ومن هذه القواعد:
أ - الضرورات تبيح المحظورات، ويتمّمها: ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها.
ب - الحاجة قد تنزل منزلة الضرورة، والمشقة تجلب التيسير.
ج - ما حرّم لذاته: لا يباح إلا للضرورة، وما حرّم لسد الذريعة يباح للحاجة.
د – المشقة تجلب التيسير.
ه – إذا ضاق الأمر اتسع.
و - يرتكب أخف الضررين وأهون الشرين.
ز – يترك أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما.
ح – لا ضرر ولا ضرار.
ط – حقوق الله مبنية على المسامحة، وحقوق العباد مبينة على المشاحنة.
ي - والفتوى تتغير: بتغير الزمان، والمكان، والعرف، والحال.
ك - التكليف بحسب الوسع.
ل – الحرج مرفوع.
وكل قاعدة من هذه القواعد، تتفرع عنها فروع وأحكام، وكل هذه القواعد مدلل عليها من الكتاب والسنة، وهدي الصحابة رضي الله عنهم.
3-تصور ثالث خاطئ:
التشديد في بعض المواقف لا ينافي الوسطية:
ومن التصورات الخاطئة التي تلتبس على كثيرين: ما أثاره بعض تلاميذي، في "ملتقى القرضاوي" الذي عقد بالدوحة منذ سنتين [عقد في تاريخ 29 جمادى الآخرة 1428 هـ الموافق 14 يوليو 2007م]، حين قال: إن العالم المسلم، أو المسلم الملتزم يحتاج أن يخرج من الوسطية إلى التشديد حين يقتضي الموقف ذلك.
وقد قال هذا الأخ لي: نحن نراك تترك الوسطية أحيانا، فتشدّد في بعض الأمور، غاية التشدّد، وتتصلب غاية التصلب، كما رأيناك في موقفك ضد فتوى بعضهم بإباحة فوائد البنوك، وكذلك في الوقوف ضد الصلح مع إسرائيل، وفي إجازة العمليات الاستشهادية ضد العدو الصهيوني، ونحن نؤيد موقفك هذا، ونراه يمثل الموقف الإسلامي الشرعي الصحيح، ولكن نراه بعيدا عن الوسطية التي تدعو إليها.
وكان تعليقي على هذا الكلام: أن مسلكي هذا هو عين الوسطية، فليس معنى الوسطية أن تأخذ دائما موقف السماحة أو التيسير، بل الوسطية الحقة: أن تشدّد حيث ينبغي التشديد، وتيسّر حيث ينبغي التيسير، وأن تأخذ باللين والرفق مع من يستحقّ ذلك، وتأخذ بالغلظة والعنف مع من يستحقّها.
كما قال تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: {يَأيَهَّا النبِّيُّ جَاهِدِ الْكُفاَّرَ وَالْمُناَفقِينَ وَاغْلظُ عَليْهِمْ} [التوبة:73] و[التحريم:9]. وقال في علاقته بالصحابة:
{فبَمِا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّه ِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159]. وقد وصف القرآن الصحابة بقوله: {أشِداَّءُ عَلَى الْكُفاَّرِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:29]. ووصف الله الجيل الذي ادّخره لنصرة الإسلام حين يرتدّ المرتدّون، فقال: {يَا أيَهَّا الذِّينَ آمَنوُا مَنْ يَرْتدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْ يَأتِي اللَّه بقِوْمٍ يحِبُّهُمْ وَيحِبونهَ أذِلةٍّ عَلَى الْمُؤْمِنيِنَ أعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدةَ:54]. فللُعزة والشدّة موضعها، وللين والرحمة أو الذلة موضعها.