محمد ولد جبريل لموقع الفكر: كل من يعارض النظام يتم الضغط عليه اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا

قال الوزير السابق محمد ولد جبريل إن كل من يعارض النظام يتعرض لضغط اقتصادي وسياسي واجتماعي، وقال ولد جبريل إن هذا الضغط يتعرض له جميع الفاعلين السياسيين وهو ما دفعهم لتكوين جبهة التغيير.

وأضاف ولد جبريل في هذه اللقاء مع موقع الفكر إن موريتانيا الآن يوجد بها تضييق شديد على وسائل الإعلام حيث جرى تدجين الإعلام الخصوصي الذي كان يشتغل بكامل حريته أيام الرئيس السابق، أما الإعلام العمومي يضيف ابن جبريل فلا يسمح بظهور المعارضين، وهذا مخالف للقانون الذي يحدد للمعارضة والموالاة حصصهما المعلومة في الإعلام العمومي.

وفيما يخص التظاهرة التي قامت بها جبهة التغيير تنديدا بارتفاع الأسعار قال الوزير السابق ورئيس الجبهة محمد ولد جبريل إن نظام الرئيس ولد الشيخ الغزواني حاول منذ مجيئه طمس آثار الرئيس السابق، ومن ضمن تلك الآثار مشروع دكاكين أمل  الذي كان  يتكون من ثلاثة آلاف حانوت، توفر المواد الأساسية مضبوطة الأثمان، وقد حاولت الحكومة أن توقف هذا البرنامج، ومضت سنة ونصف وهو بلا تمويل، ومن ثم وبعد ضغط الشعب، وبعد تأكد النظام من تصرفه الخاطئ؛ بدأ تمويل الحوانيت، وقد كان ذلك التمويل غير منتظم.

وأضاف ولد جبريل أنهم يعتبرون الفوضى الحاصلة الآن في الأسعار إنما هي نمط جديد من أنماط الفساد التي كانت موجودة في الأنظمة الغابرة.

إلى غير ذلك من المواضيع المتعلقة بالتعليم والرياضة، وغيرها من الأمور الذي تناولها هذا اللقاء مع الوزير السابق محمد ولد جبريل فإلى المقابلة.

 

 

 

موقع الفكر: نود منكم أن تعرفوا المشاهد بشخصكم الكريم من حيث تاريخ ومحل الميلاد و الدراسة والشهادات المتحصل عليها والوظائف التي تقلدتم؟ محمد ولد جبريل: شكرا، التعريف بصفة مبدئية موجود في السيرة الذاتية الموجودة على الانترنت، ولكن بما أنكم طلبتموه فسأقدمه في عجالة؛ الاسم: محمد ولد جبريل من مواليد "معدن العرفان"، وبالنسبة للشهادات فلدي شهادة الثانوية العامة شعبة الرياضيات، وقد ذهبت بعدها إلى جامعة "كستون برجي" بمدينة سينلوي بالسنغال وحصلت منها على الشهادة الجامعية العامة "دك"، في الرياضيات المطبقة والمعلوماتية، وحصلت أيضا على شهادة ليسانس والمتريز، في المعلوماتية، ثم ذهبت إلى المغرب، وحصلت على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في المعلوماتية والاتصالات، ثم سجلت في الدكتوراه، وحصلتُ عليها أيضا، وتخرجت 2009، وبعد تخرجي رجعت إلى الوطن، وكان لدي نشاطين متزامنين، النشاط الأول شخصي؛ فقد فضلت ألا أبقى عاطلا، فقمت بإنشاء مكتب في مجال المعلوماتية أقدم فيه الاستشارات، وفي نفس الوقت كنت أدرس في الجامعة، وتم اكتتابي في ذلك الوقت كأستاذ متعاون في المعهد العلي للزراعة بروصو وحتى 2011 تم اكتتابي رسميا في أول مسابقة يشهدها قطاع التعليم العالي، وكان فيها عدد كبير من الأساتذة، حيث تم اكتتاب 60 أستاذا، وتم اكتتابي رسميا في المعهد العالي للمحاسبة وإدارة المؤسسات، ومنذ ذلك الوقت وأنا أستاذ جامعي، بدأت أستاذا مساعدا، ثم أصحبت أستاذا محاضرا، وهي رتبتي الحالية في المعهد العالي للمحاسبة وإدارة المؤسسات.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى في المجال السياسي كنت دائما حاضرا، منذ وأنا طالب في المنظمات الطلابية، وعند رجوعنا إلى الوطن قمنا بإنشاء منظمة للدكاترة العلميين، وهو ما نتج عنه هذا الاكتتاب الذي أصبح طبيعيا في التعليم العالي، وقد لاحظنا عند رجوعنا إلى الوطن وجود الكثير من الدكاترة أصحاب الكفاءات المغيبين لأن الاكتتاب لم يكن موجودا، وأتذكر أننا قمنا بوقفات مع الزملاء حتى وصلنا إلى وزير التعليم العالي، في تلك الفترة كان وزير الدولة للتعليم العالي، وقال لنا أن المشكِل الأساسي يتعلق بالمانحين "لا بيير دا افونه"، وبأن الاكتتاب لا يمكن أن يتم، وأنه لا يوجد لديهم اعتمادات مالية، ثم التقينا رئيس الجمهورية حينها فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، وطرحنا عليه المشكلة، وعندما رأى سيرنا الذاتية قال بأن "هذه خسارة"، وأعطى الأوامر للوزير بأنه إذا كانت الجامعة تحتاج إلى هذه الكفاءات أن يتم اكتتابهم، وبالفعل تم اكتتاب 60 أستاذا في جميع الجامعات والمعاهد الوطنية، وقد تم الإعلان عن الاكتتاب في نفس اليوم.

وقد نشطتُ في المجال السياسي فقد كنت من ضمن الشباب الموريتاني الذي التقى في تلك الفترة بالرئيس محمد ولد عبد العزيز، وكنت من اللجنة المنظمة، وبعدها أيضا في المجال السياسي كنت مدير حملة الشباب على المستوى الوطني للمرشح في تلك الفترة محمد ولد عبد العزيز.

ودخلتُ في الحكومة مديرا لديوان الوزير الأول، ومن ثم أصبحت وزيرا للشباب والرياضة.

وقد غادرت الحكومة في شهر يونيو 2018، ورجعت إلى الجامعة، وتابعتُ مشواري التدريسي.

وفي عام 2019 كنت أيضا من الداعمين للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، على أساس أنه كان لدينا مشروع، كنا نسعى جميعا لتحقيقه، وكنت جزء منه، وكنت أرى أنه صنع الكثير لموريتانيا، وبأنه يستطيع أن يستمر. وقد دعمناه من داخل الحزب الذي كنا فيه.

لكننا للأسف الشديد لاحظنا بأن الخريطة السياسية بدأت تتغير، وتغيرت بالفعل، فتريثتُ ثم أخذتُ موقفا من الحكومة، وذلك الموقف مبني أساسا على الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي آلت إليها الأوضاع في البلد، خصوصا بعد متابعة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وتصفية الحسابات السياسية معه، لأن جميع ما وقع -بالنسبة لنا- ما هو إلا تصفية حسابات سياسية، ولعبة سياسية مكشوفة أيضا، لأن الرجل في نهاية المطاف خدم البلاد، ونرى أنه قدم الكثير لموريتانيا، والمشروع الذي كان يعمل عليه كان صعبا جدا، والظرفية أيضا التي كان يعمل فيها كانت صعبة جدا، وكذلك لأن الجهات المناوئة له استغلت تنازله واحترامه للدستور من أجل أن تصفي معه حساباتها السياسية، ولذلك انضمت دون قيد أو شرط إل النظام الجديد، وحاولت أن تستغل النظام الجديد من أجل تصفية الحسابات السياسية مع الرئيس السابق، وهذا ما رفضناه؛ لأننا نرى أن مجرد احترام الرئيس السابق للدستور نقطة تحسب له، وتكفيه أيضا، لأننا نريد أن تكون موريتانيا دولة ديمقراطية، وكل رئيس يحترم فيها مأمورياته، ويحترم فيها الدستور، ومكتسبات الديمقراطية التي وصلت إليها موريتانيا تحترم.

موقع الفكر: ماذا عن جبهة التغيير؟ هل هي تيار سياسي واحد أم عدة تيارات؟

محمد ولد جبريل: شكرا، جبهة التغيير أولا هي فكرة تتمثل في أن هناك الكثير من الجهود، وهناك الكثير من الأحزاب التي يمكن أن تكون صغيرة، وهناك الكثير من المنظمات والتيارات الشبابية التي تتقاسم بعض الأفكار والآراء، وجبهة التغيير إطار يجمع هذه التيارات والمنظمات والأحزاب السياسية في بوتقة واحدة، من أجل تنظيم نشاط أو أنشطة بشكل موحد، نلتقي من أجل النقاط المتفق عليها.

وقد قمنا بإنشاء تشكيلة لمكتب مؤقت، والمكتب مفتوح أمام جميع الحركات السياسية والأحزاب السياسية في موريتانيا، والهدف منها توحيد الجهود لأنه في أثناء مقارعتنا للنظام، لاحظنا أن فيه ضغط كبير من طرف النظام على جميع الفاعلين السياسيين، كل من عارض النظام يضغط عليه النظام اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، بل ويعرض لجميع وسائل الضغط التي تملكها الدولة، وهذا ليس من صالح الدولة، فنحن نريد أن تكون هناك معارضة حقيقية للنظام تستطيع أن تعبر بشكل واضح عن جميع الاختلالات التي سيقع فيها الجهاز التنفيذي، وهذا ما نص عليه الدستور، وهذا ما يخدم المصلحة العامة، وهو الضمان لإصلاح العمل الحكومي، فلا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية دون معارضة، وأنتم –قد تكونو قد لاحظتم التراجع الكبير في مجال الحريات، لأن القنوات التلفزيونية التي كانت حرة والتي كانت تستضيف رؤساء الأحزاب والمعارضة، وتجري معهم المقابلات، وينتقدون النظام، وينتقدون رأس النظام، وينتقدون الحكومة، وينتقدون رئيسهم، ولا أحد فوق النقد، ويعبرون عن آراءهم، هذه القنوات اليوم أغلقت أمام المعارضين فأصبحت مغلقة بفعل ضغط النظام عليها، وهذا يجعلنا بلا إعلام، أما الإعلام الرسمي من تلفزيون وإذاعة وموقع الوكالة الموريتانية للأنباء؛ فهذه أيضا موصدة أمام المعارضة، فلا يسمح لأي معارض أن يظهر على التلفزيون الرسمي، ولو لدقيقة واحدة، ولعلمكم -وهذا تعرفونه، ويعرفه الشعب الموريتاني- فهذه مؤسسات وطنية ممولة من المال العام لمصلحة الشعب الموريتاني، ولتطبيق الدستور، والدستور ينص على وجود المعارضة، وأن هناك أغلبية، والأغلبية الحاكمة عندها جزء وحصتها من الإعلام العمومي، وأن للمعارضة حصتها، ويجب أن تُوفر لها، حتى تُبدي الرأي الآخر، وحتى تقوم العمل الحكومي، وتدافع عن مصالح الشعب، وهذا التراجع الخطير الذي وقع للحريات من الأمور التي جعلتنا نتحد جميعا، لأن المغزى أن الجبهة أن نجمع ائتلافا.

موقع الفكر: ما هي مكونات جبهة التغيير؟

محمد ولد جبريل: الجبهة تضم الكثير من المكونات، فيها اليوم ثلاثة أحزاب، وهذه الأحزاب للأسف الشديد قدمت وزارة الداخلية شكوى منهم إلى القضاء، واليوم توجد ملفاتهم عند القضاء، كذلك في الجبهة ثلاث منظمات، والعديد من التيارات الشبابية، تقريبا سبعة أو ثمانية من التيارات الشبابية، وأيضا في الجبهة شخصيات مستقلة، والجبهة مفتوحة، والجبهة تزيد يوما بعد يوم .

موقع الفكر: ما السبب في قيامكم بمظاهرات ضد ارتفاع الأسعار؟

محمد ولد جبريل: هذا ليس أول نشاط نقوم به ضد ارتفاع الأسعار، أنتم –تلاحظون- أنه مع مجيء النظام، قام في البداية بتتبع آثار الرئيس السابق وطمسها، ومن ضمن المشاريع التي كانت مهمة، وأساسية للمجتمع الموريتاني، هو برنامج "أمل" لأن برنامج أمل به ثلاثة آلاف حانوت، توفر المواد الأساسية مضبوطة الأثمان، لأن الدولة هي من تشرف عليه، ولديها موظفين يقومون بأمر هذه الحوانيت، وقد حاولت الحكومة أن تقف هذا البرنامج، ومضت سنة ونصف وهو بلا تمويل، ومن ثم وبعد ضغط الشعب، وبعد تأكد النظام من تصرفه الخاطئ؛ بدأ تمويل الحوانيت، وقد كان ذلك التمويل غير منتظم، وهذا مرت عليه فترة كورونا، ثم فترة فوضى الأسعار.

وبالنسبة لنا نحن نعتبر فوضى الأسعار نمط جديد من أنماط الفساد التي كانت موجودة في الأنظمة الغابرة، بمعنى أن اليوم الأسعار في ازدياد، وقد كتبنا الكثير من البيانات، ونظمنا عدة مؤتمرات صحفية، وحاولنا قدر الإمكان أن نقوم بنشاط يسمح للحكومة أن تنتبه لواقع الشعب الموريتاني اليوم، لأن فيه أسرا، وهذا رأيناه وفي مقرنا في الأحياء الشعبية تأتينا النساء يخبرن عن ارتفاع الأسعار وانها لم تعد تطاق، ويشكين لنا، ونحن ما نقوم به ما هو إلا تعبير مباشر عن إرادة الشعب الموريتاني، وقد كتبنا بيانات، ونظمنا مؤتمرات صحفية، والنشاط الأخير كان وقفة، وهذه الوقفة رغم معرفتنا أن الظرفية الحالية تشهد انتشار الموجة الرابعة من كوفيد19 وبأن السبب الأساسي لها طبعا هو النشاط الذي نظمه حزب الاتحاد، فقد أخذنا في هذه الوقفة جميع الاحتياطات، أولا لم ندع المواطنين للمشاركة معنا، فمن شارك في هذه الوقفة هم رؤساء مكونات الجبهة، بمعنى الأحزاب والمنظمات والتيارات السياسية التي في الجبهة، وكل مكتب تنفيذي يأخذ خمسة أعضاء فقط، الرئيس وخمسة أعضاء معه، وهؤلاء الأشخاص هم من قاموا بالوقفة، ولم نقبل أن يأتي معنا أحد آخر، ثانيا التزمنا بالإجراءات الاحترازية، الكمامة النظافة التباعد...الخ. وكان الهدف عندنا أن نعبر بطريقة ما –بما البيانات والمؤتمرات الصحفية والاعتقالات التي جرت في الداخل، لأنها وقعت عدة ثورات في الداخل لم تفلح في لفت انتابه  الحكومة- حتى نلفت نظر الحكومة إلى أن الأوضاع لم تعد تطاق، وكنا نعرف أن النظام لم يكن ليرخص لنا وقفات، لأن النظام يعاملنا –كما قلت لكم- معاملة غير طبيعية، ونحن نرى أنه  -إذا كانت الحكومة قد سمحت لحزب الاتحاد بأن ينظم مهرجانا، ويستدعي له عشرة آلاف، ويجمعهم في المطار، ونحن أمام موجة رابعة أصابت أكثر من عشرين دولة، كلهم حدوا من النشاطات، حتى المغرب والسنغال قاموا بالحد من الأنشطة- ينبغي أن أن يسمح لنا على الأقل بوقفة على مستوى الرؤساء نعبر فيها عن رأينا.

أما بالنسبة للإذن فقد طلبناه وطلبناه وطلبناه منذ سنتين ونصف وطلباتنا عند الحكام، ولم يردوا علينا في أي واحد منها، طلبنا تظاهرات ومسيرات ولم نتلق أي رد على أي منهم.

إذن هذا النشاط أقمناه حتى نعبر عن رأينا فيما يجري، وبالفعل للأسف الشديد نحن كنا نعرف أنهم لن يرضوا به، وقد وقفونا –وعلى كل حال؛ نحن كان هدفنا أن يُتحدث عن الأسعار- ونحن نقول إننا قد نجحنا في هدفنا، لأنه في يوم الاثنين 17 يناير تحدثت موريتانيا كلها عن الأسعار، وهذا كان هو هدفنا الرئيسي، ونحن نعرف أن الحكومة اليوم، والرأي العام اليوم مشغولون في قضية الأسعار، وهذا هو هدفنا الرئيسي لأننا كنا نريد من الحكومة أن تتحرك حتى تنفع الشعب الموريتاني، وحتى تُحس بألمه الذي يعيشه، ونحتسب بأننا نجحنا فيه.

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم في بلادنا؟

محمد ولد جبريل: بالنسبة للتعليم؛ أولا التعليم بشكل عام في العالم كله عنده إشكاليات جديدة، تتعلق أساسا بالتطور التكنلوجي والعولمة التي أدت إلى أن النظُم الموجودة في العالم كله أصبحت تعاني، حتى في الدول الغربية والدول المتمكنة، والإشكالية الأساسية هي صعوبة تأقلم النظام المدرسي الذي كان موجودا وكان ناجحا، مع الظرفية الجديدة، فيه عدة أمور استجدت أدت إلى أن المسارات التقليدية التي كانت ناجحة لم تعد ناجحة، إذا تكلمت عن العولمة، فأنا أتكلم عن تأثير الشركات على التعليم، بمعنى أنه في التعليم العالي اليوم والبحث العلمي، فالبحث العلمي على سبيل المثال أصبح أكثر توفرا عند الشركات التي تمتلك القدرات، مما هو عند الجامعة العمومية والتي تمولها الدولة، لأن إمكانيات الدول ضعيفة، بينما إمكانيات الشركات الدولية أكبر بكثير، وبالتالي أثر ذلك على التعليم بشكل عام –بالنسبة للتعليم العالي-، وهنالك أيضا "التكنلوجيا التكوينية" التي أصبحت من الأدوات الموجودة اليوم؛ والتي تنتشر بين الأبناء، وأيضا تأثيره عليهم وعلى وقتهم وعلى تكوينهم أثر على المناهج التدريسية التي كانت تعتمد على الدفتر والكتابة وعلى المناهج التقليدية التي كانت موجودة، وتوجد –طبعا- نماذج في الدول المتقدمة حاولت أن تتقدم، عموما الهدف من التعليم بشكل عام، على المستوى الدولي فيه الكثير من التفكير في أنجع الطرق لإحداث أحسن نظام تمدرس في العالم، ونحن عندنا نظام منذ إنشاء الدولة الموريتانية وإلى الآن ونحن نسير عليه، وهذا هو الخلل الأول ، الخلل الأول هو أننا لم نفكر أبدا في إنشاء " المدرسة الموريتانية"، نفكر نحن فيها، ونفكر في مناهجها، ونفكر في الظرفية الراهنة اليوم، طبعا المدرسة الأولى كانت مدرسة ورثناها عن طريق المستعمر، وكانت اللغة فيها هي اللغة الفرنسية، وكونت الكثير من الأجيال باللغة الفرسية، ثم بعد إذ جاءت اللغة العربية، ثم جاء إصلاح 1999 الذي جعل التدريس لا هو عربي ولا هو فرنسي، وبالتالي الإصلاح الأخير –بالنسبة لي- إصلاح لم ينجح بتاتا، لأن الإجراءات المواكبة التي كان يجب أن تؤخذ، لم تؤخذ، ثانيا ظهرت الكثير من التطورات على الساحة الدولية وعلى الساحة العلمية والفكرية، ونحن لم نأخذها بعين الاعتبار، وهذا يجعل تعليمنا بعيدا جدا عن مواكبة العصر، والتعليم يلعب دور أساسي في بناء الدول وفي بناء الأجيال، وعموما هناك مشاكل، أولا في البنية التحتية، دائما الحكومات المتعاقبة تركز على البنية التحتية، وفي العشرية الأخيرة تم التركيز على المعهد التربوي حتى تكون لديه إمكانات يستطيع من خلالها أن يوفر المناهج بشكل مقبول، لأن المدارس في زيادة مستمرة، وكان هناك تعاون في المناهج قديم مع بعض الدول، ولكننا اليوم أصبحت لدينا الاستقلالية، وأصبح بإمكاننا أن نطبع جميع المناهج الدراسية، لكن حتى المنهج الدراسي –بالنسبة لي- إلى اليوم، ما زال يحتاج الكثير من التفكير، فنحن في القرن 21 وفي السنة 2022، ونحن نسعى لأن نقر مناهج غير متماشية مع العصر، وتترتب على ذلك إشكاليات كبيرة، بالنسبة للبنية التحتية فقد شهدت الكثير من العمل، بني الكثير من المدارس، ولا يزال يُبنى، أما الكادر البشري فثمة عدة مشاكل، تتعلق أساسا بمستوى المدرسين أنفسهم، وتقيمهم وأدائهم وتقدمهم، فكل ذلك فيه مشاكل جوهرية، والسبب الأساسي لذلك هو فساد الإدارة، لأن فيه الكثير من المشاكل التي تتعلق بتقدمات مبرمجة مسبقا وبالكفاءات التي يجب أن تحترم، وإذا استمر فساد الإدارة سيستمر فساد التعليم، مع أن هناك مدرسين أكفاء يعملون ويبذلون جهودا كبيرة في شتى أنحاء الوطن، ويحسب لهم الكثير من العمل الذي يقومون به، لكن الحقيقة في جوهرها أن التعليم اليوم أصبح معقدا لأنه أصبح آلة عملاقة، تحتوي على كثير من الجوانب، ويجب أن ينظر إلى كل جانب بصفة مستقلة، من المناهج إلى البنية التحتية والتفكير، والتفكير –أهم عندي- من المناهج والمدارس، نحن إذا قمنا اليوم ببناء مدرسة، وأتينا بالكتب، وفي الغد كان المنتج الذي أفرزته المدرسة لا يستطيع أن يلج سوق العمل، لأن العالم اليوم يفكر في أن كثيرا من المهن الموجودة الآن ستتغير وتتبدل، وسيعم الذكاء الصناعي وستكون هناك حاجيات أخرى، 2030 -2040 يجب أن يكون أبناؤنا مسلحين بمعارف عصرهم المستقبلي، والتحضير لهذا يكون من الآن، ونحن للأسف لا نفكر في هذا، وهذه إشكالية –بالنسبة لي- كبيرة، يجب أن نفكر في إدخال تقنيات المعلوماتية في المناهج الدراسية وأخذها بعين الاعتبار، والمناهج أهم عندي كثيرا، لأن المنهج يجعل الطالب يملك قابلية كبيرة للتموقع والتحرك في التخصصات التي ستفتح له عند وصوله إلى التعليم العالي، لأنه اصبح يملك قدرات كبيرة على التكيف في المستقبل، وقد يكون كثير من الناس لا يرى جدوائية هذا الأمر الآن، ولكن 2030 -2040 ستكون الحاجات تغيرت عن حاجاتنا اليوم، لكننا للأسف لا نزال نسير على ما وجدنا عليه آباءنا، وعلى كل حال أي إضافة في البنية التحتية، أو في الكادر البشري ستكون إيجابية، لكن التعليم لا يزال يعاني من إشكالات حقيقية، وعودة على المناهج لا يمكن أن تتقدم أية أمة مهما كانت قبل أن تعرف أن الهوية هي الأساس، وأن أبناء موريتانيا يجب أن يدرسوا بالعربية، وأن يدرسوا باللغات التي تترك لديهم سيادة ذاتية عند كل فرد موريتاني، تغرس فيه من ولادته، ويُربى عليها، وتربى فيه محبتها ومحبة الوطن، لأن هذا ما يجعل منه إنسانا سويا ومواطنا سويا، ونحن على كل حال كنا دولة مستعمرة ورثنا اللغة الفرنسية، وارتبطنا بها اقتصاديا وتاريخيا، وهذا لا أتغاضى عنه، لكن في المستقبل لا بد أن نفكر من غير استحياء أولا أن العربية صالحة لتدريس كل المواد، ثانيا اللغات الوطنية يجب أن تجد مكانها في لغات التعليم، وأن تأخذ مكانها من غير استحياء، ومن غير أن يكون هناك طابع عرقي، فهي على مر العصور موجودة على التراب الموريتاني، وإذا رجعنا للتاريخ، وللمخطوطات التي بين أيدينا نجد أن جميع اللغات كانت موجودة، وكانت تكتب، وكانت تجري بها المراسلات، وكانوا يستخدمون الحروف العربية، وهذا كله كان موجودا، إذا يمكن أن نحيي ثقافة تسمح لنا بأن نقوى عنصر الهوية عند الإنسان الموريتاني، وهذا ضروري، ويجب كذلك أن ننفتح على كافة اللغات التي لدينا بها علاقة كالفرسية والانجليزية، وخصوصا اللغات الآسيوية، فيجب أن يكون اهتمامنا بها أكثر.

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع كرة القدم ببلادنا؟

محمد ولد جبريل: شكرا، أولا بالنسبة لي أرى أن كرة القدم لم تكن مجودة في موريتانيا لأن وجود الكرة يعني الموارد المالية، فما لم نستثمر في كرة القدم وندفع من جيوبنا لكدرة القدم فلن تكون هناك كرة قدم؛ هذه نقطة.

 النقطة الثانية: كرة القدم تستلزم وجود بطولة وطنية قوية؛ بمعني أن تكون لدينا أندية وأكاديميات حتى يكون المنتج الذي سيشكل المنتخب الوطني موجودا؛ هذه الشروط لم تكن متوفرة. وما جرى في هذه العشرية هو أنه تم سن قانون يقضي بتخصيص 1% من العائدات الجمركية لكرة القدم والثقافة؛ هذا الدعم هو الذي مكننا أولا من المشاركة. وأصبح المنتخب الوطني قادرا على التكفل بالأعباء المالية للمشاركة والمعسكرات التدريبية وبكل استقلالية هذه الإمكانات كانت منعدمة واليوم أصبحت موجودة؛ ورئيس اتحادية كرة تحدث عن وجود هذه الامكانات، والفضل في وجود هذه الإمكانات يرجع للرئيس محمد عبد العزيز.

وفي رأيي أننا حققنا عدة إنجازات وانتصارات، لكن هذه الانتصارات لن تستمر وتتواصل مالم تكن لدينا بطولة وطنية حقيقية؛ مالم تكن لدى الاتحادية الوطنية لكرة القدم بطولة وطنية حقيقية وأكاديميات حقيقية لمختلف الأعمار فلن تستمر هذه الانتصارات. فقد يأتي جيل قوي يحقق انتصارات لسنتين أو ثلاث سنوات، وبعدها نجلس مكتوفي الأيدي في انتظار ظهور جيل جديد. فقد قمنا آنذاك بفتح أكاديمية ضمت مختلف الأعمار من سن 12 حتى 16 سنة من أجل توفير عناصر لتغذية المنتخب الوطني.

كما اشتغلنا على البطولة وعلى البنى التحتية التي ستسمح للأندية بالظهور لأن لاعبي المنتخب الوطني في نهاية المطاف سيكونون من أبناء الوطن؛ كما عملنا أيضا على تسهيل الحصول على عقود الاحتراف لأنه كلما زاد عدد المحترفين الوطنين ارتفع مستوى المنتخب الوطني وزادت احتمالات تحقيقه للنتائج المأمولة. وهذا الإخفاق الذي حصل جرى حوله نقاش وتدوينات من بيها تدوينات للوزير لم يكن له داع، ذلك أن كرة القدم فيها الفوز و فيها الخسارة؛ والواجب على الحكومة أن توفر الإمكانات للفريق الوطني وتقف خلفه، وبالمناسبة كانت حادثة النشيد الوطني فضيحة كبيرة، كان على الوفد الحكومي أن يعترض على مستوى ال   CAF   وعلى مستوى الفيفا. ويمتنعوا عن اللعب حتى يتم عزف النشيد الوطني، ما حدث خطأ كبير؛ كرة القدم كلها وما يتم فيها من ضخ للموارد هدفه تمثيل الوطن و سمعته، ولو اعترضوا لتم عزف النشيد الوطني، وهم لم يمثلونا التمثيل الحسن؛ وعلى كل حال الخطأ هو خطأ الحكومة وهو جزء من التخبط الكثير الذي نلاحظه من بداية هذه المأمورية، وهناك الكثير من الاستهزاء برموز الدولة، وهذا لا  يليق. لقد كان الموريتانيون جميعا يشاهدون تلك المباراة ورأوا كيف أن نشيدهم الوطني لم يعزف بشكل صحيح

موقع الفكر: ما سبب مغادرتكم الحكومة؟

موقع ولد جبريل: هذا السؤال يطرح على الوزير الأول.

الفكر: ما الأسباب من وجهة نظرك؟

محمد ولد جبريل: الفترة التي غادرت فيها الحكومة كانت فترة انتخابات وربما كانت هناك توازنات تقتضي هذه المغادرة

موقع الفكر: هل تم إخباركم من طرف الرئيس أم أن الإقالة كانت مفاجئة؟

محمد ولد جبريل: لا، بل كنت على تواصل دائم  معه و ونتدارس الشؤون السياسية بشكل مستمر . لقد كانت لدي مواقف سياسية في بعض القضايا المحلية وكنت ثابتا عليها وتوقعت أنه في مرحلة ما سأغادر الحكومة حتما؛ وفي النهاية القرار يرجع إلى الحكومة وهي من تسأل عنه رئيسا ووزيرا أول.

 

موقع الفكر: عادة يتم إشعار المسؤول بخروجه من الحكومة والبعض يعلم بالخبر من الاعلام؟

محمد ولد جبريل: لا لا، لقد اجتمع بي الوزير الأول و أعلمني بالقرار وشكرني، وأخبرني بأنهم على مستوى الحكومة ليس هناك أي ملاحظات على عملي؛ وأن الأمر يتعلق باعتبارات معينة لدى الدولة و أنا أتفهمها لأني مارست العمل الحكومي، وهناك مسألة لا يدركها كثير من الناس وأود أن أوضحا في هذه الفرصة، أنا لم أسع في حياة للتعيين، فلست من السياسيين الذي يهتمون بالتعيين؛ أنا مستعد لخدمة بلدي، فإذا عرض علي تعيين ورأيت أنني أستطيع أن أفيد بلدي من خلاله ولمست وجود الأدوات و المجال السياسي ووجود أشخاص يمكن العمل معهم فلن أتردد. أما أن أبحث عن التعيين أو أسعى إليه فهذا ما لم أفعله في حياتي.

 

موقع الفكر: ماذا لو عرض عليكم النظام الحالي منصبا حكوميا؟

محمد ولد جبريل: لا، لقد أخذت موقفا من هذا النظام وهو وموقف المعارض؛ فإذا عرض علي منصب حكومي فسأشترط شروطا كثيرة للقبول، فإذا تم استدعائي للمشاركة في عملية البناء الوطني ورأيت أنني لن أتناقض مع مبادئي ولن أخالف ضميري، فسأشارك ولا مشكلة عندي؛ أما إذا كنت سأناقض مبادئي وضميري فأفضل أن ألزم بيتي وأذهب لتدريس طلابي.

 

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

محمد ولد جبريل: أولا أشكركم على المقابلة، ثانيا أطالب القادة الشباب أن يلتحقوا بنا في الجبهة، فالجبهة مفتوحة أمامهم؛ فالعمل في الجبهة هو عمل سياسي وطني سلمي هدفه بناء أسس جديدة للممارسة السياسية من تغيير واقع البلد لأن لدينا الكثير من الأمور والقضايا المتاحة أمامنا ونستطيع من خلالها أن نقدم لبلدنا الكثير. إذن أطالبهم جميعا بالالتحاق بنا في الجبهة ونحن مستعدون للعمل معهم جنبا إلى جنب من أجل عمل سياسي منتج ويفيد الجميع. وأقول لهم أيضا إن الانتقاد وحده لن يساهم في تقدم البلد؛ فإذا انتقدنا أمرا علينا أن نقترح شيئا جديدا حتى نساهم جميعا في تقدم بلدنا وهذا ممكن فلا ينبغي الاقتصار على انتظار التعيين بل عليهم أن يفكروا فيما يصلح بلدهم ويساهم في تقدمه من خلال أفكارهم وطاقاتهم فيطالبون به. عليهم كذلك أن يدافعوا عن القضايا العادلة، وعليهم أن يدركوا أننا في مرحلة تحتاج فيها موريتانيا لأبنائها جميعا؛ فعلينا أن نتحد جميعا في سبيل تقوية العمل السياسي، وعلينا في هذه الفترة التي صمتت فيها المعارضة وتخلت عن دورها في الدفاع عن الشعب، أن نقوم بهذا و لا نتخلى عن الشعب؛ وأن تكون كلمتنا كلمة راقية تتيح للرأي العام معرفة كيفية اختيار ممثليه في البرلمان، و الطريقة التي يختار بها حكومته ويدعم بها أحزابه السياسية؛ فهذا العمل التوعوي لا يمكن أن ينهض به إلا الشباب؛ فإذا قمنا به سيكون لدينا شعب يعي مصالحه. وعندما يصل الشعب إلى مستوى الوعي الذي يمكنه من معرفة مصلحته ستصلح موريتانيا. فالحكم حسب الدستور ملك للشعب؛ ولن يكون ملكه حقيقة حتى يعرف طريقة التصرف في ملكيته. أما إذا تركنا العمل على توعية الشعب الموريتاني، فماذا سيحدث؟ ستظل السلطة مختطفة من طرف ثلة من السياسيين المتمصلحين يستغلونها ضد مصالح الشعب، وتكون سلطة الشعب سلطة وهمية؛ ولا يستفيد منها بقليل ولا كثير، ويكون الحال كما هو عليه الآن. عند ما يتحقق هذا الوعي الشعبي سيلزم الحكومة بأداء عملها و يلزم البرلمان بالقيام بعمله؛ ويكون الشعب قادرا على الضغط بشكل قوي حتى يطبق القانون وتحقق العدالة وفصل السلطات، وتكون لدينا مؤسسات قوية وبرلمان قوي وحكومة قوية تصلح الشأن الوطني، مرة أخرى أشكركم على هذه المقابلة والسلام عليكم ورحمة.