يقول: إن بعض المخلصين يخافون من فتح باب النقد أن يلجه من يحسنه ومن لا يحسنه، وهذا هو العذر نفسه الذي جعل بعض العلماء يتواصون بسد باب الاجتهاد، والواجب أن يفتح الباب لأهله، ولا يبقى في النهاية إلا النافع، ولا يصح إلا الصحيح.
قدّم الأستاذ عمر لهذا الحوار بتعريف مركّز، تضمن خلاصة آرائي في الإصلاح والتجديد الإسلامي. وممّا جاء فيه:
ولعل نظرة سريعة على عناوين الكتب التي قدَّمها للمكتبة الإسلامية، تعطي صورة واضحة عن شمولية اهتماماته، والقدر الهام الذي ساهم به في تشكيل العقل الإسلامي المعاصر، وما منحه من الفقه الضروري للتعامل مع الحياة، وتصويب المسار للعمل الإسلامي، وترشيد الصحوة لتلتزم المنهج الصحيح، وتأمن منزلقات الطريق.
مع رجال الإعلام والصحافة:
في هذه المرحلة لقيتُ كثيرين من رجال الإعلام والصحافة من عرب وغربيين، أوربيين وأمريكان، بعضهم جاء إلى الدوحة لمجرَّد لقائي وسؤالي، وخصوصًا عن الصحوة الإسلامية، وصعودها الذي لفت إليه الأنظار في العالم، حتى قال لي صحفي أمريكي باندهاش: إنَّ الشباب في العالم كله يبتعد عن الدين، وشباب العالم الإسلامي يلتفُّ حول الدين، ودعاة الدين، ما سر ذلك؟
زادت الطين بلة أحداث 11 سبتمبر 2001م، فشلَّت البنك تمامًا عن أيَّ حركة، بل صادرته وأدخلته تحت الحراسة، وفي هذا نفقات هائلة، كلها عبء على البنك، الذي يدفع ولا يكسب، بالإضافة إلى القضايا التي رفعها البنك في اتّجاهات شتّى، وكلها أعباء ونفقات ضخمة وتؤخذ من لحم الحي، مما بقى من رأس مال البنك الذي أحاطت به المصائب من كل جانب، وما زال الإلحاح على إدارته من الجهات المسؤولة في البهاما، ليقوم بتصفية البنك نهائيًا، وهو ما كان.
بدأت أعين المراقبين من القوى المتربصة بالإسلام وأمته، الراصدة لكلِّ حركة في الأمة، وخصوصًا حركة المال والاقتصاد، تكيد للبنك وتشوّش على سمعته، وتزعم أنه يموّل جهات إرهابية، يقصدون حركة المقاومة الإسلامية «حماس».
اجتمعت أنا وبعض إخواني: الدكتور جمال الدين عطية الذي كان يعمل أستاذًا بكلية الشريعة، والدكتور علي محيي الدين القرداغي، ونظرنا في هذا النظام، وعدّلنا فيه تعديلات جذرية، وأرسلناها إلى المهندس يوسف ندا وشريكه الأستاذ غالب همّت، ليأخذ طريقه القانوني في إقراره واعتماده من الجهات المس ؤولة في «البهاما» التي سجّل فيها البنك.
قال المهندس يوسف ندا: لقد اتصلت بك لتضع يدك في أيدينا، لنقيم هذا البنك على أسس إسلامية واقتصادية سليمة، وأن ترأس هيئة الرقابة الشرعية في البنك، حين ننتهي من تأسيسه، وتختار لها من تحب من إخوانك العلماء الذين تثق بقوتهم وأمانتهم.
قلت: عزيز علي والله أن أعتذر من عدم استجابتي لرغبتك، برغم معزّتك عندي، ولكن كثُرت الأعباء عليّ، وهي تعطلني عن عملي العلمي، الذي أرى فيه حياة روحي، وروح حياتي.
اتصل بي الأخ الصديق المهندس يوسف ندا هاتفيًا من «لوجانو» في سويسرا، وقال: لعلك عرفت بعزمنا على تأسيس بنك إسلامي، اخترنا أن نسميه «بنك التقوى» وربما قرأت أسماء المكتتبين أو الراغبيت في الاكتتاب والمشاركة فيه.
قلت: نعم قرأت ذلك، وتمنّيت لو استشرتني قبل ذلك، وأنت تعلم اهتمامي بشأن البنوك الإسلامية.
بدأت المسيرة المزعومة للسلام مع الفلسطينيين، وهو سلام ملغوم، سلام كما تريده إسرائيل، وكما تملي صورته وشروطه، وهو في الواقع استسلام لما تريده إسرائيل. وكانت مفاوضات مدريد، ولقاءات العرب والفلسطينيين مع الإسرائيليين ورئيس حكومتهم إسحاق شامير، الذي رفض أن يجتمع بهم يوم السبت؛ لأنه يوم عطلة لا عمل فيه عند اليهود. وقال له العرب: لقد كان أمس يوم جمعة عندنا، ولم تعطل المفاوضات فيه، قال: أما نحن فلا نجاوز التوراة.