ملاحظات على ما ورد في مقابلة محمد محمود بكار مع موقع الفكر- أحمد جبريل

أطلّ الإعلامي محمد محمود ولد بكار علينا، من جديد، بمقابلة مطوّلة يغلب عليها طابع النقد اللاذع والاستنتاجات الجاهزة، تناول فيها أداء الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وحكوماته المتعاقبة، مدعيًا أن الرئيس "أضاع فرصًا" و"ظل يدور في نفس الحلقة الضيقة"، وهو تقييم لا يخلو من التسرع ويتجاهل معطيات الواقع وتعقيداته.

إن الحديث عن "فرص ضائعة" يغفل السياق العام الذي استلم فيه فخامة الرئيس الحكم: اقتصاد هش، إرث ثقيل من الفساد، فجوة ثقة بين المواطن والدولة، ونسيج اجتماعي متوتر. ومع ذلك، اختار الرجل منهج التهدئة والانفتاح بدل التصعيد، والحوار بدل الإقصاء، وقد نجح بالفعل في إعادة الاعتبار للمؤسسات، وبسط مناخ من الاستقرار السياسي قلّ نظيره في محيطنا الإقليمي المضطرب.

أما التلميح إلى "عدم تجانس الحكومات"، فهو يتجاهل الطبيعة التوافقية التي تطبعت بها الحياة السياسية في عهد غزواني، حيث ضمّت الحكومات كفاءات من طيف واسع من التوجهات، حرصًا على الشمول وتوازن المصالح، لا على الاحتكار والانغلاق كما كان الحال في مراحل سابقة.

في ما يخص ملف الفساد، لا أحد ينكر حجم التحدي، لكن من الإنصاف الاعتراف بوجود إرادة سياسية حقيقية لمحاصرته، تجلت في دعم استقلالية محكمة الحسابات، فتح ملفات كانت تعد "محرمة"، وطرح مقاربة غير انتقامية، تراعي بناء المؤسسات وتكريس الشفافية بدل الشعبوية و"التشهير الإعلامي".

وأخيرًا، فإن تقزيم مجهودات الرئيس وتحويلها إلى "فرص مهدورة" لا يخدم النقاش الوطني، بل يرسخ ثقافة التثبيط والتجريح. فالرجل يضع لبنات إصلاح هادئ وعميق، قد لا يرضي من يهوون صخب المنابر، لكنه يراهن على الزمن وعلى وعي شعب يميز بين الإنجاز والضجيج.