المحاظر القرآنية ...إشراقة أمل في قرى الضفة (تقرير )

المدرس يحي ولد محمد الأمين

يسابق السالم عبد الله الزمن ليصل إلى الكتاب الذي يدرس فيها قبل طلوع الشمس،يخرج أحيانا قبل انبلاج الفجر ليقطع أكثر من ثلاثة كيلومترات بين المنعرجات والأحراش، في منطقة شمامه المتاخمة للنهر السنغالي.

ورغم خبرته بالطريق التي حفظ معالمها منذ نعومة أظفاره ،إلا أن عليه الحذر فالأفاعي السامة والضواري قد تكون مفاجآت غير سارة لسالكي مثل هذه الدروب الوعرة.

الرحلة الشاقة 

حالما يصل سالم يتوجه لمكان إيداع ألالواح الخشبية، والتي سطر على واجهتها ماسيحفظه من آيات قرآنية، وبعدها إلى الرف الذي يحمل المصاحف ليراجع محفوظاته.

لا وسيلة هنا للإنارة سوى النيران التي تتوهج ألسنتها من أكوام الحطب ويتحلق حولها التلاميذ في شكل دائري، فيما يتخذ الشيخ مقعدا أو يطل من على سرير خشبي مرتفع ليراقب المشهد ويتابع عن قرب أدق تفاصيله.

التكرار والتكرار هنا هو ضمان الاستظهار الذي لا يخذل ،ووسيلة الحفظ والتثبيت التي قل أن تخيب.

وهكذا يمضي تلاميذ الكتاتيب وقتهم قبل أن يخلدوا لاستراحة قصيرة وقت القيلولة،ويعودون بعدها لاستكمال الحفظ و استظهار محفوظاتهم السابقة ومراجعتها.

عوائق وإشكالات 

يتحدث المشرفون هنا في مناطق الضفة بالجنوب عن حاجة المدارس القرآنية إلى مبان لاحتضانها ،وإيواء طلابها غير الأعرشة وأكواخ الخوص وفناءات المساجد ،وإلى تزويدها بالطاقة الشمسية وبالمصاحف والمعدات المكتبية الضرورية.

كما يطرحون فكرة التكفل بالنوابغ من الطلاب كالسالم وأمثاله ،ممن حفظوا القرآن الكريم وهم لا زالوا دون العاشرة من العمر،وكذا منح رواتب مجزية للمدرسين حتى يتفرغوا لمهامهم في التدريس والدعوة والتوجيه.

وفي ظل الإ اقبال الكبير على الكتاتيب خاصة خلال العطلة المدرسية لا يجد المدرسون ،أمام سوى الترحيب بأي وافد جديد حتى ولو كان العدد فوق طاقتهم، والعبء أقوى من وسائلهم المحدودة وإمكاناتهم البسيطة، كما يقول المدرس يحي ولد محمد الأمين وهو يدرس أزيد من 65تلميذا.

تحديات وهواجس

أما الهاجس الأكبر الذي يؤرق السالم وأترابه فهو أن لا يجد ذووهم مندوحة من قطع تعليمهم ،وسحبهم من الكتّاب للمساعدة في مهام الحراثة أو الرعي يعلق أحد الوكلاء.

يرقب السالم ورفاقه ظلال الأصيل التي تتمدد ببطء ،مؤذنة بقرب انتهاء الدوام اليومي للكتاب ،مما يعني فرحة العودة إلى الأهل ومضارب الحي والانطلاق للعب مع الرفاق،فرحة سرعان ما ينغصها التفكير في مشاق رحلة العودة ومهام الكبار التي قد تكون في الانتظار!!!