مشاركة رئيس الجمهورية في مبادرة مستقبل الاستثمار( FII9): هل تفتح أفقا جديدا في اجندة موريتانيا التنموية- موقع الفكر

شارك رئيس البلاد يوم  أمس 28 أكتوبر بالرياض، في النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار( FII9)، وهي منظمة تحت  شعار" مفتاح الازدهار: فتح آفاق جديدة للنمو".

وستناقش خلال هذه الفعالية العالمية ذات التمثيل الرفيع رزمة من الإشكالات الراهنة، يدور أبرزها حول: مستقبل الإنتاجية في عز الذكاء الاصطناعي، والاستئثار بتكديس الثروة في دول الشمال على حساب مبدأ المساواة، ثم الآثار الجيواقتصادية لندرة الموارد، ورهانات إدماج البعد البيئي في استراتيجيات التنمية وما يستدعيه من توازن واستدامة في الخُطط، بالإضافة لتأثير التحول الديمغرافي في مستقبل القوى العاملة..

ومن بين الأهداف الجوهرية لهذه المبادرة الانتقال بها إلى مكانة جديدة من التأثير العالمي- فحسب تقديرات رئيسها ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة؛ فقد تحولت إلى أكبر منصة عالمية تجمع بين القادة وصناع القرار والمستثمرين لإحداث أثر اقتصادي فعلي.

وبالفعل؛ فقد استطاعت مبادرة الاستثمار هذه أن تحصد ما يناهز 250 مليار دولار من الصفقات أُبرِمت عن طريقها قبل أقل من عقد.

وخلال أنشطة رئيس الجمهورية المصاحبة لفعاليات هذه التظاهرة العالمية، أجْرَت جريدة الشرق الأوسط مقابلة مع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، تطرّقت لمناحي وميادين عدة ومتعددة المواضيع، بين ما هو سياسي إلى ما هو اقتصادي فيما يتصل بصيغة أو بأخرى إلى تحديات التنمية والأمن بالدولة الموريتانية.

والحقيقة أن هذه المقابلة كانت نجاحا إعلاميا- لتسويق مقدرات البلد خارجيا- لِما أتاحته من فرصة تمرير وجهة النظر الرسمية على أعين الشركاء الدوليين والإقليميين، وعلى مقربة من أنشطة مبادرة مستقبل الاستثمار؛ وكأن الفحوى العامة لهذا اللقاء كان نداءً خاصا لشد انتباه المستثمرين إلى أن البيئة الموريتانية بإمكانها توفير الأسس اللازمة لمناخ الاستثمار، رغم تهويل أو تدويل البعض لملابسات الهجرة وظروف منطقة الساحل ومخاوف الفساد بمختلف أبعاده لدى شركاء التنمية والمقاولات الوافدة.

ومن أبرز التوجهات المحددة لِمَلْمَح الخطاب السياسي الراهن؛ ذات الصلة بمستقبلنا، المُستَشَفَّة من هذا اللقاء، يمكن رصد بعض الخيارات الرسمية الآتية:

  • الحرب على الفساد المالي؛ ومعالجة تبعاته الوخيمة؛
  • السعي للتمكين للشباب؛
  • خلق علاقات خارجية متوازنة؛
  • التحكم في ملف الهجرة؛ بعيدا عن تهويل المبالغين؛

إن إعلان هذه الخيارات في هذا الوقت بالضبط من المأمورية الثانية- وقارعة الطريق مزدحمة- قد لا يبعث على أملٍ جديد في أجندة الحكومة في تطوير مؤسسي أو رفاه اقتصادي والغاز ممتوحا بين ظَهْرانِينا؛ بقدر ما يبعث على الألم؛ حيث إننا ما زلنا ننشد ذات الأهداف ونُجَوِّدُ نفس المفاهيم والشعارات في أدبيات التنمية وترشيد الحكم!

لعل كل هذه الرهانات لو اشتغلت بحسمها الحكومة الموريتانية رهانا.. رهانا، لَأَخذ ذلك وقتا طويلا لاجتثاث العوائق عبر تراكمات ثُلُثَيْ قرن.

وأخوف ما يخافه المواطن والمستثمر على حد السواء، أن تظل كما كانت للتسويق الخارجي على آذان الشركاء، ولذر الرماد في وجه الحالمين من المواطنين بتحول جذري يستمر ويضطرد بعيدا عن تغيُّر الأشخاص وفق منطق المأموريات المحدودة في الزمن وفي القبول والأداء!

ويبقى الأمل في البناء التنموي قائما؛ لكن بشروط واقفة- كما يقال- هي المُضُي قُدُمًا في مجابهة الفساد بقوة، والمرونة السياسية و الأداء التشاركي للنموذج الثلاثي للحكم الذي طالما أكدته القمم التنموية الدولية العشرية في ريو ديجنرو وما بعدها؛ إنه نموذج للتدبير تتقاسم فيه كل من الدولة والمجتمع المدني والمقاولة الخاصة سياسة الإنماء.