ب – ومن جوانب التيسير – فيما تعمّ به البلوى –: الإشارة إلى الرأي المخالف الذي لم يأخذ به العالم في درسه إذا درّس، أو المؤلف في كتابه إذا كتب، ولو في الحاشية، وإن كان في نظره ضعيفاً، فقد يكون قويّاً في نظر غيره، ويتعين هذا إذا اختار هو القول الأحوط، أو الأشد، فيلزم الإشارة إلى الرأي الأيسر .
ومن فوائد هذا: التعريف بأن المسألة فيها أكثر من رأي أو وجهة نظر، فالمختلف فيه غير المجمع عليه، و ذكر هذا في هذا المقام خاصة من الأمانة العلمية .
ومن ناحية ثانية، فالأمور الاجتهادية القابلة لتعدد الأنظار، واختلاف الاجتهادات، لا يجوز أن يعتبر من أخذ بوجهة منها مرتكباً لإثم يُنكر على صاحبه، ولهذا قالوا: لا إنكار في المسائل الاجتهادية .
وأمر ثالث، وهو الإبقاء على الضمير الديني، عند من يعملون على خلاف الرأي الأحوط أو الأشد أو المشهور، وهو ما لاحظه الأستاذ الأكبر، شيخ الأزهر الأسبق، الشيخ محمد مصطفى المراغي – رحمه الله – حين تبنى أقوال الإمام ابن تيمية وبعض السلف في قضايا الطلاق وغيرها من الأحوال الشخصية، فإن الناس يحلفون بالطلاق كل يوم، وخصوصاً الباعة والعامة، ويحنثون، ويظنون أن طلاقهم واقع، وأنهم يعيشون مع نسائهم في حرام، وأن ذريتهم منهن أولاد حرام، ومثل هذا الاعتقاد يفسد ضمائرهم الدينية، ويجرئهم على الحارم الصرف المقطوع به. فلماذا لا نفتيهم بالمذهب الميسّر عليهم، وبذلك نبقي عليهم ضمائرهم واعتقادهم أنهم لم يخرجوا عن دائرة الإسلام؟
ومثله ما يقال فيمن يفتي بتحريم حلق اللحية، تحريمًا قاطعاً، بل يحرّم أخذ أي شيء منها، وجماهير المسلمين تفعل ذلك، في المشارق والمغارب.
وكذلك من يفتي: بتحريم إطالة الثوب إلى أسفل من الكعبين، واعتبار فاعله في النار، وجماهير الأمة الإسلامية واقعة في ذلك، كما هو مشاهد.