تعميم الأمين العام للحكومة: حصيلة العمل الحكومي: هل من جديد في الضبط والتوقع؟- موقع الفكر

في يوم السابع عشر من شهر أكتوبر 2025، بعث الأمين العام للحكومة بصفته منسقا للعمل الحكومي ومقررا لاجتماعات مجلس الوزراء برسالة تعميم موجهة لأعضاء الحكومة ومن في شاكلتهم المفوضين والمندوبين...، تتضمن الحث على ضبط مخطط إنجاز وتوقعات الحكومة عن طريق مراجعة الحصيلة السارية هذا العام والمتوقعة في أفق 2026.

 وتأتي هذه الرسالة ضمن تعليمات الوزير الأول في خضم سياسة الحكومة المزكاة عادة من الأغلبية البرلمانية؛ وهو أمر معهود أن تتكدس رفوف وأروقة المجالس واللجان الرسمية بشأنها تحريرا ونقاشا في فضاء محدود.

 غير أن نشر هذه الرسالة/ التعميم لم يكن مألوفا خاصة أنها وردت بصيغة غير تقليدية؛ حيث اشتملت على البناء الهندسي للمقتضيات المطلوبة بشكل متناهي في الدقة قلبا وقالبا في الصياغة وفي الميقات الزماني للردود وتأشيرها لاكتسابها صفة الصحة.

هذه الاعتبارات في الوثيقة، تطرح التساؤل عن سياقها وعن فحواها غير المعتادة، وهل لذلك علاقة بثنائية الفساد والإصلاح المتداولة حاليا بقوة في مختلف المنابر وبشتى المحابر؛ إثر نشر تقرير محكمة الحسابات الأخير؟ أم أنّ الأمر لا يعدو كونه مراسلة وزارية داخلية شملتها أيادي" التسريب" زمن الطفرة الرقمية وحالَ نسبية الآثار المادية للتصرفات مجهولة المصدر؟

حسب رأينا، تشير أغلب الدلائل لقيام الفرضية الأولى، ذات الصلة بذروة النقاش المحتدم حول واقع التسيير العمومي وإشكال التنفيذ الفعال لسياسات الحكومة، وإزاء الآثار المذهلة للنيل من المال العام، وما نشاهده من ارتكاس وتأخير وتقزيم للصفقات الكبرى وورشات المشاريع التحتية المتعثرة.

ويتعزز ها المنحى بضرورة رد شيء من الاعتبار، وشحن مفاصل الحكومة بتدابير للتسويق والتشويق فيما بعد نشر وإدانة المشمولين بتقرير القضاء المالي هذه الآونة.

نعم.. تشكل رسالة التعميم رقم 06 بشكل أو بآخر خطابا رسميا للحذر والتوجس وعدم المبالغات في الإنجاز في زمن تشرئب فيه الأعناق لمستجدات إصلاحية فيما تَبَقّى من مأمورية يسوقها مطلب الحوار الملح نحو فعل شيء أي شيء.

هذا المعطى يجعل الوزراء وعُدلاؤُهم بحاجة للتوجيه حول ضرورة ضبط الالتزام السياسي للحكومة، بعيدا عن متاهات فوضوية التنفيذ وعن صدمات مآلات الارتجال، كل ذلك توخيا للتخفيف من حدة مآخذ التسيير العمومي الذي أبانت دلائل المراقبة وشواهد الواقع على تعثُّر أغلب أوراشه... وشاهد المواطن بأم عينيه فداحة التقصير في التنفيذ وما قابلها من وعيد من لدن هرم مؤسسة الوزير الأول في خرجاته الميدانية شهر أكتوبر الساري.

ويمكن القول إن هذه الرسالة هي توبيخ مُبَطَّن يستهجن أداء الوزراء، ويلقي باللائمة على تقصيرهم، بعد أن شُوهِد البونُ الشاسع بين التنظير والتنفيذ، وبعد أن أفاضت قطرةُ تقرير محكمة الحسابات كأسَ الفساد المُتمكِّن الأمكن في الإدارة والمجتمع، لكن يبقى حصر الردود المنتظَرة في صفحة ونصف تارة وفي صفحتين تارة أخرى مَدْعاة للاستغراب، وسيُشكِّكُ المتابعون في مخرجات هذا التوجه.

فهل غشِيَّنا المللُ حتى لا يتأتّى لنا حيِّزٌ للأداء غير مجذوذ أو منقوص؟