وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أرى بعض الناس يطيل في العبادة:
"عليكم هديا قاصدا – ثلاث مرات – فإنه من يشادّ الدين يغلبه" . ومعنى )قاصدا( أي وسطاً معتدلاً.
عن جابر ابن سمُرة قال: كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات، فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا . أي ليست بالطويلة المملة، ولا بالقصيرة المخلة.
وجاءت عدة أحاديث ما بين صحيح وحسن، تثني على القصد في الفقر والغنى، أي التوسط والاعتدال فيه، كما في حديث عمار بن ياسر: "وأسألك القصد في الفقر والغنى".
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث مهلكات! شحّ مطاع، وهوى متّبع، و إعجاب المرء بنفسه. وثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الغنى والفقر، وكلمة الحق في الرضا والغضب"1.
وعن حذيفة قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "ما أحسن القصد في الغنى، وأحسن القصد في الفقر، وأحسن القصد في العبادة2.
زْ- وعن عبد الرحمن بن شبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اقرأوا القرآن واعملوا به، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به"3.
وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، واكرام ذي السلطان المقسط"4.
وهذان الحديثان أصل مهم في مدح الوسطية وتفسيرها، وأنها بين الغلو والجفاء كما جاء في القرآن، ومثله في السنة.
حْ- وكانت التوجيهات النبوية كلها تحثّ على القصد والاعتدال، مراعاة للطاقة الإنسانية، وحتى لا يملّ المكلف وينقطع نهائيا في وسط الطريق، فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.
وقال صلى الله عليه وسلم:" إن الدين يُسر، ولن يُشادّ الدين أحد إلا غلبه، فسدّدوا وقاربوا"5.