نسائم الإشراق، الحلقة رقم (1771) 25 ديسمبر2021م، 21جمادى الأولى 1443هـ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، معالم ومنارات، الشيخ يوسف القرضاوي، الحلقة رقم (45)

كلمات العلماء المحْدثين والمعاصرين في الوسطية: 
ولعلماء العصر الحديث كلمات قوية معبّرة عن اتجاه الوسطية، يحسن بنا أن ننقلها أو بعضها هنا، لنؤكّد أننا لسنا وحدنا في هذا التوجه الإسلامي الأصيل. 
كلام محمد عبده ورشيد رضا في الوسطية: 
ولصاحب "المنار" العلامة المجدد محمد رشيد رضا، ولشيخه الإمام محمد عبده:   كلام جميل في الوسطية ذكره في تفسيره نسجّله هنا: 
 بعد أن ردّ الله تعالى على السفهاء من اليهود الذين أثاروا ضجّة حول تحويل 
القبلة، وقال في ذلك: {قلْ لِلَّه الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة:142] أي:إن الجهات كلها لله تعالى، لا فضل لجهة منها بذاتها على جهة، وأن لله أن يخصص منها ما شاء فيجعله قبلة لمن يشاء، وهو الذي {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلِى صِرَاطٍ مُسْتقِيمٍ}[البقرة:142،] وهو صراط الاعتدال في الأفكار والأخلاق والأعمال، كما يبيّن في الآية الآتية. فعلم أن نسبة الجهات كلها إلى الله تعالى واحدة، وأن العبرة في التوجّه إليه سبحانه بالقلوب، واتّباع وحيه في توجه الوجوه. 
قال تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْناَكُمْ أمَّة وَسَطا} [البقرة:143]، وهو تصريح بما فهم من قوله: {وَاللّهَ يَهْدِي مَنْ  يَشَاءُ} [البقرة:213[ إلخ، أي: على هذا النحو من الهداية جعلناكم أمة وسطا. قالوا: إن الوسط هو العدل والخيار، وذلك أن الزيادة على المطلوب في الأمر إفراط، والنقص عنه تفريط وتقصير، وكل من الإفراط والتفريط ميل عن الجادّ ة القويمة فهو شر ومذموم، فالخيار: هو الوسط بين طرفي الأمر;أي: المتوسط بينهما.