وكان عليه السلام يحذّر، بل يشدّد التحذير من الغلو والتنطّع، كلما جاءت مناسبة لذلك، مبيّنا خطر الغلو والتشدد الدائم، أن وراءه الهلاك، هلاك الفرد، وهلاك الأمة.
ففي عبادة الحج، حين جيء له بحصوات مناسبة ليرمي بها، قال:" بمثل هذا فارموا، إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين" [رواه أحمد في المسند (1851) وقال مخرّجوه: إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير زياد بن الحصين فمن رجال مسلم، و النسائي في مناسك الحج (3057)، و ابن ماجه في المناسك (3029) عن ابن عباس].
وقال في مناسبة أخرى: "هلك المتنطعون". قالها ثلاثا.
والمتنطعون هم المتعمّقون الغالون في فهم الدين وتطبيقه، بحيث يعسّرون ولا ييسّرون، وينفرون ولا يبشّرون.
وكان المخوف على الصحابة هو نزعة الغلو والتشدد، ولم يكن نزعة التفريط أو الانحلال هي المخوفة عليهم، ومع هذا لا يخلو الأمر من وجود بعض المقصّرين، الذين قد يضيّعون بعض الفرائض، مثل ذلك الرجل الذي نام حتى أصبح، وطلعت عليه الشمس، فقال: "ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه".