آدم تيلر
شهد العام المنصرم سلسلة من الانقلابات عبر العالم من غرب إفريقيا إلى جنوب آسيا، ويستمر الأمر خلال العام الجديد في السودان وميانمار وغيرها. ففي يوم الاحد (2 يناير 2022)، بعد شهرين فقط من إعادة تعيينه رئيسا للحكومة من قبل القادة العسكريين بالسودان، أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك استقالته من منصبه. وعقب استقالته قال في خطاب وجهه للسودانيين "لقد حاولت بكل ما أستطيع أن أجنب بلدي الانزلاق إلى الهاوية"،
خروج حمدوك من الحكومة بدد الأمل بعودة قادة الانقلاب في السودان إلى المسار الديموقراطي؛ وكان المسؤول السابق في الأمم المتحدة، عبد الله حمدوك، قد تولى رئاسة الوزراء في السودان أغسطس 2019عقب سقوط نظام الرئيس عمر حسن البشير في شهر ابريل من نفس السنة، حيث تم تكليفه بقيادة الانتقال إلى انتخابات ما بعد البشير؛ ليتم عزله في نهاية المطاف 25 اكتوبر 2021 في ظل تصاعد التوتر في علاقتة مع السلطة العسكرية ووضع قيد الإقامة الجبرية.
تعيين حمدوك في هذا المنصب في شهر نوفمبر، جاء استجابة من قادة الانقلاب للإدانة الدولية التي قوبل بها الانقلاب وتعليق مساعدات خارجية بملايين الدولارات؛ إلا أن علاقته بالحكام العسكريين ظلت متوترة، في الوقت الذي شهد غضبا متصاعدا من طرف المحتجين على خلفية عدم تحقيق مطالبهم بحكومة مدنية ذات سيادة، وفق ما أورد ماكس بريك ومريم بيرجير في الواشنطن بوست.ٍ
ما زال المستقبل غامضا في السودان؛ هيئات طبية مواكبة للمتظاهرين ذكرت أن عدد القتلى وصل إلى 57 على الأقل منذ بداية الانقلاب، في ظل قمع لكل أشكال التظاهر من طرف السلطات، وفقا لما ذكره مراسل رويترز.
المتظاهرون قالوا إن مطالبهم بسيطة؛ ففي تصريح للواشنطن بوست الشهر الماضي. تساءل سامويل دفالا وهو أحد قادة المتظاهرين وعمره 51 عاما: " هل ما نطالب به معقد أم صعب؟ حكومة مدنية ذات كفاءة".
أرقام للتسجيل في موسوعة جينيس
انقلاب السودان هو انقلاب واحد خلال عام حافل بالانقلابات؛ فحسب البينات التي جمعتها جامعتا فلوريدا المركزية وكنتاكي، فقد جرت خلال العام 2021 خمسة انقلابات ناجحة، بالإضافة إلى محاولة انقلابية في النيجر؛ وهذا العدد يفوق عدد الانقلابات في السنوات الخمس الماضية مجتمعة، ويسجل رقما قياسيا خلال القرن الواحد والعشرين.
استهل عام 2021 بانقلاب عسكري في ميانمار في الأول من فبراير؛ ثم انقلاب في مالي في الرابع والعشرين من مايو، وآخر في غينيا في الخامس من سبتمبر، وفي الشهر الموالي حصل الانقلاب في السودان.
تشاد هي الأخرى شهدت ما أطلق عليه مراقبون "الانقلاب العائلي" مطلع ابريل 2021، عقب وفاة الرئيس ديبي خلال اشباكات مسلحة مع المتمردين.
أربعة من هذه الانقلابات الخمسة، حدثت في إفريقيا؛ والتي شهدت غالبية الانقلابات خلال العقود الأخيرة.
وما زالت الانقلابات محط اهتماما سياسي في كافة أنحاء العالم، ففي أكتوبر الماضي وصف الأمين العام للأمم المتحدة آنتونيو غوتيريش ما يحدث "بالوباء الانقلابي"، وذكر أن الانقسام الدولي أدى إلى غياب الردع. و أضاف: " الانقسام الجيوسياسي الحاد، و الضغوطات التي تعرقل اتخاذ مجلس الأمن لإجراءات قوية ورادعة، بالإضافة إلى الآثار الاقتصادية و الاجتماعية الناتجة عن حائجة كوفيد_19، التي تعاني منها دول عديدة، كل هذه العوامل ساهمت في خلق بيئة ملائمة للانقلابات العسكرية؛ و أعطت تطمينات لبعض القادة العسكريين بالإفلات من العقاب وأنه بإمكانهم فعل ما يريدون دون أن يخشوا مغبة ذلك".
ميامنمار... عندما يتشح الانقلاب بالأحمر
في ميانمار ليس هناك ما يدل على أن الغضب الدولي قد ساهم في تعديل سلوك العسكر، فما يزال التعامل بعنف مع المناهضين للانقلاب هو السمة الأبرز بعد مرور عام على الإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا؛ حيث اتبع القادة العسكريون سياسة الأرض المحروقة، من خلال حرق القرى وارتكاب المجازر ضد كل من يشتبه في معارضته لهم، وفقا لما جاء استقصاء نشرته الواشنطن بوست و أسوشييتد بريس.
كما تم قتل مئات المدنيين منذ الإنقلاب، حسب ما ورد في الواشنطن بوست. فمن جهته صرح المبعوث الخاص للأم الخاص في ميامنار توم آندريو للواشنطن بوست بأن "هناك جرائم ضد الإنسانية" وذلك عقب استعراض لقطات لما يرجح أنها مجرة تم ارتكابها في ولاية باغ، صيف 2021 وأشار إلى أن هناك "عنفا ممنهجا " يمارسه القادة العسكريون.
وخلال المجزرة التي حدثت عشية رأس السنة، اتهم الجيش بقتل 35 من سكان القرى على الأقل، من بينهم نساء وأطفال، أثناء فرارهم من العنف. السلطات العسكرية في ميانمار نفت ارتكابها أي أخطاء (أعمال عنف)، كما أصدرت أوامر للموظفين بعدم تلقي أي اخطارات تصدر عن المحاكم الدولية بخصوص ملاحقة القادة العسكريين حسب ما ورد في تقارير عن مصادر إعلامية مستقلة.
يتواصل...
المصدر: صحيفة الواشنطن بوست (washingtonpost.com)