الشاب موسى ..يتكسب من على كرسي متحرك ويحمل لافتة ضد التدخين (تقرير)

بابتسامة مشرقة، وقلب ينبض رضى ومحبة، يجوب الشاب المقعد موسى جنبات سوق العاصمة بنواكشوط، يعرض بضاعته المزجاة من أسورة الزينة والحلي المعروف شعبيا ب"سلقلق"، لكن كيس الحلى المحمول بين يدي "موسى" يحمل عبارة:" التدخين يسبب سرطان الرئة" شعار اختاره ليكون عنوان معركته ضد هذه ظاهرة مشينة وعادة دميمة كثيرا ما أورثت متعاطيها المرض والبؤس والوهن!!

لا أحد في سوق العاصمة يجهل الشاب موسى أو يمكن أن يتجاهل نكاته الطريفة التي تشيع البهجة والحبور في أجواء السوق المثقل بمعاناة وهموم الساعين لكسب قوتهم من سكان أحياء الضواحي، من باعة متجولين أو ذوي عربات مدفوعة وحتى ممن لا يجدون غير الشارع لتسويق معروضاتهم البسيطة.

يقول موسى أن اختياره لرخيص الحلي، أو "سلقلق" ليس لخفة حمله ورخص ثمنه، بل لما يحمل من دلالات الرقة والعطف فالمرأة رمز الحنان، وهناك عشرات الشبان الذين اتخذوا من هذه الحرفة مصدر رزقهم.

وبدل أن يعرض موسى الحلي من أسورة وخواتم وقلائد مصنوعة من خامات رخيصة كما يعرض الباعة وسط صناديق زجاجية أو على رفوف وستائر تشغل ركنا ضيقا أو زاوية في ضواحي السوق المزدحم اختار موسى أن يجوب بعربته بين جنبات السوق، ربما عملا بالمثل الحساني"رزق الراجل تحت كدم"، وأن الحركة بركة ولا يشكل التحرك وسط حشود الباعة وبين طاولات العرض المزدحمة أي تحد أمام عربة موسى التي يفسح الكل لها الطريق، ويقدرون روح الايجابية والعزيمة الماضية لصاحب العربة.

وربما ناداه بعضهم "موسى كيف حالك اليوم" فيرد عليهم "مالازم يكون الحمد"، أو مازحه بميسور من القول..

يشعر موسى بالتعاطف مع عشرات المتسولين من ذوي العاهات الذين يذرعون السوق جيئة وذهابا، لكنه لا يريد أن يكون أحدهم رغم إعاقته المقعدة وإصابته بمتلازمة "الارتعاش العصبي"، ورغم الأدوية التي يتعاطاها، لذا اختار طريق التكسب من على عربته ومن خلال عمل يجد فيه نفسه، ويتطلع للتوعية من خلاله ضد إحدى الآفات الاجتماعية الخطيرة، فيتردد صدى كلماته معلقا:"أليس في التجارة 99 بابا من الرزق" إنها الايجابية في أبهى صورها، وقوة التفائل والثقة في الله والرضى بقضائه..

لم يعد موسى يخفى رغبته في الولوج إلى عش الزوجية بعدما تيسرت أحواله، ,وأصبح قادرا على إعفاف نفسه، وإعالة غيره..

لكن رسالته للجميع أن العقل السليم قد لا يكون ضرورة في الجسم الصحيح، وأن إعاقة النفس أخطر وأنكى من إعاقة البدن، وأن لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس كما يقال.

أسواق العيد .. بائع يتحدى الإعاقة، ويستعد للزواج