هل تنقذ تحلية المياه بالطاقة المتجددة المغرب من أزمة الجفاف؟

برزت تحلية المياه بالطاقة المتجددة واحدة من أهم الحلول أمام المغرب الذي يعاني من شح الموارد، وسط أكبر أزمة جفاف منذ 6 عقود.

ويعمل المغرب، الذي يعدّ في مقدمة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الاعتماد على الكهرباء النظيفة، على تسخير الطاقة المتجددة من أجل وضع حلول للمشكلات التي يواجهها.

كان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أعلن خلال افتتاحه الدورة الخريفية للبرلمان المغربي أن بلاده تمرّ بمرحلة جفاف شديدة، هي الأسوأ منذ أكثر من 3 عقود، قائلًا: "المغرب بدأ يعيش في حالة من الإجهاد المائي الهيكلي".

وشدد ملك المغرب على أن الوضع الراهن للموارد المائية يتطلب من الجميع أن يكونوا صريحين ومسؤولين، مطالبًا بوقف جميع أشكال الهدر والاستغلال العشوائي وغير المسؤول للمياه.

تحلية مياه البحر بالطاقة المتجددة

أكد العديد من الخبراء والمسؤولين أن تحلية مياه البحر واحدة من أهم الحلول أمام المغرب لمواجهة أزمة مشكلة الجفاف وشح الموارد التي تفاقمت بفعل تغير المناخ.

وتستهدف المغرب التوسع في مشروعات تحلية المياه بالطاقة المتجددة ضمن خطّتها لخفض فاتورة المشتقات النفطية، وكذلك تأمين احتياجاتها مواطنيها من المياه النظيفة.

وقالت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب الدكتورة ليلى بنعلي في حوارها مع منصة الطاقة المتخصصة في 14 سبتمبر/أيلول (2022)، إن تزويد محطات تحلية المياه بالطاقات المتجددة، خاصة الرياح والشمس، على رأس المشروعات التي يولي القطاع اهتمامه بتنفيذها والتوسع بها خلال المرحلة المقبلة.

وأشارت إلى أن أول محطة لتحلية المياه بالطاقة المتجددة قد رُخِّصَ لها من طرف الوزارة بجهة الداخلة، من أجل سقيا نحو 5 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية.

وأوضحت أن هناك مشروعًا آخر قيد التطوير لتنفيذ محطة لتحلية المياه بالطاقة المتجددة بجهة "الدار البيضاء-سطات" لإنتاج 200 مليون متر مكعب من الماء، من المتوقع أن يدخل حيز التشغيل بحلول 2026.

الطاقة المتجددة في المغرب

يأتي التحول إلى تحلية المياه بالطاقة المتجددة في المغرب في ظل الطموحات الكبيرة للرباط برفع حصة مصادر المشروعات النظيفة من مزيج الكهرباء الوطنية، والمحددة سابقًا بـ52%، بحلول 2030.

وفي هذا الإطار، وضع المغرب قائمة بـ 61 مشروعًا قيد التطوير أو التنفيذ بقدرة 4.6 غيغاواط، واستثمارات 53 مليار درهم (5.71 مليار دولار).

وشدد وزير الانتقال الطاقي المغربية على ضرورة اعتماد برنامج لدعم جميع محطات تحلية المياه بوحدات إنتاج الطاقات المتجددة، من أجل تمكينها من الاستقلالية والترشيد في استهلاك في الطاقة، على غرار محطة الرياح في مدينة الداخلة.

فاتورة تحلية المياه

نجح المغرب خلال السنوات الماضية من خفض تكلفة تحلية مياه البحر من 50 درهمًا (5 دولارات)، إلى 10 دراهم فقط (0.91 دولارًا أميركيًا) للمتر المكعب، وهو سعر معتمد على مستوى جميع بلدان العالم.

ويحاول المغرب خفض التكلفة خلال الاستثمار في تحلية المياه بالطاقة المتجددة، وعدم الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وشدد وزير التجهيز والماء نزار بركة في تصريحات سابقة على أن الحل الوحيد لمواجهة نقص الموارد المائية في المغرب هو التركيز على تحلية المياه، وفتح الباب أمام الاستثمارات.

يعتمد المغرب على التحلية في أكادير والحسيمة، كما وُضِعت عدّة مشروعات قيد التطوير بحلول 2027 في الدار البيضاء، بسعة تُقدَّر بـ 300 مليون متر مكعب سنويًا.

كان المغرب قد أطلق، في يناير/كانون الثاني 2020، برنامجًا وطنيًا للتزود بمياه الشرب والري 2020-2027، يعمل من خلال على دعم وتنويع مصادر الماء وتنمية العرض المائي، لا سيما عبر بناء السدود وإعادة استعمال المياه العادمة في الري، إلى جانب استكشاف المياه الجوفية وإنجاز محطات لتحلية مياه البحر، والتوسع في مشروعات تحلية مياه البحر بالطاقة المتجددة.

تقنية التناضح العكسي

دشّن المغرب، خلال الأسبوع الماضي، مشروعًا لتحلية المياه بتقنية التناضح العكسي في مدينة بالعيون.

وتستهدف المحطة الجديدة لتحلية مياه البحر تزويد مدينة بالعيون والمراكز المجاورة المرسى وفم الواد وتاروما بالماء الصالح للشرب.

تبلغ تكلفة المشروع الإجمالية نحو 450 مليون درهم (41 مليون دولار)، ويعمل على إنتاج 26 ألف متر مكعب يوميًا من الماء الصالح للشرب، عن طريق تحلية مياه البحر باستخدام تقنية التناضح العكسي مع استغلال أحدث التقنيات في هذا المجال، لا سيما نظام استعادة الطاقة لخفض تكلفة إنتاج المتر المكعب من المياه المحلاة.

رفع المشروع الطاقة الإنتاجية لماء الشرب بمدينة العيون إلى نحو 66 ألف و700 متر مكعب يوميًا، من بينها 52 ألف متر مكعب يوميًا عن طريق تحلية مياه البحر، وأكثر من 14.700 متر مكعب يوميًا من الموارد الجوفية.

يضاف المشروع إلى 3 مشروعات إستراتيجية لتحلية مياه البحر أُنجِزَت خلال السنوات الـ3 الماضية، بكل من الحسيمة في مايو/أيار 2020، وطرفاية في فبراير/شباط 2021، وأكادير في يناير/كانون الثاني 2022.

رفعت المشروعات الطاقة الإنتاجية للماء الصالح للشرب عبر تحلية مياه البحر بمقدار 6 أضعاف من 38 ألف متر مكعب يوميًا إلى 232 ألف متر مكعب يوميًا خلال المدة 2020-2022.

 

نقلا عن منصة الطاقة