التقويم الشمسي والقمري/ عبد الله سالم اللوه

قد يستغرب بعضنا من كون شهر يناير هو الشهر الأول من السنة الميلادية ومع ذلك يطلق عليه اكثر العرب اسم كانون الثاني في حين يطلقون اسم كانون الأول على آخر شهور السنة وهو دجمبر. 
أما أن لهذا سببا وجيها وهو أن السريان _ وهم شعب آرامي سامي ينتمي إليه العرب نسبا _ كان لهم تقويم شمسي خاص بهم يبدأ بشهر نيسان الذي يتفق مع شهر أبريل الروماني ثم إن الرومان اعتنقوا المسيحية وجعلوا شهر يناير أول شهور السنة الشمسية عندهم نظرا لكونه أول شهر بعد مولد المسيح عليه السلام ثم اعتنق السريان وبقية شعوب العراق والشام المسيحية فلم يغيروا أسماء الشهور الشمسية في تقويمهم بل احتفظوا بها لكن غيروا اول السنة فجعلوا السنة تبدا بكانون الثاني الذي يتزامن مع يناير انسجاما مع اعتماد ميلاد المسيح في نهاية كانون الثاني المتزامن مع دجنبر .فترتيب اشهر السنة هو: كانون الثاني. شباط. آذار. نيسان. أيار. حزيران. تموز . آب. أيلول. تشرين الأول. تشرين الثاني. كانون الأول .
بالنسبة للعرب الجاهليين كان التقويم المعتمد تقويما قمريا كما هو حال التقويم عند العبرانيين لكن العبرانيين رغبة منهم في جعل أعيادهم الكبرى وصيامهم مرتبطا بالخريف ابتدعوا اسلوبا للتوفيق بين تقويمهم القمري والتقويم الشمسي تمثل في إضافة الشهر الثالث عشر كل ثلاث سنوات ومن المفسرين من يرى ان هذا هو النسي المذموم في القران وأن في قوله تعالى ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا) رد على اليهود .
أما العرب فإن حاجتهم للسنة الشمسية في ضبط بعض الأمور المرتبطة بالنشاط الاقتصادي ( مواسم الفلاحة والرعي وحتى التجارة) جعلتهم ومنذ الجاهلية يستخدمون التقويم الشمسي مع القمري ولكنهم كانوا يستخدمون في الغالب الأسماء السريانية للأشهر الشمسية . غير أن بعضهم استخدم اسماء اخرى على نطاق ضيق فكانوا يسمون الأشهر الشمسية هكذا: عادل. ناطل. واغل. رنة. برك. مؤتمر. ناجر. خوان. صوان. ايده. الأصم. وقد ورد ذكر شهر ناجر _ وهو يوليو "تموز"_ في شعر علقمة بن عبدة التميمي .
كما ان الاسماء الرومانية لهذه الأشهر ( يناير. فبراير. مارس.....) كانت مستعملة عندهم على نطاق أضيق.
الغريب في الأمر أن معمر بن محمد بن عبد السلام بن ابي منيار القحصي القذافي السلمي حاكم ليبيا السابق حين بدا شطحاته المتمثلة في تغيير اسماء الأشياء اراد ان يجعل لهذه الشهور اسماء أخذها من البيئة العربية ربما لأن باعه لم يكن طويلا في معرفة التراث العربي إذ لم يتجاوز تعليمه الثانوية وأخذ السلطة وهو في 27 من عمره وشغلته السلطة عن التعمق في مطالعة التراث فاغلب الظن انه لم يطلع على نهاية الارب للنويري وصبح الاعشى القلقشندي والأزمنة والامكنة لاين عمه المرزوقي وغيرها من الكتب التي تحدثت عن الأسماء العربية ( عادل . ناطل ....) الأشهر الشمسية ولعله لم يطلع على الصلة الوطيدة بين العرب والسريان وأن لغة إبراهيم عليه السلام كانت سريانية مما يجعل الاسماء السريانية للاشهر الشمسية مستساغة في العربية. كل هذا لم يطلع عليه الرجل فاطلق اسماء "عربية" من اختراعه على هذه الأشهر بعضها من وحي التاريخ الحديث الذي يعجبه كتسمية تموز بشهر ناصر وتسمية ايلول بشهر الفاتح ولعل بعض أسمائه مشتقة من امور مرتبطة بالشهور في البيئة الليبية ( شهر الطير. شهر الحرث. شهر التمور....) ومن اطرفها تسمية آب باسم حنبعل ( عبد العزى) القائد القرطاجي.