بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبيه الكريم مشاهدي برنامج المباشر عبر المنصة المرئية لموقع الفكر أهلا وسهلا ومرحبا بكم في مستهل حلقة جديدة من برنامجنا المباشر ضيف هذه الحلقة هو فضيلة الشيخ محمد الأمين الشاه، الغني عن التعريف فهو فقيه وشاعر وكاتب وناثر صحفي متمرس مهني تولى العديد من الوظائف السامية في الدولة الموريتانية واليوم يتفرغ للفقه والدعوة الإسلامية لايقبل التعايش مع العادات والمسلمات الاجتماعية التي يراها أنها لا تنسجم مع الشريعة الإسلامية مؤمن بالنص والتبصر...
فأهلا بكم في سلسلة هذه الحلقات من المباشر مع فضيلة الشيخ محمد الأميين الشاه.. أهلا بكم فضيلة الشيخ.
موقع الفكر: عرفكم جمهور الموريتانيين قبل سنوات, ذلك الفتى الأديب والشاعر ’لمغني’ مع ثقافة واسعة تشمل معرفة الفقه والقرآن . لكنه متفرغ للحياة حتى لا أقول اللهو ثم بعد ذلك أخذتم المنعرج الجديد الذي لا شك أنكم وجدتم فيه الكثير من الصعوبات ولكن من خلال زاويتكم مسجد الخيف تديرون طريقا ممنهجا أو رؤية تشكل مدرسة وتتحفظ على الكثير من الأشياء بما فيها الفروع الفقهية.. إلا أن الجمهور يتوق لمعرفة سبب هذه العودة إلى هذ المنعرج؟
محمد الأمين الشاه: شكرا.. أولا بودي لو صححت.. أنا لست من الدعاة ولم يسبق أبدا وأن كنت من الدعاة هذا شرف لا أدعيه, ولا أطمح أن أكون من الدعاة لمجموعة أسباب:
أول هذه الأسباب لغوي لأن الداعية صيغة مبالغة والنبي صلى الله عليه وسلم وصف بالقرآن بأنه داعية يأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا وبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله.. داعيا وليس داعية وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم داعيا وأنت داعيا فمعنى ذلك أنك تجاوزته في الدعوة هذا من نحية لأن الداعية مرتبة فوق الداعي, وهذه الملاحظة أخذتها من شيخي ووالدي محمد سالم ولد عدود.. فقد أسر إلىي مرة اعلم أنك إذا كنت تريد أن تكون داعية ستتجاوز النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: لست في تلك المرحلة ولن أدخلها.. فأنا أعرف بعض الفقه من سألني عن بعضه أعطيه له بالدليل ولست رسولا إلى الناس ولا أقول أني من الصالحين كما لا أقول أني من المتقين ولم أقل يوما أني من ’الشرفة’ هذا فقط للتنبيه أنا مواطن موريتاني.. هناك مسألة أشرت إليها قبل لحظة: قلتَ إن الناس قد عرفوني فتى وأديبا، أحب أن أقول إني ما زلت فتى وأديب.
عموما هذه الحياة الدنيا الإنسان يتدحرج فيها.. خلق في كبد وراكبا طبقا عن طبق.. فالإنسان يتدحرج ويسير في الضبط الذاتي, وأنا أسير في الضبط الذاتي. والضبط الذاتي: معناه أنه لابد أن تنزل المصيبة أولا حتى تكتوي بنارها.. لأنك إما أنك لم تجد من يقول لك وإما أنك عنيد.
فأنا أسير بطريقة الضبط الذاتي والمعارف عندي ليست مقسمة معنى ذلك أن من فصل الفقه عن الرياضيات عن العروض عن ’أزوان’.. أخطأ خطأ فادحا لأن المفكرين يقولن إن المعرفة لا تتجزأ, أي شخص وجدته يحفظ القران.. أعلم أن الخطوة لتي بينه ومعرفة المكانيك هي أن يتجاوز فقط.. فهو فقط من يمنع نفسه. ولكن الأمة الإسلامية للأسف ألفت التقوقع والركون. لا أريد أن أحاكم التاريخ ولكن عندما تنظر في التاريخ العربي الإسلامي تجد أن العباقرة أكثر من خمسين ألف لكن غالبا ما تجد عبقريتهم في البكاء على الأطلال...
على كل حال أنا فيما يخصني رجل أدب ولغة وذا خلفية – لا حب الخلفيات – ومن يعرفني من الناس لا يستغرب أني لم أدرس يوما في مدرسة ابتدائية كما لم أدرس في مدرسة إعدادية ولا مدرسة ثانوية, أين كنت؟ كنت في المحظرة, أمضيت الستة عشرة سنة في المحظرة, هذ التصنيف عند الناس عني كوني أديبا فقط نابع من رؤيتهم لي رفقة بعض الفنانين كما هو نابع أيضا من كتابة بعض الشعر فتساءلوا هل يمكن أن أكون فقيها؟ والبعض منهم يقول إن عودتي إلى الفقه هي فتح وكشف. أي فتح؟ لا, أنا فقط درست علوم الدين ستة عشر سنة ثم شاركت في مسابقة الباكلوريا ودرست في كلية الآداب بعد ذلك رجعة إلى ماكنت درست من الفقه, معنى ذلك أنه ليس هناك ما يستغرب.
يجب أن نكون صريحين أنا لم آخذ منعرجا, يقول حرم ولد عبد الجليل :
دعي التطويل في ذكر الغواني ** ودع عنك البكاء على المغاني
أسن الدهر يا هذا فقصر ** عن الشوق واثني من العناني
فإن المرء يحسن في زمان ** عليه ما يشنع في زماني
هل نقول أن حرمه ولد عبد الجليل أخذ منعرجا؟ لا, معنى هذا أن المرء في مرحلة معينة يحسن عليه في زمان ما يشنع في زمان, وإلا فأني أنا أسعى أن كون واحدا من الناس ولو بلغت من العمر تسعين سنة وصرت إماما لأهل الكورة الأرضية سأكون واحدا من الناس, معنى ذلك أني لست معصوما من الزلل وتتحكم في آدميتي ونزواتي واللاشعوري وعقدي النفسية.
موقع الفكر: أدخلتنا طبيعة الحوار معك في بعض المسائل الخاصة، قلت إنك لست من الشرفة؟
محمد الأمين الشاه: لا لم أقل إني لست من الشرفة، لا تنزغ بيني وأبناء عمي، ما قلته أني لم أدعي الشرف.
موقع الفكر: ماذا يعني الانتساب إلى الشرفة وما يلزم من تقبيل أيديهم والهدية لهم، هل يوجد في الإسلام؟
محمد الأمين الشاه: كونوا واقعيين تقبيل الأيادي لم يعد موجودا كذلك الهدية، اليوم لا يقبل أحد يد شخص إلا إذا كان لمصلحته والهدية اليوم تمنح فقط للسلطات. وإلا فالهدايا كانت أصلا موجودة، في مرحلة معينة كان أناس يقولن إننا من الشرفة ولا نأخذ الصدقة ولكن نأخذ الهدية وهذه قضية مزدوجة، فهم ينتسبون إلى الشرفة لكي يحصلوا على مكانة في المجتمع وكذلك كي لا يتم إقصاؤهم من الهدية.. وهذا كله غير صحيح،
موقع الفكر: نعرف أن آل البيت يهدى لهم؟
محمد الأمين الشاه: آل البيت لم يعودوا موجودين.. آل محمد أتباعه يقول الله سبحانه وتعالى عن أصحاب فرعون ((النار يعرضون عليها غدوا وعشيا)) وقال ((ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)) وفرعون لم يعقب وآل فرعون أتباعه.. وآل محمد أتباعه.
موقع الفكر: منذ حدود عشرين سنة ونحن ننظم الندوات حول الإرهاب والتطرف، قريبا في هذه الفترة سيعقد مؤتمر خاص بهذا الموضوع، أنت كفقيه وموظف في الدولة وإعلامي هل تجدي هذه الندوات في مواجهة الإرهاب؟ وكيف ترون حوار الضعيف مع القوي؟ ثم إن بيتنا الداخلي غير متماسك؟.
محمد الأمين الشاه: أود أن أقول لمن يشاهد أو يستمع إن حوار الأديان وحوار الحضارات وتجديد الخطاب الديني والفكر الإسلامي أسماء ومسميات مرادفة للباطل، أي شخص ذكر لك أحد هذه الأسماء فقد نافق، هذه مسميات من صنع الغرب تسويقا لهدم الدين وتشريعا للمثلية ومساواة بين الرجل والمرءة فهي من وحي ابليس...
أما الإرهاب فهو مسألة أخرى والذي يمنع محاربة الإرهاب هو أنا لم نعرف ما هو الإرهاب، فالإرهاب ليس إرهاب الدين، وإذا قلنا إن الإرهاب إرهاب الدين فليس الدين الإسلامي وحده، قتل المسلمين في الغرب من غير المسلمين أليس إرهابا؟ الدول التي تحتل دولا أخرى أليس هذا إرهابا؟ ما تقولن فيما يصنع التحالف العربي في اليمن أنا الذي لا أخضع لسلطة أحد أقول إنه إرهاب، والاحتلال الإسرائيل إرهاب وقتل إيران الشيعية لأهل السنة إرهاب...
فالإرهاب تجلياته كثيرة وبالجملة فلإنسان بغض النظر عن دينه مسلما أو غير مسلم في مرحلة معينة من الضغط وانعدام الحرية ينفجر، لأن الضغط يولد الانفجار.
موقع الفكر: البعض يرى أن الفقيه يجب أن يكون غير منتم لحزب معين ولا من الموالاة ولا من المعارضة والبعض يرى أن هذا نوع من العلمانية فالفقيه له الحق في ممارسة السياسة. هل تنتمي للمعارضة أو الموالاة؟
محمد الأمين الشاه: أولا أنبه على أن ثنائية الموالاة والمعارضة خطاب تافه وليست له مرتكزات، هذا الخطاب لن تجده إلا في موريتانيا فالموالاة هنا ليست في متناول الأيدي والمعارضة كذلك. الموريتانيون مشكلتهم أنهم يحرفون الكلم عن مواضع الأمور، ويسعون جميعا لمنافعهم الشخصية، فالمعارضة غير موجودة هنا، في زمن الرئيس السابق أذا قهم النظام الأمرين فنتج عن ذلك عداوات شخصية والناس يقولون لها معارضة، هذه ليست معارضة، ولأن رأس النظام الحالي هادنهم هادنوه.
الفكر: موقع هل يعارض الفقيه أم يوالي.. كيف يتعامل الفقيه مع السياسة؟
محمد الأمين الشاه: قلنا سابقا إن الفقيه واحدا من الناس.. ليس معصوما ولا هو بنبي. من هو الفقيه؟ ليس كل من لبس فضفاضة قصيرة أو صبغ لحيته أو قام بحلق شاربه فقيه. ولا يعتبر فقيها من يحفظ أنظاما من الرجز غير مؤصلة فقيها، فالفقيه هو من يعرف الأحكام بأدلتها.
هنا يكفي أنك تجلس في التلفاز وتوصي بنت أختك بالاتصال عليك وطلب صالح الدعاء فأنت من عباد الله الصالحين.
موقع الفكر: انتماء الفقيه يؤثر دائما على فتاويه.. أليس من الأجدر أن يكون بعيدا عن الانتماءات؟
محمد الأمين الشاه: أود أن أقول أولا أن الفقيه في الإسلام ظل في كنف السلطة ومن ملاحظاتنا خاصة على الفروع من المذهب المالكي أن الكثير من الفتاوي صدر إرضاء لأمير معين أو السطلة معينة، والسلطة قد تكون سياسية أو ثقافية أو اجتماعية، وهذا ليس جديدا، لأن من الفقهاء من خرج على هذه المنظومة من أمثال أحمد ابن حنبل وابن تيمية.. يمكن عدهم على أصابع اليد.
أنا شخصيا درست سلوك عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس كيف تعاملا مع الأنظمة السياسية واقتديت بهم فلا أعارض الحاكم ولا أمره بإقامة شرع الله.
في مرحلة معينة كان عندي واجب التحفظ الوظيفي والآن لا أنازعهم الحكم..
موقع الفكر: ما ذ كرت من أمثلة عن علماء لم يعارضوا السلطان ولم يواله، كذلك هناك أمثلة على علماء عارضوا السلطان، الحسين وعبد الله ابن الزبير
محمد الأمين الشاه: أثبت التاريخ أن اجتهاد الحسين وعبد الله ابن الزبير لم يكن إيجابيا لأن واحدا منهم توفى مقتولا والآخر مصلوبا.
وبالنسبة لي فإن القضية لا نص فيها وهي محل اجتهاد أي أن اجتهاد عبد الله ابن عمر وعبد الله بن عباس كان أصوب لأنهم لم يشقوا الصف
موقع الفكر: هذا يجرنا إلى قضية الخلافة وأن الخليفة ينبغي أن يكون من قريش في حين نجد عمر بن الخطاب يقول "لو أن سالم مولى أبي حذيفة حي لوليته الخلافة.؟
محمد الأمين الشاه: ليس بالضرورة، أن يكون الخليفة من قريس والحديث الذي ورد عن النبي صلى في هذا له تكملة مهمة وهي قوله صلى الله عليه وسلم "ما أقاموا الدين" وفي صحيح السنة وصريح القرآن وهما العروة الوثقى يقول الله جل وعلا "قل الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء " والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " تتكافأ دماؤهم" ويقول "لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى" و "من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه"
موقع الفكر: هل ترى أن هناك أزمة في الفقه أم في الفقيه؟
محمد الأمين الشاه: الأزمة في المال وفي الحاجة إلى المال ولهذا خلفه؛ ولا يمكن أن تكون هناك أزمة في الفقه، لماذا؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال منذ صدر بعثته "إن الحلال بين وإن الحرام.. " الحديث. والمثل الحساني يقول (الحك ما يتعاكب)
فالأزمة ليست في الفقه ولا في الفقهاء، الأزمة في البشرية؛ البشرية تلفظ أنفاسها وتعيش آخر أيامها.
موقع الفكر: السؤال عن وجود أزمة في الفقه مرده أننا اليوم نرى البعض يصدر فتاوى لا تنسجم مع المقاصد الشرعية اليوم
محمد الأمين الشاه: هذا الأمر يتعلق بفروع ليس لها أصول وهو موضوع منفصل يمكن أن يخصص له لقاء آخر.
لكن دعنا قبل ذلك نقول من فقهاء الإسلام من أخذ من الاحتياطات وسد ذرائع –قصدا إلى الخير- ما أمر الله بسدها فضيقوا على الناس؛ لا تشمِت هذه المرأة ليست محرما لك، لا تصل بهذا فليس من محارمك مثلا وهذا ما أنزل الله به من سلطان وجاء آخرون مالهم من العلم إلا التقليد أليسوا يقولون "نحن قوم خليليون...."
وبالمناسبة يخطئ البعض في نسبة هذا القول إلى أحمد باب التمبكتي وهو ليس قوله وقد أخطأ صاحب كتاب فتح الشكور في ذلك بل هو قول ناصر اللقاني ومهما كان قائله فهو قول خاطئ لا يقبل بحال ولكنه يعطيك صورة عن حالة التقليد القائمة فبسبب التقليد وسد الذرائع ومجاملة الحكام أصبحنا أمام شريعة موازية.
موقع الفكر: إذن في ختام اللقاء الذي سيكون بداية سلسلة لقاءات حول مواضيع مثل الفروع الغير مؤصلة و موضوع مؤلفاتك العديدة وخصوصا كتاب تأملات في الموت و البرزخ نشكرك على هذا اللقاء الطيب .
محمد الأمين الشاة: تشرفت بكم، شكرا