وإذا دخل الإسلام الحرب، فإنما يدخلها مضطرا للدفاع عن الحرمات والمقدّسات والدماء والأموال والأعراض، كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة:216]. وإذا انتهت المعركة بغير دماء وقتال علق القرآن بقوله: {وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنيِنَ الْقِتاَلَ} [الأحزاب:25[
على أن الحرب لها أحكامها الشرعية وأصولها الأخلاقية، التي لا تسمح بقتل من لا يقاتل، ولهذا يحرم قتل النساء والأطفال والشيوخ والأجراء والرهبان في الصوامع وقتالهم.
ولا يجوز قطع شجر مثمر، ولا تخريب عامر، ولا فساد في الأرض، إلى آخر آداب الحرب وأخلاقياتها التي عرفت عند المسلمين دون غيرهم من الأمم.
والإسلام وسط في تشريعه ونظامه الاجتماعي بين "الليبراليين" أو "الرأسماليين" الذين يدللون الفرد على حساب المجتمع، بكثرة ما يعطى له من حقوق يطالب بها، وقلة ما يفرض عليه من واجبات يسأل عنها، فهو دائما يقول: لدي، وقلما يقول: علي ... وبين الماركسيين والجماعيين الذين يضخّمون دور المجتمع، بالضغط على الفرد، والتقليل من حقوقه، والحجر على حريته، ومصادرة نوازعه الذاتية. فالأولون أعطوه حق التملك المطلق بلا قيود ولا ضوابط ولا تكاليف تذكر، تحد من طغيان التملك، ولاسيما إذا اتسع، والآخرون يحرمونه من التملك، ويدعونه كأنما هو أجير لدى الدولة أو كأنهم يعتبرونه كما قال القرآن: {عَبْدا مَمْلوُكا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل:75]، ولماذا لا يقدر على شيء؟ لأنه لا يملك أي شيء.