كد رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر أن أعضاء المجلس سيخوضون معركة الحفاظ على استقلالية السلطة القضائية، وأنهم أقسموا اليمين على أداء هذه المهمة، طبقا لأحكام القانون والدستور، بعد مرسوم الرئيس التونسي قيس سعيّد إلغاء جميع الامتيازات والمنح الممنوحة لأعضاء المجلس.
وتابع "نرى أن ما حدث الآن هو تدخل السلطة التنفيذية بواسطة المراسيم في ميزانية المجلس الأعلى للقضاء، والمقلق في هذا هو المساس بالوضع الدستوري للمجلس".
وزاخر رأى أن ما ورد في بيان رئاسة الجمهورية من إيقاف لمنح أعضاء المجلس، وما أضيف إليه من معلومات تتعلق بقيمة المنح التي يتقاضاها كل عضو فيها إساة للمجلس ومحاولة لتصوريهم كانتهازيين، لافتا إلى أن تحديد تلك الامتيازات جاء بشكل تشاركي مع وزارة المالية ومع لجنة التشريع العام داخل مجلس نواب الشعب.
واستدرك بالقول "أريد أن أذكر أننا اشتغلنا من دون تلك المنح مدة 10 أشهر خلال فترة تركيز المجلس الأعلى للقضاء، وسنواصل القيام بواجباتنا في غياب هذه المنح والامتيازات لأننا نؤمن بدورنا في الحفاظ على استقلالية السلطة القضائية".
ورأى أن السلطة القضائية باتت مستهدفة، وأن رئيس الجمهورية وضع المسألة القضائية في صلب اهتماماته، مقرًّا بالمقابل بأن القطاع يحتاج إلى الإصلاح لكن بطريقة تشاركية، وفي ضوء الضمانات الدستورية لاستقلالية للسلطة القضائية.
لماذا لم يحلّ الرئيس المجلس الأعلى للقضاء؟
وبشأن عدم توجه الرئيس مباشرة لحلّ المجلس الأعلى للقضاء والاكتفاء بإيقاف المنح الخاصة بأعضائه، رأى بوزاخر أن الرئيس إذا قام بذلك فعليه بالضرورة الإعلان أن المجلس الأعلى للقضاء يمثل خطرا داهما وهو ما لم يحدث.
وشدد في ختام حديثه على أن المجلس منفتح على أي حوار بهدف إصلاح المنظومة القضائية برمّتها، لكن ليس بشكل فردي ولا بالطريقة التي توخّاها الرئيس قيس سعيّد.
وكان الرئيس التونسي أصدر قرارا أمس الأربعاء ألغى بموجبه جميع الامتيازات والمنح الممنوحة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء، في خطوة وصفها كثير من القضاة بالاستفزازية، وبأنها تأتي في خضم معركة الاستقلالية التي يخوضها الجسم القضائي مع السلطة بعد إجراءات 25 يوليو/تموز.
وأشار بلاغ مقتضب لرئاسة الجمهورية مساء أمس الأربعاء إلى أن الرئيس ختم مرسوما يتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 المؤرخ في 28 أبريل/نيسان 2016 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، وينص على وضع حد للمنح والامتيازات الممنوحة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء.
وأضيف للبلاغ بعد نشره بدقائق تحديث يتعلق بقيمة المنحة التي يتقاضاها أعضاء المجلس الأعلى للقضاء ومعها وصولات البنزين، وأثار ذلك سيلا من الانتقاد لدى الأوساط القضائية التي رأت أن الرئيس بصدد تأليب الشعب على القضاة في وقت تعيش فيه البلاد أعنف أزمة سياسية واقتصادية.
والمجلس الأعلى للقضاء "مؤسسة دستورية تونسية ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية طبقا لأحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليها في دستور 2014".
ولم ينفك الرئيس قيس سعيّد منذ توليه السلطة عن توجيه اتهامات لاذعة للجهاز القضائي برمته، وازدادت حدّة الهجوم بعد إجراءاته الاستثنائية التي أعلنها في 25 يوليو/تموز الماضي، وجمّد بموجبها عمل البرلمان، وأقال رئيس الحكومة، وتولى جميع السلطات.
وسبق أن ذكر سعيّد خلال لقائه مجموعة من القضاة أن القضاء وظيفة، وأن السلطة والسيادة للشعب، وأن القرارات تصدر باسم الشعب التونسي.
وتعززت مخاوف طيف واسع من القضاة من ذهاب الرئيس إلى حل المجلس الأعلى للقضاء كإجراء انتقامي بعد إعلان هياكل قضائية رفضها القاطع لإجراءات 25 يوليو/تموز الماضي التي جمّد سعيّد بموجبها عمل البرلمان، وأعلن ترؤسه النيابة العمومية.
وأعلن المجلس الأعلى للقضاء، في أكثر من بيان له، رفضه المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية عبر مراسيم رئاسية، كما رأى القضاة أن إصلاح مجلسهم يمر عبر المبادئ الدستورية وليس باستعمال التدابير الاستثنائية.
المصدر: الجزيرة نت