت السنةغير كثيرة الباعوض فهم مستقرون.

هذه الأحياء تقوم بالتبادل التجاري مع قرى الصيد تجلب اليها الحطب والوبر وخيوط الخيام والخيوط التي تصنع منها الشباك والدهون ومنتجات الحيوانات لتستفيد منها هذ الاحياء .

فهذه المنطقة كانت منطقة معروفة ولنا شواهد على  ذالك فمثلا مقبرة "انبرش" التي تقع شرق مركز الإرسال المعروفة عند الموريتانيين حاليا با للغة الفرنسية بسانتر أميتير هذه المقبرة يقال إن المرابطين  دفنوا فيها بعض الشهداء أيام مكافحتهم لأبناء عمومتهم الذين كانوا على الديانة الوثنية، فهي إذا مقبرة إسلامية قديمة وتنبئ عن كثافة الإعمار في هذه المنطقة وبقيت المنطقة عامرة بقرى الصيد وقوافل التجارة وأنصاف المستقرين حتى جاء المستعمرالفرنسي 1903م. عندما جاء الملازم افريرجاه قادما من جنوب اترارزه على موعد مع مهندس الاستعمار الفرنسي " كبلاني"  الذي رسى في مرسى طرفاية منصور هنا على الشاطئ المقابل لنواكشوط والتقى الوفدان هنا وقرر كبلاني إقامة أول مركز عسكر ي على علب نواكشوط إلى الغرب من مسجد بداه الحالي،  هذا المركز أقامو إلى الشمال منه قاعدة عسكرية في منطقة اجريدة سموها قاعدة كبولاني وظلت بهذا الا سم حتى الاستقلال حيث سميت بقاعدة اجريدة وهي قرية  صيد قديمة ولاتزال هذه القاعدة موجودة حتى الان.

ثم لم يلبث هذا المركز أن نشأت عليه قرية مستقرة هي التي سميت لكصر ولم يأت الجيل الذي أقر بناء العاصمة هنا سنة 1958 ليقيم العاصمة على علب نواكشوط حتى كانت لكصر مدينة متكاملة لها مستوصفها الصحي الذي سيعرف بطب الحاج ولها مطارها ، الذي تنزل فيه الطائرة، و به دار كبيرة من السنك يسميها السكان دار الطيار وهي بمثابة ورشة فنية لإصلا ح الطائرات خاصة الصغيرة ولم يتم تفكيك هذه الدار الا سنة 1984 او 1985 على ما أعتقد وتم تفكيكها  لتقام على اتقاضها ها توسعة  المطار القديم، الذي تم تحويله  من قريب  إلى منطقة أم التونسي.

إذا،  نشأت قرية لكصر ابتداء من 1910 او 1908 وظلت تتطور حتى أصبحت مدينة وهذه المدينة ظلت يحكمها عسكري فرنسي حتى سنة 1948 حيث تحولت هذه المدينة إلى مركز مدني "سيفيل"وأصبح  يحكم هذا المركز  حاكم مدني تابع لمقاطعة المذرذرة .

وقد أصبح لكصر مركزا مدنيا تابعا لمقاطعة المذرذرة سجلت فيه بعض المجموعات القبلية  التي تسكن منطقة نواكشوط وكذالك قرى كانت هناك قديمة، و البدو الذين يعمرون المنطقة سواء كانوا أنصاف مستقرين أو رحل  وظل هذا المركز قائما ولاتزال أطلال مكتب هذا المركز قائمة قرب مقر إدارة الأشغال العامة الحالي.

وعندما  أنشئت نواكشوط العاصمة الموريتانية أخذت الدولة الحديثة قرارا بتحويل سكانه إلى مقاطعة ريفية لماذا !  ليبقى مركز نواكشوط الإداري خاصا بالسكان الوافدين الذين ستسيرهم الإدارة الجديدة .

وقرروا أن يحول  هذا المركز  إلى منطقة بيلا الواقعة قرب سجن دار النعيم الحالي  وحول هذا المركز الى مقاطعة في نفس السنة حيث أصبح يطلق عليه مقاطعة بيلا الريفية وفي  سنة 1975حولت مقاطعة بيلا من لكصر إلى مكان واد اعواوه المعروفة حاليا بواد الناقة .

وفي زيارة لوزير الداخلية في ذالك الوقت لمنطقة واد اعواوه  سأل الوزير الحضور عن اسم المنطقة فأجيب بأن اسم المنطقة هو واد اعواوه  فقرر الوزير أ ن يطلق على المنطقة  واد الناقة .

السكان الاصليون  لنواكشوط حولو ا إلى المقاطعة الجديدة التي أصبحت تسمى واد الناقة لتبقى نواكشوط للسكان الموريتانيين الوافدين فبعد أن كانوا مسجلين فيه منذ أقام الفرسيون المركز في بداية القرن ولكن ظلوا محكومين بإدارة عسكرية .

فلماكانت سنة 1948 تم تحويل هذا المركز إلى مركز مدني تابع لمقاطعة المذرذرة إذا هذا باختصار هو تاريخ الهيئات الإدارية وإن شئتم تأسيس  أي هيئة إدارية أوعسكرية في المنطقة .

وبينما كانت منطقة نواكشوط مأهولة بالساكنة سواء  المستقرة هنا في قرى الصيد على شاطئ المحيط أو الأحياء المستقرة أو أنصاف المستقرين التي  تعيش حول هذه الآبار غير العميقة وتمارس التنمية الحيوانية والتبادل التجاري مع القوافل التجارية القادمة من الجنوب باتجاه الشمال والقادمة أيضا من الشمال باتجاه الجنوب  وكذا التبادل التجاري بين قرى الصيد الموجودة على شواطئ المحيط .

فنواكشوط ليس إلا بئرا  غير عميق  من بين آلأف الأبار التي تنتشر في تيارت الحسيان فعندما تحفر مترا أو مترا ونصف  الآخر تصل إلى الماء يعني آبار غير عميقة بسيطة جدا .

وتنتشر هذه الآبار من شمال مقاطعة الرياض تقريبا حيث يبدأ السهل يتسع ويستوي حتى نهاية تيارت قرب بيلا حيث يتم سدها بكثبان تأتي من الشمال، إذا تيارت أوهذا السهل الفسيح  الذي يعتبر امتدادا  لأذرع مائية من فيضانات نهر السينغال حفرت فيه الآف الآبار  كل شخص يحفر ويجد الماء ويسمي بالاسم الذي يريد .

كان نواكشوط واحدا من هذه الآبار ومقره  الذي يوجد فيه الآن هو ذالك الحائط الذي بني على البئر أمام  مستشفى الأمومة والطفولة حاليا .

الإشكال المطروح :  لماذا طمست معالم  نواكشوط؟ 

لأن منطقة نواكشوط تمت تسميتها كلها باسماء الرعب،.. أسماء الجفاف والأسماء الناقصة فمثل:ا 

الزعتر :  تمت تسمية هذا الحي بتل الزعتر حيث كان هناك حي انتظار قرب مباني الثانوية العسكرية الحالي يسمى كبة هيداله تم تحويله في سنة 1982،  إلى منطقة الزعتر حيث لا ماء ولا كهرباء ولا طرق ولا نقل فشبه السكان المنطقة بقرية تل الزعتر التي أبيدت في نفس الأيام .

قندهار: مدينة من افغانستان كانت  تضربها الطائرات الأمريكية مدة أعوام بحثا عن المجاهدين الأفغان و السكان الذين حولوا إلى تلك المنطقة سموها قندهار.

الفلوجة: الفلوجة أيضا نفس الشيئ كانت فيها حرب عنيفة في العراق .

هذه تسميات يسميها الشعب  ولوكانت السلطة تبادر بوضع اسم للمنطقة لأعتمده السكان فقد تم طمس معالم المنطقة  بشكل كامل.

فالدولة عندما تأسس حيا لا تضع له إسما وتترك الباب مفتوحا أمام السكان فيسمونه أسماء عبثية .

عرفات أسست على معالم مشهورة فالكثيب الذي توجد عليه المقبرة  هو علب بآميره  وإلى الشمال من باميره انتير كنت وإلى  الشرق من انتيركنت لخويظة.

مثلا هناك أسماء متعددة فعلى  الدولة ان تسئل في ذالك الوقت السكان  الأصليين عن أسماء هذه المناطق كي لايتم  طمس معالم مدينة نواكشوط كليا.

فمثلا تنسويلم اسم بئر قديم في المنطقة وتوجنين نفس الشئ  وكذالك  مقاطعة الرياض أسست في منطقة احسي ببه وآغنجيليت .

العاصمة الموريتانية يتم طمس جميع معالمها وانا أقول إنه عن قصد فثمت عبارة دائما يكررها الناس أن الجيل الذي أسس العاصمة  لم يجد هنا سوى أشجار من الفرنان أومجموعة من الذئاب وهذا كذب وزور وإفك عظيم  فقد وجدوا أمامهم مدية لكصر مدينة متكاملة وفيها مئات الدور وفيها سوق وفيها متاجر وفيها مستشفى وفيها مطار وبالتالي مدينة متكاملة لها خدماتها .

انت  إذا اتيت مدينة  اسمها نواكشوط توجد بها قرية اسمها لكصر و قطعت مسافة أقل من كلم،  وبدأت تقيم المباني وأعطيتها نفس الإسم ولم تسمها مدينة الوقواق ولا المدينة الجديدة .

نواكشوط: كلمة بربرية لها لغات مختلفة  قيل معناها ذات واكشوط نوع من الأصداف  وأيضا نوع من الأفاعي .

وخلاصة القول أن ثمت طمس متعمد لمعالم المنطقة  وحتى الشوارع التي تمت تسميها الآن فتفرغ زينه تمت تسمية جميع شوارعها ولايوجد فيها شارع واحد يحمل اسم علم من أعلام المنطقة.

أنت تريد تسمية مقاطعة مليئة بالشوارع عليك أن تبدأ بالموريتانيين  ثم بأسماء الصحابة والمؤرخين القدماء والعلماء واجعل فيها أعلاما من أهل المنطقة من علماء وشعراء ومجاهدين و أمراء إلى آخره .

قرى تم تفكيها مع بداية الاستقلال . طرفاية منصور كانت عندها شبه ميناء للسفن الاروبية والزوارق التي هي ملك لنفس القرية وقد تم تفكيكها لأن جزئها الجنوبي أقيم عليه ميناء الورف  الميناء الحالي القديم وجزئها الشمالي  يمتد إلى المنطقة التي يوجد عليها الآن شاطئ الصيادين .

سكان قرية طرفاية منصور منهم من أرغم على الدخول في نواكشوط  ومنهم من تم تصفيره إلى قرية اجريده وفي ذالك الوقت لا تزال قرية اجريده قائمة ومنهم من تم تصفيره إلى قرية بلوخ  كما تم القضاء على الكثير من القرى كقرية لمتات وقرية جلوه وقرية 28 قرية حرث الفرنانة إلى آخره طبعا، أهل بوحبين وبعض  العناصر التي تسكن المنطقة التي تأتي تاريخيا لممارسة النشاط الاقتصادي أو للحماية أوللدراسة لأغراض متعددة.