في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منه إلى إطلاع المتابعين الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد أبرز الناشطين في الميدان الحقوقي، ممن خبروا دروب هذا الميدان وعايشوا تحدياتها ...
نتابع معه اليوم لنستجلي من خلاله ما وراء الخبر... في لقاء شامل حول واقع وآفاق المشكل الاجتماعي بالبلاد، ومواقفه من المشهد السياسي اليوم، حيث نحاوره حول حركة الحر وميثاق الحراطين، وموقفه من هوية الحراطين،، إضافة إلى الحديث عن المشاريع التي تستهدف هذه الشريحة وترمي إلى الرفع من مستواها المادي والنهوض بواقعها ليكون على المستوى المطلوب، نحاور ضيفنا لنستجلي من خلاله رؤيته حول هذه المشاريع خاصة ما تقوم به المندوبية العامة للتضامن الوطني و مكافحة الإقصاء "تآزر"من برامج لصالح هذه الشريحة..
إلى غير ذلك من المواضيع التي تناولها هذا اللقاء مع النقابي الساموري ولد بي، فإلى نص المقابلة:
موقع الفكر: نود منكم تعريف المشاهد بشخصكم الكريم من حيث الاسم وتاريخ ومحل الميلاد والشهادات والوظائف التي تقلدتم؟
الساموري ولد بي: اسمي الساموري ولد بي من مواليد 1955 بولاية تكانت وتحديدا مقاطعة تجكجة، درست في عدة ولايات وأكملت دراسة الثانوية في العاصمة ودرست الإعلام في ألمانيا الغربية سنتي ١٩٨١-١٩٨٢ ومارست العمل النقابي والحقوقي ولدي ماضي في حقل المجتمع المدني وأشغل نائب رئيس المنظمات غير الحكومية، وعضو سابق في اللجنة الدائمة للجنة الوطنية لحقوق الإنسان وعضو سابق أيضا في اتحاد العمال الموريتانيين قبل أن تنشأ الكونفدرالية لحقوق العمال الموريتانيين التي أترأسها الآن، ولدي نشاط في الحقل السياسي وانشط في الساحة بشكل عام سواء على الصعيد الاجتماعي أو الحقوقي او السياسي، وهكذا أنا الذي عرفت أصلا بأن لدي مواقف من الأنظمة وتلك المواقف لم تتغير حتى اللحظة والسبب في ذلك أن الأوضاع لم تتغير ونعتبر أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي يزداد سوءا يوما بعد يوم، فكلما كانت هناك آمال لدى المواطنين أن الوضع سيتحسن نجد أنفسنا في مستنقع شديد وانسداد للأفق وتصبح الصورة أمامنا ضبابية ولا نرى سوى الانزلاق نحو الأسوأ، فما نسميه اليوم القوة الشرائية أصبحت معدومة لدى الفرد، والوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن أصبح وضعا مأساويا وحين نتحدث عن المواطنين الريفيين ليس هناك ما يمكن أن يوفر لهم القوة الشرائية والدولة لم تخلق لهم أي فرص ولا أي نشاط يمكنهم من خلاله تغيير واقع المجتمع، والعمال بشكل عام في وضعية يرثى لها لأن من يعمل منهم محدود جدا وأوضاعهم كارثية لأن الحقوق التي كان يضمنها القانون أصبحت مسلوبة وظروف العمل أصبحت مشددا عليها والأجور جامدة منذ عقود ولا حديث عن تحسينات، والذين لا يعملون ويعانون من البطالة هم الأغلبية والبطالة في هذا البلد بلغت ذروتها، نحن هم البلد الأكثر ارتفاعا للبطالة في المنطقة والأكثر تدنيا للأجور ووضعنا الاقتصادي يزداد سوء يوما بعد يوم لأن الأسعار تتفاقم بشكل غريب ومتواصل دون أن تكون هناك سياسة للتخفيف من تصاعدها، والظاهر أن رجال الأعمال هم من يتحكم في كل الأمور والدولة أصبحت غائبة وضعيفة ولا مواقف لها ولا تتحمل المسؤولية في القضايا التي أصبحت منفلتة، هذا بالإضافة إلى الفساد المالي والاقتصادي الذي أصبح ثقافة لدى أهل هذا البلد وأضحى أمرا عادي بالنسبة لهم ولا يحرك فيهم الكوامن، وهذا ما جعل موريتانيا اليوم من البلدان التي وصلت مديونيتها إلى ما يمكن أن تصل إليه من الارتفاع، حتى فاقت دخلها القومي، واقع البنى التحتية واقع مزر والطرق المتهالكة تؤكد ذلك، ونحن في الحقيقة أصبحنا في دوامة من التعهدات والتمنيات والتحريات وغير ذلك من الأمور التي لا طائل من ورائها، ورغم أننا لا نتجاوز أربعة ملايين مواطن ولدينا ثروات كبيرة لا نستفيد منها مثل الصيد البحري والمناجم وليس بإمكاننا أن نكون دولة حقيقية ونخلق لأنفسنا أبسط الفرص للحياة الكريمة.
نحن في الحقيقة فقدنا مفهوم الدولة وما نتخبط فيه الآن يردنا بعيدا إلى العصور القديمة وليس بإمكاننا مسايرة ركب التطور والحداثة وهذا ينعكس على واقعنا، وليس هناك شعور لدى الحكام أننا في مأزق وفي وضع يفرض علينا أن نبحث عن حلول، فنحن نعتبر الحلقة الأضعف في المنطقة التي تتميز بتجاذبات خطيرة وشديدة التأثير على بلدان المنطقة ومن المعروف أن الحلقة الأضعف هي الأكثر تأثرا بتلك التجاذبات، ومن المعروف أن الدول التي تمتلك المعادن والغاز تكون في العادة واجهة للأطماع والتأثيرات الخارجية وإذا لم نأخذ الحيطة ونقوم بتعزيز وحدتنا وتعزيز ركائز دولتنا ونخلق مناخا ملائما ونبني مجتمعا متجانسا ومتلاقيا على مصالح البلد فلا مستقبل لدينا، ونحن في هذه الوضعية لا يمكننا الصمود أمام الهزات التي قد تواجه المجتمع، والدول التي صمدت أمام الهزات التي عاشتها هي دول قوية وفيها مؤسسات ولديها عوامل وحدة وترابط بين مكونات المجتمع وهذا ما نفتقده نحن، وما تقوم به السلطة الحاكمة هو تدمير لكل ما من شأنه أن يعزز الوئام بين مكونات المجتمع الموريتاني وهذا أمر بالغ الخطورة، نحن لدينا ماض عريق ولا نعرف فيه سوى التعايش في ظل التضامن الاجتماعي وهذا ما نفتقده اليوم؛ لأن التضامن الاجتماعي كان هو أهم ما عندنا لأن الذين كانوا يعيشون في البدو كانوا يتقاسمون العيش في أرزاقهم أما اليوم فأصبح الجميع لا يهتمون إلا بأنفسهم فقط، ويضاف إلى ذلك أن حياة الناس كانت بسيطة ويكتفون بالقليل أما اليوم فقد أصبح الجميع يرتبط بشيء واحد وهو ما توفره لهم الدولة، و ما تقوم به الدولة من سياسات يعتبر دون المأمول خصوصا فيما يتعلق بالعدالة والمساواة وعدم العدالة والمساواة أمراض كبيرة حين تعاني منها أي دولة لا يمكن أن يكون لها مستقبل لأن هذه الأمور هي أساس كل شيء وحين تفقد فمصير الدولة الانهيار، وتلك الأمراض في الحقيقة ينبغي أن تعالج قبل أن تستفحل وتؤثر على العيش المشترك والتعايش السلمي ويصبح علاجها غير ممكن، وينبغي أن يدرك أصحاب الوعي أن هناك أمورا لابد أن نتحرك من أجلها جميعا ونوجه الدولة فيها نحو الاتجاه الذي يخدم المجتمع والدولة، فالدولة اليوم أصبحت تحتقر الجميع وتوجههم إلى كل ما من شأنه أن يفسد من خلال سياساتها وفلسفاتها الضيقة التي لا تتماشى مع واقع مجتمع كمجتمعنا وتلك السياسة تركز للأسف على القبلية والجهوية والأسرية وبعض الامور التي تتناقض مع مفهوم الدولة، وتلك سائل يتم تشجيعها من قبل من يتحكمون في زمام السلطة اليوم ويدعمونها بقوة واندفاع، وهذا فيه الكثير من عدم الحكمة وفيه من الاستفزاز ما لا يمكن أن يتصور، ونحن ننبه كل من يتبنى تلك الفلسفات الضيقة إلى أهمية مراجعتها.
أما فيما يخص الجانب السياسي أرى أن هذا كله يتكامل ويترابط بعضه مع بعض، ونحن نعتبر أن التنمية لا يمكن أن تزدهر إلا في ظل العدالة والمساواة ودولة المواطنة التي تجسد الديمقراطية لأن الديمقراطية تعتبر أداة للتنمية وحين تكون الديمقراطية عندنا لا ترقى إلى المستوى المطلوب فيبقى الجوهر متأثرا بالواقع، أرى أن الديمقراطية ينبغي أن تكون لديها آلياتها التي تضمن الشفافية فيها وتضمن لها أن تتمكن الدولة من أن تكون دولة مؤسسات لأن الدولة إذا لم تكن كذلك لا يمكن لأي مؤسسة من مؤسساتها أن تلعب الدور المنوط بها على أكمل وجه.
موقع الفكر: هل ما زالت حركة الحر موجودة،وإذا كانت كذلك فهل قيادتها علنية أم سرية؟
الساموري ولد بي: نعم حركة الحر مازالت موجودة وأنا أترأسها منذ عام ٢٠١٠م. وقيادتها لم تعد بتلك السرية بعد المراحل التي شهدت مستوى من الحياة الديمقراطية وترخيص الأحزاب، وقياداتها أصبحوا معروفين وتحدث فيها تغييرات طبيعية كالتي تحدث في أي تنظيم..
موقع الفكر: ألم يقل الرئيس مسعود ولد بالخير ذات مرة، إنه لم يعد هناك مبرر لوجودها؟
الساموري ولد بي: هذا ما قاله مسعود وقد ترك الحركة لكن هناك أناس آخرون يقولون شيئا غير ذلك وهي أن الأسباب والدواعي التي نشأت من أجلها الحركة ما زالت قائمة فهي نشأت من أجل النضال ضد العبودية والاقصاء والغبن والتهميش وهذا كله ما يزال موجودا، وشريحة "لحراطين" ما زالت تراوح مكانها بالدونية والتهكم والحرمان من حقوقها الأساسية في الدولة، ويمكن أن نقول اليوم إن نسبة ٣٠- إلى٤٠% من "لحراطين" محرومون من حقهم في الاوراق الثبوتية وهذا يتم بشكل ممنهج ومقصود ولم تتخذ الآليات التي تمكنهم من تحقيق ذلك، والمعيار الذي تتبعه الحالة المدنية في هذا الشأن غير منصف حيث تقول إن معيار الحصول على الأوراق لابد لصاحبه أن يأتي بسلسلة نسبه ف "لحراطنين" بعضهم لا علم له بهذا ومن يشترط عليهم ذلك فهو يريد لهم الإقصاء، وأنا أعرف الكثير جدا ممن حرموا من الأوراق بسبب هذه القضية خصوصا من كانوا يستعبدون ولا يمكن التشكيك في هذه المسألة وستظل مطروحة وقد طرحت على الدولة وقالت إنها ستتخذ لها الحل المناسب لكنها لم تفعل ذلك حيث كان بإمكانها تبسيط ظروف لحراطين من خلال فتح مكاتب للإحصاء في مناطق آدوابة لأن الكثير من هؤلاء لا تسمح لهم ظروفهم بالسفر إلى المقاطعات والولايات بالإضافة إلى كونهم لا يعرفون السلم الإداري الذي يجب اتباعه في مثل هذه المسائل وهذا يطرح لأبناء آدوابة مشكلة كبيرة حيث يصبح الواحد منهم لا يمكنه أن يدخل المدرسة إذا لم يحصل على تلك الأوراق، وهناك مشاكل أخرى تتفاقم أيضا مثل سلب أراضي لحراطين فهم يمتلكون الأراضي في الجنوب الموريتاني وفي شماله لكن انتزعتها منهم الدولة، يمكن القول اليوم إن دعم الدولة وقروضها الزراعية تستفيد منه شريحة واحدة، هناك أحد البنوك القديمة في العاصمة وهو البنك الزراعي قد شهد إفلاسا وموتا سريريا بسبب أنه ترك بأيدي بعض رجال الأعمال لينفذوا منه مشاريع في الجنوب الموريتاني وقد شهدت تلك العملية تمييزا واضحا، وفي مجال الصيد أيضا شهدت الرخص تمييزا واضحا وإذا كان الرئيس بيجل هميد كما ذكرتم هو أول من منح تلك الرخص فإنه قد منحها بناء على توجهات سياسية معينة وما نقوله حول هذه المسألة هو أمر واقع وملموس، فرجال الأعمال اليوم في مجال الصيد والزراعة وأصحاب رؤوس الأموال وكل من يستفيد من مقدرات الدولة وثرواتها هم أشخاص معروفون ويعدون على الأصابع، ونحن نريد دولة عادلة تساوي بين مواطنيها في ثرواتها، والثراء الذي تعيشه أسرة أهل انويكظ هو بسبب الدولة لأنهم كانوا يستغلون طوابع الدولة ومشاريعها لأجل مصالحهم والدولة كانت تتغاضى عن ذلك وهناك الكثير من الأغنياء لم يكونوا يملكوا شيئا وكل سلطة حكمت البلاد تأتي برجال أعمالها، وما نريد نحن أن يفهمه الموريتانيون أن هناك مشكلة ينبغي أن ينصب تفكيرنا جميعا حول البحث عن حل لها، وأكبر مشكلة نواجهها هي التنكر للواقع فإذا تحدثنا عن العبودية قالوا لنا نحن نريد نماذج مما ذكرتم وإذا تحدثنا عن وجود الرق قالوا لنا إنه من أجل هؤلاء قد تم تعيين بيجل وهذه ليست حلولا مرضية فنحن نريد برامج اجتماعية واقتصادية يستفيد منها من عاشوا تلك الظروف المأساوية.
موقع الفكر: ألا تعتبرون أن مؤسسة تآزر ومن قبلها التضامن قامتا بأدوار مهمة في هذا المجال؟
الساموري ولد بي: تآرز مؤسسة فاشلة ولم تقدم شيئا والمدارس التي تشرف مؤسسة التضامن على بنائها في الداخل حين تأتيها ستجد أنها لا تحتوي على مقاعد ولا على أساتذة للتدريس فبناء المدارس والمستشفيات دون دراسة لأوضاعها وانتهاج سياسة مواكبة لها لا قيمة له.
موقع الفكر: ما تقويمكم لأداء مندوبية تآزر؟
الساموري ولد بي: أموال تآزر أكلها الرجال وشهدت فسادا غير مسبوق ولم تقم تلك المؤسسة بشيء يذكر والشعب يعاني أشد المعاناة لأن الأمطار في السنة الماضية شبه منعدمة والتنمية الحيوانية تشهد تأثرا قويا والبطالة منتشرة ومستوى القوة الشرائية متدني جدا والأسعار في تصاعد مستمر والدولة ضعيفة وعاجزة كل العجز والفساد يستشري في كل المجالات.
موقع الفكر: هل توافقون على أن قادة لحراطين يستغلون وضع هذه الشريحة لمصالحهم الخاصة، وحين يحصل أحدهم على منصب ينسى هه الشريحة؟
الساموري ولد بي: هذا يقوله البعض لكن قيادات لحراطين أو أطر ليس لديهم ما يقدمونه والدولة هي المطالبة بأن تقدم شيئا ونحن خطاباتنا تقدم طرحا وتصورا وبرامج وحلولا يمكن تحقيقها لكنها لم تجد آذانا صاغية، لكن التنفيذ من مسؤولية الدولة لأنها تتحكم في الوسائل وتوظيفها ونحن قلنا مرارا وتكرارا أنه لابد أن تكون هناك سياسة تمييز إيجابي في التوظيف والتشغيل والمشاريع الصغرى وشتى المجالات، ونحن مشكلتنا أن التمييز الايجابي الذي كان مطلوبا أصبح يواجه بسياسة عكسية وهي سياسة الإقصاء، فالتعيينات اليوم تستفيد منها فئة واحدة وهي الفئة المعروفة التي تمتلك السلطة والمال.
موقع الفكر: الحكومة اليوم من ضمنها وزراء من شريحة لحراطين كالوزير الأول ووزير الداخلية، فما رأيك؟
الساموري ولد بي: هؤلاء مجرد أدوات لدى النظام ولا يمكن لأحدهم أن يقوم بأي تصرف لا يوافق إرادة السلطة وحتى لا يمكن لأحدهم أن يوظف حارسا إذا لم يجد موافقة من الهرم، والتعيينات التي تقع أسبوعيا لا تمثل شريحة لحراطين نسبة ١% منها وهذا ليس من العدل في شيء، مؤسسة الجيش لا يوجد فيها من جنيرالات لحراطين إلا شخص واحد أو شخصين ويتم تعطيل لحراطين داخل تلك المؤسسة خصوصا في امتحانات الضباط رغم وجود كفاءات من بينهم ولدي الأدلة على ذلك والمدارس العسكرية يتم فيها إقصاء شريحة لحراطين وتلك سياسة ممنهجة ودقيقة ومطبقة ومنفذة ومتابعة ونحن لا نرضى عن هذا الوضع ونتأثر به ونرى أنه ظلم بين وتزايد للمظلمة الكبيرة التي تعيشها هذه الشريحة.
موقع الفكر: هل أنت عضوا في "ميثاق لحراطين"؟
الساموري ولد بي: نعم، ما زلت عضوا في "ميثاق لحراطين"
موقع الفكر: لو تمت دعوتك ل"ميثاق للبيظانأو للكور" هل ستلبي تلك الدعوة؟
الساموري ولد بي: حين أدعى لميثاق البيظان سألبي الدعوة طبعا إذا لم يكن أهله أصحاب فكر ضيق كالتمييز العنصري، وميثاق لحراطين للأمانة يوجد من ضمن قادته بعض أطر البيظان ونحن قلنا إننا لن نؤسسه إلا إذا كان من ضمنه أطر البيظان والزنوج لكن حين أدعى لمؤسسة تشبه حزب ولد أحمد عيشه فلن ألبي الدعوة لأن هذا حزب عنصري ويعتبرونه حزبا للبيظان فقط.
موقع الفكر: هل يوجد من بين أفراد تنظيم الحر بيظان؟
الساموري ولد بي: تنظيم الحر فيه جميع الشرائح لأننا نؤمن بأن موريتانيا لا يمكن بناؤها إلا بجميع مكوناتها وننفتح على ذلك النهج ونعتبر أن موريتانيا لا يمكن أن تصلح دون مساهمة جميع مكوناتها، فلابد من أن يعترف كل منا بالآخر وبحقه في الدولة ونود من الدولة أن تشجع تلك اللحمة والوئام وتعزز التفاهم بين مكونات المجتمع بدل من أن تعمل على خلق الفرقة والكراهية بين أبناء هذا الوطن وهذا أمر جسده ولد عبدالعزيز بشكل كبير ويبدو أن ولد الغزواني سائر على نهجه والدولة لا يمكن أن تستقيم على هذا الأمر.
موقع الفكر: ما هو تقييمكم لسنتين ونصف من حكم الرئيس محمد الغزواني؟
الساموري ولد بي: يمكنني القول إنه فشل فشلا ذريعا في معرفة مشاكل هذا الوطن وفشل في سلوك الطريق الصحيح لحلها ومعالجتها، وأن الدولة الموريتانية اليوم تعتبر دولة فاشلة في عهده.
موقع الفكر: ما هو تقويمكم لواقع التعليم في موريتانيا؟
الساموري ولد بي: التعليم اليوم يعيش واقعا مزريا وهو مجرد صورة مصغرة للدولة الموريتانية الفاشلة.
موقع الفكر: هناك طرح يقول إن المجمع العربي توجد فيه مجموعة تسمى لحراطين وأخرى تسمى البيظان فما رأيك في ذلك؟
الساموري ولد بي: أنا أعتبر - وهذا طالما قلته في خطاباتي- أن لحراطين ليسو ببيظان والعكس صحيح، فلحراطين لديهم خصوصية بارزة ومصالح قوية تميزهم عن البيظان والقبيلة التي تقف عليها "اركيزة البيظان" لا يمكن للحرطاني أن يجد ذاته فيها تحت مظلة القبيلة، وبالتالي لا يمكن للحراطين أن يكسبوا حقهم إلا إذا تم الاعتراف بهم كمكون متميز عن المكونات الوطنية الأخرى وهذا مطلب لدينا في حركة الحر حيث نعتبر أن الهوية لا ينبغي أن تطغى على الواقع..الخ.
أما بالنسبة لهوية لحراطين فإننا قبل اتخاذ العربية مظلة للهوية فإن الحسانية تعتبر ثقافة للحراطين كما هي ثقافة للبيظان، فبعض الأمور حين يكون لها تأثير على جسم المجتمع ينبغي أن لا يحصل فيها ضغط وتكون نتيجته عكس المطلوب، فنحن نعتبر أن القومية لم تركب مطيتها إلا وألقت قومها في شؤم وهذا معروف تاريخيا فهتلر مثلا ضاع بسبب ركوب مطية القومية وكذلك كل من سبقوه من القادة في التاريخ لأن العالم اليوم أصبح قرية واحدة وحين يكون البعض لا يهمه سوى نفسه وذاته وخصوصيته وليس منفتحا على الآخر ولا يعترف بحقه فلا يمكنه أن يعيش أو يصمد أو ينشئ دولة، فالدول لم تعد كما كانت فآمريكا اليوم أغلب من فيها ليسوا سكانها الأصليين وليست هناك دولة لا يقطنها إلا سكانها الأصليون، وما حصل من انهيار للدولة في العراق كان سببه الأبرز الأيديولوجيا الضيقة حيث كان القضاء على الأكراد من أجل بقاء عرق واحد، وما نحتاجه اليوم هو دولة الشعوب، والمغرب العربي ينبغي أن يسمى مغرب الشعوب لأنه ليس عربيا محضا فالأمازيغ والبربر هم أغلب من فيه وهؤلاء لا ينسبون أنفسهم إلى العرب لأن ماضيهم وحاضرهم وثقافتهم التي تميزهم لا تمت للعرب بصلة لكنهم تم فرض واقع عليهم كما هو الحال مع لحراطين وغيرهم.
موقع الفكر: ما موقف حركة الحر من هوية لحراطين؟
الساموري ولد بي: الهوية نحن نقول إنه ينبغي أن نتشاور حول أمرها جميعا، وإذا كان الرئيس بيجل قال لكم إنه اشترط في دخول حركة الحر أن تكون حركة اجتماعية فهذا يناقض ميثاق الحركة الذي ينص على ترقية خصوصيتها المميزة لتؤكد أن لحراطين ليسو ببيظان وليسو زنوجا كذلك، والتفكير اليوم لم يعد كما كان فقد تطور، وقضية العربية قديما لم تكن مطروحة بهذه الصيغة قبل أن يأتي العسكر بتلك النظرية الضيقة وأعادونا إلى القبلية والاسترقاق وجاؤوا بعد ذلك بسياسة التمييز التي بنوا عليها أسس الدولة من جديد، وهذا لم يكن ينبغي بل كان يجب أن نتشاور حول الأمر وننظر إلى ما يناسبنا كمجتمع، واللغة العربية اليوم بدأ البعض يرفضها لأنها أصبحت مشحونة بالإقصاء وحرمان الزنوج والحد من حظوظهم في الدولة والادارة، وهذا يسبب الفتن بين أطياف المجتمع وينبغي أن نبحث عن توافق حول موضوع اللغة والهوية وهذا يتطلب حوارا كبيرا وجادا وغير مسيس ويتم فيه مراعاة ما يناسب طبيعة هذا المجتمع لأن العرب لا يقبلون من الموريتانيين أن يكونوا عربا ومع ذلك نحن نحاول أن نجد لنا مكانا بينهم.