المعادن الأساسية في التحول الطاقوي/ أحمد الطالب محمد

إن تغيّر المناخ فرض على البشر التعامل بطريقة غير مسبوقة مع الموارد الطبيعية، ومن ذلك "فَطْم" أنفسنا عن مجموعة من الموارد الطبيعية القيمة المتوافرة بسبب آثار التلوث العالمي، واستبدالها مواد أخرى بها، من أجل الوصول إلى مصادر طاقة تحفظ البيئة المتدهورة أصلًا.

ومن أجل هذا التحول نحتاج تعبئة اقتصادية مهمة قد تقود إلى إجهاد الإنتاج العالمي لبعض المعادن المستخدمة في مجال الطاقة، والتي نذكر منها: النحاس والكوبالت والليثيوم والمنغنيز والتربة النادرة والجرافيت والنيكل ...إلخ.

النحاس

النحاس هو من بين أفضل الموصلات من الكهرباء والحرارة، وتُقدَّر نسبة استخدام النحاس في التطبيقات المتعلقة بالطاقة (الكهرباء أساسًا) بنحو 60% من وزنه الإجمالي، ويُستخدَم في شبكات الطاقة ذات الجهد العالي والمتوسط والمنخفض.

يُستخدَم النحاس في أنظمة الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والمائية والرياح في جميع أنحاء العالم، إذ يساعد في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ويخفض كمية الطاقة اللازمة لإنتاج الكهرباء.

أنظمة الطاقة المتجددة

يعدّ النحاس واحدًا من أفضل الموارد المتجددة؛ فهو من المعادن القليلة التي يمكن إعادة تدويرها بنسبة 100% مرارًا وتكرارًا دون نقص في كفاءته.

ومن المزايا التي يتمتع بها النحاس، الموصلية الحرارية العالية والمقاومة للتآكل من الهواء والماء، وكذلك سهولة التصنيع والقوة الميكانيكية وطول العمر تجعله يتفوق على جميع المواد في الطاقة الشمسية.

أمّا في تطبيقات طاقة الرياح، فهو موجود في اللفائف في الجزء الثابت، ويوجد بالجزء الدوار من المولد وفي موصلات خطوط الطاقة عالية الجهد ولفائف المحولات.

وفي مجال تطبيقات الطاقة الشمسية هو المكون الرئيس للخطوط والتأريض والمحولات وأشرطة الخلايا الضوئية.

وفي العديد من أنظمة الطاقة المتجددة، يُستخدم النحاس بما يزيد على 12 ضعفًا، مقارنة بالكميات المستخدمة في النظم التقليدية، لضمان الكفاءة.

عناصر التربة النادرة

تُستخدم عناصر التربة النادرة (REE) في مجموعة متنوعة من التطبيقات الصناعية، بما في ذلك الإلكترونيات والطاقة النظيفة والفضاء والسيارات الكهربائية والدفاع.

وتُستخدم بشكل متزايد في تقنيات توليد الطاقة المتجددة، ويشمل ذلك مغناطيس توربينات الرياح والخلايا الشمسية والخلايا المستخدمة في المركبات الكهربائية.

وتأخذ صناعة المغناطيس الدائم الحيز الأكبر من استهلاك التربة النادرة، إذ يمثّل 38% من استخداماتها.

وتُستخدَم العناصر النادرة على نطاق واسع في المنتجات عالية التكنولوجيا والخضراء بسبب الحاجة إلى المغناطيس الدائم الذي يدخل في تركيبه بعض العناصر النادرة، خاصة النيوديميوم (ND) والسمريوم (SM) اللذين ينتجان مغناطيسًا قويًا يمكنه تحمّل درجات حرارة مرتفعة نسبيًا؛ ما يجعلها مثالية لمجموعة واسعة من تطبيقات الإلكترونيات والدفاع.

وأقوى مغناطيس يُستخدم الآن هو سبيكة من النيوديميوم مع الحديد (FE) والبورون (ب)، الذي يُرمز له بالمختصر NdFeB.
و هذا المغناطيس هو العامل الأساس في بناء توربينات الرياح والمغناطيس الدائم للسيارات الكهربائية.

النيكل

يُستخدم النيكل في عدد غير متناهٍ من التطبيقات من محطات المعالجة، إلى النفط والغاز وتوليد الطاقة، وفي أشكال النقل جميعًا، بما في ذلك السيارات والقطارات وصناعة الطيران، كما يوجد النيكل في الإلكترونيات، مثل الهواتف وأجهزة الحاسوب المحمولة والكاميرات الرقمية.

إلّا أن أكثر المجالات المتنامية لاستخدامه اليوم هي بطاريات الليثيوم أيون وأنظمة تخزين الطاقة المستخدمة لمصادر الطاقة المتجددة.

وتعدّ كبريتات النيكل من المكونات الرئيسة بالبطاريات المستخدمة في المركبات الكهربائية، وعلى سبيل المثال، تحتاج بطارية 60 كيلوواط/ساعة من النوع NMC811 إلى 5 كيلو غرامات من الكوبالت و5 كيلو غرامات من المنغنيز، و6 كيلو غرامات من الليثيوم، و39 كيلو غرامًا من النيكل.

ومن أهم مزايا النيكل في صناعة السيارات الكهربائية أنه عندما تحتوي البطارية على المزيد منه فإنه يمكن للسيارة القيادة لمدة أطول.

الجرافيت

الجرافيت هو شكل بلوري من عنصر الكربون مع ذرّات مرتّبة على شكل هيكل سداسي، وهو أكثر أشكال الكربون استقرارًا في ظل الظروف الطبيعية، وهو موصل جيد للحرارة والكهرباء.

الموصلية العالية للجرافيت تجعله مفيدًا في المنتجات الإلكترونية، مثل الأقطاب الكهربائية والبطاريات والألواح الشمسية.

وقد اكتشف العلماء إمكانات كبيرة في الاستخدامات من قبيل الطاقات المتجددة لمادة الجرافين، وهي أحد مشتقات الجرافيت.

ويعدّ الجرافيت من أهم العناصر المعدنية الموجودة في بطاريات أيونات الليثيوم، لهذا السبب يُنظر إلى الجرافين على أنه أمل الطاقة المتجددة، ويُستخدم في المكونات الكهربائية وعناصر أخرى، مثل المستشعرات والبطاريات والمركبات وأغشية التبادل الأيوني وغيرها من المنتجات.

ويُستخدم -أيضًا- في التطبيقات العسكرية وتحلية المياه في المستقبل.

ويوفر الجرافين -غير المكلف والصديق للبيئة- بديلاً مرحَّبًا به لمحفزات البلاتين، وهناك نشاط تحفيزي كهربائي مرتفع على ألواح الجرافين، وهو أحد المواد المقترحة ليحلّ محلّ البلاتين بسبب قوّته ومتانته.

ومن التطبيقات المهمة في الطاقة المتجددة إمكان استخدامه في تطوير الطلاء المضاد للانعكاس للخلايا الشمسية، إذ ثَبَتَ أن هذه المادة تقلل الانعكاس بالقرب من الجزء فوق البنفسجي من الطيف الشمسي من 35% إلى 15%.

كما توفر الخلايا الكهروضوئية مع الجرافين كفاءة أعلى في تحويل الطاقة، ويمكن استبدال البلاتين في أقطاب الخلايا الشمسية دون فقدان الكفاءة.

وتمتلك أنودات الجرافين ميزة مهمة، وهي شحن أفضل للطاقة قد يصل عشرة أضعاف المدة اللازمة باستخدام مواد أخرى.

وله تطبيقات محتملة للسيارات الكهربائية، فمع إضافة بعض ذرّات البورون ينتج أنودًا مرنًا للغاية لبطاريات الليثيوم أيون، وتلتصق أيونات الليثيوم بالجرافين من خلال مساعدة ذرّات البورون، وتساعد على الشحن السريع، وفي الوقت نفسه يمكن استخدام الجرافين الممزوج بالفاناديوم لتطوير كاثودات عالية الأداء وفاعلة من حيث التكلفة، كما يمكن إعادة شحنها في غضون 20 ثانية فقط.
من جهة أخرى، يقلّل الجرافين من وزن البطاريات التي تزن عادة نحو 200 كيلو غرام. ويمتد مدى السيارات الكهربائية إلى ما بعد 100 كيلومتر.

خلاصة

تشكّل المعادن العمود الفقري بصفة عامة في التطبيقات اليومية، وتشكّل جزءًا مهمًا من ثورة الطاقة المتجددة.

إن القيام بإجراءات صارمة وصادقة في اختيار وسائل الطاقة مستقبلًا يمرّ حتمًا عبر تعدين المواد المعدنية التي بدورها يجب أن تُستغل بطرق نظيفة لنصل إلى النتيجة المرجوة، وليس توليد طاقة نظيفة من تعدين غير مستدام.