زرت ضريح نابوليون في باريس قبل أشهر، وهو جزء من متحف كبير يضم عددا من قبور من تصفهم اللوحات التوضيحية بـ "شهداء" فرنسا، و أسلحة وشروحات كثيرة حول انتصارات فرنسا التاريخية.
من يكتفي بالمعلومات الموجودة في المتحف سيخرج بيقين أن فرنسا لم تهزم قط. و أن نابوليون كان يغزوا البلدان لنشر ثقافة حقوق الإنسان. و أن حشو المدافع كان بالمسك و الورد، وليس بالبارود.
كثير ممن اقتصروا في قراءاتهم على المراجع الفرنسية يتكون لديهم انطباع بتفوق النموذج الفرنسي ومركزيته في الحضارة الغربية. وهامشية غيره. تتحول في أعين هؤلاء هويتهم وتاريخهم إلى ثقب أسود كبير من الدماء والأشلاء و الصراخ.
هذا "الغرور الفرنسي" أصبح يعبر عن نفسه بشكل أكثر وضوحا. و من طرف شخصيات كانت تتسلح بشيء من الديبلوماسية والمجاملة في السابق.
اليوم تحدث "فرانسوا فيون" الوزير الأول السابق في لقاء حزبي عن ضرورة الإعتزاز بالتاريخ الفرنسي كاملا، بما في ذلك الحملات الإستعمارية وما رافقها من إجراءات عنف حضاري.
قال فيون إن الإستعمار الفرنسي لإفريقيا وآسيا وأميركا الشمالية تم بهدف مشاركة الثقافة الفرنسية مع باقي الشعوب.
إنها مشاركة أشهد أنها نجحت، على الأقل في شمال إفريقيا المتفرنس.
أظهر فيون غضبه من ما تتضمنه مقررات التاريخ التي تدرس في الإبتدائي والثانوي من معلومات تشوه التاريخ الفرنسي في رأيه. وشدد على ضرورة تغييرها لكي تعكس فخرا بكل التاريخ الفرنسي و شخصياته.
وفي مخالفة لما عهدناه في مثقفينا من تبرؤ من عصور الانحطاط والظلام قال الوزير السابق "فرنسا هي خمسة عشر قرنا من التاريخ، منذ تعميد كلوفيس في رانس"
كلوفيس المذكور هو أول ملوك فرنسا وهو الذي أدخل الفرنسيين إلى المسيحية بعد اعتناقه لها و تعميده. تقول الأسطورة إن معجزات عديدة حدثت أثناء ذلك. منها أن حاشية كلوفيس أعلنوا دخولهم النصرانية بشكل جماعي قبل أن يوجه إليهم الملك الحديث في الموضوع، وأن صوت الرب سمع يثني على الملك كلوفيس أثناء تعميده.
ربما تتسع اللائكية الفرنسية لمثل هذا الأشياء. وعش رجبا ترى عجبا.
منشور من 31 غشت 2016
ملاحظة: عشنا رجبا ورأينا عجبا فعلا. رئيس فرنسي يصر على الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم ويجعل ذلك سياسة دولة.