من كلام الشاطبي:
ويقول الإمام أبو إسحاق الشاطبي (ت790م) فيلسوف الشريعة الإسلامية بحق، ومجلي وسطيتها، وشارح مقاصدها في كتابه الشهيرالذي عرف باسم "الموافقات" وإن كان اسمه الأصلي "التعريف بأسرارالتكليف": "الشريعة جارية في التكليف بمقتضاها على الطّريق الوسط الأعدل، الآخذ من الطّرفين بقسط لا ميل فيه، الدّاخل تحت كسب العبد من غير مشقة عليه ولا انحلال، بل هو تكليف جار على موازنة تقتضي في جميع المكلفين غاية الاعتدال كتكاليف الصلاة والصيام والحج والجهاد والزكاة وغير ذلك..." [الموافقات ( 2/124)].
وبعد صفحات يشرح هذا المفهوم ويؤكّده قائلا: "إذا نظرت في كلية شرعية فتأملها تجدها حاملة على التوسط، فإن أريت ميلا إلى جهة طرف من الأطراف فذلك في مقابلة واقع أو متوقع في الطرف الآخر... فإذا لم يكن هذا ولا ذاك أريت التوسط لائحا، ومسلك الاعتدال واضحا، وهو الأصل الذي يُرجع إليه والمعقل الذي يُلجأ إليه ..."[ الموافقات ( 2/128)].
وقد نقلنا هذا الكلام من قبل في مناسبة أخرى، وأوردناه هنا لمناسبته، وهو تأكيد لما سبق.