ارتفاع الدولار خلال سنة 2022، يخفض سعر الذهب، وتوقعات بارتفاع سعره العام القادم !!

شهدت أسعار الذهب عالميًا تقلبات حادة، خلال عام 2022، مع اتجاه البنوك المركزية لرفع الفائدة من أجل كبح جماح التضخم، والمخاوف الاقتصادية والجيوسياسية بفعل الغزو الروسي لأوكرانيا.

وكان المفترض أن يلمع بريق المعدن الأصفر وسط الحرب الروسية الأوكرانية وتسارع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي، إلا أن الأداء جاء باهتًا، مع التشديد النقدي الصارم الذي انتهجه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في 2022.

وأدّى ارتفاع الدولار الأميركي عند أعلى مستوى في عقدين، وزيادة معدلات الفائدة، إلى الضغط على المعدن الأصفر في غالبية العام.

وتعكس تقلبات أسعار الذهب في 2022 المعادلة الصعبة التي تحاول البنوك المركزية تحقيقها من خلال التوازن بين مواجهة التضخم المرتفع والحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي.

أسعار الذهب في 2022

سجّلت أسعار الذهب خسائر طفيفة بنحو 0.1% خلال عام 2022، بعد أنهت جلسات العام عند مستوى 1826.20 دولارًا للأوقية، وفق وحدة أبحاث الطاقة.

وكانت أسعار المعدن الأصفر قد سجّلت، العام الماضي، أسوأ أداء سنوي منذ عام 2015، بعدما تراجعت بنحو 3.5%، ما يعادل 66.4 دولارًا؛ إذ أدّى التعافي الاقتصادي العالمي بعد وباء كورونا إلى خفض الطلب على المعدن الذي يُعَد ملاذًا آمنًا.

ومع التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا، اتخذت أسعار الذهب مسارًا صعوديًا منذ بداية 2022 وتجاوزت مستوى 1900 دولار للأوقية أواخر فبراير/شباط 2022، بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

وعزز المعدن الأصفر مكاسبه حتى كسر حاجز 2000 دولار للأوقية، في جلسة 8 مارس/آذار، للمرة الأولى منذ أغسطس/آب 2020، مع المخاوف الجيوسياسية وارتفاع معدلات التضخم، لكنه بدأ موجة تراجعات حادة، بعد أن افتتح الاحتياطي الفيدرالي عمليات رفع معدلات الفائدة في الشهر ذاته لأول مرة منذ عام 2018.

ومنذ ذلك الحين، شهدت أسعار الذهب تقلبات حادة بين مستويات 1700 و1800 دولار للأوقية، مع ارتفاع أسعار الفائدة ومن ثم الدولار الأميركي من جهة والمخاوف الاقتصادية والجيوسياسية من جهة أخرى.

وهبط المعدن الأصفر في أواخر سبتمبر/أيلول إلى أقل مستوى في أكثر من عامين، قبل أن يعاود تسجيله مرة أخرى أوائل نوفمبر/تشرين الثاني فوق 1630 دولارًا للأوقية.

وارتفعت أسعار الذهب بنحو 200 دولار تقريبًا منذ تسجيل أقل مستوى في عامين، بعدما بدأ الاحتياطي الفيدرالي تخفيف وتيرة رفع الفائدة الأميركية، لكن ذلك لم يكن كافيًا لتحقيق مكاسب سنوية.

العوامل المؤثرة في أداء الذهب

تضررت أسعار الذهب في 2022 :

- رفع معدلات الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية حول العالم، لمواجهة ارتفاع معدل التضخم، الذي سجل في أميركا أعلى مستوياته منذ أكثر من 40 عامًا.

ورفع الفيدرالي الأميركي معدلات الفائدة 7 مرات خلال 2022؛ منها 4 مرات متتالية بمقدار 75 نفطة أساس، لتصل إلى نطاق 4.25% و4.50%.وأدّى ذلك إلى ارتفاع الدولار الأميركي لأعلى مستوياته في 20 عامًا -قبل أن يقلص مكاسبه- ما جعل المعدن الأصفر أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.

- تشديد السياسة النقدية من جانب الفيدرالي في صعود عوائد سندات الخزانة الأميركية، وهو ما يزيد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الأصفر.

وبسبب هذه العوامل سالفة الذكر لم تستفِد أسعار الذهب كعادتها من تسارع التضخم -الذي يدعم المعدن النفيس بصفته مخزنًا للقيمة وأداة تحوط- وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي إلى جانب الاضطرابات الجيوسياسية.

ورغم ذلك؛ فقد كان اتجاه الفيدرالي الأميركي إلى تقليص وتيرة رفع الفائدة، في اجتماعه الأخير، من 0.75% إلى 0.50%، عاملًا رئيسًا في عودة أسعار المعدن الأصفر للارتفاع أواخر العام.

-  الطلب العالمي على الذهب من العوامل الداعمة للأسعار في 2022، خاصة من قبل المصارف المركزية، التي اشترت المعدن الأصفر بوتيرة قياسية بصفته ملاذًا آمنًا خلال أوقات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي والتضخم المرتفع.

وتظهر أحدث البيانات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي، أن البنوك المركزية أضافت 399 طنًا في الربع الثالث من عام 2022، بزيادة 341% على أساس سنوي، وهو أفضل أداء فصلي على الإطلاق.

وارتفع صافي مشتريات المصارف المركزية من الذهب بنسبة 62%، خلال المدة من يناير/كانون الثاني حتى سبتمبر/أيلول 2022، ليصل إلى 673 طنًا، متجاوزًا المشتريات في أيّ عام كامل سابقًا منذ 1967.

وبصفة عامة، صعد إجمالي الطلب العالمي على الذهب بنسبة 18% على أساس سنوي خلال أول 9 أشهر من 2022، ليصل إلى مستوى 3386.5 طنًا، حسب البيانات التي اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.

ويشمل ذلك طلب المستهلكين على الجواهر والطلب الاستثماري على المعدن الأصفر، اللذين ارتفعا 2% و26% خلال أول 9 أشهر من 2022، إلى جانب مشتريات البنوك المركزية،

&- توقعات أسعار الذهب في 2023

يرى بنك الاستثمار الهولندي آي إن جي أن أسعار الذهب ستظل في اتجاه هبوطي خلال دورة التشديد النقدي المستمرة للاحتياطي الفيدرالي، لكن المزيد من التلميحات بشأن تخفيف هذا النهج سيقدم دعمًا للأسعار.

وحتى يحدث ذلك يجب أن يُظهر التضخم علامات على انخفاض كبير خلال عام 2023، وهو الأمر المتوقع حدوثه في النصف الثاني من العام المقبل، لترتفع أسعار الذهب فوق 1850 دولارًا للأوقية، خلال الربع الرابع من العام نفسه، حسب البنك الهولندي.

بينما يتوقّع المحلل لدى "سويس آسيا كابيتال"، يورغ كينر، أن تتراوح أسعار الذهب بين 2500 و4 آلاف دولار للأوقية خلال العام المقبل، مع مخاوف الركود الاقتصادي، وفق ما نقلته شبكة سي إن بي سي الأميركية.

ويتوقع محللو بنك الاستثمار الدنماركي ساكسو بنك ارتفاع سعر المعدن الأصفر إلى 3 آلاف دولار للأوقية في العام المقبل، مقارنة بمستويات 1800 دولار في الوقت الحالي.

منصة الطاقة بتصرف.