محظرة أهل أحمدو فال...مسيرة قرنين في التربية والإصلاح والتأليف/ إعداد موقع الفكر

على الوهاد من نجد البشام استقرت معالم حضارة إسلام وإيمان وإحسان، وترسخت معالم كرم وفضل شدت حباله إلى أواخي العلم والأدب والتربية المجنحة برفيف القرآن وتحبيره آناء الليل وأطراف النهار، وبين تلك النجاد والوهاد أنجب حي حلة الأربعين جوادا على مدار تاريخه أجلاء العلماء وأفذاذ الشعراء وقامات الفضل والسيادة.
ومن بين تلك الأعلام الخالدة والقمم المنيرة التي أضاءت تاريخ المحظرة الشنقيطية يتربع الإمام محمذن فال بن أحمدو فال وأبناؤه وتلاميذه من بعده
شيخ الأربعين ..وإمام النصيحة
هو المرابط  محمذن فال بن أحمدُّو فال بن إميجن بن عبد الله الحلي التندغي وقد غلب عليها لقب لمرابط ولد أحمدو فال
تنسم المرابط نفحات الحياة في حدود 1250هج/1834 م في ضواحي منهل ما يكوم، قرب ربوع أهله في علب آدرس، وظل بين تلك الوهاد والنجاد إلى وفاته سنة 1926 م، حيث دفن في مقبرة آنواتيل مع أسلافه المنعمين.
أما والدته فهي رازكة بنت محمذن فال بن سيدينا العلوي، وعليها على جده أخذ علوما وافرا ودرس الكتاب الصغار أو كتب الصغار كما يقال على جده، الذي توفي والمرابط في حدود 16 سنة، ثم أكمل مسيرته العلمية
ولد في حدود سنة 1250هـ/ 1834م في مرابع قومه بين بئريْ مَايْـﯖُومْ (المُقيم ) وعلب آدرس من أرض آمشتيل وتوفي في ذات الربوع رحمة الله عليه في سنة 1345هـ/ 1926م ودفن في مقبرة انواتيل الشهيرة مع آبائه الثلاثة المذكورين أعلاه، وكذلك أمه رازﯖُـة بنت محمذفال بن سيدينا العلوية.

ولا يعرف للشيخ المرابط شيوخ سوى جده لأم محمذن فال بن سيدينا الذي أخذ عليه ورد الطريقة التيجانية، أو شيخه في القرآن أحمد بن المعمر بن البخاري، وقد فتح له أبواب المعارف ببركة بره بوالدته، حيث آثر رضاها على السير إلى المحاظر واعتكف على دراسة الكتب لتنطلق محظرته وهو في ميعة الشباب وليكون أبرز علماء الجانب الشرقي من الترارزة والبراكنة، حيث أقبل إليه أجلاء الطلاب من كل حدب وصوب ونهل من معارفه أجلاء العلماء وتدفقت سيرته العطرة إلى القلوب، فكان مثالا للصلاح والتربية وحسن التدريس والموسوعية، وقوة العارضة وحسن الصياغة والاستدلال في الإفتاء.

ومن أشهر من أخذ عنه من التلاميذ والشخصيات العلمية المعروفة كل من:
العلامة اللغوي الشهير أحمد محمود بن يدَّاد الحسني 
العلامة الشاعر ابَّد بن محمود العلوي 
الشيخ حمود بن محمدَا الأجيجبي
العالم الجليل موناك بن مبرك التندغي 
العالم المدرس الشيخ محمد حامد بن آلّا الحسني 
العالم المدرس محمد عالي بن فتى العلوي 
الشيخ المصطفى بن حبيب التندغي 
الشيخ المربي محمد بن محمد العيدي الأبييري
الشاعر محمد الأمين بن الشيخ المعلوم البصادي
العلامة القاضي محمد عبد الله بن أحمذي الحسني 
الشيخ العالم محمد محفوظ بن أحمذي الحسني 
وممن تصدر على الشيخ المرابط ولد أحمدو فال أبناؤه المكرمون الذين أقاموا أركان المحظرة من بعده، وواصلوا نهجه في التربية والتعليم وهم 
محمد خالد 
أحمد 
محمد الحافظ 
محمدّن 
محمدِي فال 
أحمدّو فال 

وقد اشتهر ابنه محمدن الملقب بيحيى بالعلم والقضاء حيث تولى القضاء في قبيلته ومحيطه زهاء ستين سنة، وتصدر عليه جم غفير من العلماء والقضاة والمدرسين منهم على سبيل المثال
سيدي محمد ولد آبه العلوي 
القاضي محمد يحي ولد محمد 
محمد يحي ولد محمد الحافظ 
اكليكم ولد متالي التندغي 
الدنبجة بن معاوية 
أحمدو ولد محمد خالد التندغي 
محمد فال ولد القاضي التندغي 
أحمدو فال ولد محمد الحافظ التندغي 
محمدن فال ولد القاضي التندغي 
الشاعر الكبير محمد الحافظ ولد أحمدو
الإمام محمد محمود ولد أحمد يوره ولد الرباني
محمد المصطفى ولد الندى الأجيجبي 
الشيخ محمد المصطفى ولد الشيخ أبي المعالي التاكاطي 
الشيباني ولد الفغ 

وقد عرفت محظرة أهل أحمدو فال بوفرة الإنتاج العلمي نثرا وشعرا، وتضافرت على ذلك الأجيال ومن تلك المؤلفات على سبيل المثال 
- نظم الفقه والفوائد في النوازل والشواهد 
- نظم العقيدة: على نمط إضاءة الدجنة فيما يزيد على 600 بيت
- نظم في المعية 
- كتاب منظوم في أحكام مستغرقي الذمة
- نظم في العروض
- أنظام في النحو على طرة ابن بون
- نظم في الرياضيات والحساب
- أنظام لغوية متعددة
- كتاب النصيحة الكافية
أحكام وفتاوى ونوازل متعددة
ديوان شعر كبير
أما نجله محمدن الملقب يحيى فقد ترك مكتبة موسوعية، تضم عشرات المؤلفات في تخصصات فقهية ولغوية متعددة وقد حقق أكثرها في رسائل جامعية متعددة، ومنها على سبيل المثال:
نظم أيام العرب
توشيح طرة ابن بون 
نقلة أدبية
 نظم المقرأ
نظم القوافي
تظم أمثلة العرب
نظم البيان
كتاب الديباجة
نظم حوادث السنين
نوازل الإحياء، 
الفرج بعد الحرج
نظم فضائل الأعمال
تبصرة الجاهل
نظم الجمعة،
نظم الأخضري
نظم البيع
نظم توشيح ابن بري
نظم الناسخ والمنسوخ
نظم الشمـائل
نظم الفـرائض

محظرة أهل أحمدو فال ..منهل التربية ومورد العارفين

عرف عن محظرة أهل أحمدو بتأثيرها الروحي الكبير في المنطقة، وبعمق أثرها في تلاميذها ومريدي أشياخها، وحرص أساتذها على الدعوة وتهذيب النفوس وتوجيه المجتمع إلى محامد الأخلاق ومحاسن الصفات
وقد اشتهرت قصيدة المرابط بن أحمدو فال المعروفة بالنصيحة الكافية وشرحها أكثر من عالم ودخلت في مقررات القيم والأخلاق لدى المحاظر الموريتانية، وفيها يقول
ولا تتركوا التقوى بواجِبِ فَرْضِكم * فكَسرُ جَهُولِ الفَرضِ ليس له جَبر
فإن كان ذا شَيبٍ فلا الشّيْبُ نافِعٌ * وإن كان ذا كِبرٍ فلا ينفَعُ الكِبر
فلا الكِبرُ عُذرٌ لا ولا شُغْلُ جاهلٍ * بعُذرٍ ولا مالُ الغَنيِّ له عُذر
ألا فاعْلَموا أنّ التَّعلُّمَ تَركُه * إلى الكُفرِ داعٍ بل بِساحتِه الكُفر
فجاهِلُ فَرضٍ لا لَديْه فَرِيضةٌ * وليسَ له شَفعٌ وليس له وَتر
فإن عاش يوما عاش عَيْشًا مُذمَّما * وتلقاه إن مات المَهانةُ والخُسر

ويحض المرابط في بعض مقاطع النصحية على قيم إسلامية متعددة، حيث يقول:
ولا تقطَعوا الأرحامَ فالقَـطعُ قــاطِعٌ *ووَصْلُ ذَوِيها القُرْبُ والوَصلُ والنَّصر
يُنـالُ بها عَيــشٌ هَنِــيءٌ ورِفـــــعَةٌ * يَطُــولُ بها عُمْــرٌ ولو قَصُــرَ العُمـر
أَرى القَطعَ صارَ اليومَ دَيدَنَ دهرِكم * وطابَتْ به نَفــسٌ وطــاب به صَـدر
فكُــــونوا عِبَـــادَ اللهِ إخــــوَانَ مِلّــةٍ * فلا حــسدٌ منــكم يكــونُ ولا كِبْـر
وقد كان المرابط بن أحمدو فال ممدحا تناثرت في شغاف التاريخ مدائحه شعرا فصيحا ولهجيا ومن ذلك قول العالم الجليل الشيخ محمد أحمد بن الرباني
فذاك سيد هذا العصر قـــــاطبة * وأكرم القوم أعمـــــاما وأخــوالا
حلَّى به الله إذ ولاه خطّتَــــــــه * من خُرّد العدل جيدا كان مِعْطالا 
ناهيك من صحة الأنقال أنْ قـالا * لخّصت بين صحاح الكتب أنقــالا
فما ارتشى قط في حكم ولا مالا * ولا رزا مسلما عرضا ولا مـــالا
قرم تَجمّع فيه كل مكـــــــــرمة * علما وحلما وإغضاءً وإفضـــــالا
ودفع ضر وإيصـــــــال لمنفعة * عمت فيا لهما حذفا وإيصــــــــالا 
حتى على كل ذي سن علا رتبا * شيبا ومردا ويفعــــــانا وأطفالا 
ما زال يقفو أباه في منـــــاقبه * والشِّبل يخلف حين البأس رِئْبالا
كلاهما حاز من كل المحامد ما * يناسب الفضل تفصيلا وإجمالا
فذاك أحمدُّو فالا في منــــــاقبه * وذاك في أمره محمذن فــــالا
فجاء كل من الفالبين متصفـــا * به مسماه أفعالا وأقـــــــــــوالا
لم يُعْنَ قَطُّ بغير المكرمات وما * نال امرؤٌ من عظيم المجد ما نالا
فسل به من كتـــــاب اله جملته * متنا وحفظا وتجــــويدا وإنزالا
وما حوته صحاح الكتب من أثر * صحت روايته رفعا وإرســـــــــالا
والأصبحيُّ وما تحوي طــوائفه * من المسائل أبحـــــــــاثا وأنقالا 
وما تعاطاه أصحاب الجُنيْدِ على * نهج السلوك مقامات وأحـــوالا 
والأشعريُّ وما تُبديه شيعتُـــه * في شبهة الزيغ تصحيحا وإعلالا 
وما الكسائِي وعمرو أثبتا لأولي * مِصريْهما الغُرِّ أسمـــــاء وأفعالا 
كذاك ما لذوي التصريف من صيغ * تصرف اللفظ تصحيحا وإعلــالا 
فمن يروم مداه في مفــــــــاخره * كمن يروم من اليــاقوت أجبالا 
يا سيدا عظمت في الكون رُتبتُـه * وحيث قال فإن القول ما قـــالا
لم يُلق بالا إلى فعل الجهول وإن* قال الجَهول فلا يلقي له البالا

وما تزال محظرة آل أحمدو فال تواصل عطاءها العلمي وإشراقها الروحي، ويقوم على أنشطتها العلمية ومحاضرها وأعمالها الدعوية وإنتاجها العلمي من كتب ودورات ومنتديات ثقافية عدد معتبر من الدكاترة والأئمة والعلماء منهم على سبيل المثال:
العالم المدرس شيخ محظرة علب آدرس أحمدُ بن محمدي بن أحمد بن لمرابط ابن أحمدوفال
وكذلك العالم الأديب النائب السابق محمدن بن محمد الحافظ
وكذا الشيخ محمد يحيى بن محمدن بن أحمدو فال
والعالم المؤرخ أحمد بن محمد يحيى بن أحمدو فال
إضافة إلى شخصيات متعددة من أحفاد المرابط وقد سرى في حفدته ما كان في أسلافهم من علم وتقوى
إذا ما مضى سيد منهم    أتى سيد يخلف السيدا