أسواق وسط نواكشوط قبل حلول الشهر الفضيل..تراجع في العرض والطلب (صور)

ليس هناك ما يوحي بأن السوق على بعد أيام قليلة من حلول الشهر الفضيل، فلا زحام، ولا معروضات تملأ المتاجر، وتخنق حركة المرور، بل إن أجزاء من السوق تبدو خاوية على عروشها وهجرها التجار والباعة قبل المتسوقين.

لم تعد أسواق المواد الاستهلاكية بسوق نواكشوط كما كانت في مثل هذه المواسم –رمضان والأعياد- والتي ينتظرها التجار والباعة على أحر من الجمر، ولم يعد هناك ما يميزها عن غيرها من أسواق الضواحي التي يؤمها المئات يوميا لشراء احتياجاتهم من السلع التموينية الأساسية..

في سوق الفحم أقدم أسواق نواكشوط يشرح البائع سيد محمد وهو يشير إلى طاولات العرض شبه الفارغة إن حالة الكساد التي تشهدها السوق دفعت الكثيرين لترك العمل والتوجه إلى حرف أخرى، فميزة الإقبال والرواج التي كانت علامة مسجلة لأسواق المواد التمونية بسوق المدينة لم يعد لها ما يبررها على حد تعبيره- في ظل افتتاح أسواق أرخص للسلع الرمضانية في المطار القديم وفي ملتقيات الطرق والساحات العمومية بل لا يكاد أي حي بنواكشوط يخلو هذه الأيام من معروضات السلع الرمضانية خاصة التمور والبصل والبطاطس..

في دهاليز السوق القريبة يخيم الصمت، فيما يترامى من بعيد هدير ماكنات طحن الحبوب التي ما تزال علامة فارقة لسوق الفحم..

تبدو ممرات السوق أكثر اتساعا، ومنافذ بيع المواد التموينية أقل اكتظاظا بالسلع الرمضانية هذا العام..

حضور ما يزال خجولا لمعروضات "البصام" ومستحضرات الأشربة المصنعة المعروفة محليا ب"جمكينك" وحتى التمور التي تكشف كراتين التعليب عن دخولها السوق قبل فترة، وعن سوء ظروف التخزين والنقل..

يقول البائع مختار السالم أن لا منافس للتمور الجزائرية حتى الآن لا في الوفرة والسعر، أما الجودة فلا ميزة لها مع تدني القوة الشرائية لدى المستهلك الموريتاني، ومع ذلك فقد اختفت ظاهرة "تمور التعليف" المعبئة في خنشات مهترئة والتي كانت تملأ السوق في الأعوام الماضية على حد تعبيره.

في أسواق اللحوم والأسماك القريب لا يبدو الوضع أفضل، فالوجوم وحالة من عدم الارتياح تعلو وجوه الباعة الذين يطالعون وجوه الغادين والرائحين دون أي اكتراث.

ورغم تحسن النظافة داخل السوق، وانسيابية الحركة إلا أن الباعة والتجار يتذكرون بغصة حالة السوق في أعوام خلت حيث كانت تغص بالحركة والنشاط مع اقتراب الشهر الفضيل..

بائع التمور محمد فاضل يشرح للفكر إن هناك تبدلا في سلوك المستهلكين الذين أصبحت تجتذبهم عروض أسواق التمور في المطار القديم وفي الرابع والعشرين وحتى عبر محلات البيع الفخمة المشرعة في كل شارع..

ويؤكد محمد فاضل تراجع معروضات تمور النخلة السعودية لصالح التمور الجزائرية والتونسية.

أما السلع الرمضانية الأخرى ومع المضاربة وتقلبات السوق أصبح الكثيرون يؤجلون الشراء إلى بداية شهر الصيام، ولا يشترون إلا بكميات قليلة في انتظار تراجع الأسعار التي غالبا ما تبدأ في التراجع خلال الأسبوع الأول من رمضان يعلق البائع..

في سوق مسجد المغرب لبيع الخضروات، لا يختلف الوضع عما هو عليه في سوق الفحم، ففي مقابل وفرة التمور فإن شهر رمضان يحل وهناك بوادر أزمة تموين في منتوجات البصل والبطاطس والتي وصل سعر الكلغ منها لأزيد من 500أوقية قديمة، وظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات لمقاطعة هذه المنتوجات، في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات عن اتفاق مع موردي هذه السلع يسمح ببيع " الربطة" منها بأزيد من 17ألف أوقية، فيما كان سعرها في العام الماضي في حدود 14 ألف أوقية.

ورغم موسم الأمطار الجيد هذا العام لا أحد يراهن على حضور كبير للمحصول الزراعي المحلي من الحبوب والخضروات ومساهمته في تثبيت الأسعار، وإن ظهرت مؤشرات على قدرة البطيخ المحلي على المنافسة بعدما وصل سعره هذه الأيام ل150أوقية قديمة فقط بعدما كان في رمضان الماضي يباع بأكثر من 300أوقية، في المتوسط يعلق أحد المتسوقين.

وفي الوقت الذي تشير فيه التقارير أن موريتانيا قد تنتج ما يربو على 52% من حاجاتها من الخضروات إلا أن البعض يشكك في دقة هذه الأرقام، ويكشف عن حجم العراقيل التي ما تزال تعيق تحسن الانتاج الزراعي من الخضروات بل يبدون قلقلهم من المنحى التصاعدي الذي قد تسلكه أسعار السلع الرمضانية هذا الموسم بسبب ارتفاع تكلفة النقل والمحروقات وغلاء المدخلات الزراعية.

يقدم رمضان،  وقد اغلت الأسعار وقلت السلع نتيجة تمازج الأبعاد الوطنية والدولية، بسبب ارتفاع السلع الأساسية كالقمح ومشتقاته، مما جعل أصحاب المخابز يرفعون عقيرتهم في وجه الشهر العظيم، متعللين بصعوبة توفير مادة الخبز بأسعارها الاعتيادية.

وزارة التجارة هي الأخرى تحاول مع التجار تثبيت أسعار السلع التي يقبل عليها المواطنين في هذا الشهر، حيث حددت أسعارا للبصل والبطاطس، لكن البعض يشكك في جدية وحزم هذه الإجراءات.

المواطنة السالكة قالت إن أصحاب المخابز دائما مايثبتون السعر  لكنهم ينقصون الوزن، وهذه معادلتهم الدائمة.

هاهي موريتانيا تستقبل رمضان في ظل الظروف الصعبة والمعقدة، محليا ودوليا.. ليس لها من دون الله كاشف.