لا شك أن الإسلام في الوقت المعاصر في وضعية تصعب السيطرة عليها وينغمس في صراعات داخلية وخارجية لأبراز قيمه ومكانته في العالم.وتتصارع مختلف الرؤى لتصدر المشهد السياسي. ولهذا الصراع أثمان خطرة وتعقيدات اقتصادية وسياسية واجتماعية على بقية العالم.
ولذلك يبذل الغرب جهودا متزايدة لفهم هذا الصراع والتأثير على نتائجه.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الصناعي والمجتمع الدولية يفضلون أن يكون العالم الإسلامي متعاونا مع النظام الدولي في الديمقراطية والإمكانيات الاقتصادية و الاستقرار السياسي والتطور الاجتماعي وأن يتبع المعايير التي تحكم بقية العالم. ويريدون كذلك منع صراع الحضارات بكل أشكاله المختلفة بدءا بالصراعات المحلية المتنامسة بين الأقليات المسلمة والمجتمعات الغربية وانتهاء بالصراعات المسلحة في العالم الإسلامي ونتائجها في انعدام الاستقرار والإرهاب.
لذلك من الإنصاف تشجيع العناصر المختلطة في العالم الإسلامي والتي تتواءم مع السلام العالمي والمجتمع الدولي وتبدي الصداقة للديمقراطية والحداثة.
والتعرف على هؤلاء العناصر وإيجاد الطريقة المثلى للتعاون ليس بالأمر السهل.
مشكلة الإسلام تتمثل في مكونين أولهما: الفشل في التطور وفقد الارتباط بتيار العولمة. فالعالم الإسلام طبعته ولفترة طويلة الماضوية والمقارنات المسلوبة القوة فشهد الكثير من الحلول من قومية عربية وقومية اشتراكية وثورة إسلامية وهي حلول لم يكتب لها النجاح مما أدى إلى الإحباط والغضب.
والعالم الإسلامي يعارض حاليا ثقافة العولمة وهي وضعية غير ملائمة للجانبين.
والمسلمون مختلفون ما يجب عليهم فعله كما أنهم يختلفون على الطريقة النهائية التي يجب أن يظهر عليها مجتمعهم ويمكن أن نميز تلك الاختلافات في أربع اتجاهات أساسية :
● الأصولويون وهم الذين يرفضون القيم الديمقراطية والثقافة الغربية المعاصرة. ويريدون سلطة طهورية يطبقون فيها رؤاهم المتطرفة من القانون الإسلامي ويستخدمون اختراعات التكنولوجيا المعاصرة في سبيل هذا الهدف؛
●التقليديون وهم أناس يريدون مجتمعا تقليديا ويتوجسون ريبة من الاختراع والحداثة و التغيير؛
●الحداثيون وهم الذين يريدون أن يكون الإسلامي جزءا من النظام العالمي ويسعون إلى تحديث وإصلاح الإسلام نفسه حتى يلقتي مع العصر.
●العلمانيون وهم الذين يريدون فصل الدين عن الدولة على نمط الديمقراطيات الغربية التي تضبط الدين في المجال الخاص.
وتتمسك المجموعات الأربع بآراء مختلفة في عدد من القضايا الجوهرية والتي أصبحت مستديمة في العالم الإسلامي مثل قضايا الحرية الفردية والسياسية والتعليم والنظام الجنائي ووضعية المرأة وشرعية الإصلاح والتغيير والاتجاه نحو الغرب.
والأصولويون أعداء للغرب خاصة الوالايات المتحدة الأمريكية ويهدفون بدرجات مختلفة إلى تخريب وتدمير الديمقراطية الحديثة ودعمهم ليس خيارا مطروحا إلا في إلا في إطار الاعتبارات التكتيكية الانتقالية.
وأما التقليديون فيتمسكون برؤى أكثر اعتدالا ولكنهم يختلفون فيما بينهم. وبعضهم أقرب إلى الوصوليين.
ولا أحد سيعتنق بإخلاص الديمقراطية المعاصرة وقيم وثقافة الحداثة ولكن من الممكن الوصول معهم إلى سلام صعب.
ويبدو الحداثيون والعلمانيون هم الأقرب إلى الغرب من حيث القيم والسياسات ولكنهم أضعف الجماعات المذكورة فيفتقدون الظهير القوي ومصادر التمويل والبنية التنظيمية الفعالة والجمهور العريض.
وفي بعض الأحايين ليس من المقبول اعتبار العلمانيين من الحلفاء لخلفياتهم الإديولوجية وللمشاكل التي يواجهونها من قبل قطاع الجمهور التقليدي.
ومن بين الأرثوذكسية الإسلامية عناصر ديمقراطية يمكن أن تواجه القمع السلطوي الأصولي، ولكنها ليست العربة الملائمة لقيادة دمقرطة الإسلام.
وهذا الدور هو من نصيب الحداثيين الإسلاميين لأنهم أكثر فعالية رغم عدد من العراقيل التي تحد من نشاطهم والتي سيشرحها هذا التقرير.
ولتشجيع موقف التغيير في العالم الإسلامي نحو الديمقراطية العظمى والحداثة والتناغم مع نظام المجتمع الدولي فإنه على الغرب والولايات المتحدة الأمريكية أن يأخذا بعين الاعتبار الحذر في التعامل مع العناصر والاتجاهات التي ينوون تقويتها وما هي الأهداف والقيم لمختلف الحلفاء المحتملين، وما هي حدود نتائج التي يجب أن تبدو فيها الأجندة المبتغاة.
وبمقاربة مختلطة تتطلب العناصر التالية ستكون أكثر فعالية:
●دعم الحداثيين ويشمل ما يلي:
- نشر وتوزيعهم أعمالهم بتكاليف أقل؛
- تشجيعهم على الكتابة للجمهور والشباب؛
- تقديم أفكارهم في مناهج الدراسة الإسلامية؛
- إتاحة الإعلام العمومي أمامهم؛
- إتاحة أفكارهم وتصوراتهم وتفسيراتهم الدينية أمام الجمهور منافسة للأصوليين والتقليديين الذين يمتلكون مواقع إلكترونيةومدارس ومعاهد لنشر أفكارهم؛
- جعل العلمانية والحداثة ضدا للثقافة لاحتمال عدم التأثير في الشباب ؛
- تسهيل وتشجيع الوعي بما يدعمون من التاريخ والثقافة غير الإسلاميين من خلال الإعلام والمناهج الدراسية في الدول المماثلة؛
-المساعدة في تطوير منظمات المجتمع المدني والعمل على تطوير الثقافة المدنية وإنشاء فضاء يمكن المواطن من تثقيف نفسه حول العملية السياسية و التعبير عن آرائه.
● ثانيا التقليديين ضد الأصوليين:
- نشر انتقادات التقليديين ضد الأصوليين والعمل على توسيع الهوة بينهما؛
- التفرقة بين التقليديين والأصوليين؛
-تشجيع التعاون بين الحداثيين والتقليديين لقرب بعضهما من بعض في نهاية المطاف ؛
- إتاحة تعليم أفضل للتقليديين كي يجهزوا أنفسهم تجهيزا افضل لنقاش الأصوليين الذين في الغالب الأعلب على دراية أعلى من التقليديين فيجب تعليم التقليدين تعليما جيدا في الأصول الإسلامية حتى يمكنهم الوقوف على أقدامهم؛
- زيادة حضور الحداثيين في المؤسسات التقليدية ؛
- التمييز بين مختلف المدارس التقليدية وتشجيع أكثرها ارتباطا بالحداثة كالمذهب الحنفي على غيره من المذاهب ، ونشر آرائهم الدينية لإضعاف الخلفية الوهابية وتأثيرها الديني والتي تذهب أموالها إلى دعم المذهب الحنبلي ويرتبط بهذا معرفة أن اغلب العالم الإسلامي ليست لديهم خلفية بالقانون الإسلامي؛
-تشجيع انتشار الصوفية وقبولها.
●مواجهة ومعارضة الأصولية:
- تحدي فهمهم للإسلام وإظهار قصور هذا الفهم ؛
-كشف ارتباطهم بالجماعات غير المشروعة وأنشطتها؛
- نشر آثار أنشطتهم العنيفة؛
- شرح استحالة حكمهم وتحقيقهم التنمية لبلدانهم ومجتمعاتهم؛
- إيصال هذه الرسائل خاصة للشباب وللمنافسين التقليديين والأقليات المسلمة بالغرب وللنساء؛
- تجنب إظهار التقدير والاحترام لأعمالهم ووصفها بالجبناء بدلا من الأبطال الشريرين.
-تشجيع الصحافة على القيام بتحقيقات للكشف عن فساد ونفاق هذه المجموعات الأصولية ودوائر الإرهاب؛
- تشجيع حدوث انشقاقات داخل المجوعات الأصولية.
●مساعدة منتقاة للعلمانيين:
-تشجيع الاعتراف بأن الأصولية عدو مشترك ، باستثناء العلمانيين ذوي الخلفيات المناهضة للولايات الأمريكية كاليساريين والقوميين؛
- دعم فكرة فصل الدين عن الدولة واعتباره أمرا ممكنا ولا يشكل خطرا على الإيمان بل يعززه.
ومهما تكن المقاربات المطبقة فإننا نوصي بتطبيقها بحذر مع العلم بثقل رمزية بعض المواضع ولذلك من واجب صناع السياسة الالتزام تجاه بعض المواضع لأن تبعات هذه الالتزامات تجاه الفاعلين في الإسلام قد تفاقم الخطر وتفقد ثقة المجموعات التي تبحث عن المساعدة وأثمان هذه المناسبات قد تدفع نتائجهها غير المقصودة على المدى القريب.