الإسلام هو الصراط المستقيم:
وحسب القارئ في معرفة أن الإسلام هو الصراط المستقيم، وأنه لذلك كان الشريعة الخالدة الصالحة لكل زمان ومكان، أن يتتبّع حالة العالم في عصوره المتتابعة قبله، فإنه سيجد أن العالم كان يتردد بين طرفين من إفراط وتفريط، وكان ذلك شأنه في كل شيء: في العقائد، في الأخلاق، في صلة الإنسان بالحياة، في علاقة الفرد بالمجتمع، في علاقة الأمم بعضها ببعض، في طريقة التشريع، إلى غير ذلك من سائر الشؤون. وقد جاء الإسلام فأدرك أن العالم لا يصلح بواحدة من هاتين الخطتين، وأنهما منافيتان للفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية، منافيتان لسنن الاجتماع التي تقضي بالوقوف عند الحد الوسط في كل شيء لضمان البقاء والصلاح، وعدم التعرض للانحلال والفساد، وأدرك الإسلام ذلك فجاءت شريعته وسطاً لا إفراط فيها ولا تفريط، ووقعت أحكامها ومبادئها مهما تنوّعت وتشعبت في هذه الدائرة التي رسمها كتاب الله عز وجل {وَكَذلِكَ جَعلَنَاكُمْ أمَّة وَسَطا لِتكَونوُا شُهَداَءَ عَلَى الناَّسِ} [البقرة:143]. {وَأنَّ هَذاَ صِرَاطِي مُسْتقِيما فاَتبِّعوُهُ وَلا تتَبِّعوُا السُّبلَ فتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبيِلِهِ} [الأنعام:153].
وسط في العقيدة:
هي في العقيدة وسط بين الذين ينكرون الإله، ويزعمون أن هذه الحياة الدنيا
ليست إلا وليدة المصادفات والتفاعلات المادية [إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياَتنُاَ الدنُّياَ نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعوُثيِنَ} [المؤمنون:37] وبين الذين يقولون بالتعدد، ويتخذون مع الله أنداداً: تقرّر في صراحة وجلاء، أن الله إله واحد، وأنه المعبود الذي لا يُعبد سواه {قلْ هُوَ اللَّهَّ أحَد ٌ اللّهَ الصَّمَد ُ لَمْ يلِدْ وَلَمْ يوُلَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفوُا أحَد ٌ]
[الإخلاص:1-4] {وَقَالَ اللَّهَّ لا تتَخِّذوُا إلِهَيْنِ اثنْيْنِ إنِمَّا هُوَ إِلهَ وَاحِدٌ فإِياَّيَ
فاَرْهَبوُنِ] [النحل:51]، {قلْ إِنَّ صَلا تِي وَنسُكِي وَمَحْياَيَ وَمَمَاتِي لِلِهَّ رَبِ الْعاَلَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أمِرْتُ وَأنَاَ أوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام:162- 163].