وسط في شؤون الأسرة:
والتشريع الإسلامي وسط في شؤون الأسرة، كما هو وسط في شؤونه كلها، وسط بين الذين شرعوا تعدّ د الزوجات بغير عدد ولا قيد، وبين الذين رفضوه وأنكروه ولو اقتضته المصلحة وفرضته الضرورة والحاجة، ناهيك عن الذين رفضوا الزواج كله من أصله.
فقد شرع الإسلام: الزواج بامرأة أخر ى بشرط القدرة على الإحصان والإنفاق، والثقة بالعدل بين الزوجتين، فإن خاف ألا يعدل، لزمه الاقتصار على واحدة، كما قال تعالى: {فإِنْ خِفْتمْ ألَاَّ تعْدِلوُا فَوَاحِدةَ} [النساء:3]. وقد كان التعددُّ في الجاهلية بلا قيد ولا شرط، فوضع الإسلام له شرطاً وهو العدل، ووضع له قيداً، وهو ألا يزيد على أربع بحال، على خلاف ما في "العهد القديم" من أن داود كان له ثلاثمائة امرأة، وسليمان كان له أكثر.
وهو وسط في الطلاق بين الذين حرموا الطلاق، لأيّ سبب كان، ولو استحالت الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق، كالكاثوليك، وقريب منهم الذين حرموه إلا لعلة الزنى والخيانة الزوجية كالأرثوذكس ... وبين الذين أرخوا العنان في أمر الطلاق، فلم يقيّدوه بقيد، أو شرط، فمن طلب الطلاق من امرأة أو رجل، كان أمره بيده، وبذلك سهل هدم الحياة الزوجية بأوهى سبب، وأصبح هذا الميثاق الغليظ أوهى من بيت العنكبوت.
إنما شرع الإسلام الطلاق، عندما تخفق كل وسائل العلاج الأخرى، ولا يُجدي تحكيم ولا إصلاح، ومع هذا فهو أبغض الحلال إلى الله، ويستطيع المُطلق مرة ومرة أن يراجع مطلقته ويعيدها إلى حظيرة الزوجية من جديد. كما قال تعالى:
}الطَّلاقُ مَرَّتاَنِ فَإِمْسَاكٌ بمِعْرُوف أوتسْرِيحٌ بإِحْسَانٍ} [البقرة:229].