{وَقاَتلِوُا الْمُشْرِكِينَ كَافةَّ كَمَا يقُاتلِوُنَكُمْ كَافةَّ وَاعْلمُوا أنَّ اللَّه مَعَ الْمُتقِّينَ}[التوبة:36]. {أذِنَ لِلذِّينَ يقُاتلَوُنَ بِأنَهُّمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّه عَلَى نَصْرِهِمْ لقَدِيرٌ الذِّينَ أخْرِجُوا مِنْ دِياَرِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍ إِلاَّ أنْ يقَوُلوُا رَبنُّا اللّهُ} [الحج:39-40].
وقد أباحت الشريعة الإسلامية للمسلمين أن ينشئوا ما شاءوا من العلاقات بينهم وبين الذين لم يعتدوا عليهم في الدين أو الوطن من كل ما يرونه عوناً لهم على حياتهم في شئون التجارة والصناعة والعلم والسياسة والثقافة، ينظّمون ذلك كله على الوجه الذي يتبين صلاحه، والذي تقضي به سنن الاجتماع والفطرة، والذي لا يتعارض مع دستورهم الخاص، وقد أجازت الشريعة أن تصل هذه العلاقات إلى حد البرّ بهم والإحسان إليهم.
وأساس الدستور العام في ذلك هو قوله تعالى {لا ينَهَاكُمُ اللّه عَنِ الذِّينَ لَمْ
يقُاَتلِوُكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يخُرِجُوكُمْ مِنْ دِياَرِكُمْ أنْتبَرُّوهُمْ وَتقُسِطُوا إلِيْهِمْ إِنَّ اللَّه يحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة:8].
هذا هو الصراط المستقيم، والمبدأ الوسط، الذي تسير عليه الشريعة الإسلامية في جميع أحكامها، والذي صلحت به لكل زمان ومكان، واستحقّت به الخلود إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين[من تفسير القرآن الكريم، الأجزاء العشرة الأولى للشيخ محمود شلتوت صـ 31-35 طبعة دار الشروق بالقاهرة.].
الشيخ محمد المدني:
ومن هؤلاء زميل الشيخ شلتوت ورفيق دربه العلامة الشيخ محمد المدني، من كبار علماء الأزهر، وأحد أرباب الفكر والقلم فيه، المفسّر الفقيه الأديب، الذي ترك آثارا علمية وفكرية من كتب ومقالات، تدلّ على أصالته العلمية، ووجهته الوسطية، ونزعته التجديدية.
وقد ألف كتابا بعنوان "وسطية الإسلام" يلقي فيه شعاعاً على المنهج الإسلامي المتوازن في علاج القضايا العويصة، فلا يميل إلى اليمين، ولا إلى اليسار، ولا يجنح إلى الغلوّ ولا إلى التقصير.
وهو رسالة موجزة ولكنها مركّزة ونافعة. وقد نشرها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أكثر من مرة.
وعنيت "دار القلم" التي أنشأها أخونا العالم الباحث المتميّز عبد الحليم أبو شقة بنشر كتب الشيخ المدني وتراثه كله.