الثامن من مارس.. هل تتحول المرأة إلى عنوان لدمار المجتمع الموريتاني- موقغ الفكر

مثل كل نساء الكون تحتفي المرأة الموريتانية بعيدها الدولي في الثامن من مارس، يوجد أكثر من سبب لتهئنة المرأة بهذا العيد الذي اختارته أو اختير لها، فهي كما تقول السردية العتيقة، الأم والبنت والأخت والزوجة، وهي رياحين الحياة وزهرة الأيام.

لكن سؤالا مهما يطرق صمت المجتمع الموريتاني عن دماره المتواصل، وانهيار قيمه، وتراجع أعداده، وتكدس أزماته، يتمحور هذا السؤال دائما حول المرأة ذاتا وموضوعا.

يعيد هذا السؤال المأزوم إلى الأذهان كاف العلامة القاضي محمذن بن محمذن فال ولد أحمد العاقل (اميي)

عزت لغياد بلا مفاد    ماهي هم ولاهي سداد

حد ابغاهم يوحل فامراد  ما توفى واضيع اوقاتو

وامنادم ما يبغيهم زاد ما يجبر بنه لحْياتو

هي أزمة فعلية بين من كان يرى المرأة من بيتها إلى بيت زوجها إلى قبرها، وقد رحل ذلك الجيل بكل تفاصيله وبكل قيمه وبكل آرائه "الموغلة في المحافظة  التقليدية" وبين من يراها ندا للرجل لا شريكا، ومن يرى في النموذج الغربي بكل تفاصيله النموذج الذي ينبغي تقليده، بل وينبغي فرضه، يريدونها سلعة تمتهن وتهان، فإذا انتهت مدة صلاحيتها ضربوا بها وجه الثرى.

النظم الأرضية لا ترعى للمرأة كرامتها، حيث يتبرأ الأب من ابنته حين تبلغ سن الثامنة عشرة أو أقل؛ لتخرج هائمة على وجهها تبحث عن مأوى يسترها، ولقمة تسد جوعتها، وربما كان ذلك على حساب الشرف، ونبيل الأخلاق.

أوجدت تلك السياسات معركة وهمية، وعنادا مستمرا، وكم دمر العناد من بيت، لأن النساء العنيدات هن دائما الأكثر فشلا في الحياة

في أكثر من مرة تستورد البلاد أو يفرض عليها استيراتيجيات للنوع، ولتمكين المرأة، وتستورد هذه الاستيراتيجيات في عمقها أيضا الـأزمة الدائرة في الغرب وفي قيمه بين المرأة والرجل.

ماذا حصلنا من فرض تلك الخطوات والقرارات المؤلمة.

جيوش جرارة من العوانس اللائي غرر  بهن وأفهمن أنه لهن مشروعا في الحياة أكبر من أن يكن أمهات مربيات وصانعات سعادة، وغرر بهن أكثر عندما أقنعن بأن بإمكانهن مواجهة الحياة بعيدا عن الرجل، وهاهي البلاد اليوم– وخصوصا بالنسبة للمجتمع العربي- تعيش واحدة من أعلى وأفظع نسب العنوسة في المنطقة.

جيش هائلة من المطلقات اللائي لم يفهمن ما تعنيه القوامة ولا ما يعنيه تسيير البيت، لأن كل الورشات والنقاشات لا تعالج كيف يمكن إقامة بيت سعيد، ولكن كيف يمكن لأن يكون للبيت رأسان، أو على الأقل كيف تكون المرأة رجلا ثانيا والرجل امرأة ثانية.

تراجع هائل في أعداد المواليد بالنسبة للبلاد، والنتجية مجموعة هائلة من العجائز اللائي يلقيهن الزمن في بيوت أقاربهن من أخواتهن أو إخوانهن، لأنهن فرطن في حياتهن وعشن أوهاما لا نهاية لها.

لقد منح التمكين العام للمرأة الموريتانية أدوات لتدمر نفسها، فمع استدارة كل عقد تفرح أسرة أو أسرتان بزواج إحدى بناتهن، فتضاف تلقائيا مجموعة جديدة من العادات وأبواب الترف والتبذير تغلق باب الزواج أمام مئات أخريات، وهكذا تفتك المرأة ببيتها وجنسها ونوعها، بسبب حرية غير مقيدة وأسلوب في الحياة يقوم على المزاجية أكثر من أي شيئ مضى.

إن المسكوت عنه بات نهرا من الألم تعيشه مئات الآلاف من الفتيات الموريتانيات، اللائي تضيق وتسود الحياة أمامهن بسبب وهم الحرية والتمكين الذي لم يحقق لهن تعليما ولا صحة ولا فتح لهن بيوتا ولا مدهن بمال.

هنالك حاجة لأن تنطلق صرخة مدوية في المجتمع، انتبهوا قبل أن تغرقوا، لا يمكن للمرأة أن تقود مجتمعا ولا أن تؤسس نهضة سياسية ولا تنموية، إن دور المرأة المهم هو في بيتها صانعة للعقول مربية للأجيال  التي تصنع وتربي في مجال مفتوح لإبداعها التربوي ولامتيازها العاطفي، أما قيادة الدولة وإدارة المشاريع، فهي أمر لم تخلق له رياحين الحياة.

لقد خدعوك عندما أخبروك أنك ستكونين قائدة العالم، وأثاروا في أذنيك صليل الجبروت الكاذب، وها أنت اليوم في الخمسين أو الستين من عمرك، يذكرك الجسد والروح بأنهما شائخان أكثر من وقت مضى، وأنك في أمس الحاجة إلى ظل رفيق الحياة لكي تتوكئي عليه، وإلى بسمة حفيد، وإلى أن ترجعي النظر كرتين إلى الوراء، هل ترين خطوات من صناعة الأجيال أم تاريخا من مصادمة سنن الكون والسير عكس نواميس الحياة، تذكري دائما قبل أن تتخيلي نفسك مذللة لصعوبات الحياة بقوة الساعد وجبروت العناد، أنك امرأة.. امرأة وهذا يكفيك عند الله فخرا..