نسائم الإشراق، الحلقة رقم (1763) 17 ديسمبر2021م، 13جمادى الأولى 1443هـ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، معالم ومنارات، الشيخ يوسف القرضاوي، الحلقة رقم (37)

كلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
قال ابن تيمية ضمن كلام له: 
وجعل أمته وسطا، فلم يغلوا فى الأنبياء كغلو من عدلهم بالله، وجعل فيهم شيئا من الألهية، وعبدهم، وجعلهم شفعاء. ولم يجفوا جفاء من آذاهم،  واستخف بحرماتهم، وأعرض عن طاعتهم، بل عزّروا الأنبياء – أي عظّموهم – ونصروهم وآمنوا بما جاءوا به، وأطاعوهم،  واتبعوهم،  وائتموا بهم، وأحبوهم، وأجلوهم، ولم يعبدوا إلا الله، فلم يتّكلوا إلاّ  عليه، ولم يستعينوا إلاّ  به، مخلصين له الدين، حنفاء.
وكذلك فى الشرائع. قالوا ما أمرنا الله به أطعناه، وما نهانا عنه إنتهينا،  وإذا نهانا عما كان أحله – كما نهى بنى إسرائيل عما كان أباحه ليعقوب – أو أباح لنا ما كان حراما – كما أباح المسيح بعض الذى حرّم الله على بنى إسرائيل – سمعنا وأطعنا.
وأمّا غير  رُسُل الله وأنبيائه فليس لهم أن يبدّلوا دين الله، ولا يبتدعوا في الدين ما لم   يأذن به الله.
 والرُّسل إنما قالوا تبليغاً عن الله؛ فإنه سبحانه له الخلق والأمر، 
فكما لا يخلق غيره، لا يأمر غيره، "إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّه أمَرَ ألَّا تعْبدُوُا إِلَّا إيِاَّهُ ذلِكَ الدِينُ 
الْقيِمُ وَلَكِنَّ أكْثرَ الناَّسِ لا يَعْلَمُونَ " (يوسف:40).  
وتوسّطت هذه الأمة في الطهارة والنجاسة، وفي الحلال والحرام، وفي الأخلاق. ولم يجرّدوا الشدة كما فعله الأولون، ولم يجرّدوا الرأفة كما فعله الآخرون، بل عاملوا أعداء الله بالشدة، وعاملوا أولياء الله بالرأفة والرحمة، وقالوا في المسيح ما قاله سبحانه وتعالى، وما قاله المسيح والحواريون؛ لا ما إبتدعه الغالون والجافون" اهد 
كلام الهروي وشرح ابن القيم:
وقد قال العلامة إسماعيل الهروي في منزلة الأدب من رسالته الشهيرة (منازل السائرين إلى مقامات "إياك نعبد  واياك نستعين"): الأدب: حفظ الحد بين الغلو والجفاء، بمعرفة ضرر العدوان . 
وشرح هذا ابن القيم في المدارج فقال: هذا من أحسن الحدود. فإن الانحراف إلى أحد طرفي الغلو والجفاء: هو قلة الأدب. والأدب: الوقوف في الوسط بين الطرفين، فلا يقصر بحدود الشرع عن تمامها، ولا يتجاوز بها ما جعلت حدودا له. فكلاهما عدوان. والله لا يحب المعتدين. والعدوان: هو سوء الأدب.
وقال بعض السلف: دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه.  
فإضاعة الأدب بالجفاء: كمن لم يكمل أعضاء الوضوء. ولم يوف الصلاة آدابها التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعلها. وهي قريب من مائة أدب.