فسدّدوا" الزموا السداد، وهو الصواب بلا إفراط وبلا تفريط "وقاربوا" أي لا تبلغوا النهاية بل تقربوا منها "وأبشروا" أي أبشروا بالثواب على العمل الدائم وإن قل، وأبهم المبشر به تعظيما وتفخيما "واستعينوا بالغدوة والروحة" بفتح أولهما أي واستعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في وقت النشاط كأوّل النهار وبعد الزوال، وأصل الغدوة السير أول النهار، والروحة السير بعد الزوال "وشيء من الدُّلجة" بضم وسكون، قال الزركشي والكرماني: كذا الرواية، ويجوز فتحهما لغة، أي واستعينوا عليها بإيقاعها آخر الليل أو الليل كله بدليل تعبيره بالتبعيض، وهذه أطيب أوقات المسافر؛ لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم خاطب مسافرا فنبهه على أوقات نشاطه. وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا بالحقيقة دار نقلة للآخرة، وهذه الأوقات أروح ما يكون فيها البدن للعبد. ذكره بعض الشراح.
وقال البيضاو ي: الروحة والغدوة والدُّلجة استعير بها عن الصلاة في هذه الأوقات؛ لأنها سلوك وانتقال من العادة إلى العبادة، ومن الطبيعة إلى الشريعة، ومن الغيبة إلى الحضور.
وقال الكرماني: كأن المصطفى صلى الله عليه وسلم يخاطب مسافرا انقطع طريقه إلى مقصده، فنبهه إلى أوقات نشاطه التي ترك فيها عمله؛ لأن هذه أوقات المسافر على الحقيقة، فالدنيا دار نقلة وطريق إلى الآخرة، فنبه الأمة على اغتنام أوقات فرضهم . قال المناوي:..هذا الحديث من جوامع الكلم [فيض القدير شرح الجامع الصغير(2/329) شرح حديث(1969) نشر دار المعرفة بيروت].