تشهد مواقع التواصل االاجتماعي انتشا ًرا واسًعا ومتواصال في حياة الناس، حتى أصبحت ج ًزءا ال يتجزأ من روتينهم
اليومي. ومع ذلك، فإن استخدام هذه المنصات يحمل الكثير من المخاطر و التحديات،
خاصة لألطفال والمراهقين. فبينما ً
توفر هذه المواقع فر ًصا للتواصل والتعلم للبعض، فهي وراء الكثير من المخاطر والسلبيات التي تهدد صحة الطفل
النفسية والجسدية، مثل اإلدمان، اضطرابات النوم، واالكتئاب وبالتالي يمكن القول أن سلبياتها تفوق إيجابياتها وأن
الخطر في استخدامها أصبح حقيقة.
لقد لفت انتباهي مؤخرا خطوة رائدة قام بها البرلمان األسترالي، الذي أقر ا
قانون يحظر على من تقل أعمارهم عن 16 ً
عا ًما الوصول إلى مواقع التواصل االجتماعي. ويهدف القانون إلى حماية األطفال والمراهقين من التأثيرات الضارة لهذه
المنصات، حيث يفرض غرامة تصل إلى 32 مليون دوالر على الشركات التي ال تمتثل. يعتبر هذا القانون األكثر
صرامة في هذا المجال، وهو بمثابة نموذج يمكن لموريتانيا االقتداء به حيث أن تأثير وسائل التواصل االجتماعي على
األطفال والمراهقين يتزايد وأصبح من الضروري التفكير بجدية في إيجاد حلول صارمة ويتطلب األمر أن تكون هناك
قوانين ترسم ح ً دودا واضحة الستخدام هذه الوسائل من قبل الفئات العمرية الصغيرة، إضافة إلى نشر الوعي بين اآلباء
والمربين حول مخاطر االستخدام المفرط لهذه المنصات.
أود أن أنبه على أن هذه المسألة يجب أن ال تقتصر على األطفال والمراهقين فقط، بل حتى البالغين يتطلب منهم الكثير
من الوعي لتجنب اآلثار السلبية الستخدام هذه الوسائل. فكيف يمكن أن نطلب من األطفال الوعي بمخاطرها وهم أقل
نض ًجا وأقل قدرة على تمييز الصواب من الخطأ قبل البدء بأنفسنا؟
يجب أن نشرع في إيجاد قوانين رادعة تحظر استخدام مواقع التواصل اإلجتماعي على من هم دون سن 18 سنة وأن ال
تكون مثل مذكرة منع استخدام التالميذ للهواتف الذكية في المدارس، حيث أنها لم تطبق بالشكل المطلوب إذ ال يزال
التالميذ يستخدمون هواتفهم في الفصول الدراسية، وحتى أحيانا أثناء الدرس، وفي كل مرة يصادر األستاذ هاتفا يسترجع
التلميذ هاتفه في نهاية الحصة عبر وكيله أو من اإلدارة بشكل مباشر.
في الختام، إن العمل الجاد على تربية التلميذ يتطلب جهودا مضاعفة من الآباء و المدرسين ويتطلب أن يكون الكادر
الإداري على أعلى مستوى من المسؤولية و النزاهة و الوطنية.