
قال الرئيس عبد السلام ولد حرمة إن تقويم عمل الحكومة الحالية يمكن من خلال ملاحظة اتساع رقعة الفقر وارتفاع البطالة وكذا تدهور وتهالك البنية التحتية وتردي الخدمات الصحية والتعليمية، واتساع وتنامي ظاهرة الهجرة في صفوف شبابنا نحو امريكا رغم تهديدات اترامب، ووعيده بترحيل المهاجرين.
وأضاف ولد حرمة في حوار خاص مع موقع الفكر أن تصاعد الغضب وزيادة وتبرة التظاهرات ذات المطالب الاجتماعية، ما هي إلا مظهر من تجليات الفشل الحكومي الذي يقابله ضعف في الأداء والفاعلية من طرف البرلمان.
و اعرب ولد حرمة عن خشيته من تمييع المجال السياسي الحزبي بفتحه الفوضوي وعدم ترشيده بتعويم الساحة بشكل يستحيل معه ضبط المشهد الحزبي وتنظيمه..
وتطرق الحوار من بين أمور أخرى لخطاب الكراهية ولخطورته على استقرار المجتمعات وتماسكها، و خطورته الدول وبقائها..
كما تطرق للتطور اللافت في العلاقات بين المغرب وموريتانيا، ولموقف ولد حرمة من استقلال إقليم أزواد عن الدولة المالية
وهذا نص الحوار..
موقع الفكر: ماموقفكم من قانون الاحزاب الجديد؟
الرئيس عبد السلام بن حرمة: موقفنا من قانون الاحزاب السياسية الجديد يحكمه عاملان،.. العامل الأول خشيتنا: من ثنائية تمييع المجال السياسي الحزبي بفتحه الفوضوي أوعدم ترشيده بما يعوم الساحة بشكل يستحيل معه ضبط مشهدها الحزبي وتنظيمه أو إغلاقه في المقابل أمام اصحاب الرؤى والمشاريع السياسية الوطنية الجادة بمختلف تلاوينها ومقارباتها في المشاركة السياسية، فالأول يؤدي لتمييع يفقد السيطرة عليه ويؤدي إلى العدمية ونزع الثقة من روح المشاركة السياسية التي تُعدّ من العناصر الأساسية لنجاح النظام الديمقراطي المرجو واغنائه سواء من خلال التصويت، أو من خلال الانخراط في الأحزاب السياسية، أو النقاشات العامة لما لها من قيمة وتأثير فعلي على صناعة الإجراء التعسفي الثاني يحرم الخيارات والمشاريع الجادة من تقديم نفسها للمواطن والسعي لخدمته وتنمية وعيه خصوصا القوى الجادة المعبرة عن نفسها بوضوح من خلال البرامج والحضور الشعبي والنشاط السياسي، وبين طرفي هذه الثنائية خيط دقيق ينبغي العمل عليه من خلال الإجراءات المعتمدة والوضوح في تطبيق القانون الحالي واعتماد آليات فعالة للمحاسبة والتقييم في تطبيقه بما يشعر كل طرف أنه غير مستهدف أوعرضة للإقصاء والمنع، والحذر في الوقت نفسه من العودة العبثية الى القوائم الطويلة من شعارات وعناوين يستحيل ضبطها المؤسساتي وخلال المواسم الانتخابية ..
موقع الفكر: ماتقويمكم لأداء الحكومة، بعد 8 أشهر من عملها؟ الرئيس عبد السلام بن حرمة: تقويم الحكومة الحالية يمكن إلا من خلال قياس اتساع رقعة الفقر والبطالة التي نشاهدها بوضوح والزيادة في تدهور وتهالك البنية التحتية وتردي الخدمات الصحية والتعليمية، واتساع وتنامي الهجرة في صفوف شبابنا نحو امريكا رغم تهديدات اترامب، ووعيده بترحيل المهاجرين، ومن جهة تصاعد الغضب وزيادة وتبرة التظاهرات وايضاً من جهة المطالب الاجتماعية المتراكمة وعجز الرقابة البرلمانية عن رصد وتتبع أداء الحكومة ومحاسبتها ولو في الحدود الدنيا، فطيلة المأمورية السابقة وما مضى من الحالية لم تشكل لجنة تحقيق برلمانية ولا لجنة للمساءلة رغم الكم العائل من ملفات الفساد التي تتحدث عنها الصحافة وتقدم حولها الأدلة الكثيرة يقابل هذا تنامي قمع حرية التعبير ومتابعة المدونين وسجنهم وتخويفهم.
موقع الفكر: ما موقفكم من التقارب الموريتاني المغربي؟
الرئيس عبد السلام بن حرمة: علاقاتنا مع المملكة المغربية الشقيقة تُعد من العلاقات المهمة لنا بشكل كبير في منطقة المغرب العربي، ليس في حجم الترابط التاريخي والجغرافي الراسخ بين البلدين فحسب ولكن لأهميتها التنموية والاقتصادية الراهنة لموريتانيا بما يمثله المغرب من شراكة جدية ذات بعد استراتيجي في هذا الظرف الدولي والإقليمي، ولا يخفى الاهتمام المتزايد اليوم للملكة المغربية بالاستثمار في الزراعة والصيد البحري في بلادنا، وما لديها واقعيا من بنية إنتاجية متطورة وفي طور الصعود يمكن الاعتماد عليها في حاجات اسواقنا وتطوير بنيتنا الخاصة وتعزيز حجم تبادلنا التجاري من خلال معبر حدودي نشط قابل للتطوير والآن يعتبر شرياناً حيوياً لتدفق السلع والخدمات، ويمكن فتح آفاقه نحو اوربا شمالا ومجموعة دول غرب أفريقيا جنوبا.
موقع الفكر: ما موقفكم من استقلال اقليم أزواد؟
الرئيس عبد السلام بن حرمة: موقفنا من ازواد مثل موقفنا من كل القضايا العادلة وذات التأثير المباشر على ساحتنا الوطنية. لم يعد خافيا اليوم حجم المظلمة التاريخية في حق سكان الشمال المالي خلال العقود السبعة الماضية وما آلت إليه السياسات الخارجية لفرنسا في منطقتنا وظلت من خلالها تغذي الصراعات وتفرض على حكومات المنطقة التبعية والإهانة، وحولت فضاءات عديدة من دولها إلى ساحة حروب أهلية، قبل خروجها المذل الأخير من مالي وانتكاستها السياسية، وهي فرصة ينبغي أن تدفع نخب المنطقة وصانعي القرار المحلي للتفكير في مصير مجتمعات بأكملها، ومواجهة هذا الفراغ ، فلا يجوز ترك كامل منطقتنا للصمت العقيم، وحل القضية في الشمال المالي من وجهة نظري يكمن في معالجة جذرها الأصلي وهو غياب العدالة وغياب التنمية في إقليم ازواد والتلاعب بحقوق سكانه الثقافية والسياسية وهذا ما يجعلني أؤكد أنه لا يمكن بأي وجه من الوجوه أن نهمل قضية إخوتنا هناك ووجوب فصل الظاهرة الأمنية والسياسية العارضة في مالي عن المشكلة الأصلية.
من يريد حلا دائما في شمال مالي يجب ان يساهم فيما يعطي للأزواديين حقوقهم، ويضمن التنمية والاستقرار في حدودنا الشرقية فاستقرارها جزء أساسي من استقرار بلدنا وأمنه الإستراتيجي على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
أما المشاكل المطروحة على الحدود اليوم مع الشقيقة مالي فلا تمكن معالجتها إلا بالمنطق الدبلوماسي وما يجعل بلادنا تتصدر الحلول التوافقية المرجوة وتضمن عودة مالي للاستقرار والحياة السياسية الطبيعية ومساعدتها كلمات طلبت ذلك في وقف التمرد العسكري وانتشار الإرهاب والتطرف الذي يدفعها كدولة للسقوط والفشل، دون التدخل في شؤونها الداخلية أو مساعدة جهة خارجية على التدخل في شؤنها. موقع الفكر: ماأهم النقاط المقترحة بالنسبة لكم في الحوار القادم؟ الرئيس عبد السلام بن حرمة: مواضيع الحوار إذا كتب له أن ينطلق باتت معروفة ومتداولة لدى الجميع ما دام أن دعوة فخامة رئيس الجمهورية وهي دعوة موفقة وفي محلها أكدت شمولية مواضيعه وانفتاحه على جميع الأطراف. لكن الحاجة اليوم تمكن في نضج الطبقة السياسية وقدرتها على توظيف الفرصة الايجابي و بلورة مواقف متقاربة في النقاط الأساسية، على ارضية يسودها منطق التوافق والتراضي وامتلاك النظام في الجهة الاخرى للإرادة الصادقة في تنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه.
موقع الفكر: ما موقفكم من خطاب الكراهية؟
الرئيس عبد السلام بن حرمة: لا يخفى ضرر ه على استقرار المجتمعات وتماسكها، وعندما لا توجد نخبة قادرة للتصدي له تزداد الدولة ومؤسساتها ضعفا و يزداد المجتمع فقدانا للثقة في الاثنين وفي قدرة الدولة على حمايته وتحقيق العدالة، وًضع الاليات الكفيلة بمنع أن يمارس ايضا سلوك الكراهية مع خطابها من خلال السياسات أو الإجراءات الإدارية،.
ومن المهم هنا في وضعية بلدنا أن نميز بين التعبير عن المظالم المشروعة والمطالبة بالحقوق والعدالة ورفض الظلم والإقصاء وبين خطاب الكراهية.
ولا يخفى أن محاربة المراع وخطابها يحب ان يعتمد الإنصات الدقيق للمظالم والشاكين من الغبن وغياب العدالة وفي المقابل يكون صارما وغير متردد في محاربة من يستغل ذلك لتفتيت المجتمع واللعب على استقراره وسلمه الاهلي وتطبيق القانون عليه بما تسدد وعدم تسامح . لأنه خطاب يتجه الى بنية المجتمع اليوم مستغلا وسائل اتصال سريعة الانتشار وقوية التأثير. هذا يلزم نخبة المجتمع والدولة ان يواجهوا الآفة بما تستحقه من أدوات التصدي دون مواربة.
موقع الفكر: محاكمة الرئيس عزيز، كيف تقومون مسارها ومآلاتها وما تعليقكم على ما يتداوله انصاره من انتهاكها للقانون والدستور؟ الرئيس عبد السلام بن حرمة: هذه المحاكمة انبثقت عن عمل لجنة برلمانية أنا شخصيا مقتنع بنبل مقصدها الذي انطلقت منه وبأهمية وجودها في ذلك الوقت واليوم لكن تقريرها الأصلي أفرغ من محتواه وجوهره لاسباب معروفة وأي مسار قانوني وقضائي وسم مساره بالاستهداف الشخصي لاي طرف مهما كان مذنبا لا محالة سيفقد الأساسي من مشروعيته وهو الطابع القانوني المجرد القائم على الإنصاف واحترام النصوص وتحقيق العدالة الكلية..
موقع الفكر: الهجرة السرية بين من يرى أن الحكومة توطن المهاجرين و من يرى أنها تستهدف مواطنين من دول افريقية على أساس لوني؟
الرئيس عبد السلام بن حرمة: الهحرة غير النظامية تشمل تحد عالمي تواجهه دول العالم ونحن من اكثرها عرضة لنتائجها الكارثية ولا جدال في ذلك لمن له حد ادنى من المنطق والاستدلال العقلي نظرا لوضعنا الاقتصادي وهشاشة بنيتنا السكانية وارتفاع معدلات البطالة في شبابنا الباحث عن العمل الحرفي واليدوي والحامل للشهادات، والحاصل على تكوين في مختلف المهن والتخصصات. ويشمل عليه توالي موجات الهجرة غير النظامية بشكل عالية الكثافة والضغط مزاحمة في الفرص الشحيحة الى جانب الوجود الكبير للاجئي بعض دول الجوار الشقيقة وتأثيره المباشر على الموارد المحلية وفرص العمل الشحيحة أصلا، في ظل عدم اليقين إزاء نيات الأوربيين في تعاملهم مع ملف الهجرة الذي تتعرض له موريتانيا، وما تسرب عنه من أنباء مقلقة في مجملها. ولابد هنا من الوعي بما تمثله الهجرة غير النظامية من مخاطر على الدول وما تشكله الفوضى السكانية العالمية من مخاطر والمطالبة بمزيد من اليقظة و الصرامة اتجاه ضبط الحالة المدنية وحماية السجل السكاني والبنية الديمغرافية للبلاد، وتخليصها من التلاعب والتزوير وسماسرة الإدارة، مع الحرص الشديد على تسهيل أوراق الحالة المدنية لكل مواطنينا خصوصا اولئك الذين عجزوا لظروفهم الاجتماعية ووعيهم الذاتي أو لأي سبب كان عجزوا عن الحصول على حقهم في التقييد "البيومتري" الذي كان أهم الإنجازات على المستوى الوطني خلال السنوات الأخيرة. وهذه مسؤولية الجهات الرسمية التي لا نترد أبدا في دعمهما ومؤازرتها في تعاملها مع هذا التحدي الوجودي.
موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟
الرئيس عبد السلام بن حرمة: لا يخفى حجم القلق الوطني الحالي الناجم ضمنا من الخوف على كيان بلدنا الذي يبدو أن مرور 65 سنة على تأسيسه لم يساهم في تبديد القلق حول استمراره ولهذا القلق المتجدد عدة أسباب وجذور، أولها تساهلنا الدائم مع تحديد ثوابته وضمور تناسق الأحاسيس وعدم الوعي باهمية الحفاظ على كيان يسيل لعاب أكثر من جهة اليوم ولم يكن في شكله الحالي اختيارا خاصا بنا وإنما كان جزءا من قرار عام تضمن استقلال جميع المستعمرات الإفريقية الفرنسية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى. وكلمتي الأخيرة هي أن هذا هذا الكيان يحتاح اليوم ان نحافظ عليه وندعم مقومات استمراره بكل مانملك..
شكرا جزيلا..