هل كانت تقديرات موريتانيا لعائدات حقل آحميم مبالغا فيها؟

الحقل المشترك مقسم إلى ثلاث مراحل  فالمرحلة الأولى تستهدف إنتاج 2.3 مليون إلى 2.5  مليون طن من الغاز المسال وهذه المرحلة هي التي اتخذ بشأنها القرار  النهائي للاستثمار، ولو أردنا أن نعطي ملخصا إلى أين وصلنا فهنالك ستة محاور، كلها تحتاج شرحا مستفيضا، وهي:

1-  "المزيد من التأخير"

 2.  "عائدات متناقصة"

 3. "منافسة دولية شرسة"

4. "شراكة مهددة"

5. "محتوى محلي شبه معدوم"

6. "مخاوف بيئية".

 وعلى العموم يستهدف المطورون نهاية السنة أن تصل نسبة الإنجاز إلى 80% وبعد أيام سيعلنون عن النسبة الفعلية، وعلى العموم هنالك مسألة مهمة سأسلط عليها الضوء ،ألا وهي زيادة تكاليف تطوير المرحلة الأولى؛ لأنه منذ بداية المشروع كان الحديث أن المرحلة ستكلف 3.6 مليار دولار، و حاليا الحديث يدور أن المرحلة كلفت 4.8 مليار دولار،  وهذه الزيادة كبيرة وستنعكس على عائدات موريتانيا من المشروع، وكذلك على حصة تمويل موريتانيا من المشروع أيضا، والتي اتفقت مع مؤسسة سعودية على أن تتولى تمويل تكاليف  تلك الحصة، وأعتقد أننا بحاجة إلى مساءلة الوزير المعني لنفي أو تأكيد هذه الأخبار، لأن الشعب الموريتاني يحتاج إلى معرفة حقيقة التأخير وزيادة التكاليف ومدى تأثير ذلك على تعبئة الموارد المالية اللازمة لتمويل حصة موريتانيا في المشروع، وهل سنتحمل الزيادة في التكاليف، وكذلك مدى التأثير على الإيرادات المالية المتوقعة للبلد.  بالنسبة لمصادر العائدات لدينا نصيبنا من الأرباح ولدينا الضرائب التي سنفرضها على الشركات، والضرائب المفروضة على جميع المقاولين من الباطن، والضرائب على أجور كل من سيشتغل في الحقل وغيرها.

أما أسباب التأخير  فهناك أساب كثيرة أدت إلى الـتأخير في الحقل المشترك، من ضمنها أسباب مباشرة معلنة و أسباب غير مباشرة عادة لا يتم تسليط الضوء عليها،وبالنسبة للأساب المباشرة من المعروف أن الحقل يتكون من أربع مكونات رئيسية،

أولا  نظام التدفق والأنابيب الواقعة تحت الماء والشركة التي كانت مسؤولة عن تنفيذه أعلنت إفلاسها بداية يناير 2020، ولذلك أخرته إلى شهر ديسمبر الجاري ولكن هنالك تحديا "لوجستيا" كبيرا أمامها لأنه، سيتم نقل حوالي  360 ألف طن من المعدات والأنابيب إلى قعر البحر، والمكونة الثانية من مكونات الحقل هي المنصة العائمة للتسييل التي أعلنت شركة "بي بي" إبريل 2020 عن تأخير استلامها أحد عشر شهرا بسبب القوة القاهرة كورونا، وهو ما يعني تأخير استلامها إلى 2023

أما المكونة الثالثة للمشروع فهي الوحدة الطافية للإنتاج والتخزين الجاري صناعتها في الصين، والتي أعلنت شركة "كوسموس أنيرجي" عن تأجيل استلامها إلى الثلث الثالث من 2023 ،هذا بالإضافة إلى حاجز الخرسانة المكونة الرابعة الذي  

تعمل الشركة الفرنسية على إنجازه ،و فيه تأخير أيضا، هو الآخر إذن كل مكونات المشروع حصل فيها تأخير بفعل تداعيات أزمة كورونا وحاليا يتوقعون بدء الإنتاج سنة 2023 .

 

أما  الأساب  غير مباشرة و التي لا يسلط  الضوء عليها وفي اعتقادي أنها الأهم، والتي على رأسها  المنافسة الدولية الشرسة ،المتمثلة في الخطط التوسعية الكبيرة ،فقطر لديها خطة لإنتاج 126 مليون في حدود 2027، وروسيا لديها خطة للاستحواذ على 20% من السوق العالمي للغاز المسال في أفق 2035 ،وذلك بإنتاج 140مليون طن من الغاز المسال، وأمريكا تخطط هي الأخرى لإنتاج 80 مليون طن في أفق 2026 وأستراليا وغيرها، والأهم أن المشاريع على المستوى العالمي التي وصلت إلى مرحلة ما قبل القرار النهائي للاستثمار،تصل طاقتها التسييلية إلى 900 مليون طن سنويا، بينما أحسن توقع قامت به "شل" يقول إن الطلب العالمي على العاز المسال سيصل إلى 700 مليون طن في أفق 2040 .

السبب الثاني شركة بي بي أعلنت عن أكبر خسارة لها منذ عشر سنوات حوالي 5.6 مليار دولار،وبدأت تنفذ خطتها المتمثلة في الإنسحاب التدريجي من قطاع الطاقة الأحفورية ( النفط ،الغاز ،الفحم  ) ،وتتجه إلى التركيز على الطاقة المتجددة خاصة الإنسحاب من السوق الإفريقي. السبب الثالث شركة كوسموس شريك شركة "بي بي" تبين أنها لا تتمتع بالقدرة المالية اللازمة للدخول في مثل هذه المشاريع العملاقة.

 

  والسبب الرابع هو البعد الأمني لأن ما حصل في "الموزبيق" كان ضربة لقطاع الغاز الواعد في إفريقيا، حيث سيطر المتمردون على المدينة التي تعتبر مركز صناعة الغاز، وكذلك عودة روسيا إلى منطقة روسيا حاليا إذ توجد في عشر دول إفريقية من بينها على الأقل ثلاث دول في شبه المنطقة، فلا ننسى أن الحوض الساحلي الموريتاني جزء من حوض كبير يشمل موريتانيا والسينغال وغينابيساو ،وغينيا كوناكري وغامبيا ،و روسيا حاليا صار لها وجود عسكري في غينابيساو، وغينيا كوناكري ،وسيكون قريبا في مالي ،والحديث يجري عن أن بين موريتانيا والسينغال توجد احتياطات تقدر ب 100 تريليون قدم مكعب من الغاز، من بينها  60 تريليون قابلة للاستغلال وهذا يمكن من إنتاج 30 مليون طن سنويا من الغاز المسال، وهو ما يعادل إنتاج أكبر دولتين غازيتين في القارة هما الجزائر ونيجيريا وأعتقد أن عودة روسيا ليست بتلك البساطة وإنما لها علاقة بالغاز.

من مقابلة موقع الفكر مع د. يربان الحسين