الدكتور محمدو ولد احظانا لموقع الفكر: وضعية الفصل بين اتحادي الأدباء أدت إلى نوع من التخفف التنظيمي

قال الرئيس السابق لاتحاد الأدباء الدكتور محمدو ولد احظانا إن خطوة فصل اتحاد الأدباء إلى اتحادين شعبي وفصيح أدت إلى نوع من التخفف التنظيمي،  "فكانت هذه الخطوة مناسبة وملائمة وباتفاق الطرفين، كما اتفق الطرفان على ترشيح شخص واحد للاتحاد الفصيح وشخصية واحدة للاتحاد الشعبي"، ودافع ولد أحظانا خلال مقابلته هذه مع موقع الفكر عن مأموريته على رأس اتحاد الأدباء حيث شهدت عديد الإنجازات المهمة التي كان من ضمنها فصل الاتحاد، الذي كان من نقاط الاختلاف بين الطرفين المتنازعين في اتحاد الادباء.

 وقال ولد احظانا إنهم في اتحاد الأدباء قد استعادوا ذاكرة الاتفاق بسرعة  وذاكرة الوئام وشرعوا في العمل معا من أجل المستقبل.

وهكذا تحدث الدكتور  ولد احظانا لموقع الفكر عن واقع الصحافة بالبلاد؛ حيث وصفها بأنها تشهد فيضا من الأخبار المتطابقة التي لا يختلف بعضها عن بعض "فإذا قرأت صحيفة واحدة تكفيك من بقية الصحف؛ لأنه لا يوجد رأي مخصوص، ذو طعم خاص يستطيع أن يجلبك إلى إحدى الصحف بالذات وبالتالي فثمة نوع من الخبرية أو الأنبائية" يغيب فيها الرأي والتحليل وتحضر الأنباء المكررة.

إلى غير ذلك من المواضيع التي تطرقنا لها في لقائنا هذا مع الرئيس السابق لاتحاد الأدباء....فإلى المقابلة:

موقع الفكر: حبذا لو حدثتم المشاهد عن اتحاد الأدباء والمشاكل التي كان يعانيها؟

د. محمدُ بن أحظانا: في حقيقة الأمر أن اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين انتهت فترة مأموريته السابقة وحانت فترة انتخاباته وترشح له طرفان بنوع من الخلاف حول المنهج؛ ذلك أن أحد الطرفين رأى أن على الاتحاد أن ينفصل فصيحه عن شعبيه حتى يتخفف قليلا من عدد كبير من الأعضاء وحتى يتمحض كل طرف لما يخصه، فالأدب الشعبي هو أدب راق جدا، ولكنه شائع  محليا ويستهلك بشكل جيد، أما الشعر الفصيح فله وجهان وجه قبول داخلي ووجه قبول خارجي، وهو أساسي بالنسبة لموريتانيا، والتعريف ها وإدراجها في سياقها الحضاري والتاريخي وبالتالي وقع خلاف هل يفصل الاتحاد أم يبقى على حاله؟ وهذا هو سبب التجاذب الأساسي  وليس الترشحات فقط، وما وقع هو أن الطرف الذي كان لا يريد للاتحاد أن ينفصل إشفاقا عليه قبل الفصل، وبعد أن تم ذلك ارتأيت أن أنسحب من الترشح أو الترشيح؛ لأن ما كنت أقدر أنه  برنامجي  الانتخابي  في السابق قد تحقق وهو جعل الاتحاد اتحادا مؤسسيا وبناء مقر له  وتمثيله في الخارج والداخل.. الخ.

فكانت هذه الخطوة مناسبة وملائمة وباتفاق الطرفين، كما اتفق الطرفان على ترشيح شخص واحد للاتحاد الفصيح وشخصية واحدة للاتحاد الشعبي، وهما شخصان مميزان جيدان ومن أهل الميدان، فالسيدة التي كانت خارج المكتب التنفيذي هي سيدة أديبة منتجة للأدب الشعبي والدكتور الخليل النحوي لايحتاج أن يعرف به، لأنه قامة أدبية سامقة  وهو مؤسس رابطة أقلام الصحراء ورابطة الأدباء الموريتانيين التي تحولت فيما بعد إلى اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين .

فوضعية الفصل هذه أدت إلى نوع من التخفف التنظيمي كما قلت وأدت إلى أن الأمور أصبحت مريحة للطرفين من الأدباء الشعبيين والفصحاء؛ لأن الأدب الشعبي له مستوى معين من التعاطي مع الرموز بمستوى سعة معينة، بينما في الاتحاد الشعبي نوع من الانغماس الصادق  في التجربة المحلية، وهذا الانفصال سيؤدي إلى جعل كل واحد منهما يقوم بأدائه كما يجب، فقد جرت انتخابات ولكنها انتخابات على مرشح واحد رشح وصادق عليه الجميع أو صوت له الجميع ولم يكن هنالك مرشح مستعد لمنافسة هذا القائمة استحياء أو لأي اعتبار آخر.

موقع الفكر: يقال إن الدولة تدخلت في الانتخابات الأخيرة وتدخلت في صراع الاتحاد كما يقال إنها فرضت مرشحا معينا سواء في الاتحاد الفصيح أو الشعبي هل هذا صحيح؟

د. محمدُ بن أحظانا: لعلمي فإن الدولة لم تتدخل وإنما تدخلت وزارة الثقافة باعتبارها جهة وصية وقام وزير الثقافة ومساعدوه بتشكيل لجنة من الطرفين وقامت رعاية مفاوضات هادئة استمرت شهرا وزيادة وهذه اللجنة هي التي أشرفت على كل شيء ولكن تدخلت في تسهيل الأمور، وتدخلت في استدراج كل طرف كي يتنازل للطرف الثاني عن بعض الأمور والوزارة الوصية على أي مؤسسة عندما يحدث خلاف فإنها تقوم بتسوية الخلاف أو تسييره ويعطيها نظام الجمعيات حق التدخل حتى تقوم برأب الصدع أو تسوية المشاكل بين الطرفين المتنازعين وهذا وقع في عدة اتحادات كاتحاد الرماية التقليدية واتحاد الفنانين والصناعة التقليدية وكان هنالك نوع من رعاية الاتفاق أو رعاية الخلاف حتى يتحول إلى اتفاق وهذا ما حصل بالنسبة لاتحاد الأدباء أما المترشحون فقد رشحتهم  أطراف أدبية معروفة ووقعت بذلك بيانات.

موقع الفكر: من أين جاءت فكرة المرشحين؟

د. محمدُ بن أحظانا: جاءت من الأدباء أنفسهم والوزارة واكبت المؤتمر تنظيميا ولكنها ليست من رشح أحدا.

موقع الفكر: متى طرح اسم الدكتور الخليل النحوي؟

د. محمدُ بن أحظانا: عندما بدأت الآراء تتقارب حاولنا تقريبها في شخصية إجماعية وحاولنا معه ولكنه في البداية اعتذر وحاول أن يتملص من الترشيح وبقينا نتفاوض بسلالة وهدوء حتى قبل وأخذنا فألا بإشرافه على إعادة التأسيس لأن انفصال الاتحادين يحتاج إلى رعاية كبيرة في هذا الوقت.

موقع الفكر: هل باشرتم التفاوض مع الأخت بنفس الطريقة؟

د. محمدُ بن أحظانا: نعم فاوضنا الأخت بنفس الطريقة ولكن في وقت أقل  وكان لنا رأي في اتحاد الأدباء في أن تكون المرأة حاضرة في اتحاد الأدباء خاصة  المرأة الأديبة وكانت هذه الرؤية سابقة ومعنى ذلك أننا في هذه المأمورية نشرنا خمسة أعمال لكاتبات موريتانيات وهذا الاتجاه صحيح ومطلوب؛ فقد كانت المرأة في الماضي مبدعة وكانت شاعرة وعالمة ومعلمة وكانت حاضرة اجتماعيا ولكن بالنسبة لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين لم تترأس فيه امرأة وبالتالي لما كانت هذه السيدة أديبة كبيرة ولها تجربة واسعة في الإدارة ومهارة والاتحاد الشعبي مؤسَسٌ وبحاجة إلى شخصية ذات صبغة أدبية ولكنها أيضا ذات صبغة ومؤهلات إدارية من باب التمكين للمرأة من جهة ومن باب إصلاح الاتحاد أيضا، وليس من باب الكوتا بمعناها الاعتباطي ولكن من باب الكوتا بمعناها الإنصافي.

موقع الفكر: ما أهم إنجازاتكم خلال فترة توليكم رئاسة اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين؟

د. محمدُ بن أحظانا: في حقيقة الأمر لا ينبغي للمرء أن يتحدث عن إنجازاته ولكن هنالك أرقاما تتحدث عن  نفسها فميزانية الاتحاد لم تكن تتجاوز 60 مليون أوقية قديمة وهذه الميزانية في حاجة إلى زيادة ولذلك طلبنا من فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني جزاه الله خيرا أن يدعم الأدب فتعهد لنا بذلك واستدعانا من تلقاء نفسه قبل كل المنظمات والهيئات النقابية واجتمع بنا اجتماعا مطولا وقدمنا له لائحة مطالب وكان من بينها تحسين وضعية مخصصات الاتحاد ثلاث مرات بدلا من 60 مليون أوقية  فأصبحت المخصصات 180 مليون أوقية وبالتالي صار بالإمكان أن ينفصل الاتحادان وقمنا بإنجازات أخرى من بينها بناء مقر لائق لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين بمقاطعة تفرغ على ميزانية الاتحاد بدون تمويل خارجي  كما قمنا بتجهيز عشرة مكاتب تجهيزا لائقا ولم تكن هذه التجهيزات موجودة من قبل كما قمنا بنقل مهرجان الاتحاد السنوي من نواكشوط إلى الداخل مرتين إحداهما في النعمة وخصصناه أساسا للأدب الشعبي كما أقمنا مهرجانا آخر في نواذيبو وقمنا لأول مرة بتنظيم معرض للكتاب في تاريخ الاتحاد وذلك  في معرض الجزائر، وقد ضم ثلاث مائة عنوان وأهدينا النسخ كلها للمكتبة الوطنية الجزائرية واتحاد الأدباء والكتاب الجزائريين حتى نعرف بموريتانيا في الجزائر وشاركنا في جميع المؤتمرات والأنشطة التي تقوم اتحادات الأدباء والكتاب العرب وحصلنا على تمثيل جيد في مكتب اتحاد الأدباء والكتاب العرب حيث حصلنا على أمانة ونيابة للأمين العام للثقافة والتراث بما فيها المخطوطات وعملنا معا من أجل أن نكون حاضرين جيدا في المحافل وحصلنا على رعاية المهرجان من طرف رئيس الجمهورية وكل مطالبنا في تلك الفترة لبيت.

 موقع الفكر: هل كانت مطالبكم كثيرة في تلك الفترة؟

د. محمدُ بن أحظانا: مطالبنا لم تكن كثيرة ولكنها كانت جوهرية.

موقع الفكر: لماذا لم يستقبلكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز؟

د. محمدُ بن أحظانا: جرى العرف أن المكتب عندما ينتخب يستقبله رئيس الجمهورية وقد استقبل المكتب الذي قبلنا ولكن لم يستقبلنا نحن.

موقع الفكر: هل يعود الأمر إلى كونكم من المعارضة؟

د. محمدُ بن أحظانا: أنا لست معارضا ولا مواليا وأنا رئيس هيئة أدبية ولست من الحزب أو ضده وأرى أن الفكر مشغل من أكبر المشاغل.

موقع الفكر: هل تحبون أن تضيفوا شيئا فيما يتعلق باتحاد الأدباء؟

د. محمدُ بن أحظانا: أتقدم بالشكر للمكتب الذي صاحبني طيلة  خمس سنوات رغم الصعوبات التي نلاقيها أحيانا ولكنه كان مكتبا منسجما لم يستقل منه أحد ولم يتمرد منه على المسار العام وكذلك الجمعية التي بقيت كما هي حتى انعقدت انعقادها الجديد كما أتقدم بالتهانئ الخالصة للمكتب الجديد الذي هو في حقيقة الأمر مجموعة من القامات السامقة في الأدب الموريتاني مكتبا ورئيسا وأهنئ السيدات الموريتانيات بمناسبة انتخاب إحداهن رئيسة لاتحاد الأدباء الشعبيين الموريتانيين وفي اتحاد الأدباء مسألة مهمة وهي أنه إطار وملتقى للوحدة الوطنية فأدباء اللغات الوطنية واللهجة الحسانية موجودون في الاتحاد الشعبي وهذا مكسب يجب أن يحافظ عليه.

من التائج التي حصلنا عليه في اتحاد الدباء، أنه رغم ما مررنا به من منافسة فإنا استعدنا ذاكرة الاتفاق بسرعة  وذاكرة الوئام وبدأنا نعمل معا من أجل المستقبل ونحن قمنون بأن يكون هذا المستقبل جيدا.

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع الصحافة في موريتانيا؟

د. محمدُ بن أحظانا: كنت ذات مرة أحد الكتاب الصحفيين في فترة التسعينيات وكنت ممن أسسوا بعض الصحف أو ساهموا في تأسيسها والكتابة فيها وكان ثمة حلم  بأن تكون هنالك صحافة رصينة تقوم على الخبر الدقيق والتحليل الرصين والاستشراف الجيد ورغم عدم المهنية وأن أغلب من جاءوا إلى الصحافة  من الأساتذة أو من القطاعات الأخرى فقد كانت الصحافة عندما يراجعها الإنسان اليوم يرى انها كانت صحافة جادة وتطرح قضايا عميقة وتناقشها مناقشات دقيقة وتؤثر في الرأي العام تأثيرا قويا وفي حقيقة الأمر بدأ الحقل يتميع قليلا.

 وبالنسبة لي فقد عدلت عن الصحافة السياسية إلى الصحافة الثقافية وأسست مجلة الموكب الثقافي وقد كتب فيها كل الكتاب والباحثين الموريتانيين وكانت ذاكرة لموريتانيا منذ 1995 وكنت مديرها الفني ثم أصبحت رئيس تحريرها فيما بعد  وما زالت تصدر إلى اليوم، وبالنسبة لواقع الصحافة لا يستطيع الإنسان أن يقول فيها، بعض من الصحفيين يذمونها وبعض منهم يمدح وبعضهم يسكت ولكن أرى أن المهنية مطلوبة والجدية مطلوبة والتحليل مطلوب فثمة فيض من الأخبار المتطابقة التي لا يختلف بعضها عن بعض وإذا قرأت صحيفة واحدة تكفيك من بقية الصحف لأنه لا يوجد رأي مخصوص، ذو طعم خاص يستطيع أن يجلبك إلى إحدى الصحف بالذات وبالتالي فثمة نوع من الخبرية أو الأنبائية إذا صحت النسبة إلى الجمع و الصحف الورقية لم تعد منتشرة انتشارها السابق وثمة صحف صامدة ولكنها قليلة وبدأت الصحف تتجه إلى المجال الجديد وهو مجال السمعيات البصريات وهو مجال المرئيات والأنترنت وبدأت هذه المواقع تتراجع لصالح وسائط التواصل الاجتماعي فبدأ التدوين يحل محل الرأي الدقيق وبدأ الرأي الشعبوي  يسود  في المجال مما سحب البساط من تحت المواقع الإلكترونية وتوجد مواقع ألكترونية خبرية ومواقع تحليلية ولكنها قليلة ولا بد من صحافة حقيقية  تتكون على أساس جديد وليس على الأساس القديم لمواكبة الثورة الإلكترونية لإعطاء الرأي والفكرة لأنهما المهمان الآن وليس الحدث هو الأساس رغم أنه هو محل الإثارة ومحل المهمة الجوهرية  والأساسية للصحافة هي توجيه الرأي العام والمجتمعات والإنسان بصفة عامة  والإنسانية جمعاء لحفظ النوع البشري المهدد بالذكاء الهدام، الذكاء الذي يخلق الفناء في المخابر ويعمل على تحطيم الإنسان من الداخل من خلال تحطيم قيمه، وكما كانت رسالة التوعية مطلوبة وما تزال فإن  حفظ الإنسان وحفظ فكره وكرامته هي المطلوبة الآن من الصحافة وهذه هي رؤيتي للصحافة عموما والصحافة الموريتانية جزء منها وأنصح الصحافة أن يترووا قليلا وأن يبذلوا جهدا أكثر في التحليل وإبداء الرأي وعدم الانخداع بالسيل الحسي للأحداث وهذه صحافة تتبع وليس صحافة ريادة تتبع الأحداث بعد وجودها ولا تساهم في صناعتها.

موقع الفكر: ما رأيكم فيما يسمى بقانون الرموز؟

د. محمدُ بن أحظانا: لم أطلع عليه ولا يمكنني الحديث عنه لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما يقال ولكن من حيث المبدأ فإن الحرية فضيلة بين رذيلتين رذيلة القدح والتسيب ورذيلة التخاذل والصمت ولا بد من المحافظة على الحرية من هاتين الخسيستين اللتين تهددانها دائما ونحن مجتمع حر في تعاليقه ولكن التعليق كان يذهب في الهواء وأصبحت التعاليق تخلد في الوسائل الإلكترونية وعلى ذلك الأساس لكي نصون الحرية يجب أن نحميها بالقانون من الخسيستين والحرية في تعريفها العملي هي أن أمارس حريتي بشرط ألا أمس بحرية وكرامة الآخرين فثمة حدود لطيفة يجب أن تحترم وبالتالي لا يمكن للأمة أن تتسيب ولا أن تسكت أيضا لأن التسيب من أسباب الحروب الأهلية وأسباب انعدام الأمن ومن أسباب الفاحشة والمخدرات وهذه أشياء تهدم المجتمع، والحرية وسيلة من وسائل الحياة الكريمة كحرية الإبداع  وحرية التفكير وحرية الرأي وليست هنالك حرية للقدح والسب لأن هذا من أسباب خرق العقد الاجتماعي الذي تقوم عليه المجتمعات وهذا هو رأيي في الحرية وليس في القانون لأني كما قلت لم أطلع عليه.

 موقع الفكر: هل جدت عليكم أفكار في موضوع التعليم؟

د. محمدُ بن أحظانا: نعم جدت لدي أفكار في التعليم واحتفظت ببعض الأفكار حوله، مما احتفظت به من الأفكار السابقة أن الإصلاحات أو برامج التعليم عندنا أخطأت إلى النهاية وكانت زاوية نظرها خاطئة في درجة معينة وأحسن الأحوال أن تحقق الهدف التربوي وحده أو تحقق الهدف التعليمي وحده وهذا خطأ فلا بد للتعليم من تربية وللتربية من التعليم ولا بد أن يتواشجا.

ومن الأفكار التي أحتفظ بها أن التعليم لم ينفصل بعد عن السياسة لدى الرأي العام والنخبة السياسية وما تزال تعتبر التعليم جزء من مطاياها للتأثير في الرأي العام عن طريق الطلاب وعن طريق التلاميذ، ومن الأفكار كذلك أن المدرس من الأستاذ الجامعي إلى الأستاذ إلى المعلم يجب أن يكون في وضعية مادية أفضل من أي موظف آخر لأنه هو الذي ينتج الموظفين الآخرين و"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" وبالتالي أدعو  السلطات المعنية في وزارة التعليم إلى  إعطاء مجال في  إعادة رسم سياستها لكي تجعل من التعليم قطبا يستقطب المعلمين الجيدين.

 ومن الأفكار التي أحتفظ بها كذلك مسألة التكوين فإصلاح التعليم (99 19) مشكلة حقيقية وقد سميته في مقال التعليم الذي تحدثت عنه بغرفة انعدام الوزن وهي غرفة قد يتحرك فيها جسم الإنسان ببطء وقد يجد فراغا فيتحرك بسرعة أكبر بمعنى أنه ليس خاضعا لأي مقياس وهذه الغرفة يجب أن تفرغ من انعدام الوزن ويحدث فيها توازن  ويجب أن تملأ بالهواء الصحي وأكسوجين التعليم هو برنامج جيد وكتاب مدرسي جيد وكادر إداري وبرنامج جيد ولو كان أقل من البرامج الحالية المشحونة والتي لا يستطيع الطلاب إنهاءها في سنة دراسية.

  ومن الأفكار الجديدة لدي عن التعليم أنه يجب أن يكون تعليما متكاملا يتضمن التربية البدنية حتى يكون تربويا يتضمن الموسيقى ومعلومات عن المجتمع ويتضمن كذلك تحديثا للمعلومات لأن الكتب ألفت وأعيد طبعها مرات عديدة ولم تتجدد معلوماتها لا في المادة الاجتماعية الأدبية أو المادة العلمية وما زلنا نعيش على برامج التسعينات ولم نكيف المادة التعليمية مع العصر الذي نعيشه ولا التطور الذي نعيشه ويجب أن تتطور الرؤية التعليمية والبرنامج التعليمي على أسس جديدة وليس على الأسس السابقة لأن كل عشر سنوات أو أقل تتغير خريطة المعرفة وبتغير المعرفة البشرية والإنسانية يجب أن تتغير البرامج وعدم التكيف آفة كبيرة على برامجنا التعليمية.

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة

د. محمدُ بن أحظانا: أشكركم على هذه الاستضافة الكريمة وأدعو الموريتانيين إلى أن يفكروا بعقولهم بصورة جيدة وأدعو النخبة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والإدارية إلى أن تكون نخبة مسؤولة فهذا الشعب يستحق عليها أن تكون مسؤولة وحقه عليها أن تجعله في حالة أفضل أيا كان وجود هذه النخبة وأيا كان تموضعها فمن العار ألا ننهض بهذه المجتمع ومن العار أن ننتظر السياسة لتغير كل شيء فالسياسة هي تدبير الشأن ولكن لكل شأن سياسة فثمة سياسة تعليمية  يجب أن تكون واضحة المعالم وسياسية ثقافية واضحة المعالم وسياسية اقتصادية واضحة المعالم وسياسية اجتماعية واضحة المعالم أما أن نكل كل شيء إلى الإدارة فهذا لم يحدث نهضة في أي مكان من العالم فنحن قادرون على أن ننهض ونحن شعب ذكي استطاع أن يخلق وجوده وأن يبني صروحا شامخة من المعرفة في صحراء قاحلة وهو لا يستقر ليلتين في مكان واحد فكيف لا يبني وهو مستقر في مدن وقرى ولديه كل الإمكانيات من أجل العمل وأحثهم على أن يجعلوا الكلمة دليلا على العمل وليست مناقضة له وما أنطق به يجب أن يكون ما سأطبقه، وأحث الشباب على العمل فلا ينبغي أن يظل الشباب جالسا أو مضجعا ويشتغل بالإنترنت والإنترنت لا تعطي طعاما أو شرابا بل هي وسيلة من وسائل العمل.