ويرى الإمام الغزالي أن على سالك في طريق الدار الآخرة: أن يقطع عقبة لا بدّ منها؛ يسمّيها "عقبة البواعث" وتعني البواعث: الحوافز الدافعة إلى استباق الخيرات، واجتناب السيئات، وهي التي تتمثل في الرجاء في رحمة الله تعالى، والخوف من عذابه. يقول رحمه الله في كتابه "منهاج العابدين":
فعليك أيها الرجل بقطع هذه العقبة في تمام الاحتياط والتحرّز وحددّ الرعاية، فإنها عقبة دقيقة المسلك، خطرة الطريق، وذلك أنّ طريقها بين طريقين مخُوفين مُهلكين: أحددهما طريق الأمن. والثاني طريق اليأس، وطريق الرجاء والخوف هو الطريق العدل بين الطريقين الجائرين، فإن غلب الرجاء عليك حتى فقدت الخوف.
البتة، وقعدت في طريق الأمن: {فَلا يَأمَنُ مَكْرَ ا للَّه إِلاَّ الْقَومُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:99] وإن غلب عليك الخوف حتى فقدت الرجاء البتة وقعت في طريق
اليأس {لا ييَأسُ مِنْ رَوْح اللَّه إِ لاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87] فإن كنت ركدت بين الرجاء والخوف، واعتصمت بهما جميعا، فهو الطريق العدل المستقيم، التي هي سبيل أولياء الله وأصفيائه الذين وصفهم بقوله تعالى: {إنِهُّمْ كَانوُا يسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُوننَاَ رَغَبا وَرَهَبا وَكَانوُا لنَاَ خَاشِعِينَ} [الأنبياء:90].