المرحوم عمر بن معطل لموقع الفكر: يجب أن يراعى في إصلاح التعليم، البرامج، و تكوين الأطقم التربوية وإنشاء البنى التحتية اللازمة

موقع الفكر: ما الأسس الموضوعية الفنية للإصلاح الجاد والعناصر اللازم توفرها كي يبلغ الإصلاح مداه؟

عمر معط الله: يجب أن يراعى الإصلاح عدة أمور من أهمها البرامج، و تكوين الأطقم التربوية من مدرسين ومشرفين،  وإنشاء البنى التحتية اللازمة من مدارس وجامعات وغيرها من المباني الإدارية للتعليم ، ويجب كذلك الالتفات إلى الوضعية المالية للأساتذة والمعلمين، وينبغي كذلك مراعاة ظروف وضعية عديد من الأطفال الذين لا يجدون ما يعينهم على متابعة الدراسة، نظرا لضعف أسرهم ضعفا ماديا لا يتأتى معه التعليم، فلا بد من نظام الكفالات المدرسية المتضمن للتغذية والزي المدرسي الموحد كما لا بد من   توفير مصادر للدخل  لذويهم  تمكنهم من الاستغناء عن تشغيلهم في سن الدراسة .

ولأن الوسائل تطورت لا بد كذلك من التأقلم مع وسائل الإيضاح والشرح الجديدة ، لأن التعليم تطور ووسائل الإيضاح تطورت ووسائل الاتصال تطورت، فيلزم الدولة أن تراعي ذلك وتوفر معدات ووسائل عصرية.

ولا بد من التفكير في طريقة يكون بها المنهج على مستوى يمكن للتلميذ الاستفادة منه وأذكر أنني زرت السودان ولاحظت أن نسبة النجاح تصل إلى 80 % وطلبت منهم جذاذات للامتحان وعندما عدت إلى موريتانيا استدعيت المسؤولين الفنيين للبكالوريا وطلبت منهم  تقويم هذه الجذاذات فقالوا لي بكل افتخار هذا مستوى السنة الثالثة الإعدادية عندنا. فقلت لهم إن السودانيين عرفوا حقيقة تلاميذهم وامتحنوهم على أساسها  ونحن نريد من تلاميذنا أن يكونوا عباقرة ولم نعطهم الوسائل اللازمة لذلك ولا يمكننا إعطاؤها لهم بالطبع ، فأنت عندما تطرح سؤال على تلميذ تستغرق إجابته من الأستاذ ساعة فكم من الوقت يلزم التلميذ كي يجيب عنه!.

 فيلزم أن يكون السؤال سهلا بالنسبة للأستاذ ويكون على مستوى التلميذ، وليس هذا نقدا للقائمين على الامتحانات؛ لأنهم مقيدون بالإصلاح ومقيدون بالبرنامج، ويطرحون الأسئلة من البرنامج والبرنامج قانون،  وإذا لم يتغير البرنامج سيظلون يطرحون نفس الأسئلة، والنتيجة هي نفسها، لأن المستوى أضعف من الأسئلة التي تطرح، وهذا من أكبر المشاكل المطروحة لأبنائنا، فنحن أبناؤنا أذكياء وكثير من الآباء يستثمرون في الأبناء فيستأجر أساتذة في دروس خصوصية في كل المواد من رياضيات وفيزياء ولكن إذا جاء الامتحان يذهب كل شيء أدراج الرياح؛ لأن الامتحان صعب وبعض الأحيان يكون طويلا وفيه ألغاز وهذا هو نفس المنهج الذي كان سائدا، فنفس الأسئلة التي طرحت علي في البكالوريا  هي نفسها التي تطرح على أبنائي اليوم وهذا ليس موضوعيا.

 فيلزمنا أن نراجع هذا المعضل ونتوقف عن جلد ذواتنا فمن يتجاوز عقبة البكالوريا من أبنائنا ويذهب إلى الخارج يتفوق أحيانا؛ لأن أبناءنا ليسوا بلداء، إذن لا يمكن أن نتابع ونواصل التضحية بالأجيال بعد الأجيال من أجل أمور بسيطة يمكن الاستغناء عنها، ويمكن استبدال البرامج ببرامج أخرى والساعات بساعات أخرى.  

فمثلا لماذا لا يكون امتحان البكالوريا عبارة عن عمل  تراكمي من عمل التلميذ في آخر ثلاث سنين من الثانوية، فتكون ثلاث سنين في كل سنة لديك نسبة من برنامج الباكلوريا، ويبقى ربع هو الذي تمتحن عليه في الباكلوريا، بعد النهاية تكون قد حصلت على شيئا وبعد إجراء امتحان الباكلوريا تكون عندك نتيجة تضاف إلى عملك طيلة ثلاث سنين فما المانع من هذا؟ فبدلا من أن يكون مسار طويل من التعليم من الابتدائية إلى الثانوية يتم تحديد مصير أصحابه والحكم عليهم في أربعة أيام وهذا ليس منصفا.

أظن أن هذه الأفكار وغيرها إن وجدت من يعكف عليها و يستمع إليها بجدية يمكن أن تكون حلا مبشرا للأبناء وللآباء؛ لأننا لا يمكن أن نكون بلداء في التعليم وحده.

فنحن قد تألقنا في  القطاعات الأخرى التي شهدت نهضة و تطورا ملحوظا مثل المجال الأمني و المجال  التجاري و الطبي والتجاري  و حتى الرياضي وتبقى المشكلة في التعليم وحده، فهناك خلل يجب البحث عنه، أين هذا الخلل؟ يجب أن نبحث عنه جميعا.