كلمة الأستاذ ممد ولد أحمد في الندوة المنظمة حول الفقيد أحمد فال أحمد الخديم

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله و صحبه، و بعد

طلبت مني اللجنة المشرفة على تنظيم هذا الحفل أن أقدم ورقة بهذه المناسبة الهامة، فقبلت مسرورا، خاصة و أني قد ربطتني بالفقيد علاقة حميمة بحكم التناسب في العمر و الاتجاه السياسي، فقد عرفته شاعرا مقتدرا و أديبا بارعا و مناضلا صلبا... راجيا من الله العلي القدير أن يوفقني في الأداء على النحو المطلوب.

أيها السادة و السيدات

ولد أحمد فال ولد أحمد الخديم أو "الشاعر" كما كنا ندعوه بفخر و اعتزاز في أوائل الخمسينات من القرن الماضي في الناحية الشمالية من البلاد في بيت اشتهر بالعلم و الصلاح تخرج منه العديد من العلماء الأجلاء... ألا و هو بيت أهل أحمد لجواد المعروف. فهناك تربى و ترعرع حيث تلقى تعليمه و تكوينه الأولي : فنهل من مختلف العلوم الدينية و اللأدبية من متون ودواوين و طرر...و انفتقت قريحته على الشعر حتى اكتسب كل خصائص الفتوة المنشودة في عصره.

ما فتئ أن انتقل إلى المدينة حيث توسعت مداركه على المستوى القومي قبل أن ينخرط في صفوف تنظيم حزب البعث العربي الاشتراكي بزعامة المفكر الكبير محمد يحظيه ولد ابريد الليل مؤسس الحزب في موريتانيا.

و منذ الوهلة الأولى نشط الفقيد بفاعلية في خلايا الحزب بأكجوجت و انواذيبو و انواكشوط... و شارك في الكثير من الاجتماعات و الندوات و الدراسات...فبرع في لفت انتباه رفاقه بما يمتلك من قدرات فكرية و معرفية و قيادية جعلته يرتقي سريعا في الحزب و يتقلد فيه المناصب العديدة...

و على المستوى الشخصي، كان الراحل أحمد فال ولد أحمد الخديم انسانا صادقا ، سياسيا شجاعا و شهما، مخلصا و محبا لوطنه، خبيرا موسوعيا في الأدب و يتحلى بالأخلاق الحميدة، و عرف دائما بتقديم المصلحة العامة على المصالح الضيقة.

فليس من الغرابة إذن أن نجد الرجل في طليعة ناشطي النضال العمالي في الشمال الموريتاني إبان حقبة السبعينات... و كان دائما في مقدمة كل الاشتباكات مع السلطات المتخاذلة في انواكشوط و المدن الجنوبية...

فظل يقف بشموخ ضد السياسات المنحرفة، مؤمنا بحتمية النضال المصيري و مدركا لما تستوجبه الظروف من حكمة و تريث... ثم ما فتئ ان انضم بعد ذلك إلى تشكيلات سياسية مختلفة كان آخرها حزب الكرامة، حيث فارق الحياة و هو يشغل فيه منصب نائب الرئيس.

ناضل الفقيد أحمد فال ولد أحمد الخديم طيلة عشرات السنين بجد و تفان، و رحل عن الدنيا في يوم 27 أكتوبر 2020 دون أن يترك لذويه ميراث ماديا يذكر، لكن عطاءه السياسي و العلمي سيبقى نبراسا يضيء الطريق للجميع و إلى الأبد. و علاوة على ذلك خلف الفقيد أيضا مؤلفات ثمينة توجد الآن بمتناول طلبة العلم في بعض المحاظر الوطنية...

كما ترك لنا الراحل أيضا سيرة غنية من الفعالية و العطاء ينبغي أن يحتذي بها كل راغب في الكرامة و العيش الشريف... وله حقا نقول: نحن سائرون على الدرب و سنواصل المسيرة إن شاء الله.

رحم الله رفيقنا العزيز أحمد فال ولد أحمد الخديم و تغمده في فسيح جناته و إنا لله و إنا إليه راجعون.