نسائم الإشراق، الحلقة رقم (1809) 01 فبراير2022م، 28جمادى الآخر 1443هـ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، معالم ومنارات، الشيخ يوسف القرضاوي، الحلقة رقم (83)

ويرى الإمام الغزالي أن على سالك في طريق الدار الآخرة: أن يقطع عقبة لا بدّ منها؛ يسمّيها "عقبة البواعث" وتعني البواعث: الحوافز الدافعة إلى استباق الخيرات، واجتناب السيئات، وهي التي تتمثل في الرجاء في رحمة الله تعالى، والخوف من عذابه. يقول رحمه الله في كتابه "منهاج العابدين":

فعليك أيها الرجل بقطع هذه العقبة في تمام الاحتياط والتحرّز وحددّ الرعاية، فإنها عقبة دقيقة المسلك، خطرة الطريق، وذلك أنّ طريقها بين طريقين مخُوفين مُهلكين: أحددهما طريق الأمن. والثاني طريق اليأس، وطريق الرجاء والخوف هو الطريق العدل بين الطريقين الجائرين، فإن غلب الرجاء عليك حتى فقدت الخوف.

البتة، وقعدت في طريق الأمن: {فَلا يَأمَنُ مَكْرَ ا للَّه إِلاَّ الْقَومُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:99] وإن غلب عليك الخوف حتى فقدت الرجاء البتة وقعت في طريق

اليأس {لا ييَأسُ مِنْ رَوْح اللَّه إِ لاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87] فإن كنت ركدت بين الرجاء والخوف، واعتصمت بهما جميعا، فهو الطريق العدل المستقيم، التي هي سبيل أولياء الله وأصفيائه الذين وصفهم بقوله تعالى: {إنِهُّمْ كَانوُا يسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُوننَاَ رَغَبا وَرَهَبا وَكَانوُا لنَاَ خَاشِعِينَ} [الأنبياء:90].