نشرت مجلة المجتمع الكويتية ترجمة لمقال رأي نُشر في شهر ديسمبر الماضي، في مجلة "Scientific American" كتبه الباحثان جولي بولين، وناتالي جودكين، وقالا إنه: "بينما يركز علماء المحيطات والغلاف الجوي على المناخ، نعتقد أن مستويات الأكسجين في المحيطات هي الضحية الكبيرة التالية للاحتباس الحراري".
وقد شهد العام الماضي آثاراً كارثية لتغير المناخ تتكشف بسرعة مخيفة -من الجفاف والمجاعة إلى ارتفاع درجة حرارة القباب إلى حرائق الغابات والفيضانات المميتة- تظهر كارثة أخرى محتملة، وهي مستويات الأكسجين المستنفدة في محيطات العالم والبحيرات التي تهدد الحياة البحرية.
ويرجع ذلك جزئيًا إلى تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة العالمية، فقد فقدت أجزاء متزايدة من المحيطات 10 – 40% من الأكسجين، ومن المتوقع أن يستمر هذا الرقم في النمو بسبب تغير المناخ.
وقد تم إلقاء اللوم على ارتفاع درجات حرارة المياه واستنفاد الأكسجين، الذي يزيد التلوث والجريان السطحي للمغذيات سوءًا، وهذا يعتبر من أسباب النفوق الجماعي للأسماك هذا العام في ولايات أمريكية مثل فلوريدا وكاليفورنيا وأوريجون ومونتانا ولويزيانا وفيرجينيا وبنسلفانيا وميسوري وواشنطن وأيداهو وديلاوير ومينيسوتا، مع أن تغير المناخ ليس هو السبب الوحيد لقتل الأسماك، فإن الباحثين يقولون: إنه عامل مساهم.
فمع زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فإن هذا لا يؤدي فقط إلى ارتفاع درجة حرارة الهواء عن طريق حبس الإشعاع، بل إنه يسخن الماء أيضاً، والتفاعل بين المحيطات والغلاف الجوي معقد ومتشابك، والمحيطات استحوذت ببساطة على حوالي 90% من الفائض الحرارة الناتجة عن تغير المناخ.
وقد طفت آلاف من الأسماك الميتة في خليج بوكا سييجا الواقع بالقرب من مصب شاطئ ماديرا في شاطئ ماديرا بولاية فلوريدا الأمريكية، في يوليو، وقتل المد الأحمر، الذي يتكون من نوع من البكتيريا، عدة أطنان من الحياة البحرية في فلوريدا حتى الآن هذا العام.
وعندما غطت القبة الحرارية معظم شمال غرب المحيط الهادئ هذا الصيف، أدى ارتفاع درجات الحرارة في الجداول والأنهار إلى نفوق جماعي للسلمون العادي والسلمون المرقط، كما قُتل ما يقدر بمليار حيوان بحري على طول ساحل كندا نتيجة لتلك الموجة الحرارية.
وقد أعاد هذا الواقع المرير إلحاح ظاهرة الاحتباس الحراري حتى بالنسبة للمقيمين المحافظين في ولايته، كما صرح السناتور الديمقراطي جيف ميركل لـ"Yahoo News"، في وقت سابق من هذا الشهر، في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في جلاسكو بإسكتلندا.
وكتب بولين وجودكين أن تغير المناخ يخل بالتوازن الدقيق الذي يساعد على توفير حياة بحرية وفيرة.
يمكن للأجسام المائية أن تمتص ثاني أكسيد الكربون والأكسجين، ولكن فقط إلى حد يعتمد على درجة الحرارة، أي تقل قابلية الذوبان في الغاز مع ارتفاع درجات الحرارة؛ وهذا يعني أن الماء الدافئ يحتوي على كمية أقل من الأكسجين، وهذا الانخفاض في محتوى الأكسجين مقترنًا بنقصان على نطاق واسع من العوالق النباتية المولدة للأكسجين الناتجة ليس فقط عن تغير المناخ، ولكن من التلوث البلاستيكي والجريان السطحي الصناعي، الذي يهدد النظم البيئية ويخنق الحياة البحرية ويؤدي إلى مزيد من حالات الموت.
ومع وجود ما يقرب من 3 مليارات شخص في جميع أنحاء العالم يعتمدون على صيد الأسماك لكسب عيشهم، من المؤكد أن الحفاظ على مستويات الأكسجين في محيطات وبحيرات العالم يمثل تحديًا إضافيًا في عصر تغير المناخ.
وكتب المؤلفون أن ما يقرب من 40% من العالم يعتمد على المحيط في سبل عيشهم، إذا لم نوقف الحياة البحرية من المجاعة للأكسجين، فإننا نصيب أنفسنا بالمزيد من المصائب.