تابعت صحيفة غارديان (The Guardian) البريطانية تأثير التقارير الحقوقية الدولية، مثل منظمة العفو الدولية، على صورة إسرائيل بالداخل الأميركي بعد الحديث عن الفصل العنصري (الأبارتيد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
ولفت التقرير -الذي أعده كريس ماغريل- إلى أن تشبيه معاملة إسرائيل للفلسطينيين، بجنوب أفريقيا تحت حكم الأقلية البيضاء، آخذ في الانتشار وسط التيار العام داخل الولايات المتحدة.
وأكد أن مخاوف إسرائيل من الصورة التي تتشكل لها داخل الولايات المتحدة بدأت تتحقق بالفعل، لا سيما بعد التقارير الحقوقية التي تدفع بنقاشات حول التمييز الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
وأشار الكاتب إلى ما قاله وزير خارجية إسرائيل يائير لبيد بداية العام، وهو يتأمل التحديات الدبلوماسية التي تواجههم عام 2022، مخاطبا الصحفيين "نعتقد أن العام المقبل سوف يشهد نقاشا غير مسبوق في سميته وفي إشعاعيته حول عبارة إسرائيل دولة أبارتيد. وسوف يشكل ذلك عام 2022 تهديدا ملموسا".
وأشار لبيد إلى تحقيقين للأمم المتحدة، قال إن من المحتمل أن يخلصا إلى أن حكم إسرائيل للمنطقة الفلسطينية المحتلة يرقى إلى جريمة الفصل العنصري بموجب القانون الدولي.
نظام هيمنة متوحش
وذكر الكاتب أن العديد من منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والعالمية وصلت إلى تلك القناعة، بما في ذلك "العفو الدولية" من خلال تقرير نشرته هذا الأسبوع بعنوان "الأبارتيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: نظام هيمنة متوحش وجريمة ضد الإنسانية".
وأردف بأن تل أبيب قلقة أيضا من أن خرق ما ظل لأمد بعيد من المحرمات داخل الولايات المتحدة، وتحديدا مقارنة حكمها للفلسطينيين بالأبارتيد الذي كان يمارس ضد السكان السود بجنوب أفريقيا، هو دليل على التهديد الزاحف ببطء حاملا في طيه خطرا أكبر يتمثل في تآكل الدعم الصلب والثابت الذي تنعم به إسرائيل داخل حليفها الأهم على الإطلاق، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تآكل الدعم وسط الديمقراطيين، مدفوع جزئيا بتبدل الخطاب حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
فقد ظلت استطلاعات الرأي تشير لسنين طويلة إلى تعاطف الديمقراطيين مع الإسرائيليين بمعدل يصل إلى ضعف تعاطفهم مع الفلسطينيين. ولكن منذ الهجوم الإسرائيلي على غزة عام 2014 تراجع الدعم الذي تحظى به الدولة اليهودية، حتى بات متكافئا تقريبا في أوساط الحزب للطرفين.
بحسب نتائج استطلاع أجري في يونيو/حزيران الماضي، فإن نصف الديمقراطيين الأميركيين يريدون تغيير سياسة بلادهم لتصبح أكثر دعما للفلسطينيين
ويتركز ذلك التغيير في أوساط جيل الشباب الأميركي، حيث إن البالغين ممن هم دون سن الـ 35 باتوا أقل تعاطفا مع إسرائيل من الجيل الذي يكبرهم سنا.
وبحسب نتائج استطلاع أجري في يونيو/حزيران الماضي، فإن نصف الديمقراطيين يريدون من واشنطن تغيير سياستها لتصبح أكثر دعما للفلسطينيين.
معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال (رويترز)
بل إن الدعم الذي تحظى به سياسات الحكومة الإسرائيلية في أوساط الجالية اليهودية بالولايات المتحدة قد تراجع، حيث أظهر استطلاع العام الماضي أن 25% من اليهود يتفقون مع عبارة "إسرائيل دولة أبارتيد".
دولة منبوذة
وألمحت الصحيفة إلى أنه بالرغم من عدم وجود ما يثبت أن دعم واشنطن لإسرائيل عرضة لتهديد مباشر، بما في ذلك المساعدات الأضخم، العسكرية في جلها، التي تقدمها الولايات المتحدة لأي بلد على الإطلاق، فإن الجماعات المناصرة لإسرائيل تشعر بقلق متزايد إزاء تراجع فعالية مساعيها لتصوير الدولة اليهودية على أنها تتوق للسلام، لولا أنها تواجه الإرهاب الفلسطيني.
ويتعرض هذا الزعم لتفنيد متزايد بفضل ما يستطيع الأميركيون مشاهدته الآن على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة مقاطع الفيديو التي تظهر الهجمات الإسرائيلية وسوء المعاملة التي يعانيها الفلسطينيون. ولقد ساعد هجوم إسرائيل على غزة عام 2014 في تعزيز مشهد الدولة المدججة بكل أنواع القوة، التي تستخدمها في إلحاق الدمار بتجمع سكاني لا يملك من وسائل الدفاع عن النفس إلا القليل.
ولفت التقرير إلى أن صعود حركة "حياة السود مهمة" غذى الزخم الذي يدفع باتجاه اعتبار القضية الفلسطينية مسألة حقوق مدنية ومقاومة ضد الهيمنة الإسرائيلية.
واختتمت الصحيفة تقريرها بما يقوله دانيال سيدمان، المحامي الإسرائيلي الذي أمضى عقودا في فضح استيلاء تل أبيب على الأراضي وما تمارسه من سياسة استيطانية بالقدس الشرقية المحتلة، والذي توجه مؤخرا إلى واشنطن لسبر غور السياسة الأميركية تجاه إسرائيل "ثمة تغير بالولايات المتحدة، داخل الكونغرس وبالرأي العام، وحتى في أوساط الجالية اليهودية الأميركية، والحديث عن الأبارتيد جزء من ذلك. هناك محور ولكنه لن يصمد طويلا".
ويضيف "بدأ المزيد من الناس في الخارج يرون في إسرائيل دولة أبارتيد منبوذة، ويخشى الإسرائيليون بشكل متزايد من ذلك".
المصدر : الجزيرة نت